"تيبلوماسية" ترامب، نهج يتنافى مع التعاملات السياسية المعهودة

التيبلوماسية أو التويتلوماسية: السياسة عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر

تحليلات 11:00 16.12.2018

يُطلق مصطلح "تويبلوماسي/ Twiplomacy" بالإنجليزية، على السياسة عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، ويقابلها في التركية مصطلحات عدة أبرزها، تيبلوماسي، وتويتلوماسي.

وانتشر هذا المفهوم اعتبارا من عام 2016، إثر استخدام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وجه الخصوص لموقع تويتر بشكل يتنافى مع التعاملات السياسية المعهودة، من خلال تغريداته الساذجة والقاسية، التي استخدمها على الدوام في انتقاد وتهديد الدول الأخرى.

ويساهم تويتر في تسريع تغيير النظام العالمي، من خلال كونه ساحة يتواجه فيها الحلفاء والأعداء بأساليب متشابهة عبر تغريدات "تيبلوماسية"، ولذلك أرى أن هناك حاجة لتناول أسباب ونتائج التحول من مضمار السياسة الطبيعية إلى السياسة عبر تويتر.

تعرضت الدبلوماسية عبر التاريخ للتغيير لسببين رئيسين، هما التطورات التكنولوجية، والتغيرات في النظام الدولي، حيث بدأ تبادل الرسائل الرسمية والعلاقات بين الأنظمة المستقلة منذ ظهور التجمعات السياسية الأولى.

يعود أصل كلمة الدبلوماسية إلى الحضارة اليونانية القديمة، إذ كانت عبارة عن شهادات، تمنح حاملها امتيازات وقت السفر، ومن ثم أصبحت في زمن الإمبراطورية الرومانية بمثابة جوازات سفر معدنية "دبلوما"، ومن ثم أصبحت تُطلق على الأوراق القيّمة التي يستخدمها السفراء أثناء أعمالهم، ولاحقا ومنذ أواخر القرن الثامن عشر، بدأ باستخدام كلمة الدبلوماسية بمعناها الحالي.

ومع التقدم التكنولوجي في القرن العشرين، تغيرت هذه المعادلة، حيث أصبح قادة الدول يلتقون مباشرة مع بعضهم البعض بشكل أكبر، ما زاد من أهمية الدبلوماسية اعتبارا من ذلك الوقت.

فمثلا في الولايات المتحدة، تلعب البيروقراطية في البيت الأبيض، ومؤسسات مثل وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع دورا أساسيا في تحديد تصريحات رئيس الولايات المتحدة بخصوص السياسة الخارجية وكلماته الموجهة للرأي العام.

لكن فيما يخص تصريحات الرئيس ترامب، أدت عوامل مثل التطورات التكنولوجية، وتوترات السياسة الداخلية في الولايات المتحدة، والتحول الإيديولوجي تجاه السياسة الخارجية، إلى تعطيل الطرق الدبلوماسية المعهودة.

فحسب التعاملات التقليدية تخضع الرسائل الدبلوماسية لتغييرات في المحتوى والأسلوب ضمن إطار 3 نماذج للتواصل، أولها، اللقاءات المغلقة للرؤساء والقادة، حيث تلعب سرية المباحثات في سهولة التوصل إلى نتائج إيجابية.

طريقة التواصل الثانية، هي التصريحات التي يدلي بها الرؤساء خلال زيارتهم الدول الأخرى بهدف التأثير على الرأي العام المحلي، وثالثا، إطار يركز على التأكيد على النجاحات في السياسة الخارجية، والتغاضي عن ذكر حالات الفشل.

وتتمتع الإطارات الثلاث بإمكانية تحديد الكتلة الرئيسية المخاطبة، وإمكانية تفسير طبيعة وهدف الرسالة الموجهة بالنسبة للكتل الأخرى، فعلى سبيل المثال، لو استخدم أحد الرؤساء خلال جولته الانتخابية تصريحات مبالغ فيها تجاه دولة ما بخصوص الخلافات فيما بينهما، فهذا معناه رسالة للناخبين مفادها بأنه سيتم اتباع سياسة أكثر قسوة تجاه ذلك البلد ما بعد الانتخابات.

إن تيبلوماسية ترامب من خلال الإمكانيات التي أتاحتها مواقع التواصل الاجتماعي، تجعل مئات الملايين من المستخدمين يجتمعون في منصة واحدة ضمن الإطارات الثلاث آنفة الذكر، حيث يتم بموجبها تحديد نوعية الرسالة، واستحقار وتهديد الدول والشعوب على تويتر، كما تؤدي خطابات التيبلوماسية إلى ارتفاع موجات الغضب والأحكام المسبقة.

إن امتداد التوترات من الولايات المتحدة إلى ما بعد منطقة المحيط الأطلسي، بموجب صراع العلاقات والمصالح، يزيد من وتيرة التيبلوماسية، حيث يعتبر صراع ترامب مع مجموعات ذات هويات مختلفة، مثل وسائل الإعلام الليبرالية والعالمية، ورؤوس الأموال، والبيروقراطيين، أحد أهم الأسباب التي جعلت تويتر منصة لخوض صراعاته بشكل يومي.

حيث دفعت تيبلوماسية ترامب بكل من البيروقراطية والإعلام إلى المقام الثاني في اتخاذ القرارات، إذ يعتبر هذا التصرف جزءا من استراتيجية ترامب في مواجهة معارضيه.

وفي هذه المعادلة، يحتل التوجه الإيديولوجي الجديد في السياسة الخارجية مكانة هامة جدا، لكن عندما يتم الحديث عن خيارات السياسة المجردة، نلاحظ بأنها تتحول إلى الخيارات الواقعية لمبدأ "أمريكا أولا"، فعلى سبيل المثال، يتم تناسي هذا المبدأ عندما تكون المطالب الإسرائيلية مجحفة ومضرة بمصالح الولايات المتحدة على المديين المتوسط والطويل.

يمكن تعريف المصالح القومية الأمريكية بأنها ذات منظور ضيق وقصير الأمد لدى مقارنتها برؤى الحكومات المهيمنة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تسعى التيبلوماسية لتحقيق منافع مادية نسبية صغيرة يمكن تحقيقها بسرعة، دون الاكتراث بالنتائج بعيدة المدى.

لكن لا يعني هذا الأمر بأن التيبلوماسية بعيدة عن قراءة دولية عامة، حيث تمتلك التيبلوماسية روحا لا تعترض إنفاق المصادر في المجالات التي لا تهم المصالح المجردة للسياسية الخارجية الأمريكية بشكل ملموس.

استهدفت تيبلوماسية ترامب فرنسا مؤخرا بسبب دعوتها لإنشاء جيش أوروبي موحد، لكنها قوبلت من قِبل ماكرون وميركل بالدعوة إلى "أوروبا أكثر قوة وسيادة"

فالأنظمة المهيمنة، رغم أنها تبدو في المقام الثاني، إلا أنها يمكن أن تعمل من خلال الاعتماد على نيل رضا الحلفاء، ولذلك فإنها بحاجة إلى جهد دبلوماسي حقيقي، ومنطق الربح ولو بنسبة أقل. ويمكن اعتبار التيبلوماسية بأنها تخلي عن هذين الشرطين، كما أنها تفترش الحجارة على مسار التفكك في العالم الغربي. 

يعاني العالم الغربي اليوم أزمة وجودية، ويمكن للقادة والمسؤولين والأطراف المؤثرة في فيها الاتفاق على 4 عناصر بهدف مواصلة البقاء، وهي القيم المشتركة، والمصالح، والقواعد، والمؤسسات.

إن تيبلوماسية ترامب تساهم في تسريع تفكك العالم الغربي، بينما هناك مستقبل صعب بانتظار تركيا في رحلة البحث عن عالمها وسط انتشار العوالم المتفككة من الغرب باتجاه الشرق.


** محمد عاكف أوكور: رئيس قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة يلدز التقنية.

الشيخ علي جمعة يحذر العالم من خطر يأجوج ومأجوج القادم من أرمينيا

أحدث الأخبار

إعصار في مدغشقر يودي بـ11 شخصاً
09:45 29.03.2024
إسرائيل تتخذ خطوات فعلية لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم التحذيرات الدولية
09:30 29.03.2024
إثيوبيا تتوقع الانتهاء من مشروع سد النهضة العام المقبل
09:15 29.03.2024
إبراهيم تراوري يمدد حربه على الإرهاب في بوركينا فاسو
09:00 29.03.2024
تدشين اتحاد عمال مستقل في مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
18:30 28.03.2024
هل يتم التوقيع على اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
17:33 28.03.2024
إلمان مصطفى زاده: لا يمكن المساس بكرامة الأذربيجانيين
16:12 28.03.2024
علي ناغيف: فرنسا تحرض أرمينيا على حرب جديدة
16:02 28.03.2024
وساطة أفريقية لحل الصراع المسلح في الكونغو الديمقراطية
13:45 28.03.2024
المعارض ديوماي يفوز بانتخابات الرئاسة السنغالية
13:30 28.03.2024
قائد كتائب القسام يحث العرب والمسلمين على الزحف نحو فلسطين
13:15 28.03.2024
هل تبدأ الحرب العالمية الثالثة ؟
12:53 28.03.2024
حالة من الفوضي تعم مطار باريس
12:28 28.03.2024
مستقبلات إسرائيل على ضوء الحرب الراهنة
12:15 28.03.2024
وكالة الإغاثة التركية تقدم سفينتين لنقل المساعدات مباشرة إلى غزة
12:00 28.03.2024
ذكري تأسيس الأجهزة الأمنية في أذربيجان
11:53 28.03.2024
واشنطن لا تدعم مشروع خط أنابيب الغاز بين باكستان وإيران
11:45 28.03.2024
مؤسسة دولية تتوقع انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار بنهاية 2024
11:30 28.03.2024
مصر: مفاوضات سد النهضة استنزاف للوقت.. وإثيوبيا ستدفع الثمن
11:15 28.03.2024
محطة الضبعة النووية ستوفر لمصر 7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً
11:00 28.03.2024
رئيس الصين ينتقد الحواجز التكنولوجية خلال زيارة رئيس وزراء هولندا لبكين
10:45 28.03.2024
نشر معلومات جديدة عن الهجوم الإرهابي في روسيا
10:34 28.03.2024
رياح الجنوب تحمل الرمال الساخنة إلى جنوب شرق أوروبا
10:30 28.03.2024
آيرلندا تعتزم التدخل في قضية الإبادة المرفوعة ضد إسرائيل
10:15 28.03.2024
الفلبين تؤكد الإفراج عن طاقم ناقلة نفط محتجزة في إيران
10:00 28.03.2024
العراق يبرم اتفاقا لتوريد الغاز مع إيران لمدة 5 سنوات
09:45 28.03.2024
إسرائيل استهدفت 212 في غزة مدرسة بشكل مباشر
09:30 28.03.2024
أردوغان نبذل قصارى جهدنا لينعم إخواننا في غزة بالسلام
09:15 28.03.2024
ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 32 ألفا و490 شهيدا وأكثر من 74 ألف إصابة
09:00 28.03.2024
بيتر ثيس: أذربيجان أصبحت شريكًا مهمًا للناتو بعد الحرب الأوكرانية
18:30 27.03.2024
توفيق عباسوف: أرمينيا تسعي إلي دعم التوجهات المناهضة لأذربيجان في جورجيا
17:38 27.03.2024
الولايات المتحدة تفرض عقوبات علي الصين
16:09 27.03.2024
تواصل ردود الفعل على اتفاق جوجل وإسرائيل
16:03 27.03.2024
هجوم سيبراني صيني يضرب المملكة المتحدة ونيوزيلندا
15:06 27.03.2024
أوكرانيا وبولندا تكملان عقد المتأهلين إلى نهائيات يورو 2024
14:59 27.03.2024
من التالي بعد هجوم موسكو؟
14:07 27.03.2024
تحذير من رئيس صربيا بشأن خطر محتمل قد يعم البلاد
13:30 27.03.2024
ذكري وفاة أول رئيس جمهورية لأذربيجان
ذكري وفاة أول رئيس جمهورية لأذربيجان
13:23 27.03.2024
خبراء ينجحون في إذابة الثلج من على عدسة تليسكوب إقليدس
10:30 27.03.2024
الهجرة تتسبب بهلاك أو اختفاء أكثر من 63 ألف شخص في العقد الماضي
10:15 27.03.2024
جميع الأخبار