هل يسعى ترامب إلى كسب تركيا في مواجهته مع أوروبا ؟

بقلم الكاتب والمحلل محمود عثمان

تحليلات 11:00 29.07.2018

هناك من يفسر أفعال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أنها نزوات شخصية، نابعة من نظرة استعلائية، وشطط في التفكير والتصرفات.

آخرون يضيفون جهل ترامب بالسياسة وأصولها وتقاليدها وأعرافها، فهو رجل أعمال يجيد الصفقات التجارية فقط، ويريد أن يدير امبراطورية عظمى بحجم الولايات المتحدة، كما يدير شركاته العقارية، مدللين على ذلك ببعض مواقفه العدائية ضد الصحافة، وكثرة خروجه عن المعتاد من الأعراف والتقاليد الدبلوماسية.

لسنا بصدد تقييم تصرفات ترامب من الناحية النفسية والسيكولوجية، على أهميتها، بقدر محاولتنا قراءة التحولات الاستراتيجية في السياسة الخارجية الأمريكية في عهده.

**ترامب يختار فريقه من الصقور المتشددين ضد أوروبا

بعد محاولات عديدة من التعيينات والعزل، استقر أمر ترامب على تعيين طاقمه القيادي الجديد، المؤلف من شخصيات "صقورية" متشددة، لا ترى أوروبا حليفا استراتيجيا لأمريكا، بل على العكس تؤمن بجدوى محاصرتها إلى جانب الصين وروسيا وبقية القوى المنافسة للإمبراطورية الأمريكية.

كان دونالد رامسفيلد، وزير دفاع جورج بوش الإبن، الذي غزت قواته العراق واحتلته عام 2003، شديد الانتقاد لأوروبا، حيث كان يطلق عليها القارة العجوز التي استوفت عمرها وباتت عالة على الحضارة الغربية، ولا بد من تفكيكها.

اليوم فريق رامسفيلد هو من يحيط بترامب، يرسم سياساته، ويحدد طبيعة التعامل مع القوى الدولية، ويأتي وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، في مقدمة هؤلاء.

يرى هذا الفريق أن أوروبا عبارة عن كتلة عاطلة تقودها ألمانيا، من السهل السيطرة عليها، بالفعل فقد بدأت إدارة ترامب باتخاذ إجراءات اقتصادية من شأنها تطويق الاقتصاد الألماني، والحد من تفوقه.

** ترامب يحمل معول هدم الاتحاد الأوروبي

زيارة كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى واشنطن لم تفلح في إذابة الجليد وحل المشاكل بين أمريكا والاتحاد الأوروبي، إذ يصر ترامب على المضي قدما في هدم كل ما هو مشترك بين الطرفين.

تعامل ترامب مع الاتحاد الأوروبي بمنطق المساومة في الاتفاقيات التجارية، فلأجل تجنيب أوروبا دفع مليارات الدولارات نظير رسوم جمركية على صادراتها المتجهة لأمريكا بنسبة 25 في المائة على الصلب و10 في المائة على الألومنيوم، طالب ترامب الاتحاد الأوروبي بإيقاف كل القيود التجارية المفروضة على المنتجات الأمريكية.

هذا المطلب رد عليه الاتحاد الأوروبي بالتهديد بفرض رسوم مضادة جديدة على منتجات أمريكية معينة وبتقديم شكوى لمنظمة التجارة العالمية.

التوتر بين الطرفين ذهب إلى أبعد من ذلك، عندما هدد ترامب بفرض ضرائب على استيراد السيارات الأوروبية إلى بلاده.

ترامب الذي فتح منذ صعوده إلى البيت الأبيض جبهات مع أغلب شركاء بلاده تحت شعار "أمريكا أولا"، لم يخفِ انتقاداته للاتحاد الأوروبي عندما دعم قرار بريطانيا بالخروج منه.

واشنطن كانت ترى أن مصلحتها في أوروبا موحدة وقوية، تصنفها اليوم في خانة الخصوم !. 

الأوروبيون عبروا عن انزعاجهم الشديد نتيجة وصف ترامب للاتحاد الأوروبي بـ"الخصم" ولروسيا بـ"المنافس"، وهذا بدا واضحا في قمة هيلسنكي (قبل أيام)، التي أدت إلى زيادة التشققات في صفوف دول حلف الشمال الأطلسي (ناتو).

بدا واضحا أن ترامب يحاول الاتفاق مع روسيا، وضمها إلى صفوفه خلال الحرب التجارية التي يخضوها ضد الاتحاد الأوروبي والصين.

ومن الواضح أيضا أن الأمريكان ذاهبون لجهة تطويق أوروبا تمهيدا لتفكيكها، حيث تمت الخطوة الأولى بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد عملية سميت "بريكسيت".

خطوة التقارب مع الروس تأتي في السياق ذاته، فمن السذاجة بمكان تصوير التقارب الأمريكي الروسي على أنه ضعف شخصي من ترامب أمام نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

ربما نجح الروس في التدخل بالانتخابات الأمريكية، واستطاعوا ترجيح الكفة لصالح ترامب، حيث هناك أدلة قوية تشير إلى ذلك، لكن سؤالا يطرح نفسه هنا، لماذا قام الروس بهذه اللعبة الخطيرة ؟.

الجواب على هذا السؤال لا يمكن اختزاله بسلطة ما للروس على ترامب، ولا بنزوات ترامب الشخصية، إنما بالدور الأمريكي الروسي المشترك في تطويق أوربا وحصارها.

وهذا الأمر يتوافق مع مصالح الروس أيضا، فهو يعني منحهم قوة إضافية، ومساحة أوسع للحركة والمناورة، وهذا يفسر أيضا انسحاب الأمريكان من سوريا لصالح الروس، من خلال قبول "مسار أستانا" الروسي بامتياز، بديلا عن مسار جنيف الذي كانت ترعاه أمريكا بإشراف الأمم المتحدة.

لكن كيف ستتمكن إدارة ترامب من تكييف تطويق أوروبا بالتعاون مع روسيا، مع المحافظة على حلف الناتو، ذراع أمريكا العسكرية ؟!.

هذه معضلة حقيقة تجلت آثارها من خلال تضارب تصريحات ترامب قبل وبعد انعقاد قمة الناتو الأخيرة.

**الصراع على كسب تركيا 

لا يمكن وصف الموقف الأمريكي من المحاولة الانقلابية الفاشلة بتركيا في 15 تموز/ يوليو 2016، بالصديق والإيجابي المتعاون مع الدولة التركية، إذ تشير الأدلة القضائية إلى اتصالات جرت يوم الانقلاب بين منفذيه من جهة، وبين كل من قيادة الناتو في قاعدة إنجيرليك بأضنة، والقنصلية الأمريكية في إسطنبول.

وحتى اليوم لم تقم القنصلية الأمريكية بالرد على أسئلة المحكمة المختصة بخصوص تلك الاتصالات.

الموقف الأوروبي من جهته تجاه الانقلاب الفاشل لم يكن أفضل من الموقف الأمريكي، حيث لم يصدر عن القادة الأوربيين سوى تصريحات خجولة، بل إن بعض وسائل الإعلام الأوروبية لم تخف قلقها من فشل الانقلاب، فتحولت إلى التشكيك بحصوله.

أكثر من ذلك فقد اتخذت بعض الدول الأوربية، في الانتخابات الأخيرة، موقفا عدائيا واضحا ضد حزب العدالة والتنمية وزعيمه رجب طيب أردوغان، الذي وصفته الصحافة الغربية بأوصاف لا تتناسب مع الأعراف الدبلوماسية، ولا تليق بمهنية الصحافة، حتى وصل الأمر ببعض الدول الأوربية إلى درجة سحب سفيرها من أنقرة كما فعلت هولندا مثلا.

لكن الرياح الأوروبية وقبلها الأمريكية بدأت في تغيير مجراها، فقد قررت هولندا إعادة سفيرها لأنقرة، وقابلتها أنقرة بالمثل، ثم جاءت تصريحات الأمين العام لحلف الناتو في الذكرى السنوية الثانية للانقلاب قوية وواضحة لجهة التنديد به، وبالطريقة التي تسر أنقرة.

كما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تغريدة للمسؤول الأعلى السابق في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، اعترف فيها بعلم الأوروبيين المسبق بالانقلاب، وانتقد عدم وقوفهم مع الدولة التركية ضده.

صحيح أن كثيرا من المصادر التقنية ذكرت أن تغريدة سولانا من فعل قراصنة سرقوا حسابه، لكن التغريدة تبقى تسريبا يدل على مراجعات ونقاشات تدور بين الأوروبيين، لجهة كسب تركيا في معركة التنافس مع الأمريكان.

في تطور مواز يمكن رصد تغيير إيجابي في الخطاب الإعلامي الأوروبي تجاه أنقرة، حيث لوحظ هبوط واضح في حدة انتقاد الصحافة الأوروبية للرئيس أردوغان !.

في الجهة المقابلة عرضت واشنطن بيع منظومة صواريخ باتريوت لأنقرة، رغم اشتراط الأخيرة شراء المنظومة مع تقنيات تصنيعها، وقد بدأت بالفعل محادثات جدية بهذا الاتجاه.

كما يجب ألا ننسى الموقف الأمريكي الإيجابي المتعاون مع أنقرة في منبج (السورية) حاليا، وقبلها في عملية غضن الزيتون بعفرين (السورية).

النقاشات الحادة في قمة الناتو، وزيارة ترامب المطولة لبريطانيا، والقمة التاريخية بين ترامب وبوتين في هلسنكي، تشير بوضوح إلى صراع حاد بين الأوروبيين والأمريكان،.. هذا الصراع وإن بدا اقتصاديا تجاريا، فإن تداعياته السياسية سوف تأخذ حيزا أكبر في الأيام القادمة.

روسيا من جهتها بدت أكثر استعدادا للتعاون مع تركيا في حل الأزمة السورية، فقد انتشرت في الصحافة التركية والصحافة الروسية معا، خلال الأيام الماضية، تسريبات وتحليلات سياسية حول استعداد موسكو لتسليم مدينة حلب لتركيا مقابل تولي أنقرة مهمة إعمارها.

والرئيس التركي رتب بيته الداخلي بفوز واضح في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتمكن من سد الثقوب التي كانت تدخل منها رياح التدخلات الخارجية ووصاية العسكر، من خلال الانتقال إلى النظام الرئاسي.

كما أن أردوغان الذي شكل حكومته الجديدة، يبدو في وضع قوي يمكنه من المناورة أكثر، في انتهاج سياسة التوازنات التي وضعته في موقع المنفتح على الجميع.

أردوغان اليوم في موقع اللاعب الأقوى، والشريك الموثوق الذي يتقرب منه الجميع، في مرحلة تتنافس فيها كل من واشنطن وبروكسل وموسكو على خطب ود أنقرة.

 

علييف يتحدث عن حرب غزة

أحدث الأخبار

حزب الله ينفي مقتل نصف قادته
17:00 25.04.2024
ماكرون يحذّر: "أوروبا تموت
16:20 25.04.2024
انفجار وتصاعد للدخان جرّاء هجوم على سفينة قرب عدن
16:00 25.04.2024
أرمينيا تتهم أذربيجان بزرع ألغام في قراباغ
15:46 25.04.2024
السعودية والكويت ترحبان بنتائج تقرير اللجنة المستقلة بشأن الأونروا
15:30 25.04.2024
الجيش الأمريكي يتصدى لهجوم حوثي في البحر الأحمر
15:15 25.04.2024
الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة
15:00 25.04.2024
دافكوفا تتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بمقدونيا الشمالية
14:45 25.04.2024
بين أفول نظام دولى وميلاد آخر.. سنوات صعبة
14:19 25.04.2024
وصول سفينة عسكرية تركية إلى ميناء مقديشو
14:00 25.04.2024
مركز تركي- عراقي ضد العمال الكردستاني
13:45 25.04.2024
استمرار الاكاذيب الأرمينية ضد أذربيجان في محكمة العدل الدولية
13:25 25.04.2024
علييف وجباروف يزوران مدينة أغدام
13:00 25.04.2024
غضب وعمليات توقيف في جامعات أمريكية باحتجاجات مؤيّدة للفلسطينيين
12:45 25.04.2024
علييف وجباروف يطلعان علي الخطة الرئيسية لمدينة فضولي المحررة من الإحتلال الأرميني
12:20 25.04.2024
جنوب إفريقيا تدعو لتحقيق عاجل بالمقابر الجماعية في غزة
12:15 25.04.2024
تفاقم انعدام الأمن الغذائي في العالم في 2023 بسبب النزاعات
12:00 25.04.2024
رئيس قيرغيزستان يصل فضولي
11:46 25.04.2024
زيارة رئيس قيرغيزستان إلي أذربيجان
11:18 25.04.2024
حول زيارة رئيس طاجيكستان إلى إيطاليا والفاتيكان
11:00 25.04.2024
أردوغان لا ينبغي السماح لإسرائيل بإخفاء المجازر في غزة
10:45 25.04.2024
أمير الكويت يتلقى رسالة من رئيس وزراء باكستان حول العلاقات الثنائية
10:30 25.04.2024
السيسي يحذر من التداعيات الكارثية لأي عملية عسكرية في رفح
10:16 25.04.2024
الأردن يحدد 10 سبتمبر موعداً لإجراء انتخابات مجلس النواب
10:00 25.04.2024
الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق مستقل في التقارير عن مقابر جماعية بمستشفيين بغزة
09:45 25.04.2024
أردوغان يعلن وقف العلاقات التجارية المكثفة مع إسرائيل
09:30 25.04.2024
ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي إلى 34 ألفا و262
09:15 25.04.2024
الصحفيين الأوزباك يزورون مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
09:00 25.04.2024
الملك سلمان يدخل المستشفى لإجراء "فحوصات روتينية"
17:00 24.04.2024
بلينكن يزور الصين للمرة الثانية في أقل من عام
16:30 24.04.2024
علييف يتحدث عن حرب غزة
16:00 24.04.2024
قري قازاخ الأذربيجانية الأربع في الإعلام العالمي
15:00 24.04.2024
مصر ترحب بالقرار الأذربيجاني الأرميني
13:45 24.04.2024
الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
13:30 24.04.2024
تزايد الدين العام يهدد التصنيف الائتماني لفرنسا
13:00 24.04.2024
جامايكا تعترف رسميا بدولة فلسطين
12:30 24.04.2024
ذعر أممي من المقابر الجماعية في غزة... ومطالبات بتحقيق
12:00 24.04.2024
في زيارة علنية نادرة... مسؤولون من كوريا الشمالية يصلون إلى إيران
11:00 24.04.2024
موسكو: تدريبات الناتو في فنلندا "عمل استفزازي"
10:30 24.04.2024
ميرزايف يتحدث عن حرق العلم الأذربيجاني والتركي في أرمينيا
10:00 24.04.2024
جميع الأخبار