أوروبا وصراع القوى العالمية ...لماذا تطرح الآن فكرة الجيش الأوروبي الموحد !؟"

تحليلات 09:00 22.11.2018

بقلم :هشام الهبيشان .

*كاتب وناشط سياسي – الأردن .

من المؤكد أنّ السمة الواضحة لعام 2018 كانت استمرار صراع القوى الدولية، ولا يمكن لأي متابع أن ينكر مدى وحجم الخلاف الدائر حول أوكرانيا، وخصوصاً بين واشنطن وموسكو، بعض المتابعين يدركون جيداً أنه في هذه المرحلة تحديداً فإن الدولتين كلتيهما الروسية والأميركية تعيشان الآن في حالة حرب سياسية ساخنة جداً قد تتطور مستقبلاً إلى صدام عسكري غير مباشر، وهذا الشيء ينسحب أيضاً على الصراع الاقتصادي والتجاري الدائر اليوم بين واشنطن وبكين، الذي قد يتطور مستقبلاً إلى صراع سياسي كبير.
 
الأوروبيون بدورهم حاولوا في عام 2018 قدر الإمكان التخفيف من حدة التوترات السياسية والعسكرية والاقتصادية بين واشنطن من جهة وموسكو وبكين من جهة أخرى، ولكن الواضح أن حجم الجهد الأوروبي المستمر منذ أشهر، قد أصابه بعض الانتكاسات في الفترة الماضية، فموسكو بدأت تخشى من عواقب وخطورة خسارتها لورقة قوة تملكها لمصلحة الغرب وهي أوكرانيا، والصين بدأ يقلقها حجم التضييق الاقتصادي والتجاري والتهديدات العسكرية  والعقوبات الاقتصادية الأميركية بحق بكين .
 
الأوروبيون بدورهم يعون كل هذه الحقائق وهذه الضغوط التي تمارسها واشنطن على موسكو وبكين، ويعرفون أن الوصول إلى مسار تفاهمات بين القوى الدولية المتصارعة، تحتاج إلى تفاهمات بين الأطراف الدولية لتطبيق فعلي لمسار هذه التفاهمات، ولكن من الواضح أن هناك جملة من التعقيدات التي تمنع الوصول إلى هذه التفاهمات، هذه التعقيدات تدفع بعض المتابعين إلى القول إنهم لا يعولون على الجهد الأوروبي الساعي إلى بناء وثيقة تفاهم دولية قادرة على ضبط إيقاع الصراعات الدولية بما ينعكس على حلول سريعة لمعظم الأزمات المحلية والإقليمية والدولية، وهنا يمكن أن يطرح البعض بعض التساؤلات ومنها على سبيل المثال لا الحصر، أن الأوروبيين يدركون ويعون حجم التعقيدات الدولية وحجم الصراعات بين موسكو وبكين من جهة وواشنطن من جهة أخرى، فلماذا يقومون بمحاولات غير بناءة وعنوانها الفشل على الأغلب لتقريب وجهات النظر بين محوري موسكو وبكين من جهة وواشنطن من جهة أخرى اللتين تعيشان الآن على إيقاع حرب باردة جديدة، قد تتطور مستقبلاً لصدام عسكري؟ فما الهدف من كل هذا الجهد الأوروبي؟.
 
للإجابة على السؤال أعلاه، سنعود الى الماضي القريب ونبحث فيه عن بعض المعلومات التي ستعطينا بعض الإجابات عن الأهداف المستقبلية للمسعى الأوروبي، وسنبحث عن هذه الإجابة بواحدة من كبرى القوى الأوروبية، ففي العام قبل الماضي 2016 وفي قمة الخلاف الروسي الأميركي حول أوكرانيا أجرت مؤسسة «كوربرا» دراسة حول مواقف الألمان تجاه السياسة الخارجية الألمانية، وكان عنوان سؤال الاستطلاع للمشاركين: «مع أي بلد ينبغي أن تتعاون ألمانيا في المستقبل»؟ وحينها جاءت نتائج الدراسة صادمة للنظام الألماني تحديداً فقد جاءت النتيجة شبه متساوية بين الشرق والغرب، حيث اختار ما يقارب 46 في المئة الولايات المتحدة، بينما اختار 43 في المئة روسيا، وفي العام نفسه أيضا ًأجرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية استطلاعاً مشابهاً لاستطلاع «كوربرا» وقد سئل الألمان حينها عن موقفهم من النظام الأميركي وعلاقة ألمانيا بأميركا، وحينها قال 57 في المئة من الألمان بأن بلادهم ينبغي أن تصبح أكثر استقلالاً عن الولايات المتحدة في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، الواضح من خلال نتائج هذه الاستطلاعات لآراء الشعب الألماني، مع أنها قد لا تكون مؤشراً ثابتاً، أن هناك انقساماً في الداخل الألماني حول موقف ألمانيا من صراع موسكو وبكين من جهة واشنطن من جهة أخرى، وهذا الانقسام الشعبي ينسحب على باقي المجتمعات الأوروبية، وهذا من الطبيعي أن ينسحب على مواقف الحكومات الأوروبية بمجموعها.
 
هذه المعلومات بمجملها والآتية من ألمانيا والتي تنسحب على باقي الحكومات والمجتمعات الأوروبية وبكل تداعياتها قد تكون أعطتنا بعض الإجابات عن حقيقة المسعى الأوروبي الهادف الى إيجاد نقاط التقاء بين الأطراف الدولية بخصوص الملفات الدولية العالقة، فبعض الحكومات الغرب أوروبية عملت بجهد في الفترة الأخيرة وما زالت تعمل على تحقيق هدفها هذا، ولكن لن تعمل طويلاً بهذا الاتجاه، فهي الآن تقوم بعمل بالونات اختبار لنوايا الأطراف الدولية المتصارعة، لتحديد موقفها المستقبلي من كل ما يجري من صراعات دولية، وإن كانت بالفعل ستبقى إلى الأبد في خندق واشنطن، أما أنها ستقرر وتحت ضغوط شعبية التوجه إلى الشرق وتحديداً الى موسكو، ام ستقرر التكتل باتجاه انشاء قوة عسكرية ، توازي قوة واشنطن وانقرة وبكين .
 
ختاماً، من المؤكد أن مشاكل وصراعات القوى الدولية في عام 2018 سترحل إلى عام 2019، من دون وجود حلول وتفاهمات تلوح في الأفق للتوصل إلى تفاهمات بين القوى الدولية، رغم كل المساعي الأوروبية، فالموقع الجغرافي لأوروبا يحتم عليها في أحيان كثيرة أن تكون مسرحاً، لصراعات دولية ومسرحاً آخر لحل هذه الصراعات رغم حجم الضرر الكبير الذي لحق بالمجتمعات الأوروبية منذ مئة عام مضت ولليوم بسبب الصراعات بين القوى الدولية الكبرى، فقد تيقن الأوروبيون منذ أمد أن موقعهم الجغرافي، ومواقفهم ستكون دائماً عرضة للتساؤل، ولهذا هم اليوم قرروا أن يخوضوا محاولة جديدة تبدأ ببناء مسار تفاوضي بين القوى الدولية المتصارعة بمحاولة لتسوية الأزمات الدولية العالقة في ما بينها، وأن فشلت في بناء هذا المسار التفاوضي، فهي على الأغلب ستذهب نحو اتخاذ قرارات جريئة، فأوروبا لن تحتمل طويلاً وهي الآن في صدد تحليل ما جاءها من معلومات من خلال بالونات اختباراتها التي طرحتها في عام 2018 لمعرفة نوايا الأطراف الدولية المتصارعة، فهل سنسمع مع نهاية عام 2018 ومطلع عام 2019عن قرارات جريئة لأوروبا تعلن خلالها الخروج من تحت عباءة  القوى الكبرى لتستلقي بكل ثقلها ومكانتها الدولية تحت عباءة جيش أوروبي موحد، من هنا سننتظر الأشهر الثلاثة المقبلة من عام 2019 لتعطينا إجابات واضحة عن كل هذه التكهنات والتساؤلات، فالآتي من الأيام يحمل في طياته الكثير من المتغيرات في المواقف الدولية، وفي جملة مشاهد الصراع الدولي حول موازين القوى الدولية، وشكل العالم الجديد.

Hashim Mammadov

 

 

 

 

 
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

وزير الخارجية المصري يبحث الملفات الإقليمية والدولية مع نظيرته الجنوب أفريقية
14:00 20.04.2024
مباحثات تركية- مصرية تتناول جهود وقف النار في غزة
13:30 20.04.2024
دولة فلسطين نحو اعترافات إضافية غداة الحجب الأمريكي لعضويتها الأممية
13:00 20.04.2024
ثوران جديد لبركان روانغ في إندونيسيا. وخطر تسونامي لا يزال قائماً
12:30 20.04.2024
انفجارات أصفهان.. القصة الكاملة للهجوم الإسرائيلي على إيران
12:00 20.04.2024
انطلاق الانتخابات العامة في الهند... وحزب مودي الأوفر حظاً
11:30 20.04.2024
الأمم المتحدة تستنكر التحطيم المتعمد للأجهزة الطبية بمستشفيات غزة
11:00 20.04.2024
أسطول الحرية مستعد للإبحار من تركيا لغزة. وتحذير لإسرائيل من أي هجوم
10:30 20.04.2024
إسرائيل تسعى إلى منع صدور أمر اعتقال بحق نتنياهو
10:00 20.04.2024
ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و12 شهيدا
09:30 20.04.2024
ميرزايف : نشهد أحداثًا تاريخية
09:00 20.04.2024
أسرار استهداف إيران لأذربيجان
17:16 19.04.2024
في يومها الأخير جلسات الاستماع في الدعوي الارمينية ضد أذربيجان
16:00 19.04.2024
كواليس انسحاب قوات حفظ السلام الروسية من قراباغ
15:00 19.04.2024
زرادشت علي زاده : الولايات المتحدة لا تريد أن يتم فتح طريق زانجيزور في ظل هذه الظروف
14:00 19.04.2024
ما تأثير انسحاب قوات حفظ السلام من قراباغ؟
13:00 19.04.2024
اشتباكات بين الدفاع الجوي الإيراني وطائرات إسرائيلية بطهران
12:00 19.04.2024
جوتيريش العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية
11:45 19.04.2024
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبقى النمو في الشرق الأوسط مكبوحاً
11:30 19.04.2024
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة وورلد برس فوتو لعام 2024
11:15 19.04.2024
فيضانات نيجيريا تزيد من نقص محصول الكاكاو
11:00 19.04.2024
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
10:45 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
10:30 19.04.2024
اليونيسف طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة
10:15 19.04.2024
الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
10:00 19.04.2024
المياه تغمر نحو 18 ألف منزل في روسيا بسبب الفيضانات العارمة
09:45 19.04.2024
الحرس الثوري الإيراني يعلن تحديد مواقع المنشآت النووية الإسرائيلية ويحذر تل أبيب
09:30 19.04.2024
أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
01:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
جميع الأخبار