جوع السوريين ودستور دي ميستورا في جنيف

تحليلات 22:34 22.06.2018

ينظر السوريون- على جانبي الصراع- بسخرية غير مسبوقة إلى الآلية المتبعة حالياً في تشكيل اللجنة الدستورية، وإلى المعركة الإعلامية الدائرة في أروقة «النخبة» السياسية المختارة دولياً، مشككين بجدواها وكأنها واحدة من أسواق التجارة السياسية البينية بين النظام المتهاوي، وقيادات معارضته المعينة من قبل الدول الداعمة لها، وبينما تستعر الخلافات حول أحقية الجهات المدعوة لصياغة دستور خارج الأرض السورية «لدولة ذات سيادة»، يناقش المبعوث الأممي تشكيل هذه اللجنة مع الدول الضامنة لكل الأطراف على كثرتها كأوصياء على النظام والمعارضات (روسيا، إيران، تركيا) وغيرها من الدول، ويترجل خلال ذلك النظام عن تصريحاته السابقة في أنه غير معني بأي لجنة خارجية (تصريح الجعفري في مجلس الأمن 14شباط- فبراير 2018) أي أنه لن يشكل لجنة دستورية خارج مؤسساته الشرعية (مجلس الشعب)، معلناً خضوعه لإملاءات روسيا ويسلم قائمة الأسماء الممثلة عنه لدي ميستورا.

وعلى الجانب الآخر، كما هو سلوك كيانات المعارضة عبر السنوات السبع الماضية، في رفضها المتسرع لكل ما يقدم لها من خيارات، ثم إرغامها على القبول بها من قبل الجهات الداعمة لها، وآخرها رفض المشاركة في «سوتشي»، وما تمخض عنه، ثم القبول بنتائجه وفقاً لإملاءات تركيا التي تصرح أطراف في المعارضة: «أنها الجهة الوحيدة المخولة بتسمية ممثلي المعارضة في اللجنة الدستورية لصياغة دستور سورية»، ثم زيادة على ذلك عادت المعارضات، على تنوعها، لتتصارع على أسماء ممثليها إلى اللجنة الدستورية.

وفي الوقت الذي تأخذ أخبار المعارك الميدانية التي يخوضها النظام إلى جانب حليفتيه روسيا وإيران، وليس العكس، كل مساحات الإعلام، يقع سوريو الداخل والمهجرون واللاجئون في دول الجوار بين براثن الجوع والجهل والتجهيل، والحرب الطائفية الدخيلة بين طرفي التطرف الشيعي أتباع إيران، والسني «القاعدي» كـ «داعش» و «النصرة» والقريب منها، ما يجعل أحداث الساحة السياسية محصورة بين شريحة المنتفعين من الصراع المستمر على السلطة، سواء من النظام، الذي يعوم نفسه قتالياً وعسكرياً، على حساب تجويع شعبه الذي يرزح تحت حكمه وفي مناطق نفوذه، حيث تفيد الدراسات أن جميع الأسر السورية تقع تحت خط الفقر بما فيها أسر العاملين في الدولة بكل مراتبهم الوظيفية، (على رغم أن أحد علاجات الفقر عادة يكون بتأمين فرصة عمل) ويستثنى من هذه الأسر، فقط تجار الحروب والفوضى من السوريين القريبين من السلطة كما هي الحال دائماً، حيث يتقاضى موظفو أعلى مرتبة وظيفية ما قيمته أقل من 100 دولار في أحسن الحالات، في الوقت الذي حدد البنك العالمي مستوى خط الفقر بنحو (1.9) دولار يومياً بحسب مركز فيريل الألماني في دراسة نشرها في 2016، أي ما يتطلب دخلاً لا يقل عن 180 دولاراً للفرد الواحد، ليبقى على حافة حد الفقر وليس فوقه.

ولم تطرأ تعديلات تذكر بعد ذلك على الدخول التي تآكلت الزيادات الطارئة عليها، مع استمرار إصرار النظام على متابعة الحرب ضد الحاضنة الشعبية للثورة وليس للمعارضة، ما أدى إلى انهيار الليرة السورية وفقدان الاحتياط النقدي الذي كان يزيد على 20 بليون دولار عام 2011، أي أن سورية النظام اليوم تعوم على بحر من شعب لا يســـتطيع تأمين قوت يومه، في الوقت الذي تتزايد ثروات فئة من المقربين من النظام طاول نفوذها وهيمنتها الاقتصادية والســـياسية الدولة الجارة لبنان، وهو ما جعل سوق الفضائح التي تحدث عنها الزميل حسام عيتاني في مقاله يوم 18 حزيران (يونيو) الجاري «الفضيحة الناقصة» ينتعش، حيث تصدر خبر تجنيس أثرياء النظام الذين تحوم حول سجلاتهم القضائية شبهات قوية كأحد يوميات الفضائح المتداولة في لبنان حزب الله.

وبين «شعب النظام» الذي لا يستطيع تأمين حاجاته الأساسية من طعام وشراب، والفجوة الكبيرة التي يزيد النظام السوري منها عبر سياسة «دعم الفساد مقابل الولاء» في مناطق النظام، حيث تشهد الأسعار أعلى مستوياتها ليغدو تأمين حصة الغذاء اللازم للفرد ضمن قائمة أحلام (السوريين في الداخل) ما يجعل من بقائهم في منازلهم أسطورة حقيقية في الصبر والتحمل، وبين «شعب المعارضة» وفي حقيقة الأمر يمكن القول «شعب محسوبة عليه هذه المعارضة» التي تستثمر شقاءه ومعاناته، وهو لا يستطيع تأمين أي من مستلزمات الحياة اليومية، أي في حال أسوأ من حال واقع السوريين تحت حكم النظام بعشرات المرات، إضافة إلى فقدان فرص التعليم للأطفال الذين وصل عدد المتسربين من التعليم في مناطق المعارضة والبلدان المجاورة إلى 2.8 مليون طفل، وفقدان المياه النظيفة والأدوية الضرورية، ما يجعل الشك في حقيقة تمثيل كلا الطرفين للسوريين في اللجنة الدستورية، أو سواها من لجان التفاوض، مشروعاً بل مداناً لأنه جاء بناء على رغبة الأمم المتحدة التي ترى أن الحل بمصالحة المتورطين بالمقتلة السورية وليس بعقابهم وإبعادهم عن صياغة مستقبل سورية وشكله المقبل، بمعنى شرعنة القتل وصولاً إلى الشراكة في الحكم عبر قرارات أممية وفوقية.

ما تحتاجه سورية اليوم مع تزايد حشود جيش النظام وحلفائه لخوض معركتهم في درعا، وإيقاع مزيد من خسائر في البشر والحجر، ليستكمل دائرة الدمار التي طوقت سورية، من الجنوب والشمال والغرب والشرق، هو قرار أممي يعيد من جديد تموضع الأولويات في الحل السوري بإنهاء الحرب المفروضة على السوريين أولاً، وتأمين مستلزمات الحياة الآمنة لهم، لإعادة ترتيب أبجديات حياتهم مع بعضهم بعضاً، خلال مرحلة انتقالية تمكنهم من دراسة خيارات العقد الاجتماعي، الذي ينظم حياتهم مع بعضهم ومع الآخرين من دول وكيانات وقوى، أي أن اتفاق مندوبي الدول من الســـوريين لا يمكنه أن يمثل كامل إرادات الشـــعب السوري على اختلاف قومياتهم ومكوناتهم، حيث تبقى اللجنة الدستورية تمثل الدول التي ناقشها دي ميستورا يومي 18 و19 من هذا الشهر، وترسم سياسات هذه الدول تجاه السوريين ورغباتهم، على ورق دستوري بخطوط سورية مرتهنة، حتى عندما يكون بينها بعض من الموثوقين وطنياً في انتماءاتهم.

تقع سورية الدولة صريعة بين رغبات دول احتلالها (من إيران وروسيا 


سميرة المسالمة

ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
مارتن ليجون : فرض العقوبات علي إيران ليس حلًا
15:00 17.04.2024
دميتري سولونيك : هذا لن يساهم في استقرار المنطقة
14:00 17.04.2024
خبير سياسي: أرمينيا تسعي إلي أن تكون السعودية وسيطًا في أزمتها مع أذربيجان
13:00 17.04.2024
راي كريم أوغلو : الادعاءات التي قدمتها أرمينيا في محكمة العدل ليست إلا "أكاذيب"
12:25 17.04.2024
مصر وتركيا لترسيخ العلاقات بعد إنهاء القطيعة
12:00 17.04.2024
كيف تتعامل مصر مع تداعيات استمرار التوتر في البحر الأحمر؟
11:45 17.04.2024
سلطنة عمان: سيول تودي بحياة أكثر من 16 شخصا جلهم من التلاميذ
11:30 17.04.2024
رئيسي يتوعد برد واسع وموجع على أدنى عمل يستهدف مصالح طهران
11:15 17.04.2024
رئيس وزراء باكستان يستقبل وزير الخارجية السعودي
11:00 17.04.2024
تركيا تدير علاقاتها مع إيران وأمريكا بحذر
10:45 17.04.2024
فريق التوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة يجري دورات للتوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة
10:36 17.04.2024
بوتين يبحث هاتفيا مع الرئيس الإيراني الأزمة في الشرق الأوسط
10:30 17.04.2024
العمانية للغاز توقع اتفاقية توريد مع جيرا اليابانية لمدة 10 أعوام
10:15 17.04.2024
السعودية وباكستان تبحثان تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي
10:00 17.04.2024
الأمم المتحدة تعثر على قنابل غير منفجرة تزن ألف رطل في مدارس بغزة
09:45 17.04.2024
الأمم المتحدة تدعو إسرائيل للتوقف عن المشاركة في عنف المستوطنين
09:30 17.04.2024
استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي
09:15 17.04.2024
أردوغان: نتنياهو هو المسؤول الوحيد عن أحدث توتر في الشرق الأوسط
09:00 17.04.2024
"ضد الهجوم الإيراني".. السعودية تعترف بمساعدة إسرائيل
22:12 16.04.2024
جميع الأخبار