أحمد مصطفى رئيس مركز آسيا للدراسات والترجمة عضو كودسريا ومجموعة رؤية استراتيجية روسيا والعالم الإسلامى حصريا Eurasia Diary
إنشاء الناتو العربي الجديد أمر مضحك انه من المثير للضحك التحدث عن إنشاء بما يسمى بـ ناتو عربي جديد بعد محاولات فاشلة قام بها الرئيس السيسي لإنشاء قوة عربية مشتركة من خلال الكيان العربي المعترف به الجامعة العربية، حين قدم عرضه فى حضور وزير الخارجية السعودى الأسبق سعود الفيصل من خلال القمة السنوية للجامعة فى شرم الشيخ 2015، ثم قام بعرض رسالة فى شكل فيديو للسيد/ بوتين الرئيس الروسى – والتى تناولت جوانب عربية أمنية مهمة فيما يخص الشأنين السورى والليبي الأمر الذى أثار حفيظة سعود الفيصل، وجعلته يغادر الإجتماع دون انذار وسافر الى جدة، لأن ما قاله بوتين فى وقتها كان على غير هواه ولا يعجب حلفاءه خصوصا الولايات المتحدة تحت قيادة أوباما، واسرائيل حيث أنشات أمريكا وقتها ما يقال "تحالف امريكى دولى ستينى – للحرب على الإرهاب فى سوريا".
نتذكر ما قاله أوباما أن الحرب على الإرهاب ضد داعش الذى صنعوه بموجب تسريبات هيلاري كلينتون وزيرة خارجيته سيستمر عشرات السنين، إلا اننا وجدنا هذا التحالف الذى ضم فعليا دولا عربية، ولو بالإسم مثل مصر دون مشاركة فعلية، خدم الإرهاب وقتها دون أن يحاربه ولدينا واقعتين شديدتى الخصوصية حادثة الطيار الأردنى محمد الكساسبة، والذى للأسف قتل على يد داعش حرقا على مسمع ومرأى من العالم، حين أقر فى بعض وسائل الإعلام أن التحالف لم يكن يقصف مواقع الإرهابيين كداعش تحديدا فى سوريا بل كان يقصف مواقع عشوائية ومواقع مدنية للشعب السورى واهداف مدنية من محطات كهرباء ومياه بما كان يخدم الإرهاب.
والحادثة الثانية العام الماضى حين تم قتل المراسل الصحفى لقناة روسيا اليوم والصديق الشخصي "خالد الخطيب" السورى فى منطقة حمص وبمساعدة أجهزة تصنت من هذا التحالف والذى وجه داعش ليقذفوا سيارة القناة التى كان يتنقل بها فى الجهات التى يحررها جيشنا العربي السورى، هذا لأن خالد كان يقوم بإجراء تقارير صحفية مصورة تثبت تورط التحالف الستينى فى قذف المواقع المدنية داخل سوريا، وخصوصا التى كان يسيطر عليها داعش مثل المدارس والمستشفيات، والأسواق بالصوت والصورة ومن خلال كاميرا روسيا اليوم أمام العالم الأمر الذى سبب حرجا لهذا التحالف المتواطىء مع الإرهاب.
جدير بالذكر وحسب تسريبات هيلارى كلينتون والمخابرات الأمريكية أن سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى الأسبق كان من أكبر داعمى معسكرات داعش على الحدود السورية والأردنية، وبعلم ومعرفة النظام السعودى، وايضا كان هناك دعم إماراتى وقطرى وقتها والذى كان يشكل اكبر خطر على كل الدول المحيطة وخصوصا العراق ومصر ولبنان – ولكى يفضحه الله فقد نشرت نيوزويك الأمريكية وجريدة "له جورنال د ديمانش" الفرنسية بواقعة جنسية تورط فيها وزير الخارجية السعودى سعود الفيصل لعدم دفعه باقى مستحقات شركة كونسيرج الفرنسية التى كانت تصور له افلاما تنتج له خصيصا فى فرنسا مع عدد من نجمات البورنو الفرنسيات ولم يسدد حتى الآن سعود الفيصل مستحقات الشركة التافهة "110 الف دولار" ووصلت الدعوى القضائية للمحكمة العليا بفرنسا – وكان جزءا من زيارة محمد بن سلمان لفرنسا الأخيرة لإيقاف هذه الفضيحة بأى ثمن وبمحاولة الضغوط على ماكرون الرئيس الفرنسي لنفس الغرض.
انتهى طبعا التحالف الستينى ودوره بوجود التحالف الروسي الإيرانى الصينى الذى دخل بإذن النظام السورى وقضى فعليا على الإرهاب ونشاهد انتصار الجيش العربي السورى حاليا وبسط نفوذه على كل الأراضى ولم تعد أمامه سوى ادلب فقط فى الشمال، وايضا بموجب قمة هلسنكى مؤخرا والتى سنرى منها كثيرا الأيام المقبلة.
كان يوجد أيضا اقتراحا فاشلا فى 2012 لتوسيع مجلس التعاون الخليجي ليضم "مصر والمغرب والأردن" وايضا بإيعاذ أمريكى للوقوف فى وجه إيران وروسيا وفشل الإقتراح، بالرغم من وجود الإخوان فى الحكم وقتها، ولكن دائما ما كان هناك خلاف ما بين الثلاثى الخليجى كالعادة "قطر والإمارات والسعودية" على الزعامة فى هذا المجلس الامر الذى ادى الى زوال هذا المجلس عمليا حاليا وانقسامه الى طرفين "سعودى – إماراتى – لن اقول بحرينى لأنها فى اعتقادى محافظة سعودية" وآخر "قطرى – كويتى – عمانى".
طبعا يعتبر ما يسمى تحالف الحزم أو التحالف السعودى الإماراتى محاولة فاشلة أخرى لهذا الناتو وضم دولا فقط بالإسم دون المشاركة كـ "مصر وباكستان"، وأنفقتا فيه ما يقرب من تريلليون دولار لحرب ما يسمى المتمردين الحوثيين ومن يتبعهم، والذين يمثلوا ما لا يقل عن 40% من الشعب اليمنى والجيش اليمنى الحقيقي، لصالح ما يسمى خطئا "شرعية" لرئيس مستقيل ليس له ادنى شرعية مغضوب عليه، عينته السعودية يعيش فى الرياض وبمساعدة مرتزقة حتى من إسرائيل لوضعه فى الحكم لخدمة مصالح ال سعود وزايد، بمخالفة كل الأعراف الدولية مع انتهاك كل حقوق الإنسان، وممارسة اشد العذاب على الشعب اليمنى المظلوم الأمر الذى ادى لانتشار الكوليرا فى اكثر من مليون يمنى بريء، وعلى الجانب الآخر ادى الى وجود حالة من التقشف فى كل من الإمارات والسعودية نفسها لوجود عجزا فى ميزانياتهما غير مسبوق وصل 800 مليار فى الميزانية السعودية ونصف هذا المبلغ فى الإماراتية، مع معاناة المواطن الخليجى من ارتفاع كلفة الخدمات الأساسية وضرب لسوق العقار وهبوط فى المرتبات والتعرض لضرائب لم يسبق لها مثيل مما ادى فى حالة كساد فى هذه البلاد الريعية التى تقوم فقط على النفط ومشتقاته والتى تستورد كل شىء من الخارج بما فيها المياه – يرجى الرجوع فى هذا الصدد لشهادة السفير الروسي الراحل السابق لدى الأمم المتحدة السيد/ فيتالى تشوركين.
يرجى العلم أن الضربات الموجعة التى وجهها الحوثى مؤخرا للسعودية والإمارات وخصوصا مع ضرب آخر بارجة سعودية فى مياه باب المندب، والتى كذب الإعلام السعودى فيها وقال أنها ناقلة نفط، وجهت بعدم إكتراث أمريكى مشغول أكثر بمحاولة التقرب لإيران، حتى لا تتأثر مصالحه فى المنطقة، إلا أنها أدت فقط الى مناورات تمت فى البحر الأحمر ما بين مصر والسعودية والإمارات وأمريكا الإسبوع الماضى، مصر فقط تستفيد منها ماديا بالإفراج عن 195 مليون دولار كبقية معونة عسكرية معطة لصالح مصر، وايضا للحفاظ على تأمين مرور الملاحة من باب المندب الى قناة السويس، نفس الأمر الذى شدد عليه الحوثى وانه قال أنه ضرب بارجة سعودية وليست ناقلة نفط والذى اكده استئناف السعودية تسيير ناقلات النفط من البحر الأحمر مجدداً.
الأمر الذى يؤكد فشل هذا الناتو، والذى لن ينجح دون مصر، حيث ان العقيدة العسكرية المصرية والدستور المصرى يمنع مشاركتنا فى أى حروب خارج الحدود المصرية طالما لا توجد تهديدات مباشرة علينا، وهذا ما أكده رئيس الجمهورية السيسي ورئيس المخابرات عباس حلمى، الذى لا زال يحفظ مكانة مصر فى الإقليم واللجوء للحلول السياسية والسلمية سواء فى الوضع السورى أو اليمنى – وكذلك بالنسبة للخلاف السابق الذى حدث بين لبنان والسعودية، وقلناها بصراحة وعلى الملأ ليس لنا دخل بخلافات الأشقاء البينية نحن نصلح لا نخرب.
وإذا كان الناتو الحقيقى، بين امريكا وغالبية دول أوروبا، قد فشل مع الروس والصينيين والإيرانيين وهو الذى يمتلك القدرات العسكرية والبشرية والمالية الضخمة – هل سينجح هذا الإقتراح الذى قتل منذ ولادته مع وجود ازمات اقتصادية طاحنة فى كل من امريكا والسعودية والإمارات – وسيوجه ضد من هل سيوجه ضد الكيان الصهيونى كنا دعمناه بدمنا – أم ضد ايران الدولة الإسلامية لمصلحة السعودية والإمارات واسرائيل – عمليا أمريكا لن ترض - أمريكا تريد بيع سلاح فقط، ولكن لا يمكنها مواجهة ايران التى تخشى منها أن تصيبها فى مقتل وتمح وجودها فى المنطقة مع حليفاتها وخصوصا أن روسيا والصين اصبحتا فى المنطقة بقوة، ولا يمكن القيام بأى تغيير فى رقعة الشطرنج دون الرجوع اليهما، بالإضافة إلى تركيا تلك القوة الإقليمية التى قاب قوسين أو أدنى أن تدخل فى تحالف رباعى "صينى – روسي – ايرانى – تركى" يضرب كل مخططات أمريكا واسرائيل فى المنطقة خصوصا مع الطلب التركى الأخير فى قمة جوهانسبرج بالإنضمام الى بريكس. وهذا للعلم،،،