الصراع على الموقع الإقليمي للبنان

تحليلات 13:26 14.09.2018
لا يزال موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية يدور في حلقة مفرغة، وسط التجاذبات والصراع على الحصص واستعادة الصلاحيات. إذا كانت هذه القضايا تمثل استعصاءات حقيقية في وجه التشكيل، إلا أن الحلقة الأساسية في التعقيد برزت في الآونة الأخيرة، وتدور حول الموقع الإقليمي الذي يجب أن يتموضع فيه لبنان. كان «حزب الله صريحاً في الدعوة إلى التموضع في المعسكر الإيراني – السوري، بوصفه المنتصر حالياً ومستقبلاً في سورية والعراق واليمن. تجمع أكثر من قوة سياسية على اعتبار هذا المعطى له الأولوية، وقد بدأت ترجمته عملياً من خلال الزيارات التي يقوم بها وزراء محسوبون على هذا المحور، وتكريسهم تطبيعاً مع النظام السوري بحكم الأمر الواقع، وخلافاً لأي توافق سياسي على مثل هذا التطبيع.
 
ماذا يعني التحاق لبنان بالمحور الإيراني - السوري؟ وما تداعياته اللبنانية الداخلية، وما سيرتبه في العلاقات الخارجية للبنان، سواء في محيطه العربي أم الدولي؟ من دون تجنٍّ على الطبقة السياسية التي تقود البلاد اليوم، يمكن وصف ممثلي هذه الطبقة بأنهم فئة من «الجهلة» بتاريخ لبنان والأسس التي قام عليها والصراعات الأهلية التي انخرط فيها. قام لبنان عند استقلاله على قاعدة جوهرية شكلت نقطة محورية في ميثاقه الوطني وهي ابتعاده من الصراعات العربية – العربية، وعدم الانحياز إلى أي معسكر من معسكرات الصراع في المنطقة. هذه القاعدة الذهبية هي ما عرفت في السنوات الأخيرة بـ «النأي بالنفس». تذكيراً لهولاء الجهلة بالتاريخ والمجتمع اللبناني، إن الحروب الأهلية والصراعات الدموية التي عرفها لبنان على امتداد تاريخه، منذ الاستقلال حتى اليوم، كان سببها اختلال علاقات لبنان بمحيطه العربي والانحياز إلى معسكر من معسكراته القائمة.
 
فالحرب الأهلية التي انفجرت عام 1958 (فترة لم تكن الطبقة الحاكمة قد أبصر أفرادها النور)، كان سببها انحياز لبنان إلى حلف بغداد الذي تقوده الولايات المتحدة، في زمن صعود الناصرية والتيارات القومية العربية. هذا الانحياز نجم عنه انقسام أهلي، سياسي وطائفي، عندما سعى رئيس الجمهورية آنذاك كميل شمعون إلى زج البلد في هذا الحلف. انتهت الحرب بإعادة تكريس ما كان الميثاق الوطني نص عليه.
 
في سبعينات القرن الماضي، ومع التمركز الفلسطيني في لبنان واحتلاله موقعاً سياسياً وعسكرياً، وتدخله في الحياة اللبنانية، معطوفاً على انحياز قوى لبنانية سياسية وطائفية إلى المقاومة الفلسطينية، وسعيها إلى توظيف هذه المقاومة في تغيير النظام السياسي اللبناني، كان هذا الانحياز أحد أسباب الحرب الأهلية التي عرفها البلد، والتي لا تزال آثارها تلقي بثقلها على مجتمعه.
 
في عام 1982، اجتاحت إسرائيل لبنان، ونصبت رئيساً للجمهورية هو أمين الجميل. سعى الجميل إلى ربط لبنان باتفاق سلام مع إسرائيل، ووسط انحياز كامل إلى هذا المعسكر. نجم عن هذا الانحياز اندلاع حرب أهلية متجددة كان الجبل ساحتها الرئيسية، ولم تزل نتائجها السلبية قائمة.
 
بعد اندلاع الانتفاضة السورية، انخرط «حزب الله» في الحرب السورية دعماً للنظام، وهو ما تسبب، ولا يزال، في انقسام المجتمع اللبناني، بين مؤيد ومعارض. وإذا كان البلد لم يشهد حتى الآن ترجمة عسكرية لهذا التدخل على أراضيه اللبنانية، إلا أن الجهلة من الحكام يجب أن يدركوا أن لبنان يعيش حقاً حرباً أهلية في الوقت الراهن، تجد ترجمتها في التراشق الكلامي، وفي الاحتقان المتزايد الذي يتغذى من التحريض الطائفي والمذهبي. لم ينفع إعلان بعبدا أيام حكم الرئيس ميشال سليمان في منع «حزب الله» وقوى لبنانية أخرى من التدخل في الحرب السورية.
 
كان إيراد هذه الحوادث المفصلية في التاريخ اللبناني للإضاءة على مترتبات الدعوة المباشرة والفجة لالتحاق لبنان بالمعسكر الإيراني - السوري، وتعليق حياته السياسية رهناً بهذا الالتحاق وتكريسها نصاً قانونياً في البيان الوزاري للحكومة المقبلة. على رغم أن القول بانتصار هذا المحور عليه أكثر من علامة استفهام، في ظل التناقضات والصراعات التي تحيط بالحرب السورية، إلا أن نتائج الدعوة هذه يمكن تلمسها بسهولة. على الصعيد العربي، سيكون رد الفعل قوياً ضد لبنان لجهة قطع شرايين اتصال اقتصاده بالمحيط العربي الذي يبقى الممر الأساسي اقتصادياً، سواء من خلال الاستثمارات العربية أو تصريف الإنتاج اللبناني، أو في منع مواطني البلدان العربية من المجيء إلى لبنان.
 
أما دولياً، في وقت يستجدي لبنان المساعدات والقروض من المعسكر الدولي، وفي ظل الصراع الأميركي - الإيراني والعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران وعلى من يتعاون معها، فإن الآثار المترتبة على الانحياز لإيران ستكون كارثية على لبنان، حيث من الصعوبة بمكان أن ينجو لبنان من هذه العقوبات.
 
فهل يعي الحكام الجهلة بالتاريخ اللبناني وبتركيبة مجتمعه السياسية والأهلية، أخطار الدعوة إلى الإخلال بتوازن العلاقات اللبنانية - العربية؟ لا يوحي الجواب بصحوة من فئة لا ترى أبعد من أنفها، ولا تعنيها سوى مصالحها الفئوية والخاصة.
 
* كاتب لبناني
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
مارتن ليجون : فرض العقوبات علي إيران ليس حلًا
15:00 17.04.2024
دميتري سولونيك : هذا لن يساهم في استقرار المنطقة
14:00 17.04.2024
خبير سياسي: أرمينيا تسعي إلي أن تكون السعودية وسيطًا في أزمتها مع أذربيجان
13:00 17.04.2024
راي كريم أوغلو : الادعاءات التي قدمتها أرمينيا في محكمة العدل ليست إلا "أكاذيب"
12:25 17.04.2024
مصر وتركيا لترسيخ العلاقات بعد إنهاء القطيعة
12:00 17.04.2024
كيف تتعامل مصر مع تداعيات استمرار التوتر في البحر الأحمر؟
11:45 17.04.2024
سلطنة عمان: سيول تودي بحياة أكثر من 16 شخصا جلهم من التلاميذ
11:30 17.04.2024
رئيسي يتوعد برد واسع وموجع على أدنى عمل يستهدف مصالح طهران
11:15 17.04.2024
رئيس وزراء باكستان يستقبل وزير الخارجية السعودي
11:00 17.04.2024
تركيا تدير علاقاتها مع إيران وأمريكا بحذر
10:45 17.04.2024
فريق التوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة يجري دورات للتوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة
10:36 17.04.2024
بوتين يبحث هاتفيا مع الرئيس الإيراني الأزمة في الشرق الأوسط
10:30 17.04.2024
العمانية للغاز توقع اتفاقية توريد مع جيرا اليابانية لمدة 10 أعوام
10:15 17.04.2024
السعودية وباكستان تبحثان تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي
10:00 17.04.2024
الأمم المتحدة تعثر على قنابل غير منفجرة تزن ألف رطل في مدارس بغزة
09:45 17.04.2024
الأمم المتحدة تدعو إسرائيل للتوقف عن المشاركة في عنف المستوطنين
09:30 17.04.2024
استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي
09:15 17.04.2024
أردوغان: نتنياهو هو المسؤول الوحيد عن أحدث توتر في الشرق الأوسط
09:00 17.04.2024
"ضد الهجوم الإيراني".. السعودية تعترف بمساعدة إسرائيل
22:12 16.04.2024
جميع الأخبار