عرب لغتهم الأم ليست العربية ويخشون عليها من الاندثار

منوعات 21:30 30.11.2018

في قلب الجزيرة العربية تعيش قبائل عربية تقرض الشعر وتشتهر بتربية أفضل سلالات الإبل ..إنهم عرب أقحاح، لكن لغتهم الأم ليست العربية، وهم ينتمون الي قبائل المهرة التي يتحدث أبناؤها لغة سامية قديمة غير مكتوبة، هي اللغة المهرية.

ومن المعروف أن في العالم سبعة آلاف لغة، يسجل علماء اللغات موت إحداهن كل أسبوعين. ومن المتوقع أن تندثر نصفها بنهاية القرن الحالي.

المهرية هي إحدى اللغات المهددة بالانقراض. موطنها جنوب شبه الجزيرة العربية حيث توجد خمس لغات أخري تصارع من أجل البقاء -كلهن من أسرة اللغات السامية الجنوبية الحديثة.

المهرية هي أهم هذه اللغات السامية الست وأوسعها انتشاراً، حيث يتراوح عدد المتحدثين بها بين 100 ألف و 200 ألف شخص. والأمهرية، وهي لغة سامية يتحدثها الأثيوبيون، هي الأقرب إلى اللغة المهرية من العربية.

وتعيش قبائل المهرة في منطقة جغرافية ممتدة من موطنها الرئيسي في محافظة المهرة شرق اليمن إلى منطقة ظفار في غرب عمان وبعض مناطق بجنوب السعودية، والمهرية هي اللغة التي نشأوا عليها.

يقول مسلم المهري:، وهو عماني قضى حياته بين الصحراء - امتداداً لتقاليد اجداده - والمدينة: "تعلمنا اللغة المهرية من آبائنا ومن الناس الذين نعيش بينهم. نتحدث المهرية في حياتنا اليومية وأعمالنا ونتبادل بها الأخبار وحل مشاكلنا والنطق بالاحكام."

المهرية لغة ممتدة الجذور

ويرجع باحثون تاريخ المهرية إلى ما قبل ظهور الاسلام في القرن السابع الميلادي لكن مع انتشار اللغة العربية في جنوب شبه الجزيرة العربية ورفعة شأنها خلال القرون التي تلت ظهور الإسلام, توارت اللغات الجنوبية السامية عن الأنظار منسحبة الى جيوب في الجبال والصحاري والجزر اليمنية والبحر العربي ومنطقة ظفار.

وفي عام ألف بعد الميلاد كتب الرحالة العربي شمس الدين المقدسي يقول إنه علي حدود حمير (ما يعرف الآن باليمن) توجد قبيلة عربية تتحدث بلسان لا يفهمه أحد.

وتعكس الروايات التي ترويها أجيال من المهرة لأبنائهم قدم اللغة وعمق جذورها التاريخية.

مناطق قرب تعز

قرب تعز

يقول مسلم: "ونحن صغار، كان أباؤنا يروون لنا حكاية قديمة جدا تعود إلى ما قبل الإسلام حيث كان الناس يعملون بتجارة اللبان."

"حكاية قريتي" كما يرويها مسلم هي قصة ملك كان يعيش في منطقة نضور حيث المياة الجارية وأشجار النخيل. ويروى أنه كان في المنطقة كهف كبير جدا به خزانة كبيرة يوضع بها الذهب، وكانت هذه الكهوف تعتبر مثل بنوك عصرنا، ومنها تستخرج مستحقات العمال والقوافل التي تنطلق شرقا وغربا. وكان يقال إن الجن يحرسها.

لغات تندثر بسرعة

مثل هذه الحكايات الشعبية التي يتكون منها التراث المهري مهددة بالاختفاء. ومما يساعد على اندثار المهرية عدم وجود أبجدية مكتوبة.

ويقول الباحثون إن انقراض اللغات - كانقراض النباتات والحيوانات- ليس بجديد. لكن اليوم أصبحت اللغات تختفي بوتيرة متسارعة تبعث على القلق. ووفق تقديرات الباحثين فإن نصف سكان العالم يتحدثون 50 من الـ 7 آلاف لغة الموجودة في العالم ،والنصف الآخر يتحدث البقية أي 6050 لغة.

ومنذ أكثر من 10 سنوات أصدرت منظمة اليونسكو أطلس لغات العالم التي تواجه خطر الاندثار ومن بينها المهرية.

والقاسم المشترك بين كثير من اللغات المهددة بالانقراض هو أنه ليس لها أبحدية مكتوبة أي انها لغات محكية فقط.

وفي أكثر حالات الاندثار اللغوي شيوعا يبدأ شعب ما بإهمال اللغة الأم مفضلا استخدام لغة أخرى مهيمنة. وفي عصر العولمة تواجه معظم لغات العالم ضغوطا من هيمنة اللغات العالمية الرئيسية مثل الانجليزية والفرنسية والإسبانية والصينية.

قطيع من الماعز في منطقة رابكوت في عمان

قطيع من الماعز في منطقة رابكوت في عمان

لماذا تواجه المهرية خطر الزوال؟

تقول جانيت واطسون, أستاذة اللغات بجامعة ليدز البريطانية, في دراسة لها بهذا الشأن إن قبائل المهرة هم تقليديا بدو رحل ورعاة للإبل والماعز، وقد ضعفت لغتهم مع التغييرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة والتوسع في استخدام اللغة العربية خاصة منذ سبعينيات القرن الماضى.

وأضافت قائلة إن انتشار التعليم والمستشفيات ووسائل الحضارة الحديثة بين المتحدثين بالمهرية منذ السبعينيات مهّدَ لاختفاء المعارف وأنماط الحياة التقليدية. فلم تعد الاجيال الشابة بحاجة للمهارات التقليدية التي كانت عماد الحياة بالنسبة لجيل الاجداد.

وتقول واطسون إن قوة التغييرات الاجتماعية والاقتصادية البيئية في ظفار تهدد لغات كالمهرية. وتؤكد أن أهمية الكثير من الكلمات والألفاظ تضيع مع التطور وأنماط الحياة المدينية.

وتضرب بذلك مثلا قائلة إن لفظ "بعير" في اللغة المهرية - وهو نوع من الإبل - له معني ايجابي عندما يستخدم ككناية لوصف الرجل قوي البنية.

وهذه المعاني على حد قول واطسون تأخذ في الاختفاء في مجتمع ضعفت صلاته بالطبيعة وبالحيوانات التقليدية التي كانت يوما ما جزء من هذه الطبيعة.

وتابعت قائلة لقد اختفت نباتات وحيوانات كانت يوما ما ذات أهمية حيوية في الحياة اليومية أو أصبحت نادرة الاستخدام، وضياع المعارف والمهارات التقليدية واختفاء البيئة الطبيعية هي من العوامل الرئيسية التي تساهم في انقراض اللغات واضمحلال مفراداتها اللغوية.

اللغة العربية

ومع إن قبيلة صغيرة مثل المهرة لها تاريخ طويل من التراث وقرون من التكيف مع الظواهر الطبيعية والثروات النباتية والحيوانية، لكنها مهددةً بالانقراض، لأن اندثار لغة ما يعني اندثار فكر وهوية وفقدان الشعور بالقيمة الذاتية.

وحول موقف المهرة ازاء وجود لغتهم في دائرة خطر الاندثار وهيمنة اللغة العربية يقول الباحث اليمني سعيد المهري إن المهرية هي اللغة السائدة في موطنها كلغة محكية وليس كلغة مكتوبة.

ويضيف بأن المتحدثين بالمهرية يعتبرون "اللغة العربية هي همزة الوصل بأشقائهم العرب و تربطنا أيضا بلغة القران الكريم".

ويرى أن الحكومة اليمنية لا تعادي المهرية ولكنها لا تعبأ بها.

"التهديد السعودي"

في محافظة المهرة اليمنية, تزداد المخاوف علي الهوية والخصوصية الثقافية للمنطقة مع تنامي الوجود السعودي فيها حيث تقود السعودية تحالفاً عسكرياً يدعم القوات الحكومية اليمنية في مواجهة الحوثيين في محافظات غرب وشمال ووسط اليمن.

ورغم ان محافظة المهرة بعيدة عن دائرة الحرب، إلا أنها تشهد منذ أشهر احتجاجات واعتصامات ضد توسع النفوذ السعودي أمنياً وعسكرياً بحجة محاربة عمليات تهريب السلاح من إيران إلى حلفائها الحوثيين عبر المهرة. وقد ازدادت حدة الاحتجاجات بعد مقتل اثنين من المتظاهرين وجرح آخرين في منطقة الانفاق قبل ثلاثة أسابيع. ويقول المحتجون إن القوات السعودية أطلقت عليهم الرصاص.

ويصف وكيل محافظة المهرة الأسبق علي الحريزي الوجود السعودي بالاحتلال ويعتبره تهديدا لهويتهم الثقافية.

ويقول الحريزي لبي بي سي إن أبناء المهرة يدافعون عن سيادتهم و أرضهم. "لقد خرجت السعودية عن أهداف التحالف وصارت دولة محتلة، ولذلك نحن نعتبر أن السعودية والجيش السعودي غزاة المهرة." ويتوعد الحريزي باستمرار الاحتجاجات "حتى يتحقق رحيل آخر جندي سعودي".

ويقول الحريزي: "نحن في المهرة لدينا هوية خاصة ولغة قديمة...الطفل يدخل المدرسة يتعلم العربية و لاينطق باللغة المهرية، لذلك نطالب باقليم مستقل."

وتابع قائلا : "نعم ، هناك تهديد سعودي إماراتي للهوية الثقافية المهرية والسقطرية. وهناك عمل ممنهج في سقطرة وفي المهرة لطمس هذه الثقافة وهذه الهوية. ونحن نناشد العالم وكل منظمات حقوق الانسان في العالم أن تقف مع هذا الشعب المظلوم."

 
الشيخ علي جمعة يحذر العالم من خطر يأجوج ومأجوج القادم من أرمينيا

أحدث الأخبار

مهمة الإتحاد الاوروبي في جنوب القوقاز من وجهة نظر أرمينية
16:42 29.03.2024
كيف ستؤثر زيارة وفد الإتحاد الأوروبي علي عملية السلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
15:58 29.03.2024
ميرزايف: زيارة وفد الإتحاد الأوروبي للمنطقة يهدف إلي الهيمنة عليها
15:00 29.03.2024
الولايات المتحدة الأمريكية تنشئ تحالفًا جديدًا... - تحليلات
14:00 29.03.2024
لماذا تقوم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتسليح أرمينيا؟
13:00 29.03.2024
هولوكوست بدون يهود
12:00 29.03.2024
من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبنان؟
11:45 29.03.2024
أناتولي أنتونوف : العلاقات مع الولايات المتحدة لن تتحسن
11:40 29.03.2024
مصر تسجل أقل معدل نمو زيادة سكانية خلال نصف قرن
11:30 29.03.2024
ما لم يقال عن زيارة وفد الاتحاد الأوروبي إلى جنوب القوقاز
11:25 29.03.2024
حكمت حاجييف: أذربيجان هي حلقة الوصل بين آسيا الوسطى وأوروبا
11:20 29.03.2024
محكمة العدل الدولية تمهل إسرائيل شهرا لإرسال تقريرها حول مجازر غزة
11:15 29.03.2024
روسيا تمنع التجديد لمراقبي العقوبات على كوريا الشمالية
11:00 29.03.2024
أرمينيا توقف بث برنامج سولوفيوف
10:57 29.03.2024
انتخاب السعودية لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة
10:45 29.03.2024
أرمينيا : سيتم إعادة هذه القري إلي أذربيجان
10:44 29.03.2024
العدل الدولية تأمر إسرائيل بإجراءات لإيصال المساعدات إلى غزة
10:30 29.03.2024
السجن 25 عاماً لملك العملات المشفرة بتهمة سرقة 8 مليارات دولار
10:15 29.03.2024
الأمين العام لأوبك حاجة العالم للنفط ستستمر لسنوات وعقود
10:00 29.03.2024
إعصار في مدغشقر يودي بـ11 شخصاً
09:45 29.03.2024
إسرائيل تتخذ خطوات فعلية لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم التحذيرات الدولية
09:30 29.03.2024
إثيوبيا تتوقع الانتهاء من مشروع سد النهضة العام المقبل
09:15 29.03.2024
إبراهيم تراوري يمدد حربه على الإرهاب في بوركينا فاسو
09:00 29.03.2024
تدشين اتحاد عمال مستقل في مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
18:30 28.03.2024
هل يتم التوقيع على اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
17:33 28.03.2024
إلمان مصطفى زاده: لا يمكن المساس بكرامة الأذربيجانيين
16:12 28.03.2024
علي ناغيف: فرنسا تحرض أرمينيا على حرب جديدة
16:02 28.03.2024
وساطة أفريقية لحل الصراع المسلح في الكونغو الديمقراطية
13:45 28.03.2024
المعارض ديوماي يفوز بانتخابات الرئاسة السنغالية
13:30 28.03.2024
قائد كتائب القسام يحث العرب والمسلمين على الزحف نحو فلسطين
13:15 28.03.2024
هل تبدأ الحرب العالمية الثالثة ؟
12:53 28.03.2024
حالة من الفوضي تعم مطار باريس
12:28 28.03.2024
مستقبلات إسرائيل على ضوء الحرب الراهنة
12:15 28.03.2024
وكالة الإغاثة التركية تقدم سفينتين لنقل المساعدات مباشرة إلى غزة
12:00 28.03.2024
ذكري تأسيس الأجهزة الأمنية في أذربيجان
11:53 28.03.2024
واشنطن لا تدعم مشروع خط أنابيب الغاز بين باكستان وإيران
11:45 28.03.2024
مؤسسة دولية تتوقع انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار بنهاية 2024
11:30 28.03.2024
مصر: مفاوضات سد النهضة استنزاف للوقت.. وإثيوبيا ستدفع الثمن
11:15 28.03.2024
محطة الضبعة النووية ستوفر لمصر 7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً
11:00 28.03.2024
رئيس الصين ينتقد الحواجز التكنولوجية خلال زيارة رئيس وزراء هولندا لبكين
10:45 28.03.2024
جميع الأخبار