إيران‭ ‬وسياسة‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬العراق

تحليلات 11:00 02.01.2019

 حسن فحص

Vتعاملت‭ ‬إيران‭ ‬بحذر‭ ‬واضح‭ ‬مع‭ ‬قرار‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بالانسحاب‭ ‬من‭ ‬سوريا،‭ ‬ومحاولة‭ ‬رسم‭ ‬سيناريوهات‭ ‬لتداعيات‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الإقليم،‭ ‬خصوصا‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬التركي،‭ ‬وضرورة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬أستانة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الترويكا‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬الانتفاضة‭ ‬التركية،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تبرز‭ ‬جراء‭ ‬التفويض‭ ‬الأمريكي‭ ‬للحكومة‭ ‬التركية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬شرق‭ ‬الفرات‭ ‬السورية،‭ ‬واغرائها‭ ‬بالعودة‭ ‬للعب‭ ‬دور‭ ‬رأس‭ ‬الحربة‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بديلا‭ ‬عن‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ما‭ ‬حاولت‭ ‬منعه‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬مسرح‭ ‬لنشاط‭ ‬وتواجد‭ ‬الناتو‭ ‬بشكل‭ ‬علني‭. ‬

الحذر‭ ‬الإيراني‭ ‬شمل‭ ‬أيضا‭ ‬محاولة‭ ‬رصد‭ ‬ردات‭ ‬الفعل‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تخفيف‭ ‬الانعكاسات‭ ‬السلبية‭ ‬للخروج‭ ‬الأمريكي‭ ‬وما‭ ‬يعنيه‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬سوريا‭ ‬هدية‭ ‬مجانية‭ ‬لإيران،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬بوادر‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬حصول‭ ‬أي‭ ‬انسحاب‭ ‬لقوات‭ ‬حرس‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية‭ ‬والفصائل‭ ‬الحليفة‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭. ‬وبالتالي‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ضوء‭ ‬أخضر‭ ‬أمريكي‭ ‬غير‭ ‬علني‭ ‬للجانب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬باستئناف‭ ‬نشاطاتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬واستهداف‭ ‬المواقع‭ ‬الايرانية‭ ‬وتلك‭ ‬التابعة‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬ادى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬إحراج‭ ‬الجانب‭ ‬الروسي،‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬بين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والإيراني،‭ ‬لكنه‭ ‬أيضا‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬الاستخفاف‭ ‬جراء‭ ‬التجرؤ‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬العمق‭ ‬السوري،‭ ‬بدون‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬وجوده‭ ‬العسكري‭ ‬ودور‭ ‬الضابط‭ ‬الذي‭ ‬يقدم‭ ‬الضمانات‭ ‬لتل‭ ‬ابيب،‭ ‬ويؤكد‭ ‬على‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬الإيراني‭.‬
إلا‭ ‬أن‭ ‬الحذر‭ ‬الإيراني‭ ‬الرئيس‭ ‬لا‭ ‬يقف‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬الساحة‭ ‬السورية،‭ ‬بل‭ ‬يتمحور‭ ‬حول‭ ‬العراق‭ ‬والتداعيات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يتركها‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬العراقية‭ ‬والدور‭ ‬والنفوذ‭ ‬الإيراني‭ ‬فيها‭. ‬فقرار‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬سوريا،‭ ‬وفّر‭ ‬لطهران‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاسترخاء‭ ‬العسكري‭ ‬والسياسي‭ ‬وحتى‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬لأن‭ ‬استمرار‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬القوات‭ ‬داخل‭ ‬الأراضي‭ ‬السورية‭ ‬شكل‭ ‬عائقا‭ ‬أمام‭ ‬تحقيق‭ ‬خططها‭ ‬في‭ ‬استكمال‭ ‬عملية‭ ‬وصل‭ ‬الطريق‭ ‬البري‭ ‬بين‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق،‭ ‬فمجرد‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬القوات‭ ‬داخل‭ ‬قواعدها‭ ‬يعد‭ ‬مصدر‭ ‬قلق،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬استطاعت‭ ‬طهران‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬فرض‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الحصار‭ ‬العسكري‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬القواعد‭ ‬لشل‭ ‬فعاليتها‭ ‬العسكرية‭. ‬
الهدية‭ ‬الامريكية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬التي‭ ‬تضاف‭ ‬إلى‭ ‬الهدية‭ ‬اليمنية،‭ ‬جعلت‭ ‬القيادة‭ ‬الايرانية‭ ‬تنتظر‭ ‬هدية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬سوى‭ ‬العراق‭. ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬الرئيس‭ ‬الامريكي‭ ‬الإعداد‭ ‬والتمهيد‭ ‬لتقديمها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الزيارة‭ ‬المفاجئة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬قاعدة‭ ‬عين‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬الأنبار‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وتشكل‭ ‬الدعم‭ ‬الخلفي‭ ‬لقاعدة‭ ‬تنف‭ ‬السورية،‭ ‬والعين‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬البري‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬بالانبار‭ ‬باتجاه‭ ‬سوريا،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معبر‭ ‬القائم‭. ‬فقد‭ ‬أثارت‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬والإشكاليات‭ ‬التي‭ ‬رافقتها‭ ‬دبلوماسيا‭ ‬وسياسيا‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تحفضات‭ ‬لدى‭ ‬القيادة‭ ‬العراقية‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات‭ ‬الرسمية‭ ‬بتجاوزها‭ ‬لكل‭ ‬الأعراف‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬بين‭ ‬بلدين‭ ‬تربطهما‭ ‬علاقات‭ ‬واسعة‭ ‬ومتشعبة،‭ ‬لا‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬التحالف‭ ‬لمحاربة‭ ‬الارهاب‭ (‬طلب‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬عادل‭ ‬عبدالمهدي‭ ‬عقد‭ ‬لقاء‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬الأسد‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬بغداد‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬منتقدة‭ ‬وصلت‭ ‬حد‭ ‬التهديد‭ ‬القانوني‭ ‬وحتى‭ ‬العسكري،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬دعت‭ ‬إلى‭ ‬مطالبة‭ ‬البرلمان‭ ‬العراقي‭ ‬بالتصويت‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬خروج‭ ‬القوات‭ ‬الامريكية،‭ ‬أو‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬تتمتع‭ ‬بعلاقات‭ ‬جيدة‭ ‬مع‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬اعتبرت‭ ‬الزيارة‭ ‬خرقا‭ ‬لكل‭ ‬الاعراف‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تحترم‭ ‬سيادة‭ ‬العراق‭ ‬وحكومته،‭ ‬والتذكير‭ ‬بأن‭ ‬الوجود‭ ‬الامريكي‭ ‬مؤقت‭ ‬ولا‭ ‬يحق‭ ‬للرئيس‭ ‬الامريكي‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬بقاء‭ ‬قواته‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انتهاء‭ ‬المعاهدة‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬عودة‭ ‬لغة‭ ‬التهديد‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬قادة‭ ‬فصائل‭ ‬في‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬باللجوء‭ ‬إلى‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬القوات‭ ‬وإجبارها‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬العراق‭. ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يساهم‭ ‬استخفاف‭ ‬الرئيس‭ ‬الامريكي‭ ‬بالضوابط‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬في‭ ‬فضح‭ ‬شخصيات‭ ‬قادة‭ ‬وعناصر‭ ‬القوات‭ ‬الامريكية‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬في‭ ‬تسهيل‭ ‬مهمة‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬أو‭ ‬طرف‭ ‬عسكري‭ ‬عراقي،‭ ‬خصوصا‭ ‬فصائل‭ ‬الحشد‭ ‬المعادية‭ ‬للوجود‭ ‬الأمريكي،‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬إلى‭ ‬أهداف‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإجبارها‭ ‬على‭ ‬الانسحاب‭. ‬

الهدية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والهدية‭ ‬اليمنية،‭ ‬جعلت‭ ‬القيادة‭ ‬الايرانية‭ ‬تنتظر‭ ‬هدية‭ ‬جديدة‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬سوى‭ ‬العراق

من‭ ‬هنا‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المستبعد‭ ‬أن‭ ‬تعد‭ ‬طهران‭ ‬نفسها‭ ‬بهدية‭ ‬عراقية‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الامريكي‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة،‭ ‬تسمح‭ ‬لها‭ ‬بتعويض‭ ‬ما‭ ‬فقدته‭ ‬من‭ ‬إحكام‭ ‬قبضتها‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬العراقي،‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬طموحاتها،‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬القوى‭ ‬الحليفة‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬نفسها‭ ‬رقما‭ ‬صعبا‭ ‬في‭ ‬معادلة‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬أفرزتها‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية،‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بتحديد‭ ‬مسارات‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬عقد‭ ‬تحالفات‭ ‬وتقديم‭ ‬تنازلات‭. ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬الانسحاب‭ ‬الامريكي‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬مستبعدا‭ ‬في‭ ‬القراءة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬لتطور‭ ‬ومسارات‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬اتخذها‭ ‬ترامب‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬الأهداف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬وراءها‭ ‬واشنطن‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬اي‭ ‬تهديد‭ ‬حقيقي،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬ضمانات‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ “‬الشريك‭ ‬الروسي‭”‬،‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬كلام‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الايراني‭ ‬محمد‭ ‬جواد‭ ‬ظريف‭ ‬عندما‭ ‬تساءل‭ “‬متى‭ ‬قلنا‭- ‬أي‭ ‬إيران‭- ‬إننا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نمحي‭ ‬اسرائيل‭ ‬من‭ ‬الوجود‭”. ‬وطالما‭ ‬أن‭ “‬الغريم‭” ‬الإيراني‭ ‬يرغب‭ ‬ويسعى‭ ‬لتولي‭ ‬مهمة‭ ‬ضبط‭ ‬وترتيب‭ ‬البيت‭ ‬الداخلي‭ ‬العراقي،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مساعيه‭ ‬لفرض‭ ‬استراتيجيته‭ ‬الإقليمية‭ ‬وإبعاد‭ ‬التهديد‭ ‬الارهابي‭ ‬عنه،‭ ‬محكوما‭ ‬بالخوف‭ ‬من‭ ‬انتقال‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬إلى‭ ‬الداخل‭ ‬الايراني‭ ‬أو‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬حدوده،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬افغانستان‭ ‬التي‭ ‬أعلنت‭ ‬طهران،‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬سكرتير‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬الادميرال‭ ‬علي‭ ‬شمخاني،‭ ‬عن‭ ‬مفاوضات‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬الإعلان‭ ‬الامريكي‭ ‬عن‭ ‬مفاوضات‭ ‬مماثلة‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الإماراتية‭ ‬ابو‭ ‬ظبي‭. ‬فإن‭ ‬ترامب‭ ‬سيجد‭ ‬الفرصة‭ ‬لتطبيق‭ ‬المنطق‭ ‬والسياسة‭ ‬التي‭ ‬اعتمدها‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬خفض‭ ‬النفقات‭ ‬العسكرية‭ ‬وتسليم‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬مهمة‭ ‬قتال‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬رفضه‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬أمريكا‭ ‬شرطيا‭ ‬لحماية‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭.‬
التعقيدات‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬الجديدة،‭ ‬دفعت‭ ‬المعنيين‭ ‬بالملف‭ ‬العراقي‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تقويم‭ ‬المرحلة‭ ‬السابقة‭ ‬وطريقة‭ ‬وأسلوب‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬العراقي،‭ ‬والتوصل‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬واضحة‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬طهران‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬قنوات‭ ‬العلاقة،‭ ‬ولغة‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تفادي‭ ‬أزمات‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬وتعترف‭ ‬طهران‭ ‬بأن‭ ‬العراق‭ ‬مثل‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المحيطة‭ ‬بإيران،‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬استقرار‭ ‬وسلام‭ ‬راسخين،‭ ‬وتعترف‭ ‬أيضا‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬وصفا‭ ‬ثابتا‭ ‬ودائما‭ ‬لأي‭ ‬شخصية‭ ‬سياسية‭ ‬عراقية‭ ‬مطروحة،‭ ‬فسلوكيات‭ ‬السياسيين‭ ‬العراقيين‭ ‬ترتبط‭ ‬بالظروف‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم،‭ ‬وعليه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬وصف‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬بأنها‭ ‬مرتبطة‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬بايران‭. ‬فقد‭ ‬يعمد‭ ‬البعض‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬بأسلوب‭ ‬غير‭ ‬مناسب،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬بعدم‭ ‬أخذ‭ ‬هويتهم‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية،‭ ‬وتشكيل‭ ‬الحكومة،‭ ‬وما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬أو‭ ‬التيارات‭ (‬مقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬وحيدر‭ ‬العبادي‭) ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬لا‭ ‬تعطي‭ ‬إيران‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬استبعادهم‭ ‬كليا،‭ ‬وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القراءة،‭ ‬تعتقد‭ ‬إيران‭ ‬أن‭ ‬المطلوب‭ ‬وضع‭ ‬تصور‭ ‬ورؤية‭ ‬لإدارة‭ ‬البيت‭ ‬الشيعي،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬فهي‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الشيعية‭ ‬وبيوت‭ ‬المرجعيات،‭ ‬تصل‭ ‬حد‭ ‬تسقيط‭ ‬وتشويه‭ ‬وفضح‭ ‬بعضها‭ ‬بعضا،‭ ‬وقد‭ ‬تصل‭ ‬الأمور‭ ‬بأحد‭ ‬الأطراف‭ ‬حد‭ ‬اتهام‭ ‬خصمه‭ ‬لضرورات‭ ‬تكتيكية‭ ‬بالعمالة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الحقيقة‭ ‬والواقع‭ ‬خلاف‭ ‬ذلك‭.‬
وترى‭ ‬طهران‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬الرؤية‭ ‬الشاملة‭ ‬ومعادلة‭ ‬السلطة‭ ‬داخل‭ ‬العراق،‭ ‬التي‭ ‬تتجه‭ ‬لصالح‭ ‬تراجع‭ ‬الوزن‭ ‬السياسي‭ ‬لأمريكا‭ ‬وشركائها‭ ‬الإقليميين،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬اللاعبين‭ ‬العراقيين‭ ‬للانتقال‭ ‬إلى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬منطق‭ ‬خاص‭ ‬بهم‭. ‬وتتوقف‭ ‬الرؤية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أمام‭ ‬تجربة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الزعيم‭ ‬الكردي‭ ‬مسعود‭ ‬بارزاني‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬شخصية‭ ‬سياسية‭ ‬واسعة‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬وعدم‭ ‬تطابق‭ ‬مواقفة‭ ‬مع‭ ‬مواقف‭ ‬ايران،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المعارك‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬يخوضها‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الداخلية‭ ‬الكردية،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬قيادات‭ ‬أخرى‭ ‬تعتبر‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬وما‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬علاقات‭ ‬دولية،‭ ‬إلا‭ ‬انه‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬لا‭ ‬يجهر‭ ‬العداء‭ ‬لايران‭.‬
تقويم‭ ‬إيران‭ ‬لتجربة‭ ‬بارزاني،‭ ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬القراءة‭ ‬البراغماتية‭ ‬للساحة‭ ‬العراقية‭ ‬ومواقف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬قياداتها،‭ ‬فالتجارب‭ ‬التي‭ ‬خاضها‭ ‬بارزاني‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬مختلفة،‭ ‬خصوصا‭ ‬التجربة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬استفتاء‭ ‬الانفصال،‭ ‬رسخت‭ ‬لديه‭ ‬قناعة‭ ‬حسب‭ ‬اعتقاد‭ ‬طهران،‭ ‬بأن‭ ‬حياته‭ ‬السياسية‭ ‬ومقتلها‭ ‬ترتبط‭ ‬بمدى‭ ‬علاقته‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬بدون‭ ‬أن‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬لا‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬مواقفها،‭ ‬أو‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬صراعاته‭ ‬السياسية‭ ‬مع‭ ‬المنافسين‭ ‬أو‭ ‬المكونات‭ ‬الاخرى‭. ‬والمنطق‭ ‬الذي‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬القوى‭ ‬الشيعية‭ ‬والكردية،‭ ‬ينطبق‭ ‬ايضا‭ ‬على‭ ‬القوى‭ ‬والشخصيات‭ ‬السنية،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬كانوا‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬صادقة‭ ‬بإيران‭ ‬10%،‭ ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فإنها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تصاعدية‭ ‬لدى‭ ‬السنة‭ ‬والشخصيات‭ ‬والأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬المنتمية‭ ‬لهذا‭ ‬المكون،‭ ‬والساعية‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬معادلة‭ ‬السلطة،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يستثني‭ ‬تيار‭ ‬البعث‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬اعتقاد‭ ‬طهران‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬ملتزمة‭ ‬بالموقف‭ ‬الإيراني،‭ ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬70%‭ ‬منهم‭ ‬الآن‭ ‬يقفون‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬الالتزام‭ ‬أو‭ ‬الصداقة‭. ‬
التوجه‭ ‬لاعتماد‭ ‬هذا‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المكونات‭ ‬العراقية‭ ‬بكل‭ ‬تنوعاتها،‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬مبدأ‭ ‬إيراني‭ ‬يقول‭ ‬بوجوب‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬إلى‭ ‬تخفيف‭ ‬آلام‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬للاعداء‭ ‬المشتركين‭ ‬باستغلال‭ ‬العراق‭ ‬وشعبه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬التمهيد‭ ‬للمرحلة‭ ‬المقبلة‭ ‬التي‭ ‬تعتقد‭ ‬طهران‭ ‬أنها‭ ‬ستكون‭ ‬مرحلة‭ ‬الانسحاب‭ ‬الامريكي‭ ‬وتراجع‭ ‬نفوذها‭ ‬ونفوذ‭ ‬حلفائها‭ ‬لصالح‭ ‬تقدم‭ ‬محور‭ ‬إيران‭ ‬ورؤيتها‭. ‬
كاتب‭ ‬لبناني

 

 

 
الشيخ علي جمعة يحذر العالم من خطر يأجوج ومأجوج القادم من أرمينيا

أحدث الأخبار

تدشين اتحاد عمال مستقل في مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
18:30 28.03.2024
هل يتم التوقيع على اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
17:33 28.03.2024
إلمان مصطفى زاده: لا يمكن المساس بكرامة الأذربيجانيين
16:12 28.03.2024
علي ناغيف: فرنسا تحرض أرمينيا على حرب جديدة
16:02 28.03.2024
وساطة أفريقية لحل الصراع المسلح في الكونغو الديمقراطية
13:45 28.03.2024
المعارض ديوماي يفوز بانتخابات الرئاسة السنغالية
13:30 28.03.2024
قائد كتائب القسام يحث العرب والمسلمين على الزحف نحو فلسطين
13:15 28.03.2024
هل تبدأ الحرب العالمية الثالثة ؟
12:53 28.03.2024
حالة من الفوضي تعم مطار باريس
12:28 28.03.2024
مستقبلات إسرائيل على ضوء الحرب الراهنة
12:15 28.03.2024
وكالة الإغاثة التركية تقدم سفينتين لنقل المساعدات مباشرة إلى غزة
12:00 28.03.2024
ذكري تأسيس الأجهزة الأمنية في أذربيجان
11:53 28.03.2024
واشنطن لا تدعم مشروع خط أنابيب الغاز بين باكستان وإيران
11:45 28.03.2024
مؤسسة دولية تتوقع انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار بنهاية 2024
11:30 28.03.2024
مصر: مفاوضات سد النهضة استنزاف للوقت.. وإثيوبيا ستدفع الثمن
11:15 28.03.2024
محطة الضبعة النووية ستوفر لمصر 7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً
11:00 28.03.2024
رئيس الصين ينتقد الحواجز التكنولوجية خلال زيارة رئيس وزراء هولندا لبكين
10:45 28.03.2024
نشر معلومات جديدة عن الهجوم الإرهابي في روسيا
10:34 28.03.2024
رياح الجنوب تحمل الرمال الساخنة إلى جنوب شرق أوروبا
10:30 28.03.2024
آيرلندا تعتزم التدخل في قضية الإبادة المرفوعة ضد إسرائيل
10:15 28.03.2024
الفلبين تؤكد الإفراج عن طاقم ناقلة نفط محتجزة في إيران
10:00 28.03.2024
العراق يبرم اتفاقا لتوريد الغاز مع إيران لمدة 5 سنوات
09:45 28.03.2024
إسرائيل استهدفت 212 في غزة مدرسة بشكل مباشر
09:30 28.03.2024
أردوغان نبذل قصارى جهدنا لينعم إخواننا في غزة بالسلام
09:15 28.03.2024
ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 32 ألفا و490 شهيدا وأكثر من 74 ألف إصابة
09:00 28.03.2024
بيتر ثيس: أذربيجان أصبحت شريكًا مهمًا للناتو بعد الحرب الأوكرانية
18:30 27.03.2024
توفيق عباسوف: أرمينيا تسعي إلي دعم التوجهات المناهضة لأذربيجان في جورجيا
17:38 27.03.2024
الولايات المتحدة تفرض عقوبات علي الصين
16:09 27.03.2024
تواصل ردود الفعل على اتفاق جوجل وإسرائيل
16:03 27.03.2024
هجوم سيبراني صيني يضرب المملكة المتحدة ونيوزيلندا
15:06 27.03.2024
أوكرانيا وبولندا تكملان عقد المتأهلين إلى نهائيات يورو 2024
14:59 27.03.2024
من التالي بعد هجوم موسكو؟
14:07 27.03.2024
تحذير من رئيس صربيا بشأن خطر محتمل قد يعم البلاد
13:30 27.03.2024
ذكري وفاة أول رئيس جمهورية لأذربيجان
ذكري وفاة أول رئيس جمهورية لأذربيجان
13:23 27.03.2024
خبراء ينجحون في إذابة الثلج من على عدسة تليسكوب إقليدس
10:30 27.03.2024
الهجرة تتسبب بهلاك أو اختفاء أكثر من 63 ألف شخص في العقد الماضي
10:15 27.03.2024
هنية يلتقي عبد اللهيان في طهران... ويؤكد إسرائيل فشلت بتحقيق أهدافها
10:00 27.03.2024
الكاكاو يكسر حاجز الـ10 آلاف دولار للطن عالميا
09:45 27.03.2024
السعودية تستهدف دخول قائمة أكبر 10 دول في مجال السياحة
09:30 27.03.2024
الأزمة الطبية في مستشفيات قطاع غزة وصلت لمستوى لا يمكن تصوره
09:15 27.03.2024
جميع الأخبار