تراجع القتال إلى حد بعيد خلال الأشهر القليلة الماضية وباتت المواجهات أقل حدة وتدور في جيوب صغيرة ومتناثرة. وتمكنت القوات الحكومية من حصر وجود المعارضة في جيب صغير في اقصى شمالي البلاد والذي يحظى بنوع من الحماية التركية.
ومع تراجع دوي المدافع تبدو إيران وروسيا منهمكتان بالتخطيط لوجودهما في سوريا على المدى البعيد.
تكتيك جديد
كرر جميع المسؤولين الاسرائيليين وعلى رأسهم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيره لإيران من إقامة قواعد عسكرية في سوريا الأمر الذي يمكنها من تنفيذ هجمات عليها إنطلاقا منها.
وتقول إسرائيل إن طهران قامت بنشر عناصر من الحرس الثوري الايراني وأسلحة في عدد من القواعد العسكرية والمطارات.
وكثفت اسرائيل من وتيرة هجماتها وغاراتها الجوية على الأهداف العسكرية داخل الأراضي السورية التي تقول إنها قواعد إيرانية أو تتمركز فيها قوات إيرانية.
الهجمات الاسرائيلية على سوريا ليست جديدة فقد شنت عشرات الهجمات الجوية والصاروخية خلال السنوات القليلة الماضية وحتى قبل اندلاع الازمة السورية.
جرت العادة أن تلتزام إسرائيل الصمت عند شن مثل هذه الغارات التي يقال أنها كانت تستهدف شحنات الأسلحة التي كانت في طريقها إلى حزب الله اللبناني، إلا أنها بدأت مؤخرا تعلن عنها ولا تخفيها، وتقول إنها ضد "أهداف إيرانية" وتشمل مختلف أرجاء سوريا، حيث شمل أحد هجمات شهر مايو/آيار الماضي أكثر من 35 هدفا في جنوب ووسط سوريا وصولا إلى الحدود مع العراق شرقا.
وقالت اسرائيل وقتها إنها خاضت أكبر مواجهة عسكرية مباشرة مع ايران وأكبر عملية عسكرية في سوريا منذ حرب 1973.
تصعيد تدريجي
وبدأ التصعيد الكبير بين الطرفين في 10 فبراير/شباط 2018 عندما شنت الطائرات الاسرائيلية غارات على مطار تيفور وسط سوريا، حيث أقامت إيران قاعدة للطائرات المسيرة ( درون) هناك حسب المصادر الاسرائيلية وقتل في الغارة عدد من الخبراء والمستشارين الايرانيين.
جاءت الغارة بعد أن دخلت طائرة بلا طيار انطلقت من مطار تيفور إلى هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل فتصدت لها الطائرات الاسرائيلية واسقطتها. وقالت إسرائيل لاحقاً إن الطائرة كانت مسلحة.
المواجهة بين اسرائيل وايران في سوريا باتت مسألة وقت
Image captionقالت اسرائيل إن الطائرة المسيرة التي أسقطتها فوق الجولان كانت تحمل أسلحة
وخلال الغارة الاسرائيلية على المطار تصدت وسائط الدفاع الجوي السورية للطائرات الاسرائيلية ونجحت في إسقاط طائرة فوق مرتفعات الجولان وردت اسرائيل على ذلك بتدمير عدد من قواعد الدفاع الجوي.
وفي 14 أبريل/نيسان تواترت أنباء عن انفجارات ضخمة في قاعدة عسكرية في جبل عزان في ريف محافظة حلب الشمالية قتل فيها عدد من عناصر مليشيا تابعة لإيران ونفى حزب الله والحكومة السورية هذه الأنباء.
وفي 30 أبريل شنت اسرائيل هجمات بصواريخ كروز وطائرات مقاتلة على أهداف في سوريا من بينها مستودع أسلحة قرب مدينة حماه وسط سوريا كما ذكرت الأنباء وتسببت الانفجارت التي تلت الهجوم بهزة أرضية شدتها 2.6 درجة على مقياس ريختر.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن 26 شخصا قتلوا في الهجوم، أغلبهم إيرانيون. كما شملت الغارات مطار النيرب العسكري المجاور لمطار حلب المدني.
أما الهجمات التي شنتها إسرائيل يوم 10 مايو/أيار فشملت ضرب أكثر من 35 هدفا بينها عدد من قواعد الدفاع الجوي، واستخدمت فيها الطيران الحربي وصواريخ كروز والمدفعية والدبابات.
وقال الجيش الاسرائيلي إنه استهدف عدداً كبيراً من المواقع العسكرية التابعة لايران في سوريا رداً على الهجوم الصاورخي الايراني على إسرائيل.
واتهمت إسرائيل فيلق القدس بالوقوف وراء الهجوم الصاروخي وأنه دفع ثمن ذلك.
قالت اسرائيل انها اسقطت طائرة مسيرة ايرانية فوق بحيرة طبريا في 11 يوليو/تموز
يدرك الاسرائيليون أن الطرف الوحيد القادر على الحد من الوجود الايراني في سوريا أو التحكم به هو روسيا، صاحبة الكلمة الأعلى حاليا خاصة بعد أن نجحت في تحييد تركيا تقريبا في الأزمة السورية.
فلا غرابة أن رحلات المسؤولين الاسرائيلين إلى موسكر مؤخرا أكثر بكثير من رحلاتهم إلى واشنطن أو أي دولة أخرى، والهدف الوحيد لكل هذه الزيارات هو ضمان أمن إسرائيل عندما تستتب الأوضاع في نهاية المطاف لصالح الأسد كما تشير كل الدلائل.
لا يمانع الاسرائيليون كما أعلن أكثر من مسوؤل اسرائيلي عودة قوات الأسد إلى المواقع التي كانت عليها قبل عام 2011 حسب اتفاقية فصل القوات بين البلدين لعام 1974 شريطة إبعاد إيران أو المليشيا التي تديرها في سوريا عن حدود إسرائيل مسافة 40 كم على الأقل وهو الأمر الذي يتم التفاوض عليه بين إسرائيل وروسيا.
وقالت روسيا إن المطالبات بخروج إيران من كل سوريا بشكل كامل غير واقعية.
ومع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني وتشديدها العقوبات على إيران وتصعيد خطابها ضدها، تجد اسرائيل أنها باتت في موقع أفضل لزيادة وتيرة عملياتها العسكرية ضد الوجود الإيراني في سوريا.