اللعب بالخرائط خط أحمر

تحليلات 14:21 10.12.2018
من نافل القول إن سياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه سورية تؤكد نيّاتها لتقسيم البلاد، وذلك في إطار سياسات الإدارات الأميركية المتتابعة بوضع بلدان الشرق الأوسط باستمرار تحت خطر التقسيم، ولكن لا مبالغة في القول إن ما طبق في تسعينيات القرن الماضي على العراق من أميركا من الصعوبة بمكان تطبيقه اليوم على سورية.
العالم - مقالات وتحليلات
 
صحيح أن نيّات الإدارة الترامبية، تؤكدها تصريحات مسؤوليها، من الإبقاء على احتلال بلادهم لمناطق في شرق سورية إلى مدى طويل، ومن ثم تعزيز ذلك بنشر مزيد من جنودها ودبلوماسيها هناك، وتدريب ما يسمونه «قوات محلية» وتمويل ما يزعمون أنه «الاستقرار»، وصولاً إلى التهديد بإقامة منطقة حظر جوي شبيه بما حصل في شمال العراق في نهاية عقد التسعينيات، من أميركا بوش الابن، لكن النيّات شيء وتنفيذها شيء آخر.
 
فما بين تسعينيات القرن الماضي و2018، تغيرت أشياء ومواقف كثيرة، وباتت هناك حقائق سياسية وجغرافية وميدانية، لا يمكن السماح بالقفز من فوقها، فسورية اليوم ليست وحدها، كي تستفرد بها إدارة ترامب كما استفردت أميركا البوشية بالعراق خلال حكم صدام الذي لم يبق للعراق حينها صديق ولا حليف.
 
اليوم، وبعد عقود من الركون، إثر تفكك الاتحاد السوفييتي، عادت روسيا بقوة إلى مسرح المنطقة السياسي والعسكري من بوابة الأزمة السورية ومن بوابة مكافحة الإرهاب العالمي وهي الحليف الأبرز لسورية، واستعادت دورها كقوة عظمى في العالم لتنهي بذلك معادلة القطب الأوحد، ما أجبر واشنطن على التوجه باتجاه حَصْرِ الصراع مع موسكو في سورية ضمن النطاق السياسي والدبلوماسي ورفع أي صبغة عسكرية عنه، ومن هنا برزت وإن بشكل غير معلن ما سمي تفاهم «شرق الفرات» و«غرب الفرات».
 
لكن تصاعد الدورين السوري والروسي على الصعيدين، الميداني باستعادة معظم الأراضي التي كانت تحت سيطرة الإرهابيين والميليشيات المسلحة، والسياسي بطغيان مساري «أستانا» الذي ترعاه روسيا وإيران وتركيا و«سوتشي» الذي جاء بمبادرة من موسكو، حجم «مسار جنيف» الذي تقوده بالشكل الأمم المتحدة ومن وراء الكوليس أميركا وحلفاؤها الدوليون والإقليميون، لا يشيان باتجاه حَصْرِ الصراع مع أميركا وحلفائها ضمن النطاق السياسي والدبلوماسي، إذا ما واصلت أميركا محاولاتها لتنفيذ مشروعها في تقسيم البلاد، وإنما باتجاه مواجهة تلك المحاولات الأمر الذي برز في تأكيد دمشق أكثر من مرة بأن الهدف القادم سيكون شرق الفرات، وكذلك في تصريحات مسؤولين روس مؤخراً بدأت من الكرملين ومن ثم وزارة الخارجية وصولاً إلى وزارة الدفاع وكانت أشبه بحملة تصاعدت تباعاً، ضد نيّات الولايات المتحدة الأميركية محاولة تقسيم سورية عبر «إنشاء كيان كردي مستقل عن دمشق شمالي شرقي البلاد»، وتؤكد أن موسكو لن تسمح لواشنطن البتة تنفيذ نيّاتها، وأن إيجاد ثقب في خريطة سورية أو اللعب فيها يعتبر خطاً أحمر.
 
لعل الرسالة الأبرز التي بعثت بها روسيا إلى أميركا ويفهم منها انتهاء تفاهم «شرق الفرات» و«غرب الفرات» وتحمل الكثير من التحذير لواشنطن من إيجاد ثقب في خريطة سورية أو اللعب فيها، ما تحدثت عنه تقارير إعلامية بأن روسيا أرسلت حشوداً عسكرية إلى مدينة الميادين في شرق نهر الفرات، ومواصلة التأكيد أن القوات الأميركية في سورية بشكل غير شرعي، ويجب خروجها.
 
أيضاً في إطار الردع الروسي لمشروعات أميركا وإفشال محاولاتها الرامية إلى اللعب بالخريطة السورية، برز أيضاً تزويد موسكو لدمشق بمنظومة صواريخ «إس 300»، التي غطت المجال السوري، ما يعني عملياً، سكب ماء بارد على تهديد واشنطن بإقامة منطقة حظر جوي في شرق سورية، وقد لوحظ أنه ومنذ وصول تلك المنظومة إلى البلاد توقف اعتداءات طائرات «تحالف واشنطن» المزعوم على تنظيم الإرهابي، على مواقع الجيش العربي السوري وحلفائه.
 
عدا عن ذلك، تطورات الأحداث في العقود الماضية وخصوصاً في المحيط الإقليمي، تشير إلى أن الدول التي توزع الأكراد على خرائطها، سورية والعراق وإيران وتركيا يمكن أن تختلف على كل شيء إلا على ضرورة إجهاض الحلم الكردي بدولة مستقلة، وكان لافتاً نجاح روسيا حتى الآن باستمالة تركيا الحليف مع أميركا في حلف «الناتو» إلى «مسار أستانا».
 
ما سبق لا يحمل رسائل لأميركا فقط، بأن سياساتها التخريبية في سورية والمنطقة ستواجه، وإنما أيضا لأكراد غارقين بأحلام وأوهام ذهاب أميركا معهم حتى النهاية في إقامة كيان انفصالي لهم، بأن يراجعوا سياستهم ويتجهوا إلى برامج وطنية سورية، ويتعظوا من تجارب الماضي البعيد والقريب، بان أميركا منافقة، فقد باعتهم لتركيا في عفرين ومنبج وأعزاز، وقبل ذلك في إقليم كردستان العراق، وفي هذا السياق لا أدل على النفاق الأميركي أكثر مما قاله السفير الأميركي الأخير لدى سورية روبرت فورد: إن «الأكراد السوريون يقومون بأكبر خطأ لدى ثقتهم بالأميركيين» وتأكيده أن واشنطن ليست في وارد استخدام الجيش الأميركي للدفاع عن إقليم كردي في سورية.
 
إن كانت دول الاستعمار الغربي استغلت الحالة المنكهة لـ«الوطن العربي» في بدايات القرن التاسع عشر بسبب احتلال عثماني دام أربعة عقود وفرضت تقسيمه ورسمت خرائط معينة بموجب ما سمته اتفاق «سايكس بيكو»، وقامت أميركا في تسعينيات القرن الماضي بثقب خريطة العراق بإقامة إقليم كردستان في شمالي العراق، فإن الوضع اليوم مختلف جذرياً وكل الوقائع والتغيرات بموازين القوى تؤكد أن اللعب بالخرائط خط أحمر.
 
موفق محمد / الوطن
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

أسرار استهداف إيران لأذربيجان
17:16 19.04.2024
في يومها الأخير جلسات الاستماع في الدعوي الارمينية ضد أذربيجان
16:00 19.04.2024
كواليس انسحاب قوات حفظ السلام الروسية من قراباغ
15:00 19.04.2024
زرادشت علي زاده : الولايات المتحدة لا تريد أن يتم فتح طريق زانجيزور في ظل هذه الظروف
14:00 19.04.2024
ما تأثير انسحاب قوات حفظ السلام من قراباغ؟
13:00 19.04.2024
اشتباكات بين الدفاع الجوي الإيراني وطائرات إسرائيلية بطهران
12:00 19.04.2024
جوتيريش العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية
11:45 19.04.2024
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبقى النمو في الشرق الأوسط مكبوحاً
11:30 19.04.2024
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة وورلد برس فوتو لعام 2024
11:15 19.04.2024
فيضانات نيجيريا تزيد من نقص محصول الكاكاو
11:00 19.04.2024
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
10:45 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
10:30 19.04.2024
اليونيسف طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة
10:15 19.04.2024
الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
10:00 19.04.2024
المياه تغمر نحو 18 ألف منزل في روسيا بسبب الفيضانات العارمة
09:45 19.04.2024
الحرس الثوري الإيراني يعلن تحديد مواقع المنشآت النووية الإسرائيلية ويحذر تل أبيب
09:30 19.04.2024
أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
01:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
جميع الأخبار