يواصل الرئيس اللبناني ميشال عون مشاوراته التي يقوم بها لايجاد مخرج يفضي الى حل سريع للولادة الحكومة قبل نهاية السنة، الا أن بورصة التأليف لا تزال تتأرجح، بين متفائل بقرب تشكيل الحكومة، وتذليل آخر العقد المتبقية، وبين متشائم حول مصير عملية التشكيل التي تنتظر جولة جديدة من اللقاءات والاتصالات، مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من لندن، وفق مصادر "التيار الوطني الحر" لـ "الحياة". أما القول أن الحكومة ستكون هي "العيدية" فإن المراهنة على هذا التوقيت يحتاج الى خطوات استباقية عملية لصيغة حل لن يتضح مسارها قبل اللقاء المنتظر بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. علما ان الاتصالات مستمرة بين عون والحريري، لكن أي موعد لم يحدد حتى الساعة، للقاء بين الرئيسين على ما قالت مصادر مواكبة لمبادرة الرئيس عون لـ "الحياة". وتضيف: "على رغم الافكار التي يتم تداولها الا ان لا شيء ملموسا حتى الساعة، وأن الاجواء لا تزال ضبابية".
وفي السياق وفق "المركزية" ترى مصادر رفيعة مواكبة لعملية تشكيل الحكومة ان عدم صعود الرئيس المكلف الى بعبدا للاجتماع برئيس الجمهورية للاطلاع منه على نتيجة المشاورات التي اجراها لتسهيل الولادة الحكومية لا يعكس حقيقة الصورة التفاؤلية التي تتناقلها الاندية السياسية عن امكان رؤية الحكومة العتيدة النور ما بين عيدي الميلاد ورأس السنة وتحديدا قبل مطلع العام الجديد، وان تأخير اجتماع الرئيسين الذي كان يفترض انعقاده فور عودة الرئيس المكلف من سفره انما يدل الى ان العقبة الاخيرة امام تظهير صورة الحكومة الجديدة والمتمثلة بتوزير احد نواب اللقاء التشاوري السني او (المعارضة) لا تزال قائمة ومن غير حل والا لكانت مراسيم التشكيل قد صدرت اليوم قبل غد لأن الجميع يستعجل اعلان الحكومة.
ولمس أمس زوار الرئيس عون "تبرما من التأخير الحاصل في تشكيل الحكومة في ظل اوضاع اقتصادية ومعيشية مقلقة"، مؤكدا "حرصه على انصاف مفهوم الوحدة الوطنية في تعامله مع ازمة التشكيل التي طالت اكثر مما يجب، والتي باتت تهدد سلامة الحياة المعيشية، وما يمكن ان تجره من مخاطر على امن جميع المواطنين التواقين الى الخروج من هذه الدوامة المقلقة"، وحذر بحسب ما نقل عنه رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن من "ترك الازمة المستفحلة تتفاعل على مستقبل البلاد، وخشيته على مصير المساعدات التي اقرت في مؤتمر "سيدر" والتي يمكن ان تتحول بعد رأس السنة الى دول بحاجة اليها".
وأكد عون ان "ثمة مشاريع كثيرة في مصلحة البلد سنبدأ بها فورا بعد تشكيل الحكومة الجديدة". وقال أمام وفد جمعية الطاقات الشبابية للتنمية:
"اصبح لدينا اليوم تجربة جديدة اتاحت لنا معرفة كل مكامن الفساد الموجودة في الدولة، لذلك اكتملت الآلية التي ستستعمل لإصلاح البلد. وليس هناك أي شيء محرم على رئيس الجمهورية او من الممكن أن يعيقه عن استكمال مسيرة مكافحة الفساد، وهذا وعدي لكم، وقد تأخر تنفيذه بسبب عدم تشكيل الحكومة". واكد أن "مؤسسات الدولة في طور النهوض، لكن حل المشكلة الاقتصادية يتطلب وقتا، خصوصا انها جاءت نتيجة تراكمات وتأثرا بالازمات العالمية".
لقاء "التشاوري" واللواء ابراهيم
الا ان "اللقاء التشاوري" استبق اي مبادرة للحل بتأكيده في بيان مُقتضب بعد اجتماعه في دارة النائب عبد الرحيم مراد بغياب النائب فيصل كرامي بداعي السفر "ان مع إحترامنا وتقديرنا لما يقوم به الرئيس عون من مساعي ومع تفهمنا لدقة الوضع المعيشي والاقتصادي والمالي، وللمخاطر التي تحيط بالوطن، واحساساً منا بالمسؤولية الوطنية، يؤكد اللقاء ان اي مبادرة لا تقر بحقهم كلقاء بالمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية من باب احترام نتائج الانتخابات النيابية واحترام الشرعية الشعبية التي لنا شرف تمثيلها لن يكتب لها الحياة، وبذلك يبقى الوضع على ما هو عليه حتى اشعار آخر". لكن اللقاء التشاوري الذي سيتابع مشاوراته فقد خلا بيانه وللمرة الأو لى من التمسك بتوزير أحد نوابه.
وفي انتظار اللقاء المُرتقب ظهر اليوم في دارة النائب مراد تجمع نواب "اللقاء" والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي كان زار أمس رئيس المجلس النيابي نبيه بري وهو يقوم بمسعى كما تردد لحل العقدة الحكومية، فإن اجواء من الليونة بدأت تظهر في مواقف هؤلاء النواب
فأكد مراد ان "هناك إمكانية للقبول بمشاركة أحد الوزراء من خارج اللقاء التشاوري لكن يجب الاعتراف أوّلًا بحقنا في التمثيل". وقال: "نحن منفتحون على اي حل يؤدي الى تشكيل الحكومة بأسرع وقت والأجواء إيجابية، وبمجرد اللقاء مع الرئيس الحريري فإن أموراً كثيرة تتحلحل".
ونقل عن مصادر اللواء ابراهيم القول: "ننتظر عودة النائب كرامي من لندن يوم الخميس للبت بأسماء الأشخاص الذي قد يتم توزيرهم".
البزري الى التداول
وكانت مصادر مواكبة لمسار التأليف أكدت أن اتصالات الساعات الأخيرة شهدت حلحلة في ملف الحكومة وموافقة مبدئيّة من رئيس الجمهورية على التنازل من حصّته لصالح وزير من سنّة 8 آذار. ولفتت الى أنّ الرئيس المكلّف يوافق على تمثيلهم، شرط ألا يكون الوزير من النوّاب السنّة الستّة. واشارت مصادر بيت الوسط الى ان الرئيس الحريري "مرتاح من اجواء مشاورات بعبدا وينتظر ان يستكمل الرئيس عون مباحثاته".
وعلمت "الحياة" ان اسم الدكتور عبد الرحمن البزري عاد الى التداول، كاسم يمكن ان يوافق عليه أعضاء "اللقاء التشاوري" من بين أسماء يمكن ان تطرح ليختار منها الرئيس عون، ويوافق عليها ايضا اللقاء بدلا من أن يتمثل النواب الستة بواحد منهم.