هكذا أساءوا لعبد الناصر

المشكلة أن التطبيق العملي للناصرية يؤكد أنها فشلت في كل شعاراتها، فلماذا اجترار الفشل إذن؟

تحليلات 17:00 29.07.2018

شكل منتصف القرن الماضي ولادة قوية جديدة للفكر القومي العربي بشكل ينبئ بأن دولة عربية واحدة تتشكل في الأفق على جميع الأراضي التي يعيش فوقها العرب من المحيط إلى الخليج، فيما أن القوميات الأخرى في هذه البقعة الجغرافية تعاطت مع الثقافة العربية بسبب الدين الذي نطق بلغتها، فصارت مكونا أساسيا من ثقافتها القومية الخاصة، وترافق هذا البعث الجديد مع تأسيس جامعة الدول العربية وتنامي موجات الاستقلال الوطني وبدء انحسار الاستعمار بصورته القديمة. 

إلا أن النهوض القومي العربي تلقى طعنة قاتلة بغرس الكيان الصهيوني في ثاني أقدس مقدساته، ما أطال مسار "التحرر" الذي كاد أن ينجز آنذاك، وذلك خصما من العمل على مسار "الوحدة" الذي لم يطرق أصلا حتى الآن بأية صورة كانت، فيما أتت الطعنة الثانية لتلك القومية من ظهور تفريعات داخلية فيها والتي شكلت "الناصرية" أحد أبرز مظاهرها وذلك بما تحمله من شخصَنة وذاتية ونقل غير مبرر للأفكار المتفق عليها بين الجميع من الوضوح إلى الغموض، ومن العام إلى الخاص ومن العلمي إلى هوى النفس.
الناصرية: لماذا؟
وبيت القصيد أنني لا أعرف كيف تم نحت لفظ "الناصرية"؟ ولا لماذا؟ ولكن أثق في أنها شكلت طعنة قاتلة للفكر القومي العربي، رغم أنها تبدو لأول وهلة كإبنة شرعية له وبالتالي فإنها لا يمكن لها إلا أن تدعمه، ورغم أنه من غير المعلوم حتى هذه اللحظة ما طبيعة هذا الفكر ولا مبادئه؟ ولا مواطن تميزه؟ ولا بماذا ينادي غير ما تنادي به دعوات الوحدة العربية؟ وما جدوى اختراقه للإجماع القومي؟ لكن كلما نحاول البحث لا نجد إلا طنطنات وتهويمات وشعارات لا ترقى إلى مستوى المنهج.
ولا تقتصر خسارة الفكر القومي من ظهور الناصرية عند ذلك فحسب، بل امتد الأمر أيضا إلى أن بعض الانتهازيين المتعصبين لم يرتضوا بالتوقف عند تفريع الفكر القومي وتجزئته ولكن حاولوا جعل الناصرية بديلا عنه وجعلوا عبد الناصر وصيا على الأمة العربية ، ما تسبب بشكل أو بأخر في تحول أعداء عبد الناصر - وهم كثر داخل مصر وخارجها -  إلى أعداء للفكر القومي العربي، كما حدث مع التيارات الإسلامية، على خلاف قناعتها الأصلية بأن الوحدة العربية هى مجرد مرحلة لتحقيق الوحدة الإسلامية، والسبب في هذا العداء يعود في الأصل لمعاداة عبد الناصر للإخوان المسلمين بعد احتجاجهم علي الانقلاب على الرئيس محمد نجيب عام 1954 فأعدم قياداتهم ونكل بهم أشد تنكيل، وكما حدث مع بعض النظم الملكية التي كان يمكن إشراكها في بحث سبل وحدة الأمة عبر الدعوة للوحدة الكونفدرالية مثلا بدلا من تحويلها إلى عدو لهذه الحلم العربي.
الناصرية فشلت
المشكلة أن التطبيق العملي للناصرية يؤكد أنها فشلت في كل شعاراتها، فلماذا اجترار الفشل إذن؟
هي فشلت في إقامة وحدة عربية حقيقية - كما حدث في الجمهورية العربية المتحدة- رغم تهيؤ الظروف في كثير من الأقطار العربية لذلك بسبب تولى الحكم جنرالات آنذاك يقولون إنهم يؤمنون بضرورة الوحدة العربية، وتسبب هذا الفشل في تباعد فكرة الوحدة عن التحقق بعدما غيرت الكثير من نظم الحكم قناعاتها.
وأيضا فشلت الناصرية في توحيد الصف الوطني حينما راحت تقصي التيارات الفكرية المختلفة لا سيما التيار الاسلامي، رغم أن هذا التيار تحديدا هو الأقرب أيديولوجيا للفكر القومي العربي - المفترض انتماء الناصريين إليه - وكلاهما يرفض الشعوبية وتقديس حدود سايكس بيكو، وبدلا من تجسير علاقات الأخوة القائمة فعلا مع القوميات الأخرى في مصر جري التعالي عليهم كما حدث في ملف النوبة إثر تهجيرات السد العالي.
سقطت ادعاءات القوة حينما هزمت الناصرية في كل حرب خاضتها وصرنا في ظلها بدلا من تبني الدعوة لتحرير الجزء المحتل من أراضي فلسطين صرنا بحاجة لتحرير أراضي مصر وسوريا وكل فلسطين.
ولما صارت مصر تابعا للسوفيت سقطت أيضا ادعاءات الاستقلال الوطني، وحينما سيطرت مراكز القوى على البلاد والعباد سقطت معها ادعاءات المساواة والقانون وعادت "الباشاوية" لمن هم أحط خلقا من أصحابها الأصليين، واكتظت السجون بالأبرياء فسقطت ادعاءات العدالة، وسجن الكتاب والصحفيين وأعدم أصحاب الأفكار وحملة الأقلام ليحل محلهم حملة المباخر وزوار الفجر.
ناصرية بلا ناصريين
جمال عبد الناصر قامة كبيرة في تاريخ مصر، شئنا أم أبينا، وشخصية أثرت في التاريخ بشكل كبير سلبا وإيجابا، أخفق في كثير من الأشياء ونجح في كثير من الأشياء، فالكثيرون ما زالوا يذكرون له السد العالي وقوانين الإصلاح الزراعي والضمان الاجتماعي وغيرها، لكن ما شوه صورة عبد الناصر أن الكثير ممن يتمسحون بردائه سيرتهم الذاتية والمهنية لم تكن بيضاء. 
ولقد وصلت الأحزاب الناصرية من البؤس أنها صارت ملاذا لمن لا فكر له، ولا وعي عنده، وصار كل ساقط ولاقط ودعي وعديم وعى يتمسح بردائها، رغم أن عبد الناصر نفسه ما زال يحظى بحب ملايين من الناس في بقاع الأرض وفي وطننا العربي، وأن هناك كثيرا من المفكرين من بينهم من ينتمون للتيار الإسلامي نفسه يثنون على كثير من أعماله عملا بحكمة مؤداها "من حاول أن يبني وفشل خير ممن لم يحاول أصلا" خاصة في زمن الخيانة الذي نعيشه الآن والذي يقودنا بسرعة الصاروخ إلى الجحيم.
متى يعرفون أن الناصرية وهم من خيال بعض الوجهاء على كثير من الأدعياء؟
 
عن الكاتب
سيد أمين
صحفي ومدون مصري، عضو نقابة الصحفيين المصريين وعضو اتحاد كتاب. صدر له ثلاث روايات هي: (المراهن)، و (زمن السقوط)، و (السحت)، كما صدر له (أشعار مارقة ) ديوان شعرى، و(أحاسيس مقتولة) قصص انسانية
 
 
الشيخ علي جمعة يحذر العالم من خطر يأجوج ومأجوج القادم من أرمينيا

أحدث الأخبار

حالة من الفوضي تعم مطار باريس
12:28 28.03.2024
وكالة الإغاثة التركية تقدم سفينتين لنقل المساعدات مباشرة إلى غزة
12:00 28.03.2024
ذكري تأسيس الأجهزة الأمنية في أذربيجان
11:53 28.03.2024
واشنطن لا تدعم مشروع خط أنابيب الغاز بين باكستان وإيران
11:45 28.03.2024
مؤسسة دولية تتوقع انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار بنهاية 2024
11:30 28.03.2024
مصر: مفاوضات سد النهضة استنزاف للوقت.. وإثيوبيا ستدفع الثمن
11:15 28.03.2024
محطة الضبعة النووية ستوفر لمصر 7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً
11:00 28.03.2024
رئيس الصين ينتقد الحواجز التكنولوجية خلال زيارة رئيس وزراء هولندا لبكين
10:45 28.03.2024
نشر معلومات جديدة عن الهجوم الإرهابي في روسيا
10:34 28.03.2024
رياح الجنوب تحمل الرمال الساخنة إلى جنوب شرق أوروبا
10:30 28.03.2024
آيرلندا تعتزم التدخل في قضية الإبادة المرفوعة ضد إسرائيل
10:15 28.03.2024
الفلبين تؤكد الإفراج عن طاقم ناقلة نفط محتجزة في إيران
10:00 28.03.2024
العراق يبرم اتفاقا لتوريد الغاز مع إيران لمدة 5 سنوات
09:45 28.03.2024
إسرائيل استهدفت 212 في غزة مدرسة بشكل مباشر
09:30 28.03.2024
أردوغان نبذل قصارى جهدنا لينعم إخواننا في غزة بالسلام
09:15 28.03.2024
ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 32 ألفا و490 شهيدا وأكثر من 74 ألف إصابة
09:00 28.03.2024
بيتر ثيس: أذربيجان أصبحت شريكًا مهمًا للناتو بعد الحرب الأوكرانية
18:30 27.03.2024
توفيق عباسوف: أرمينيا تسعي إلي دعم التوجهات المناهضة لأذربيجان في جورجيا
17:38 27.03.2024
الولايات المتحدة تفرض عقوبات علي الصين
16:09 27.03.2024
تواصل ردود الفعل على اتفاق جوجل وإسرائيل
16:03 27.03.2024
هجوم سيبراني صيني يضرب المملكة المتحدة ونيوزيلندا
15:06 27.03.2024
أوكرانيا وبولندا تكملان عقد المتأهلين إلى نهائيات يورو 2024
14:59 27.03.2024
من التالي بعد هجوم موسكو؟
14:07 27.03.2024
تحذير من رئيس صربيا بشأن خطر محتمل قد يعم البلاد
13:30 27.03.2024
ذكري وفاة أول رئيس جمهورية لأذربيجان
ذكري وفاة أول رئيس جمهورية لأذربيجان
13:23 27.03.2024
خبراء ينجحون في إذابة الثلج من على عدسة تليسكوب إقليدس
10:30 27.03.2024
الهجرة تتسبب بهلاك أو اختفاء أكثر من 63 ألف شخص في العقد الماضي
10:15 27.03.2024
هنية يلتقي عبد اللهيان في طهران... ويؤكد إسرائيل فشلت بتحقيق أهدافها
10:00 27.03.2024
الكاكاو يكسر حاجز الـ10 آلاف دولار للطن عالميا
09:45 27.03.2024
السعودية تستهدف دخول قائمة أكبر 10 دول في مجال السياحة
09:30 27.03.2024
الأزمة الطبية في مستشفيات قطاع غزة وصلت لمستوى لا يمكن تصوره
09:15 27.03.2024
18 قتيلا في إنزال جوي خاطئ للمساعدات على غزة
09:00 27.03.2024
المسجد الأقصي... أقدس المساجد الإسلامية الذي يضم 200 معلم و14 بابا
19:00 26.03.2024
ألف ليلة وليلة... الكتاب الأكثر سحرا في الشرق والغرب
18:00 26.03.2024
تعادل أذربيجان مع بلغاريا وديا
17:30 26.03.2024
منتخب كرواتيا يزور أهرامات الجيزة
17:00 26.03.2024
هل حان وقت انسحاب القوات الأمريكية من سوريا؟
16:30 26.03.2024
قتلى وجرحى في قصف أمريكي على محافظة دير الزور السورية
16:00 26.03.2024
كوريا الجنوبية وماليزيا تستأنفان محادثات اتفاقية التجارة الحرة
15:30 26.03.2024
وزراء زراعة الاتحاد الأوروبي يبحثون سبل إعادة المزارعين إلى حقولهم
15:00 26.03.2024
جميع الأخبار