حملة الردّة إلى سوريا: سياسة احتواء بعناوين اقتصادية

تحليلات 14:46 07.01.2019
العالم كلّه، أو معظمه حتى اليوم، يتجهز لشدّ الرحال إلى سوريا. وحديث الكراهية الذي يعود إلى ثماني سنوات خلت وما قبلها، تحوّل اليوم إلى حديث مودّة وتقدير مفعم بمشاعر الوطنية والانتماء القومي والعروبي. ومن كان يطالب بالأمس برأس الرئيس السوري بشار الأسد يبدي قناعته اليوم أن سوريا الأسد كانت وما زالت حجر الرحى في القضايا العربية، وأنها قبلة الاتجاهات السياسية والدبلوماسية في المنطقة والعالم.
 
فهل الانتصار الذي أنجزه معسكر الممانعة في سوريا مقابل هزيمة معسكر الاعتدال العربي هو السبب في انقلاب حالة العداء إلى حالة الوفاق والتلاقي، أم أن الحراك الإعماري - الاستثماري الضخم، الذي تترقّبه الشركات الكبرى في سوريا بعد استقرارها، فرض نفسه كواقع دفع الدول العربية والغربية للركون إلى معادلة جديدة تجمع دمشق عناصر تشكيلها وتتحكّم بمعطياتها ومفاصلها، أم أن كل ما يجري لا يعدو كونه مخططاً جديداً أو تغييراً تكتيكياً في قواعد اللعبة؟!
 
ردّة تأخرت 4 سنوات
 
ما يجري اليوم كان من المفترض أن يجد ترجمته على الأرض قبل نحو أربع سنوات، حين كانت المعادلة تقضي بتهدئة الوضع في سوريا بشكل تدريجي، والعمل على إعادة الأمور إلى نصابها وصولاً إلى وقف الحرب فيها، وذلك بعد أن فشلت كل السبل في إسقاط الرئيس الأسد فضلاً عن الخوف من التهديد الذي بدأت تشكّله التنظيمات الإرهابية على الاستقرار في الدول العربية والغربية على حد سواء، ما دفع الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز إلى التحذير من مخاطر تغوّل هذه الجماعات الإرهابية، واستجاب هذا الاتجاه لتحوّل السياسة الأمريكية في عهد باراك أوباما نحو التخلّص من هذه الجماعات تحت مظلة "مكافحة الإرهاب"، وانطلقت الرياض آنذاك في عملية "تطهير" واسعة شملت الأجهزة العسكرية والأمنية وتنظيم حملات مداهمة لأوكار تنظيم "داعش" والقبض على خلاياها اليقظة والنائمة في السعودية.
 
ترامب وابن سلمان أعادا إشعال فتيل النار
 
ولكن مجيء دونالد ترامب على رأس الإدارة الأمريكية وموت الملك عبد الله وتسلّم الملك سلمان الحكم في السعودية وتحكّم ابنه وولي عهده محمد بمفاصل السلطة أعاد الأمور إلى المربع الأول، لا بل شهدت الأوضاع تصعيداً أمنياً وعسكرياً وضغوطاً سياسية كبيرة وشاملة على سائر الملفات العربية ذات الصلة، بدءاً من افتعال الحرب على اليمن مروراً بمحاولات تخريب الوضع الداخلي في العراق وتسعير أوار الحرب في سوريا وصولاً إلى الضغط المباشر على لبنان. فقد دفع فائض القوة، الذي شعر به ابن سلمان نتيجة الغطاء الأمريكي له، إلى اعتماد سياسة الحرائق الشاملة التي تسبق عملية إعادة الترميم والبناء، وكان الهدف إرساء أنظمة جديدة في الدول العربية في المنطقة، ولا سيما تلك التي تنتهج سياسة الممانعة، وجعلها تسير في الفلك الأمريكي وتشكّل في الوقت نفسه ظهيراً للسياسة السعودية وداعمة لموقعها الريادي للعرب، وتتواءم مع ما هو مرسوم للمنطقة على مستوى الحل الشامل وما حكي عن صفقة القرن.
 
السعودية وسياقات الفشل
 
لم ينطبق حساب الحقل على حساب البيدر، فإن توالي الحوادث والمستجدّات والدخول الروسي والإيراني على خط التطوّرات العسكرية والميدانية في سوريا، ودخول حزب الله المباشر في سير العمليات الميدانية دعماً للجيش العربي السوري، كانت نتيجته أن السعودية فشلت في تحقيق أي هدف فعلي لها، فصمدت سوريا وتحوّل وجود الرئيس الأسد فيها إلى صمّام أمان، وأخفقت في تغيير المعادلات الميدانية في الحرب على اليمن، ولم تستطع أن تفرض حضورها على الساحة العراقية بعد أن نجح الجيش والحشد الشعبي في القضاء على تنظيم "داعش" وقال الشعب كلمته في اختيار نوابه وتشكيل حكومته، أما في لبنان فإن الفشل الأكبر للسعودية تمثّل في الالتفاف السياسي على القرار الوطني رفضاً للتدخل السعودي الهادف إلى تخريب الاستقرار الداخلي.
 
مبادرة الاحتواء
 
سلسلة الإخفاقات هذه دفعت الإدارة الأمريكية - والسعودية التي تمثّل واجهتها التنفيذية - إلى اعتماد سياسة جديدة ومختلفة عبر اقتباس المسعى التركي – القطري الذي بدأ مطلع العام 2012 حيث كانت نيران الفتنة تستعر وتنتشر في سوريا، وسعت الدوحة وأنقرة آنذاك إلى تسويق مبادرة تستهدف احتواء دمشق وفق مبدأ العصا والجزرة، ووضعتا الرئيس الأسد أمام الخراب أو الانصياع، مع ما يستتبع هذا الانصياع من امتيازات اقتصادية ومالية واستقرار أمني، ولكن اليوم السياسة تبدّلت والموازين تغيّرت والمعادلات انقلبت وباتت الأمور تستلزم أداءً جديداً، وحلّت السعودية والإمارات مكان تركيا وقطر في تنفيذ "مبادرة الاحتواء"، التي تضع في رأس أهدافها انتزاع سوريا من الحضن الإيراني وإعادتها إلى الحظيرة العربية على المستويين السياسي والدبلوماسي، أما في تفاصيلها فتحتوي على سلسلة من المشاريع الاقتصادية والتنموية والخطط الإعمارية والاستثمارية، بحيث تتحوّل سوريا إلى ورشة إقليمية متحرّكة وحيوية، تساهم فيها الشركات العالمية الكبرى العربية والغربية، بما يحرّك العجلة الاقتصادية الراكدة حالياً في المنطقة والعالم، ولكن بموازاة هذا السعي ماذا يقول الأسد؟!.
 
ماذا سيفعل الأسد؟
 
لا يبدي الرئيس الأسد حماسة أو اندفاعاً للعراضات السياسية الكثيرة، والتي بوشر بها عملياً مع عودة الإمارات والبحرين - وما سوف يليهما في الأيام المقبلة- إلى دمشق، فما كان يجري تحت الطاولة وفي الغرف المغلقة في دمشق بدأ يخرج إلى العلن، ولذا يبدو الأسد غير متعجّل لاتخاذ أي خطوة مقابلة، فالطريق بالنسبة إليه معبّدة باتجاه واحد وتقود الجميع إلى دمشق، وملفات المشاريع الاقتصادية والإعمارية، التي تتحضّر الشركات العربية والغربية على حد سواء للمباشرة بها في سوريا تحت عنوان إعادة الإعمار، كانت وصلت إلى يديه قبل أشهر من خلال مندوبين ومبعوثين عرب وأجانب، ولا سيما من السعودية والإمارات وبريطانيا، جاؤوا إليه في عروض سخيّة تتطلّب موافقته المسبقة على السماح لهذه الشركات بالحصول على عقود استثمارية، ولم يجد نفسه في تلك الفترة مدفوعاً لإعطاء أي وعود فالكل سيأتي إليه ولو بعد حين، وعليه فإن الرئيس الأسد الذي صمد في أوان الحصار والشدّة لن يفرّط بانتصاره في أوان الرخاء وردّة العرب إلى سوريا.
 
محمد الحسيني/ العهد
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

أسرار استهداف إيران لأذربيجان
17:16 19.04.2024
في يومها الأخير جلسات الاستماع في الدعوي الارمينية ضد أذربيجان
16:00 19.04.2024
كواليس انسحاب قوات حفظ السلام الروسية من قراباغ
15:00 19.04.2024
زرادشت علي زاده : الولايات المتحدة لا تريد أن يتم فتح طريق زانجيزور في ظل هذه الظروف
14:00 19.04.2024
ما تأثير انسحاب قوات حفظ السلام من قراباغ؟
13:00 19.04.2024
اشتباكات بين الدفاع الجوي الإيراني وطائرات إسرائيلية بطهران
12:00 19.04.2024
جوتيريش العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية
11:45 19.04.2024
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبقى النمو في الشرق الأوسط مكبوحاً
11:30 19.04.2024
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة وورلد برس فوتو لعام 2024
11:15 19.04.2024
فيضانات نيجيريا تزيد من نقص محصول الكاكاو
11:00 19.04.2024
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
10:45 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
10:30 19.04.2024
اليونيسف طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة
10:15 19.04.2024
الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
10:00 19.04.2024
المياه تغمر نحو 18 ألف منزل في روسيا بسبب الفيضانات العارمة
09:45 19.04.2024
الحرس الثوري الإيراني يعلن تحديد مواقع المنشآت النووية الإسرائيلية ويحذر تل أبيب
09:30 19.04.2024
أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
01:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
جميع الأخبار