رد المعلق السياسي والكاتب بول غوبل (Paul Goble) المقيم في واشنطن، على أسئلة يوميات أوراسيا(Eurasia Diary) حول القضايا السياسية والاقتصادية الأخيرة في القوقاز الجنوبية.
Eurasia Diary: أقامت الولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية مع دول القوقاز الجنوبية - أذربيجان وأرمينيا وجورجيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. منذ عام 1992، كان قادة الولايات المتحدة مهتمين بتطوير التعاون القوي والشامل مع هذه الدول. ماذا يمكن أن نقول عن نواحي السياسة الخارجية للولايات المتحدة في منطقة القوقاز الجنوبية ؟
Paul Goble : كانت السياسة الأمريكية تجاه دول القوقاز الجنوبية الثلاثة محددة للغاية، حيث كان هناك نهجاً محدداً تجاه كل منها أخذاً باعتبار مصالح وطنية محددة وموقف محدد للناخبين المحليين في الولايات المتحدة. اتبعت واشنطن سياسة مركزة على الطاقة تجاه أذربيجان، مدفوعة برغبة في الوصول إلى ثروة النفط الهائلة في أذربيجان لضمان مصلحة النخبة الاقتصادية الأمريكية. وفيما يخص لأرمينيا، تنطلق سياسة الولايات المتحدة من مصالح اللوبي الأرمني القوي في الولايات المتحدة أكثر من المصالح الأوسع. ونحو جورجيا، ركزت واشنطن على ثورتها الناجحة ودعم قادة الثورة من قبل نخبة السياسة الخارجية الأمريكية. وفي الوقت نفسه، كما تبرز واشنطن اهتماماً كبيراً لضمان تدفق النفط بين الشرق والغرب في المنطقة، عبر تركيا وآسيا الوسطى، وفي المقام الأول للحيلول دون تحول المنطقة إلى المحور الشمالي الجنوبي للنفوذ الروسي المرتبط بإيران أو الدول الشرق الأوسطية الأخرى. بسبب هذه الأهداف المتعددة، تتغير سياسة الولايات المتحدة بشكل متكرر ويبدو أنها غير متسقة في كثير من الأحيان.
Eurasia Diary: في القوقاز الجنوبية ثلاثة صراعات عرقية طويلة الأمد، لكن متجمدة، مثل النزاع الأرميني الأذربيجاني في قاره باغ الجبلية ، وكذلك النزاع الجورجي الأوسيتي والأبخازي. من وجهة نظرك، ما هو النهج السياس الرئيسي الذي ينبغي اعتماده لتسوية جميع هذه الصراعات، وتشجيع جميع المجموعات العرقية والدينية على السلام؟
Paul Goble: لا يمكن حل هذه النزاعات إلا بحوار مباشر للمشاركين المباشرين بعضهم مع البعض بدلاً من تحدث الآخرين نيابةً عنهم. ولسوء الحظ، في جميع هذه الصراعات الثلاثة، لا تريد القوى الخارجية، ولا سيما روسيا الاتحادية، التوصل إلى تسوية. في الواقع، عندما اقترب طرفا النزاع في قاره باغ الجبلية من التسوية بعد اجتماع كي ويست، بذلت موسكو كل ما في وسعها لمنع لمزيد من التقدم. ومن غير المرجح أن تعمل مجموعة مينسك على هذا النحو: فهي تكون دائماً في شكل العملية، ولكن من غير المحتمل أن تحقق السلام. الواقع هو هذا. سيستفيد جميع بلدان المنطقة من التسوية، حتى تلك التي اضطرت فيها إلى التضحية بالمصالح الأساسية. هذا النهج أكثر مفهوماً ولكن لا يمكن التصرف به بصورة بناءة بسبب هؤلاء اللاعبين الخارجيين.
Eurasia Diary: كانت تسيطر الحكومة بقيادة عشيرة قاره باغ على أرمينيا مدة طويلة وتمت الإطاحة بها جراء الثورة الشعبية. ونتيجة لذلك تولى زعيم المعارضة الجديد السلطة. لدى بعض الخبراء في روسيا وتركيا وأذربيجان تكهنات بأن الغرب كان وراء الثورة في أرمينيا. ما هو رأيك في التطورات الأخيرة في أرمينيا؟
Paul Goble: من وجهة نظري، لم يلعب الغرب أي دور في الأحداث الأرمنية. كانت هذه التغيرات تلقائياً بشكل ملحوظ. لكن إذا سيبقى باشينيان مستقلاً كما يدعي، فأنها مسألة مفتوحة إلى حد كبير. وحتى الآن، أيد عشيرة قاره باغ القديمة باتخاذ موقف أكثر صلابة في قضية قاره باغ مما كانت عليه هذه العشيرة في الآونة الأخيرة. ومن الصعب نقول كم من الوقت يدوم هذا النهج. أتوقع أنه إلى جانب نجاجه أو فشله في الشئون الداخلية سيعتمد أساساً على المواقف أيديولوجية في شئون السياسة الخارجية. لكن هذا لم تكن بضرورة صيغة رابحة لدولة تعتمد على الدعم الخارجي مثل أرمينيا.
Eurasia Diary: كيف يمكنك تقدير دور القوقاز الجنوبية بمثابة ممر بين الشرق والغرب وله أهمية كبيرة لأوروبا في مجالات الاقتصاد والطاقة والنقل؟
Paul Goble: تتزايد أهمية القوقاز الجنوبية لأوروبا كممر للطاقة، وإن كان أقل إلى حد ما بالنسبة للولايات المتحدة. هذا يعني أن الدول الأوروبية ستعمل بجد لحل الصراعات في المنطقة التي تنوي موسكو منع تطوير ممر الشرق الغرب المستقرفيها. ستعمل روسيا وإيران بالطبع، لتكون القوقاز ممراً بين الشمال والجنوب. يبدو أن العام المقبل قد يكون مثيراً للاهتمام، من المحتمل أن يزيد كل من أوروبا والولايات المتحدة اهتمامهما للمنطقة.