تهميش تركمان العراق تهديد لاستقرار البلاد

العراق شهد خلال السنوات القليلة الماضية أحداثا أوجدت خارطة جديدة للقوى السياسية

تحليلات 11:00 02.12.2018

منسق أنشطة العراق في مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية بلغاي دومان:
- العراق شهد خلال السنوات القليلة الماضية أحداثا أوجدت خارطة جديدة للقوى السياسية
- التركمان أكثر الفئات تضررا في المرحلة التي أعقبت القضاء على "داعش"، وجرى استبعادهم من العملية السياسية
- عدم تمثيل التركمان في الحكومة رغم امتلاكهم 10 نواب برلمانيين، يلقي بظلاله على الوحدة الوطنية

شهد العراق خلال السنوات القليلة الماضية أحداثا متلاحقة أوجدت خارطة جديدة للقوى السياسية، تبلورت عنها تحالفات ألقت بثقلها على الانتخابات البرلمانية الأخيرة في 12 مايو / أيار الماضي.

ففي 21 نوفمبر / تشرين الثاني 2017، أعلن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي الانتصار على "داعش" الإرهابي، بعد ثلاثة أعوام ونصف العام من سيطرة التنظيم على مناطق شاسعة من العراق، وبدء مرحلة جديدة في البلاد.

محاربة التنظيم المتطرف أفرزت قوى جديدة على الساحة العراقية متمثلة في "الحشد الشعبي" (شيعية موالية للحكومة)، الذي تشكّل بالأصل من أجل محاربة التنظيم.

كما تسبب الاستفتاء الباطل الذي أجرته إدارة إقليم شمال العراق في 25 أيلول / سبتمبر 2017، وسيطرة الحكومة المركزية في 16 نوفمبر 2017 على مدينة كركوك، بتغيير الآليات السياسية على الأرض.

والانتخابات الأخيرة شهدت مشاركة 204 أحزاب سياسية متمثلة في 27 تحالفا، ودخلها التركمان لأول مرة في كركوك (شمال) تحت لائحة واحدة، أما في الموصل وصلاح الدين (شمال) وغيرها من المحافظات فتوزعوا ضمن عدة تحالفات.

** قائمة موحدة وتنافس انتخابي

دخل المكون التركماني الانتخابات تحت مظلة 11 حزبا، وفي كركوك التي تضم الثقل الأكبر له، اتفق على خوضها تحت قائمة "الجبهة التركمانية العراقية" الموحدة بقيادة أرشد صالحي، الأمر الذي يعد بمثابة تطور مهم جدا في وحدة التركمان والحفاظ على هويتهم.

إلا أن هذه القائمة لم تشمل التركمان خارج مدينة كركوك، ما تسبب بنقص كبير في مناطق التركمان الأخرى في العاصمة بغداد والموصل وصلاح الدين.

وزاد الانقسام والتنافس بين الأحزاب التركمانية "الطين بلة"، إذ قلل من تأثير المكون التركماني في الانتخابات، علاوة على المنافع الشخصية التي ركض وراءها بعض السياسيين التركمان.

وهذا التنافس "غير المتزن" بين السياسيين التركمان، أضر بالمكون التركماني وعمّق الخلافات بينهم على الصعيدين السياسي والاجتماعي.

كل ذلك أفرز حركة سياسية تركمانية ضعيفة مشتتة ومنقسمة على ذاتها، ما أثر سلبا على قدراتها في تحقيق نتائج بالانتخابات، إلا أن الظروف التي طرأت مكّنت التركمان بمختلف تحالفاتهم من حجز 10 مقاعد في البرلمان العراقي.

واستطاع التحالف التركماني في كركوك إيصال 3 من مرشحيه إلى البرلمان، و4 نواب من الموصل، ونائبين من صلاح الدين، ونائب واحد من بغداد.

ويعد وجود عشرة نواب تركمان في البرلمان نجاحا مقارنة بانتخابات 2014، حيث لم يستطع التركمان آنذاك سوى إيصال 2 من مرشحيهم.

وفاز النواب التركمان الثلاثة من أصل أربعة الذين وصلوا البرلمان عن مدينة الموصل، ضمن تحالف "الفتح" الذي انبثق من صفوف "الحشد الشعبي" بقيادة هادي العامري.

لكن الفشل الذريع لجميع مرشحي الجبهة التركمانية خارج مدينة كركوك، فتح باب التساؤلات عن مدى تأثير الجبهة في مناطق تواجد التركمان.

واللافت للنظر أيضا نجاح وجوه جديدة من السياسيين التركمان باستثناء أرشد صالحي، وانتخابهم من قبل كتل لم يتم تمثيلها مسبقا، ما يفيد بتغير بوصلة الحراك السياسي التركماني.

** تشكيل الحكومة واستثناء التركمان

بدأت مرحلة تشكيل الحكومة عقب التصديق على نتائج الانتخابات المثيرة للجدل، وفشل السباق الذي بدأته كتل سياسية مختلفة اجتمعت من أجل تشكيل أكبر تكتل سياسي في البرلمان، بالتوازي مع تحديد المرشحين الذين يمكن أن يتم التوافق عليهم من أجل مناصب متنوعة.

لذلك اختير محافظ الأنبار السابق محمد الحلبوسي رئيسا للبرلمان في 15 سبتمبر / أيلول الماضي، وكل من بشير حداد، وحسن كريم الكعبي نائبين له، وبهذا يكون قد تم اتخاذ أول خطوة ملموسة من أجل وضع جدول لتشكيل حكومة.

اجتمع البرلمان في 2 أكتوبر / تشرين الأول من أجل انتخاب رئيس للبلاد، في تصويت أسفر عن فوز مرشح حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" برهم صالح، ليكلف الأخير عادل عبد المهدي بتشكيل حكومة.

وبعد تكليفه، بدأ عبد المهدي مرحلة تشكيل حكومة خلال فترة 30 يوما كحد أقصى في ضوء التعديلات الدستورية، ورغم إعلانه في العديد من المناسبات عزمه تشكيل حكومة تكنوقراط، إلا أنه أعد قائمة وزارية من 22 شخصية بعد نحو 20 يوما.

قدّم رئيس الوزراء المكلف تشكيلته إلى البرلمان في 24 أكتوبر / تشرين الأول، لكن جزءا من الكتل السياسية رفض بعض الشخصيات وغادر قاعة الاجتماع، ما أدى إلى نيل 14 اسما فقط للثقة، دون إجراء تصويت على بقية الأسماء.

ومن أبرز الجوانب اللافتة للانتباه في التشكيلة الوزارية، عدم منح التركمان ـ الذين يعتبرون العنصر الثالث والأصيل والمؤسس في العراق ـ أي حقيبة، في خطوة تتنافى مع وحدة وتعاضد العراق، وتدحض الادعاء بأن العراق بلد ديمقراطي وفيه مساواة.

ورغم أن التركمان كان بيدهم وزارة "واحدة" في كل الحكومات المشكلة منذ عام 2003، لكن حكومة العبادي في 2016 ألغت وزارة حقوق الإنسان التي كانت بيد التركمان، دون منحهم أي وزارة أخرى.

ويعتبر عدم تمثيل التركمان في الحكومة الأخيرة، في وقت يمتلك فيه المسيحيون الذين يعتبرون أقلية في العراق ممثلا، منافيا لمبدأ المساواة.

فعدم تمثيل التركمان بالحكومة رغم امتلاكهم 10 نواب بالبرلمان، يلقي بظلاله على الوحدة الوطنية ويتجاهل التركمان، وبهذا المعنى يكون التركمان أكثر الفئات تضررا خلال المرحلة التي أعقبت القضاء على تنظيم "داعش"، وباتوا خارج العملية السياسية في البلاد.

وحتى إن بدا الوزراء المصدّق عليهم من قبل البرلمان "تكنوقراطا ومستقلين" على الورق، لكنهم مرشحون من قبل أحزاب وكتل سياسية، ما أفضى إلى بروز علامات استفهام بخصوص استقلاليتهم، حيث من المحتمل أن يتعرض أولئك الوزراء إلى ضغوط أحزابهم السياسية في المرحلة المقبلة، بالتوازي مع أن الروابط السياسية في الدول التي تشهد مرحلة تحول إلى الديمقراطية تسهّل من الحفاظ على العمل المؤسساتي.

وبهذا الصدد يجب أن يوضع في الحسبان، أنه ربما يخضع المرشحون المستقلون لضغط جماعات سياسية أو مليشيات لا تستطيع الحصول على منصب، وبناء عليه ومن أجل حكومة تكنوقراط مستقلة سياسيا، فإنه ينبغي تطوير آلية مراقبة وأجهزة أمنية قادرة على الحفاظ على موقف الحكومة.

** غياب المساواة السياسية يهدد الاستقرار

وتعتبر المشاكل التي خلفتها مرحلة مكافحة "داعش"، والتدخلات السياسية الإقليمية والعالمية، والصراع السياسي مع إدارة إقليم الشمال، إضافة إلى موقف العرب السنة في مرحلة ما بعد "داعش"، مسائل صعبة تنتظر عبد المهدي، فضلا عن بروز عدم المساواة السياسية عاملا يزعزع الاستقرار، لذلك يبدو من الصعب تحقيق الاستقرار في العراق واستمرار الحكومة.

وتتسبب مشكلات المجتمعات التي تواجه عدم المساواة السياسية والعرقية في تعميق أزمات البلاد، حيث إن الهوية التركمانية في العراق بدأت تذوب أو تم تذويبها، إذ لم يتمكن التركمان من الوصول إلى المنصب الذي يستحقونه في النظام السياسي بعد 2003، وفقدوا ثقلهم في السياسة المحلية والعامة.

وبعد تشكيل "داعش" مناطق سيطرة له في العراق في يونيو / حزيران 2014، ظل التركمان الذين تراجعوا سياسيا، وجها لوجه أمام كل السلبيات التي خلفها التنظيم.

فالتركمان الذين كانوا هدفا مباشرا لـ "داعش"، اضطروا إلى النزوح عن مناطقهم التي وقعت تحت سيطرة التنظيم أو تهديدها مثل تلعفر، والموصل، وكركوك، وطوزخرماتو، وديالى، إذ يقال إن أكثر من 600 ألف تركماني باتوا نازحين في مناطق متفرقة من العراق، إضافة إلى تركيا.

وتسبب ذلك في تحولهم إلى أقلية في المناطق التي نزحوا إليها، ومواجهتهم لمشكلات جمّة مثل الغربة، والبطالة، وعدم تلقي التعليم.

وفي المرحلة الحالية، يحتاج التركمان مجددا إلى تنظيم صفوفهم، وبهذا السياق ينبغي الإشادة بدور جهود بعض القوميين التركمان، والحكومة التركية، وخاصة يجب توضيح الدعم الهام لتركيا من ناحية تأييدها لتلك الجهود، وتشجيعها على التوحد وتضافر جهود القادة، إضافة إلى إسهاماتها الإيجابية في حل الخلافات.

لكن كل ذلك غير كاف، إذ يجب أن يأخذ كل الشعب التركماني المبادرة من القادة إلى السياسيين، ومن المثقفين إلى عامة الناس، ولن يكون من السهل تجاهلهم إذا أظهر التركمان موقفا موحدا، وهذا ما أظهروه عبر اعتراضهم على نتائج الانتخابات في كركوك، إذ دافعوا عن حقوقهم في الساحات العامة على مدار 28 يوما، ما أدى إلى إعادة فرز الأصوات يدويا.

وهنا ينبغي التأكيد أنه في حال حافظ التركمان على ذلك الاتحاد، فلن تستطيع أي فئة تجاهل حقوقهم.

بلغاي دومان: منسق أنشطة العراق في مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية المعروف اختصارا "أورسام".

 
علييف يتحدث عن حرب غزة

أحدث الأخبار

حزب الله ينفي مقتل نصف قادته
17:00 25.04.2024
ماكرون يحذّر: "أوروبا تموت
16:20 25.04.2024
انفجار وتصاعد للدخان جرّاء هجوم على سفينة قرب عدن
16:00 25.04.2024
أرمينيا تتهم أذربيجان بزرع ألغام في قراباغ
15:46 25.04.2024
السعودية والكويت ترحبان بنتائج تقرير اللجنة المستقلة بشأن الأونروا
15:30 25.04.2024
الجيش الأمريكي يتصدى لهجوم حوثي في البحر الأحمر
15:15 25.04.2024
الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة
15:00 25.04.2024
دافكوفا تتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بمقدونيا الشمالية
14:45 25.04.2024
بين أفول نظام دولى وميلاد آخر.. سنوات صعبة
14:19 25.04.2024
وصول سفينة عسكرية تركية إلى ميناء مقديشو
14:00 25.04.2024
مركز تركي- عراقي ضد العمال الكردستاني
13:45 25.04.2024
استمرار الاكاذيب الأرمينية ضد أذربيجان في محكمة العدل الدولية
13:25 25.04.2024
علييف وجباروف يزوران مدينة أغدام
13:00 25.04.2024
غضب وعمليات توقيف في جامعات أمريكية باحتجاجات مؤيّدة للفلسطينيين
12:45 25.04.2024
علييف وجباروف يطلعان علي الخطة الرئيسية لمدينة فضولي المحررة من الإحتلال الأرميني
12:20 25.04.2024
جنوب إفريقيا تدعو لتحقيق عاجل بالمقابر الجماعية في غزة
12:15 25.04.2024
تفاقم انعدام الأمن الغذائي في العالم في 2023 بسبب النزاعات
12:00 25.04.2024
رئيس قيرغيزستان يصل فضولي
11:46 25.04.2024
زيارة رئيس قيرغيزستان إلي أذربيجان
11:18 25.04.2024
حول زيارة رئيس طاجيكستان إلى إيطاليا والفاتيكان
11:00 25.04.2024
أردوغان لا ينبغي السماح لإسرائيل بإخفاء المجازر في غزة
10:45 25.04.2024
أمير الكويت يتلقى رسالة من رئيس وزراء باكستان حول العلاقات الثنائية
10:30 25.04.2024
السيسي يحذر من التداعيات الكارثية لأي عملية عسكرية في رفح
10:16 25.04.2024
الأردن يحدد 10 سبتمبر موعداً لإجراء انتخابات مجلس النواب
10:00 25.04.2024
الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق مستقل في التقارير عن مقابر جماعية بمستشفيين بغزة
09:45 25.04.2024
أردوغان يعلن وقف العلاقات التجارية المكثفة مع إسرائيل
09:30 25.04.2024
ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي إلى 34 ألفا و262
09:15 25.04.2024
الصحفيين الأوزباك يزورون مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
09:00 25.04.2024
الملك سلمان يدخل المستشفى لإجراء "فحوصات روتينية"
17:00 24.04.2024
بلينكن يزور الصين للمرة الثانية في أقل من عام
16:30 24.04.2024
علييف يتحدث عن حرب غزة
16:00 24.04.2024
قري قازاخ الأذربيجانية الأربع في الإعلام العالمي
15:00 24.04.2024
مصر ترحب بالقرار الأذربيجاني الأرميني
13:45 24.04.2024
الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
13:30 24.04.2024
تزايد الدين العام يهدد التصنيف الائتماني لفرنسا
13:00 24.04.2024
جامايكا تعترف رسميا بدولة فلسطين
12:30 24.04.2024
ذعر أممي من المقابر الجماعية في غزة... ومطالبات بتحقيق
12:00 24.04.2024
في زيارة علنية نادرة... مسؤولون من كوريا الشمالية يصلون إلى إيران
11:00 24.04.2024
موسكو: تدريبات الناتو في فنلندا "عمل استفزازي"
10:30 24.04.2024
ميرزايف يتحدث عن حرق العلم الأذربيجاني والتركي في أرمينيا
10:00 24.04.2024
جميع الأخبار