كتب جورج شاهين في صحيفة "الأخبار": برزت عُقدة حكومية جديدة في الساعات الأخيرة سُمّيت "تمثيل سنّة المعارضة". وهو أمر جاهر به حزب الله، تزامناً مع إصرار القوات اللبنانية على وزارة العدل. وهو ما طرح السؤال عمّا إذا كان الأمر مجرد مصادفة، أم أنه رسالة الى الرئيس المكلّف سعد الحريري. فموقفه واضح ولا يعترف بهذه العُقدة على قاعدة "ليوزّرهم مَن رشّحَهم"؟!.
كان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على حقّ عندما قال في آخر إطلالة له إنّ أخطر ما شهدته المفاوضات لتأليف الحكومة الجديدة هو "التحدي الشخصي" وإنه كان من الأفضل أن لا تصل الأمور الى هذا المنحى الذي عطّل كل الترجيحات بإمكان تأليف الحكومة. لذلك لم يتمكن من تحديد موعد لولادتها ناصحاً بتجاهل هذه التكهنات. لكنه، رغم إشارته هذه، أحيا موضوع تمثيل النواب السنّة من خارج تيّار "المستقبل"، على رغم الحديث عن طيّ هذا الموضوع قبل فترة طويلة، بنحوٍ بات من الصعب تجاهله، خصوصاً أنّ الموضوع بات مطروحاً على خلفيّة أنّ حزب الله تخلّى عن حلفائه من النواب السنّة المعارضين لنهج الحريري الّذين خاضوا انتخاباتهم على هذا الأساس.
الإشارة الى هذا الموقف ليست لتحميل المسؤولية لحزب الله في عرقلة تشكيل الحكومة. فقد سبقه الى هذا المطلب رئيس مجلس النواب نبيه بري عندما نصح الحريري عَلناً بعدم تجاهل هذا الأمر. فهؤلاء النواب الذين تمّ تجميعُهم في أكثر من لقاء ومناسبة يشكّلون ما مجموعه ثلث التمثيل السنّي تقريباً، إذا كانت عملية التأليف لا تتمّ سوى على قاعدة الترجمة النسبية لنتائج الإنتخابات النيابية. وهي انتخابات سجّل فيها تيار "المستقبل" تراجعاً كبيراً غير مسبوق في حجم التمثيل السني في عدد من الدوائر الإنتخابية على رغم أنّ مثل هذه المعايير لم تحترم على مستوى المكوّنات المسيحية، فيما بذلت الجهود لتطبيقها على المكوّن الدرزي.
لذلك فإنّ المتعاطين بملف التأليف الحكومي يحتسبون لهذا التمثيل حيزاً من التركيبة الحكومية الجديدة وكأنه شرط لا بد منه على رغم معرفة الجميع بموقف الرئيس المكلف منذ البداية. فقد فنّدت أوساطه الأسباب الموجبة لرفضه البحث في هذا الموضوع أكثر من مرة. ففي حساباتهم أنّ هؤلاء، باستثناء النائبين اسامة سعد وفؤاد مخزومي اللذين لم يتجاوبا مع الرغبة بتأليف مثل هذا "التكتل السني الإصطناعي"، والرئيس نجيب ميقاتي الذي يرأس كتلة رباعية تضمّ اليه ثلاثة نواب آخرين منهم الماروني والعلوي كما الأورثوذكسي، هم نواب لا رابط سياسياً أو حزبياً بينهم ووصلوا الى البرلمان عبر لوائح وتحالفات سياسية وحزبية معروفة نالت حقها من التمثيل الحكومي على قاعدة أكثرية تمثيلهم لطوائف أخرى. وقد سبق للرئيس المكلف أن تخلّى عن مقعد سني لرئيس الجمهورية مقابل مقعد وزاري مسيحي آخر يختاره دون العودة اليه.