أعلنت قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية، الأحد استئناف عملياتها العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في شرق البلاد بعد عشرة أيام على تعليقها رداً على القصف التركي لمناطق سيطرة الأكراد شمالاً.
ومنذ نهاية شهر كانون الأول/اكتوبر، طغى التوتر على الأجواء في شمال سوريا مع بدء القوات التركية استهداف مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، وتهديد أنقرة بشن هجوم واسع ضدها.
ورداً على القصف التركي، أعلنت قوات سوريا الديموقراطية، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، في الـ31 من كانون الأول/اكتوبر وقفاً "مؤقتاً" لعملياتها العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في آخر جيب يسيطر عليه في محافظة دير الزور قرب الحدود العراقية.
وسعى التحالف الدولي طوال تلك الفترة لخفض التوتر عبر التواصل مع كل من قوات سوريا الديموقراطية وأنقرة، وبدأ في الرابع من الشهر الحالي تسيير دوريات في المنطقة الحدودية مع تركيا.
وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية في بيان الأحد أن "نتيجة الاتصالات المكثفة بين القيادة العامة لقواتنا وقادة التحالف الدولي (...)التي استهدفت نزع فتيل الأزمة على الحدود، فقد ارتأت القيادة العامة لقوات سوريا الديموقراطية استئناف عملياتها العسكرية ضدّ تنظيم داعش".
وأكدت استمرار "العمل على إلحاق الهزيمة النهائيّة به".
وطالما هددت تركيا بشن عملية عسكرية جديدة ضد الأكراد بعد سيطرة قواتها بالتعاون مع فصائل سورية موالية على منطقة عفرين (شمال غرب حلب) ذات الغالبية الكردية العام الحالي. ودائماً ما اثارت تهديدات أنقرة توتراً بينها وبين حليفتها واشنطن.
وتصنف أنقرة الوحدات الكردية منظمة "إرهابية"، وتعتبرها امتداداً لحزب العمل الكردستاني الذي يقود تمرداً ضدها منذ عقود. كما تخشى إقامة حكم ذاتي كردي قرب حدودها.
- توقف القصف التركي -
وتصاعدت نبرة التهديدات التركية مؤخراً لتطال مناطق واسعة يسيطر عليها الأكراد في شمال وشمال شرق سوريا ويُطلق عليها تسمية منطقة "شرق الفرات".
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نهاية الشهر الماضي "سنهاجم هذه المنظمة الارهابية بعملية شاملة وفعالة قريباً. وكما قلت دائماً يمكن أن نهاجم فجأة ليلة ما".
وأكدت قوات سوريا الديموقراطية في بيانها أنها "في الوقت الذي تؤكّد عزمها على ملاحقة الإرهاب، فإنها تؤكد بالمثل عزمها حماية الحدود الدولية لشمال سوريا". ودعت إلى "الحوار سبيلاً لحلّ جميع المشاكل والابتعاد عن لغة التهديد والتصعيد".
وأوضح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لفرانس برس أن "خلال اجتماع عُقد قبل يومين، بلّغت قيادات من التحالف، وتحديداً أميركيين وفرنسيين، قوات سوريا الديموقراطية أنها تلقت وعوداً من تركيا بأنها لن تشن هجوماً ضد المنطقة الواقعة قرب حدودها".
وتوقف مذاك، حسب قوله، القصف التركي.
- تعزيزات -
ومنذ تعليقها العمل العسكري في جيب هجين في أقصى دير الزور، اقتصرت العمليات البرية لقوات سوريا الديموقراطية على الرد على هجمات تنظيم الدولة الإسلامية.
ولم يُوقف التحالف الدولي بدوره غاراته ضد تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة، ما أسفر عن مقتل العشرات في صفوف الجهاديين فضلاً عن مدنيين من عائلات التنظيم، وفق المرصد السوري.
وأوردت قوات سوريا الديموقراطية في بيانها الأحد أن تنظيم الدولة الإسلامية "استغلّ" القصف التركي و"اضطرار قوّاتنا لإيقاف الحملة ريثما تزول التهديدات على حدودنا الشماليّة، فشنّ (...) سلسلة من العمليّات الهجوميّة المعاكسة، مستخدماً السيّارات المفخخة وما يسمى بالانغماسيين".
وأشار عبد الرحمن إلى أن "قوات سوريا الديموقراطية ترسل المزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة، استعداداً لبدء العمليات البرية".
ورغم وقفها للعمليات البرية، قالت قوات سوريا الديموقراطية إنها نفذت "عملية نوعية خاصّة" بدعم من التحالف الدولي أدت الى اعتقال أحد قادة التنظيم المتطرف في الرقة سابقاً.
وقبل تعليق العمليات في دير الزور، كان تنظيم الدولة الإسلامية أجبر قوات سوريا الديموقراطية من خلال هجمات مضادة استمرت أسابيع عدة على التراجع من كافة المناطق التي تقدمت فيها في هذا الجيب منذ اطلاقها عملية عسكرية ضده في العاشر من أيلول/سبتمبر.
ويُقدر التحالف الدولي وجود ألفي عنصر من تنظيم الدولة الإسلامية في هذا الجيب.
ومُني التنظيم خلال العامين الماضيين بهزائم متلاحقة في سوريا، ولم يعد يسيطر سوى على جيوب محدودة في أقصى محافظة دير الزور وفي البادية السورية شرق حمص.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في منتصف آذار/مارس 2011 بمقتل أكثر من 360 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.