نشرت صحيفة "جريدة الأدب" الروسية الدورية مقالاً عن عاصمة أذربيجان للأديب ألكسندر كوكانوف رئيس فرع فولغوغراد لاتحاد الكتاب الروس
تقدم بوابة Eurasia Diary نص هذا المقال المترجم إلى العربية:
" في الأسبوع الماضي في باكو عُقد المنتدى الأقاليمي الروسي الأذربيجاني التاسع. حضر الاجتماع الرئيسان فلاديمير بوتين وإلهام علييف. تعمل أكثر من 700 شركة مشتركة في باكو. يصدر الجانب الروسي المنتجات الزراعية والمعدات المعدنية ومعدات النجارة ومنتجات الصناعة الكيميائية إلى أذربيجان. وبالمقابل يستورد المنتجات الغذائية والمعادن ومنتجات المنسوجات. تعمل في أذربيجان 341 مدرسة باللغة الروسية. ومع ذلك، من الجدير بالذكر أننا نعرف الأكثر عن نيويورك أو باريس مما عن باكو وعند الحديث عن المدينة نتذكر فقط الطماطم والبقلاوة أو البطاطا الطازجة. لكن كيف يعيش جيراننا؟
أبراج النفط والقلاع
نتجاول على شاطئ بحر قزوين. يبدو البحر عبر النافذة بمنظره البني الداكن المحاط بمنحدرات جبال القوقاز. كما هو الحال في سهل ما وراء فولغا، يجف كل شيء هنا من الشمس ويموت. هناك أحجار كبيرة على اليسار ومؤشرات الطريق إلى غوبوستان. ألف العديد من المقالات العلمية حول هذه المنطقة التي فيها صور الأشخاص من العصر الحجري القديم. تمثل النقوش القديمة رسائل الأسلاف القدماء وأنها تشبه رسومات الأطفال. هذا مثير للاهتمام. خاصة بالنسبة لأولئك الذين لم يزوروا كاريليا، ولم يشاهدوا محميات الفن الصخري.
تقترب الحافلة من مجموعة كبيرة من الحجارة. من هنا يمكنك النظر إلى سواحل بحر قزوين، مع الحصى والشجيرات القصيرة وحفارات التنقيب عن النفط والهياكل المذهلة وأشعة الشمس الحارة والتي يمكن أن تصل بسهولة إلى الكيلومترات.
يوضح الدليل أن باكو نمت في مثل هذا المكان.
من الصعب أن نصدق هذا. هذا مثل الانتقال من المر إلى الحلوى. هناك العديد من الساحات الخضراء والحدائق والنوافير والحدائق النباتية الكبيرة في باكو. حتى المقابرة التي دفن فيها مسلم ماغوماييف وغيره العديد من الموسيقيين والكتاب والسياسيين البارزين تشبه حديقة نادرة مع مسارات أكثر دقة تتبعها. ولكن مما لا شك فيه أن اللؤلؤة الرئيسية للمظهر المعماري للمدينة هو المبنى فائق الحداثة لمركز حيدر علييف الثقافي. هذا هو بناء أبيض مدور صدفي الشكل ومجنح في الأدغال الكبيرة من أعمال المعمارية البريطانية العراقية الأصل زهاء حديد. في المرتبة الثانية بجمال منطرها تأتي المباني الحكومية وحديقة جميلة وممرات بالقرب من مكان السوبر النخبة على مربع دائري صغير تقع أبراج اللهب المعروفة كFlame Towers ارتفاعها ب120-160 متر. لم تتبين الأصالة لهذه الأبراج الثلاثة بكونها أعلى المبنى في باكو ويمكن رؤيتها من جميع أنحاء المدينة فقط، بل وأنها تمثل النار المتحرك على الدوام والمرئي في شكل شاشة LED بواجهتها غير العادية تخلق المؤثرات البصرية للشعلة الملتهبة. وبالتالي وفي رأي المهندسين المعماريين البارزين وخبراء بناء المدن أن " أبراج اللهب" FlameTowers هي الأفضل على المستوي العالمي من ناحية الإضاءة.
تثير" البندقية الصغيرة" إعجاب الضيوف من إيطاليا والمبنى الفريد من نوعه في الوسط لمركز السجادة ولوطس المطعم النخبة الأبيض كالثلج الواقع في الماء وبالطبع منصات للنفط. هذا الأخيرأيضا من رموز المدينة ، لا يمكن إخفاؤه كرائحة المازوت.
تسمى المدينة القديمة Icheri Sheherب (المدينة الداخلية) ومدرجة في قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو. تم تصوير العديد من الأفلام السوفيتية في الشوارع الضيقة لهذه المدينة القديمة. والعبارة الشهيرة "لعنة الشيطان!" المعروفة في المكان الذي سقط فيه بطل الفيلم يسقط الكثير من الزوار بهذه العبارة في لسانهم.
ليس النفط فقط
المظهر المعماري للمدن ونوعية الطرق وهذا أيضا عنصر للحضارة، فضلا عن توافر الصرف الصحي والشوارع النظيفة. في نفس الوقت، تسود الآمان في باكو.
نزور منطقة قبله مع أومود ميرزاييف، رئيس مؤسسة أروأسيا الدولية للصحافة. على الجانبين الأيمن والأيسر من الطريق، هناك العديد من القرى الصغيرة فيها العديد من المساكن الخاصة المحاطة بسياج من حجر أو معدن. لا أعرف، ربما، هددوا أصحابها بسلاح وأعطوهم المال لإجبارهم على خلق هذه الأناقة.
لقد تجاولنا في أذربيجان في مسافة بسبعمائة كيلومتر، ولم يكن هناك أي نفايات أو هراء.
يبدأ منتجع قبلة الجبلية برؤية ممتازة لعين الطائر، مع طريقها وبولفارها بالشلال الممتازين. الطريق المجنح المؤلف من ثلاثة طوابق وفندق خمس نجوم وتضاريس جبلية. تدفع 10 ماناتات وأنت تصعد ذروتها. كل شيء لا تشوبه شائبة، وتقديرها بخمس دراجات. في منطقة إسماعيلي نرى علامة الطريق المودي إلى قرية إيفانوفكا. يقيم هنا أعضاء طائقة "مالاكان" الروس المسيحية من العقيدة البروتيستانتية منذ 200 عام في أمن وسلام. لأنهم لا يسرقون ولا يأكلون لحم الخنزير والسجق ومن الغريب، أنهم احتفظوا بجمعيتهم التعاونية (كولحوز)، مع النادي والمدرسة. ينكر المالاكان مثل البروتستانت الآخرين الطقوس الدينية وقوانين حكم الكنيسة.
تعتبر طائفة مالاكان التي عدد أفرادها ثلاثة آلاف شخص من أكبر طوائف في العالم احتفظت بلغتها ومعتقداتها وإيمانها. حتى الشيوعيين لم يستطيعوا كسر إرادة المالاكان، لكنهم احتفظوا بجمعيتهم التعاونية (كولحوز) وهذا بالرغم أنه من مخلفات العهد الشيوعي. هناك منتجات علامتها التجارية "Ivanovka" (إيفانوفكا). وللقرية الإنتاج المحلي الخاص لها والذي يمكن أن يتنافس مع العرق الجورجي. تكلفة زجاجة حوالي 6 ماناتات أو 220 روبل روسي. زار رئيس أذربيجان هذه القرية الروسية مراراً ونظر في طلبات الملاكان. ليس من السهل عليهم كمجتمع القرية بأكمله. يشترون الحليب ب5 ماناتات، وسعر زجاجة من المياه الغازية ب10 روبلات روسية وأسعار السلع الأخرى لا تتفق مع أسعار المنتجات الزراعية. هذا هو الحال في روسيا. ومع ذلك، فإن الوقود في أذربيجان أرخص بضعفين من أسعار شركة "لوك أويل" الروسية.
يوجد في باكو متحف من القرن ال19 في الهواء الطلق أمام دار الرياضة المائية. تبجل ذكريات المهندسين الروس الذين عملوا في هذا الموقع. ووتبجل ذكريات الأكاديمي منديلييف الذي اقترح طريقة إنتاج الوقود من النفط الخام.
وزرنا مع أوميد ميرزوييف مدينة كانجا، حيث وقعت الحرب على أسس عرقية، أطلقت القوات المسلحة الأرمينية نيران مدافعها على المدينة. في مدخل المدينة، تم بناء منازل متعددة الطوابق للاجئين من قاره باغ الجبلية. ويتواصل الصراع بين الدولتين المجاورتين منذ مدة ثلاثين عاماً وتخمد حيناً وتندلع حيناً آخر.
في عام 1987، بدأ الصراع بمسيرات سلمية، كما هو الحال اليوم، فيما يتعلق بطلبات دمج ولاية قاره باغ الجبلية بأرمينيا. وكان من الممكن القضاء على هذل البرميل للبارود بسهولة والذي كان من أحد أسباب إنهيار اتحاد السوفياتي. ومع ذلك، احتضن ميخائيل غورباتشوف مع رونالد ريغان وقضى على قدرة الاتحاد السوفيتي، وأدى هذا إلى انهيار الدولة. في وقت لاحق، خلال حقبة الرئيس يلتسين تم التخلي عن جيشين مجهزين بمعدات وأسلحة من قبل روسيا. باع أكثر من 60 ألف جندي وضابط روس أسلحتهم، نجوا بفضل القتال لصالح الجانبين. نتيجة لذلك، دمرت المدن وهاجر ما يقرب من مليون لاجئ، وفقدت روسيا منطقة القوقاز وانتصرت وكالة الاستخبارات المركزية كاملاً.
هناك أكثر من أربعمائة مدرسة باللغة الروسية في اذربيجان. صحيح أن هناك أشخاص نياندرتال بين البرلمانيين الذين يطلبون وقف تمويل المدارس الروسية من خزانة الدولة. لقد حدث تدفق الناطقين بالروسية من أذربيجان أيضاً، لكنه أقل نسبياً مقارنة بالجمهوريات الأخرى. تعمل المعابد المسيحية ذات القبب الذهبية في البلاد.
اليوم استحقت كانجا اسم مدينة الكنوز. مدينة مريحة وجذابة للغاية. هنا، ومع ذلك، مجمع الشيخ بهاء الدين الذي أنشئ في القرن الثامن عشر، ويقع فيه قبر جواد خان الذي استشهد مع ابنه جراء هجوم الجنود الروس على المدينة.
من الممكن أن يحسد الكثير على معظم الطرق في أذربيجان. أمامنا مدينة اسمها شاماخي. نتذكر كلمات الشاعر الروسي بوشكين: "دودون، عليك تعرف أنني فتاة وملكة شاماخي". انهارت دولة شيروان منذ فترة طويلة ولكن لا تزال أنقاض قلعة كوليستان قائمة.
أكلنا "لحم مشوي" التي ذابت في الفم في مطعم صغير ليلاً مع الإضاءة التي تطل على الشاطئ. تحدثنا بتناول الكونياك المحلي الجيد مع الصديق القديم أومود عن حياتنا اليومية.
"في أذربيجان قرابة مئة ألف روسي ولكن لم يصل عددهم في أرمينيا عشرة آلاف. في باكو مئات من المدرسة الروسية ولكن لسبب ما، تقف روسيا بعيداً عنا؟. يسأل اوميد ميرزاييف بصدق دون تفكير وهو أصلاً من قاره باغ الجبلية، وهذا الموضوع الأكثر مؤلماً له. ولكن ليس لدي إجابة صحيحة لصديقي القريب. لم يكن لدي أي إجابة.
يجب أن أزور باكو مرة أخرى للتأكد من أنها ليست بكلمات فارغة. وكان من الممكن أن يأتي السياح الروس إلى هنا بأكثر عدداً إذ لم تكن التفتيشات غير المحدودة في الحدود بذريعة حالة الحرب ومكافحة الإرهاب.
الكسندر تشوكانوف
باكو - فولغوغراد
الترجمة من اللغة الأذرية: د.ذاكر قاسموف