اعتقال كوتشاريان هي ضربة خطيرة على تأثير روسيا في أرمينيا والقوقاز الجنوبية بأكملها

تحليلات 19:15 31.07.2018

أوليغ كوزنيتسوف، العالم والمؤرخ والمحلل السياسي الروسي، حصرياً ل Eurasia Diary

أصبحت أرمينيا في الآونة الأخيرة مصدراً  للأنباء الفاضحة، مما تسبب أضراراً جسيمة لنفوذ روسيا على الساحة الدولية، ليس فقط على المستوى المحلي أو الإقليمي، وبل أيضاً على نطاق عالمي.

يعتبر اعتقال الرئيس السابق لأرمينيا روبرت كوتشاريان من قبل المحكمة في يريفان يوم الجمعة، 27 يوليو، بتهمة "اغتصاب السلطة"، في الواقع - في الإطاحة نظام الدولة أو في انقلاب في 1-2 مارس 2008، فضلاً عن تقديم نفس الاتهامات للأمين العام الحالي لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي يوري خاتشاتوروف الذي كان  في تلك الأيام قائداً لحامية يريفان،   من الأحداث التي قد تكون  لها عواقب عولمية، والأهم من ذلك وخيمة على النفوذ الروسي في أرمينيا، وعموماً في منطقة جنوب القوقاز بأكملها.

من الجدير بالذكر أنه في فبراير 2008 جرت الانتخابات الرئاسية الأرمنية، والنتائج التي تم تزويرها عمداً لصالح دمية " عشيرة قاره باغ " سيرج ساركسيان الذي أصبح خلفاً لروبرت كوتشاريان، مؤسس زمرة قادة العسكريين من الجماعات المسلحة غير الشرعية من الانفصاليين الأرمن في قاره باغ الجبلية التي استولت على السلطة في هذا البلد نتيجة لعمل إرهابي في البرلمان - الجمعية الوطنية لأرمينيا. في نوفمبر 1999 قامت مجموعة من الإرهابيين بقيادة نايري هونانيان بقتل رئيس البرلمان، ونائب رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء وأكثر من اثني عشر نائبا خلال اجتماع الهيئة التشريعية العليا لأرمينيا. مكنت هذه الجريمة الدامية من اغتصاب السلطة من قبل الإرهابيين الدوليين من انفصالي قاره باغ  بإمرة روبرت كوتشاريان.

سارعت الصحافة الروسية وجزء من الصحافة الأرمنية، وبعدها، البعض في الصحافة الأذرية الناطقة بالروسية، لوصف هذا الحكم بأنه "تصفية الحسابات"، وبأنه "انتقام" باشينيان شخصياً من كوتشاريان للسنوات الأربع التي قضاها في السجن. يفيد هذا النوع لتفسير حدث الاعتقال اليوم للجهة الجيوسياسية الواحدة  فقط في جنوب القوقاز للغاية - الكرملين وشخصاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما أنه يسمح في إخفاء، على الأقل مؤقتاً، كامل العمق من الهاوية التي ينزلق النفوذ الروسي في المنطقة فيها. ومع ذلك، يعتبر روبرت كوتشاريان، الواقع في قبضة العدالة الأرمنية، "أضعف حلقة" للنفوذ الروسي في المنطقة، تهدد إزالته بتدمير كامل السلسلة من الاتفاقات والصفقات الروسية الأرمينية.

يعتقد العديد من المحللين السياسيين والصحفيين اعتقال كوتشاريان وتقييد حرية خاتشاتوروف خطأ في سياسة باشينيان، وهذه الخطوة هي مواجهة مفتوحة بين النخب من روسيا وأرمينيا، في حين موسكو في هذه الحالة تضيق على ييريفان الخنق. إذا كنت تتعمق في صلب الموضوع بشكل أكثر، اتضح أن يريفان بعد هذه الخطوة قد اكتسبت بالفعل عدداً كبيراً جدا من الحجج لمعارضة أي محاولة من جانب الكرملين، بشكل مباشر أو غير مباشر، لاستعادة نفوذها في أرمينيا. لا يمتلك الكرملين اليوم أي موارد حتى لمحاولة تغيير الوضع في هذا البلد لصالحها. سأحاول شرح هذا الاستنتاج من خلال عدة أطروحات.

أولاً ، لا يمكن لموسكو اليوم استخدام إمكانات المجتمع المدني المحلي في مصالحها في أرمينيا، حيث أن هذا القطاع يستخدم بالكامل من قبل باشينيين والقوى السياسية الأجنبية التي أوضلته إلى السلطة في هذا البلد ضد إرادة ومصالح روسيا. لا توجد في أرمينيا البنية الاجتماعية الخطيرة من ناحيتي العدد  ومستوى التأثير والموالية لروسيا والتي لم تكن موجودة في أي وقت على نطاق واسع.

علاوة على ذلك، كانت السلطات الروسية الحالية تعتمد على التعصب القومي الأرمني، معتبرة أنها الشكل الوحيد لتنظيم المجتمع الأرمني. لذلك  أصبحت عاجزة في منع وصول الشعبوي إلى السلطة، والذي أخضع مواطنيه بفكرة الجمع العضوي للديمقراطية والقومية.

بالمناسبة، فكرة باشينيان هذه أرضت الكنيسة الأرمنية الغريغورية، الذي دعا الأرمن بأنها الرسولية. ووفقا للتقارير الواردة من جورجيا وأوكرانيا وروسيا والتي تكشف عما يجري الآن في البنية الهرمية للكنيسة الأرمنية الرسولية التي تبدل الأساقفة ورؤساء الأساقفة المواليين لروسيا من أنصار حزب "Dashnaktsutiun" بالموالين للغرب من حزب "Gnchak". ولذلك، فإن الكرملين لا تستطيع أن تؤثر على الأحداث في أرمينيا عن طريق الكنيسة التي قد تخضع للحكومة الجديدة، أو تنقسم. وهذا التطور لن تسمح للقوات الموالية للكرملين استخدام الكنيسة الأرمنية الغريغورية في مصالحها الخاصة.

وثانيا، بسبب الملاحقة والتضييق على حرية الأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي يوري خاتشاتوروف، وهو أيضا مما لا شك فيه أن يكون قيد الاعتقال في أقرب وقت بعيد ترك منصبه، تحرم روسيا من النفوذ العسكري والسياسي في يريفان الرسمية. في ظل الظروف الراهنة، وإن احتمال وقوع انقلاب عسكري في أرمينيا، والذي ألمح له بعض "الصقور" الموالية للكرملين عبر الوسائل الإعلامية الروسية، ضعيف جداً، ولكن لم يقض عليه تماماً. ومع ذلك، على المدى القصير، وبعد إقالة خاتشاتوروف من منصبه  ستبدأ إقالة  الجنرالات وكبار الضباط في القوات المسلحة لارمينيا على نطاق واسع، وبعد ذلك سيقضى على إمكانيات تأثير المواليين لروسيا في الجيش الأرمني.

ثالثًا ، سيؤدي اعتقال كوتشاريان إلى تحييد تأثير الجالية الأرمينية الموالية للكرملين في روسيا. كان روبرت كوتشاريان يشرف على جزء من الأنشطة الأرمنية في روسيا منذ عام 2000. وهو الشخص الوحيد بين الأرمن الذي  يعرف  مقدار المال الذي تسلم، والذي أعاد، والذي احتفظ به لنفسه. منح هذه البيزنيس قروضاً بدون فوائد لروسيا بقيمة مليار دولار أمريكي حين أزمة عالمية وعقوبات دولية. كان المغترون الأرمن في روسيا ويدعمونها بهذا النحو، وأنها يدورها تدعم "عشيرة قاره باغ" في أرمينيا.

قريبا، ستتمكن ييريفان الرسمية من ابتزاز المسؤولين الأرمين الأوئلل في الأبرشية الأرمنية في روسيا. ونتيجة لذلك، سيتم إلغاء تأثير اللوبي الأرمني على السياسة الأرمنية بإلقاء القبض على كوتشاريان.

 من الواضح أن الشرط الوحيد لبقاء النظام السياسي الشعبوي على الحكم في أرمينيا سيكون صراع باشينيان ضد كوتشاريان وساركسيان زعيمي "عشيرة قاره باغ " الذين حكما البلاد لمدة 18 عاماً إلى جانب مكافحة التراث الروسي ذي الصلة في جميع أنحاء البلاد. في غضون بضعة أشهر، سيتم إدانة هذين الشخصين في التهم ومن ثم الحكم عليهما بالسجن.

والآن، الأهم من ذلك، فأتصح أن "عشيرة قاره باغ" لم تصل إلى السلطة في أرمينيا في عام 2008، وبل في نوفمبر 1999 بعد المجزرة في الجمعية الوطنية الأرمنية. ومن خلال عملية التحقيق التي تنفذها مجموعة التحققين المشكلة من قبل باشينيان، أذا أنه يريد القضاء على جيل القادة الميدانيين للجماعات المسلحة غير الشرعية، عليه العودة إلى الجريمة المرتكبة قبل 18 سنة من قبل الأشخاص الذين حكموا البلاد دون أي تحقيق ومحاكمة لهذه الجريمة. ومن خلال عملية التحقيق هذه قد يطرح هذا السؤال: من الذي طلب تلك الجريمة؟

ستسعى الجهات الأمنية الأرمينية بجميع الوسائل المتاحة وبدعم من زملائهم من وكالة الاستحبارات المركزية ومكتب التحقيقات الاتحادي  للحصول على معلومات من كوتشاريان حول تورط ليس مجرد روسيا فقط، بل الكرملين نفسها وفي أمثل الحالة فلاديمير بوتين الذي عمل كمدير للمكتب الفيدرالي للتحقيقات في روسيا وأمر بارتكاب هذا الحادث. حتى إذا لم يتم العثور على أي دليل من هذا القبيل، سيتحدث كوتشاريان عن "الدبلوماسية السرية" ، والتخطيط السياسي والمالي، والتي تربط صفوة روسيا وأرمينيا. بعد ذلك، هناك عدد من الخيارات المختلفة، بما في ذلك الفضيحة السياسية العالمية والتي ستتسبب في إقالة الرئيس الروسي. بعد ذلك، لا يمكن الحديث عن "الانتقام" و"التصفية". هناك عامل جيوسياسي عالمي.

 

ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
مارتن ليجون : فرض العقوبات علي إيران ليس حلًا
15:00 17.04.2024
دميتري سولونيك : هذا لن يساهم في استقرار المنطقة
14:00 17.04.2024
خبير سياسي: أرمينيا تسعي إلي أن تكون السعودية وسيطًا في أزمتها مع أذربيجان
13:00 17.04.2024
راي كريم أوغلو : الادعاءات التي قدمتها أرمينيا في محكمة العدل ليست إلا "أكاذيب"
12:25 17.04.2024
مصر وتركيا لترسيخ العلاقات بعد إنهاء القطيعة
12:00 17.04.2024
كيف تتعامل مصر مع تداعيات استمرار التوتر في البحر الأحمر؟
11:45 17.04.2024
سلطنة عمان: سيول تودي بحياة أكثر من 16 شخصا جلهم من التلاميذ
11:30 17.04.2024
رئيسي يتوعد برد واسع وموجع على أدنى عمل يستهدف مصالح طهران
11:15 17.04.2024
رئيس وزراء باكستان يستقبل وزير الخارجية السعودي
11:00 17.04.2024
تركيا تدير علاقاتها مع إيران وأمريكا بحذر
10:45 17.04.2024
فريق التوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة يجري دورات للتوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة
10:36 17.04.2024
بوتين يبحث هاتفيا مع الرئيس الإيراني الأزمة في الشرق الأوسط
10:30 17.04.2024
العمانية للغاز توقع اتفاقية توريد مع جيرا اليابانية لمدة 10 أعوام
10:15 17.04.2024
السعودية وباكستان تبحثان تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي
10:00 17.04.2024
الأمم المتحدة تعثر على قنابل غير منفجرة تزن ألف رطل في مدارس بغزة
09:45 17.04.2024
الأمم المتحدة تدعو إسرائيل للتوقف عن المشاركة في عنف المستوطنين
09:30 17.04.2024
استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي
09:15 17.04.2024
أردوغان: نتنياهو هو المسؤول الوحيد عن أحدث توتر في الشرق الأوسط
09:00 17.04.2024
"ضد الهجوم الإيراني".. السعودية تعترف بمساعدة إسرائيل
22:12 16.04.2024
جميع الأخبار