يجتمع الوزراء وكبار صناع السياسات في آسيا والمحيط الهادئ في بانكوك هذا الأسبوع للتركيز على الديناميكيات السكانية في وقت حاسم للمنطقة. هدفهم: الحفاظ على الناس وحقوقهم في مقدمة دفع المنطقة نحو التنمية المستدامة. وسيناقشزن مدى إنجازاتنا في الموازنة بين النمو الاقتصادي والواجبات الاجتماعية التي ترتكز على الحقوق والخيارات للجميع على النحو المنصوص عليه في برنامج العمل التاريخي النابع من المؤتمر الدولي للسكان والتنمية لعام 1994.
اندمجت في برنامج العمل المفاهيم المتنوعة للسكان والمساواة بين الجنسين والصحة الجنسية والإنجابية والتنمية المستدامة في التوافق العالمي الرائع الذي وضعغيه كرامة الفرد وحقوق الإنسان في صميم التنمية.
لقد أصبح المؤتمر الدولي للسكان والتنمية والذي ثورياً حقاً في ذلك الوقت أكثر إلحاحاً وملاءمة بعد ربع قرن، في هذا العصر من خطة التنمية المستدامة لعام 2030، بأهداف التنمية المستدامة. ولو لا المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، لن تكون لدينا أهداف التنمية المستدامة، وحقاً أنهما موجودان معاً. إن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية عبارة عن آلية مخصصة يمكننا من خلالها معالجة – وسنعالج - أهداف التنمية المستدامة ونحققها وننجزها.
ما مدى تجاوبنا مع الاتجاهات مثل شيخوخة السكان والهجرة الدولية؟ ما مدى نجاحنا في ضمان الصحة الجنسية والإنجابية المثلى والحقوق الإنجابية للجميع، بما في ذلك الحق في اختيار متى سنتزوج أومتى سننجب أطفال، ونحدد أعدادهم؟ ما مدى نجاحنا في تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة ، والتمسك بحقوق أشد الفئات ضعفا بيننا؟ أين ينبغي أن نعيد تركيز جهودنا على عدم ترك أحد خلفها؟
لدى منطقة آسيا والمحيط الهادئ الكثير من الفرص لتحتفل بها. لا تزال المنطقة محرك النمو العالمي وفي طليعة مكافحة الفقر على مستوى العالم. ويقيم فيها الآن نصف الطبقة المتوسطة في العالم. انخفضت نسبة السكان الذين يعيشون في الفقر بشكل كبير على الرغم من أنها لا تزال مرتفعة بشكل غير مقبول. يعيش الناس حياة أكثر صحة. أسهم تنظيم الأسرة القائم على الحقوق في تحقيق نجاح اقتصادي كبير وتمكين المرأة. ونحن على الطريق الصحيح لتحقيق التعليم الشامل بحلول عام 2030.
ولكن رغم كل هذا التقدم، لا تزال هناك مظالم كبيرة. في مسارها الحالي، ستفشل المنطقة في تحقيق خطة عام 2030 في حينها. ، نتجه في الاتجاه الخاطئ في عدة مجالات. وتتسع أوجه عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها. يعيش حوالي 1.2 مليار شخص في فقر يعيش 400 مليون منهم في فقر مدقع. يديم الافتقار إلى فرص العمل اللائق والحصول على الخدمات الأساسية الظلم عبر الأجيال.
إننا حريصون في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ (ESCAP) وصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، على تسليط الضوء على ثلاث قضايا رئيسية فيها التزامات إقليمية حيوية.
أولا ، إننا بحاجة إلى الاستجابة للتغيرات السكانية غير المسبوقة التي تظهر في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ. تواجه العديد من البلدان شيخوخة سريعة في السكان. ومن المتوقع أن تزيد نسبة الأشخاص فوق سن الستين إلى أكثر من الضعف بحلول عام 2050. ويجب أن تكون الأولوية في تلبية احتياجات مجتمع الشيخوخة وضمان حياة صحية ومنتجة. وهذا احتاج إلى اتباع نهج دورة الحياة - من الحمل والولادة ، ومن خلال المراهقة والبلوغ ، إلى الشيخوخة - مما يضمن تمكين جميع الناس من تحقيق إمكاناتهم الاجتماعية والاقتصادية، مدعومة بالحقوق والخيارات الفردية.
مثلاً، هناك حاجة قوية لتعزيز رد الفعل لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ للهجرة الدولية. يمكن للمهاجرين، عندما هذا مسموح لهم ، أن يساهموا بشكل كبير في التنمية. ومع ذلك، نحن نعلم أن المهاجرين عرضة للاستغلال وسوء المعاملة. لذا، فإن طموحنا هو إجراء مناقشات هذا الأسبوع حول المزيد من الخطوات لدعم الهجرة الآمنة والمنظمة الشرعية من أجل الاستفادة بشكل كامل من فوائدها التنموية.
ثانياً ، هناك دليل واضح على أن المنطقة يجب أن تنفق أكثر على الحماية الاجتماعية، وكذلك على الرعاية الصحية والتعليم. تعتبر اليوم الحماية الاجتماعية حصة لعدد قليل من السكان، وليس بحق للجميع. ونتيجة لذلك، فإن 60 % من سكاننا معرضون لخطر الوقوع في فخاخ الضعف أو دفعهم إلى الفقر بسبب المرض أو العجز أو البطالة أو الشيخوخة، وغالبا ما ينجم كل هذا من عدم المساواة بين الجنسين. إن "التوقعات الاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ: محمية بشكل سيئ"، وهذا ما ستقره اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ في وقت لاحق من هذا الأسبوع، توضح السبب في أن توسيع نطاق الحماية الاجتماعية هو أكثر الوسائل فعالية للحد من الفقر وتعزيز الحقوق وجعل الفئات الضعيفة أقل عرضة للخطر. كما سيستفيد منها العديد من النساء والمهاجرين وكبار السن والمجتمعات الريفية. تشير الأدلة التي توصلنا إليها إلى أنه يمكن القضاء على الفقر المدقع في العديد من البلدان بحلول عام 2030.
ثالثًا، نحتاج إلى الاستثمار في توليد بيانات مصنّفة لإخبارنا بمن يتم تركه لضمان أن استجابتنا لديناميات السكان تكون مستهدفة وذات مصداقية. توافر البيانات على القضايا الاجتماعية والديمغرافية تتخلف كثيراً عما هو متعلق بالاقتصاد. ولا تزال ملايين المواليد غير مسجلة، مما يؤدي إلى إنكار العديد من الحقوق الأساسية، ولا سيما للنساء والفتيات. من بين 43 بلداً أجري فيها الإحصاء في فترة من 2005 إلى 2014، هناك 16 دولة فقط لديها بيانات موثوقة حول الهجرة الدولية. وخلال جولة الإحصاءات لعام 2020، سنقوم بمضاعفة جهودنا لسد هذه الفجوات في البيانات من خلال تعزيز الشراكات الجديدة للقدرات على البيانات والعمل مع الحكومات والشركاء الآخرين لترجمة البيانات إلى سياسات وعمل.
يوفر الاستعراض متوسط المدة للبيان الوزاري لآسيا والمحيط الهادئ بشأن السكان والتنمية، وكذلك لجنة التنمية الاجتماعية، للمنطقة فرصة للتحدث بصوت واحد بشأن قضايا السكان والتنمية. وتقف "اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ" وصندوق الأمم المتحدة للسكان متحدين في التزامهما في دعم الدول الأعضاء فيهما لبناء وتعزيز استجابة إقليمية للقضايا التي تحدد المستقبل للأجيال القادمة.
إننا نتطلع إلى مناقشات هذا الأسبوع لتحفيز البلدان التي تقف وراء الطموح والرؤية التي تربط بين المؤتمر الدولي للسكان والتنمية وأهداف التنمية المستدامة، وتسريع العمل على عدم ترك أي شخص وراءه في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
----------
السيدة أرميدة سالسايا أليشاباجانا (Armida Salsiah Alisjahbana) هي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ (ESCAP)
الدكتورة ناتاليا كانم (Natalia Kanem) هي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)