من المستهدف من إعادة العلاقات العربية مع دمشق.. طهران أم أنقرة؟ رأي

بقلم الكاتب والمحلل السياسي محمود عثمان

تحليلات 12:00 06.01.2019

في خطوة لم تكن مفاجئة، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة إعادة فتح سفارتها بدمشق، تلتها مملكة البحرين، التي لا تقدم على خطوة ذات شأن دون استشارة أو طلب من الجارة والأخت الكبرى، وبينما تستعد بغداد للقيام بخطوة مماثلة، تقف بقية الدول العربية بين "المشتهية والمستحية"!

إعادة فتح السفارات سبقتها مطالبة من البرلمان العربي في مطلع ديسمبر / كانون الأول الماضي بعودة سورية إلى جامعة الدول العربية. لكن الحدث الأبرز كان أول زيارة لرئيس عربي لدمشق منذ 2011، فقد هبط الرئيس السوداني عمر البشير في مطار دمشق الدولي على متن طائرة روسية، ليتبادل الابتسامات العريضة وعبارات الدعم والتأييد لبشار الأسد ونظامه.

الرئيس السوداني عمر البشير الذي وصل دمشق بحماية روسية، كان محملا برسائل من جهات عديدة مختلفة، في مقدمتها رغبة خليجية بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع نظام بشار الأسد، تمهيدا لخطوات تأتي بعدها.

في السياق ذاته، جاءت زيارة علي المملوك رئيس مكتب الأمن الوطني، مستشار بشار الأسد إلى القاهرة، ولقاؤه برئيس المخابرات المصري مدير مكتب الرئيس، اللواء عباس كامل، لوضع اللمسات النهائية لإنهاء عزلة سورية، والتفاهم مع الرياض وأبو ظبي، فمصر منذ البداية كان لديها تنسيق مع نظام الأسد، خاصة فيما يتعلق بالجماعات المسلحة وانتقال العناصر الإرهابية بين البلدين، خاصة في سيناء.

الموقف العربي عموما والخليجي خصوصا لم يتغير فجأة، فقد سبقته خطوات عديدة، ليس أولها سحب الدعم الخليجي للمعارضة السورية بشكل تام، والتخلي عن مقولة "على الأسد الرحيل بالسياسة أو بالقوة"، ولا آخرها الدعم السخي من خلال المظلة الأمريكية لمليشيات بي كا كا / ي ب ج الانفصالية التي طعنت الثورة السورية في الظهر، وتبادلت الأدوار مع نظام الأسد، وشكلت تهديدا حقيقيا لوحدة سورية.

إذ لولا التدخل العسكري التركي في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، لكان الحديث اليوم عن وحدة الأراضي السورية ضربا من الأمنيات، ولأضحت دويلة عبد الله أوجلان في "روج آفا" واقعا وحقيقة على الأرض. عندها ماذا كان بوسع أشقاء الشعب السوري وأصدقائه فعله سوى إقناع السوريين بضرورة قبولها من باب ضرورات الواقعية السياسية.

** تعاطي الدول العربية مع الأزمة السورية

مع انطلاقة الثورة السورية عام 2011، وبعد استخدام نظام الأسد القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين، اتخذت دول الخليج العربي موقفا شجاعا منحازا لتطلعات الشارع السوري، وقد كان الموقف القطري سباقا إلى شجب حالة القمع الرهيبة التي مارستها قوات النظام تجاه المتظاهرين السلميين، ما دفع فريقا من الشبيحة إلى الهجوم على سفارة قطر في دمشق، احتجاجا على تغطية قناة الجزيرة المنحازة للثورة السورية.

وقد توج الموقف الخليجي بدعوة الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، السلطات السورية إلى وقف إراقة الدماء، وتخيير القيادة السورية بين الفوضى أو الاستقرار، بل إن وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل، دعا علانية إلى ضرورة تسليح المعارضة السورية كي تتمكن من صد عدوان نظام الأسد، ومنع مجازره بحق المدنيين.

في كانون الثاني / يناير 2012، وبعد شهرين من فشل أول مبادرة عربية تنص على وقف العنف والإفراج عن المعتقلين، وسحب الجيش من المدن السورية، تبنى وزراء الخارجية العرب مبادرة جديدة نصت على نقل سلطات الرئيس بشار الأسد إلى نائبه، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. لكن نظام الأسد رفض هذه المبادرة أيضا، ضاربا عرض الحائط بجميع المبادرات والحلول العربية، مؤكدا تصميمه على وقف الاحتجاجات الشعبية التي انفجرت في 15 مارس / آذار 2011 باستخدام القوة.

الحقيقة أن نظام الأسد لم يرفض المبادرات العربية فقط، بل رفض جميع المبادرات الدولية أيضا. لكن الفارق أنه تعامل مع المبادرات والاستحقاقات الأممية بأسلوب التحايل والالتفاف وتفريغ المضمون، ساعده على ذلك استخدام موسكو للفيتو 12 مرة.

شكلت الساحة السورية المختبر الميداني لجميع التناقضات والمنافسات والمناكفات بين الدول العربية، حتى تلك التي قدمت الدعم للثورة السورية، حيث أدت الانقسامات العربية إلى انقسمات داخل فصائل الجيش السوري الحر على حسب الجهات الداعمة، الأنكى من ذلك أن تلك الانقسامات تسببت في اندلاع معارك ضارية بين فصائل المعارضة السورية بالوكالة عن الداعمين، الأمر الذي سهل مهمة الروس والنظام والإيرانيين المتربصين، وفتح الطريق أمامهم لتسلم غوطة دمشق بسلاحها وعتادها دون قتال يذكر، بالرغم من وجود الأنفاق والتحكيمات ومستودعات الأسلحة وعنابر الأغذية التي تكفي للصمود والمقاومة أعواما، فيما لو اتحد الفصيلان الرئيسيان هناك، أو نسقا بينهما على أقل تقدير.

لكن عمق الشرخ بين الدول الداعمة حال دون التقاء الإخوة وهم يذبحون، فكانت النتيجة أن من فرقتهم الحرب جمعتهم "باصات" الترحيل نحو إدلب.

** دواعي التوجه أو "الحج العربي" نحو دمشق في هذا التوقيت

أولاـ الهدف المعلن من إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق هو حصار إيران، وإضعافها وقطع الطريق أمامها كيلا تذهب بعيدا نحو مزيد من تقوية وترسيخ تحالفها الاستراتيجي القائم مع نظام الأسد. لكن الواقع ينبئ بغير ذلك، حيث إن بشار الأسد ونظامه مدين بوجوده لإيران، فقد صرح أكثر من مسؤول إيراني في مناسبات عديدة، أنه لولا دعم طهران لسقط نظام الأسد منذ سنوات، وهذه حقيقة أصبحت من المسلمات عند من لديه أدنى علاقة بالشأن السوري.

على العكس من ذلك تماما، فإن إيران أصبحت اليوم أشد تفوقا وتمددا، وأكثر تأثيرا على المستوى الإقليمي والدولي، من خلال قدراتها الذاتية وتحالفاتها المتشابكة مع روسيا وغيرها، وأي دعم لنظام الأسد الذي يستند إلى كتف طهران، هو في الحقيقة دعم مباشر لإيران وليس إضعافا لها.

ثانياـ بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه سحب قواته من سورية، شعرت بعض الدول العربية التي تدعم المليشيات الانفصالية الكردية نكاية بتركيا، أن الفراغ الذي سيتركه الأمريكان سوف تملؤه تركيا، خصوصا أن قرار ترامب الانسحاب من سورية جاء مباشرة عقب مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي أردوغان، وحتى دون الرجوع إلى مستشاريه، وهذا مكسب استراتيجي لتركيا دون شك، مقابل هزيمة استراتيجية لتلك المليشيات ولداعميها أيضا. فأصبح استمرار الدعم يقتضي ترميم العلاقة مع نظام الأسد.

ثالثاـ لا يمكن إغفال الجوانب الاقتصادية، ومصادر النفط والغاز على وجه الخصوص، حيث يوجد في سورية قليل مكتشف وكثير غير مكتشف، وهذا ما يفسر انتشار القواعد الأمريكية في مناطق الشرق السوري، ومحاولات الروس والإيرانيين المستمرة السيطرة على المناطق الساحلية السورية. قد ينفع الحج إلى دمشق بهذا الوقت في النيل من الكعكة النفطية السورية، حيث اتجهت الإبرة نحو بقاء بشار الأسد.

رابعاـ ثمة دول عربية تنظر إلى الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية وتركيا على أنها أضحت بؤرة للإسلام السياسي، بسبب وقوف أنقرة إلى جانب ثورات الربيع العربي، واتباعها سياسة الأبواب المفتوحة أمام جميع من ضاقت به سبل العيش في بلادهم، سواء بسبب الاضطهاد السياسي أو / والديني، أو بسبب الحروب المشتعلة في أكثر من بلد عربي.

تتجه الأوضاع في سورية حاليا إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، الدول العربية والخليجية منها خاصة، تحاول احتواء نظام الأسد من خلال العلاقات الاقتصادية، عبر اللعب بورقة إعادة الإعمار هذه المرة. لكن تحالف نظام الأسد مع طهران لن ينفك ولن يضعف لمصلحة العرب، لسبب بسيط جدا، هو أن نظام الأسد ليس مضطرا إلى اتباع سياسة الموازنة بينهما كما كان في السابق.

 
الشيخ علي جمعة يحذر العالم من خطر يأجوج ومأجوج القادم من أرمينيا

أحدث الأخبار

تدشين اتحاد عمال مستقل في مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
18:30 28.03.2024
هل يتم التوقيع على اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
17:33 28.03.2024
إلمان مصطفى زاده: لا يمكن المساس بكرامة الأذربيجانيين
16:12 28.03.2024
علي ناغيف: فرنسا تحرض أرمينيا على حرب جديدة
16:02 28.03.2024
وساطة أفريقية لحل الصراع المسلح في الكونغو الديمقراطية
13:45 28.03.2024
المعارض ديوماي يفوز بانتخابات الرئاسة السنغالية
13:30 28.03.2024
قائد كتائب القسام يحث العرب والمسلمين على الزحف نحو فلسطين
13:15 28.03.2024
هل تبدأ الحرب العالمية الثالثة ؟
12:53 28.03.2024
حالة من الفوضي تعم مطار باريس
12:28 28.03.2024
مستقبلات إسرائيل على ضوء الحرب الراهنة
12:15 28.03.2024
وكالة الإغاثة التركية تقدم سفينتين لنقل المساعدات مباشرة إلى غزة
12:00 28.03.2024
ذكري تأسيس الأجهزة الأمنية في أذربيجان
11:53 28.03.2024
واشنطن لا تدعم مشروع خط أنابيب الغاز بين باكستان وإيران
11:45 28.03.2024
مؤسسة دولية تتوقع انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار بنهاية 2024
11:30 28.03.2024
مصر: مفاوضات سد النهضة استنزاف للوقت.. وإثيوبيا ستدفع الثمن
11:15 28.03.2024
محطة الضبعة النووية ستوفر لمصر 7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً
11:00 28.03.2024
رئيس الصين ينتقد الحواجز التكنولوجية خلال زيارة رئيس وزراء هولندا لبكين
10:45 28.03.2024
نشر معلومات جديدة عن الهجوم الإرهابي في روسيا
10:34 28.03.2024
رياح الجنوب تحمل الرمال الساخنة إلى جنوب شرق أوروبا
10:30 28.03.2024
آيرلندا تعتزم التدخل في قضية الإبادة المرفوعة ضد إسرائيل
10:15 28.03.2024
الفلبين تؤكد الإفراج عن طاقم ناقلة نفط محتجزة في إيران
10:00 28.03.2024
العراق يبرم اتفاقا لتوريد الغاز مع إيران لمدة 5 سنوات
09:45 28.03.2024
إسرائيل استهدفت 212 في غزة مدرسة بشكل مباشر
09:30 28.03.2024
أردوغان نبذل قصارى جهدنا لينعم إخواننا في غزة بالسلام
09:15 28.03.2024
ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 32 ألفا و490 شهيدا وأكثر من 74 ألف إصابة
09:00 28.03.2024
بيتر ثيس: أذربيجان أصبحت شريكًا مهمًا للناتو بعد الحرب الأوكرانية
18:30 27.03.2024
توفيق عباسوف: أرمينيا تسعي إلي دعم التوجهات المناهضة لأذربيجان في جورجيا
17:38 27.03.2024
الولايات المتحدة تفرض عقوبات علي الصين
16:09 27.03.2024
تواصل ردود الفعل على اتفاق جوجل وإسرائيل
16:03 27.03.2024
هجوم سيبراني صيني يضرب المملكة المتحدة ونيوزيلندا
15:06 27.03.2024
أوكرانيا وبولندا تكملان عقد المتأهلين إلى نهائيات يورو 2024
14:59 27.03.2024
من التالي بعد هجوم موسكو؟
14:07 27.03.2024
تحذير من رئيس صربيا بشأن خطر محتمل قد يعم البلاد
13:30 27.03.2024
ذكري وفاة أول رئيس جمهورية لأذربيجان
ذكري وفاة أول رئيس جمهورية لأذربيجان
13:23 27.03.2024
خبراء ينجحون في إذابة الثلج من على عدسة تليسكوب إقليدس
10:30 27.03.2024
الهجرة تتسبب بهلاك أو اختفاء أكثر من 63 ألف شخص في العقد الماضي
10:15 27.03.2024
هنية يلتقي عبد اللهيان في طهران... ويؤكد إسرائيل فشلت بتحقيق أهدافها
10:00 27.03.2024
الكاكاو يكسر حاجز الـ10 آلاف دولار للطن عالميا
09:45 27.03.2024
السعودية تستهدف دخول قائمة أكبر 10 دول في مجال السياحة
09:30 27.03.2024
الأزمة الطبية في مستشفيات قطاع غزة وصلت لمستوى لا يمكن تصوره
09:15 27.03.2024
جميع الأخبار