تم إنشاء عمليات حفظ السلام في وقت أدى فيه التنافس في الحرب الباردة إلى شل قدرات مجلس الأمن، في كثير من الأحيان، تلك الهيئة المكلفة بإنشاء البعثات وتحديد ولاياتها. نشرت 71 عملية حفظ السلام حول العالم، منذ إنشاء الأمم المتحدة، وكان هناك 57 عملية منها منذ عام 1988. كان دور بعثة حفظ السلام في المقام الأول
يقتصر على مراقبة وقف إطلاق النار، وهذا ما حدث في جامو وكشمير، عندما انتشر فريق المراقبين العسكريين في الهند وباكستان (في الصورة)، ونشرت قوات حفظ السلام في كانون الثاني/يناير 1949.
أول بعثة واسعة النطاق هي عملية الأمم المتحدة في الكونغو (ONUC)، التي أنشئت في عام 1960، ووصل عدد عناصرها حوالي 20000 جندي في ذروتها. تعتبر هذه البعثة تجربة مهمة في تاريخ بعثات حفظ السلام، فقد أظهرت المخاطر التي تنطوي عليها عمليات محاولة إحلال الاستقرار في المناطق التي مزقتها الحروب، حيث لقي 250 موظفا أمميا حتفه في تلك البعثة، من بينهم داغ همرشولد، أمين عام الأمم المتحدة آنذاك الذي لقي مصرعه في حادث تحطم طائرة أثناء محاولة التفاوض على اتفاق سلام. تظهر الصورة عناصر من الوحدة الهندية يساعدون ضابطا هنديا جريحا في عربة مدرعة.
في إطار قوة الطوارئ التابعة للأمم المتحدة المعنية بأزمة قناة السويس، تم نشر أول قوة حفظ السلام تحمل السلاح في عام 1956. كانت مهمتها ضمان ومراقبة وقف الأعمال العدائية، بما في ذلك انسحاب القوات المسلحة الفرنسية والإسرائيلية والبريطانية من الأراضي المصرية، والعمل كفاصل بين القوات المصرية والإسرائيلية. واستخدمت القوة جميع وسائل التنقل التي كانت متاحة آنذاك من أجل القيام بعملها.
مع نهاية الحرب الباردة، تغير السياق الاستراتيجي لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام بشكل كبير من المراقبة إلى ضمان تنفيذ اتفاقات السلام. تم إرسال قوات حفظ السلام (بما في ذلك من هولندا في الصورة) إلى كمبوديا بعد انتهاء الحرب الأهلية هناك في عام 1991، من أجل دعم عمل حقوق الإنسان، وإجراء الانتخابات، والمحافظة على القانون والنظام، وإعادة تأهيل البنية التحتية التي دمرت خلال الحرب والمساعدة في إعادة الفارين إلى بلداتهم وإعادة توطينهم.
تنتشر في أفريقيا العدد الأكبر من بعثات حفظ السلام، أكثر من أي قارة أخرى. انتهت جميع هذه البعثات في بلدان غرب أفريقيا التي كانت موبوءة بالنزاع في ليبريا وسيراليون وكوت ديفوار، بعد إكمال ولاياتها بنجاح. ساهمت جهود نزع السلاح التي أشرفت عليها البعثة بالاستقرار على المدى الطويل. يوجد حاليا سبع بعثات لحفظ السلام تعمل في القارة.
بعد سنوات طويلة من الصراع، وصلت قوات حفظ السلام إلى تيمور الشرقية في عام 1999، من أجل دعم عملية تشاورية شعبية لتحديد مستقبل تيمور الشرقية. في أعقاب استفتاء مدعوم من قبل الأمم المتحدة، استقلت تيمور الشرقية في عام 2002. غادرت البعثة تيمور الشرقية عام 2012، بعد أن جلبت السلام إلى المنطقة ونفذت مجموعة من المهام بما في ذلك أجراء التحقيقات. (في الصورة) أحد ضباط شرطة الأمم المتحدة التايلنديين (يسار) يتناقش حول قضية ما مع ضابط شرطة وطني.
وفي هايتي، ساعدت قوات حفظ السلام في انتقال البلاد إلى الديمقراطية، وكذلك في دعم جهود إعادة الإعمار والاستقرار التي أعقبت زلزال يناير / كانون الثاني 2010 الذي أودى بحياة نحو 220 ألف شخص من بينهم 96 فرداً من حفظة السلام.
يجري نشر عدد متزايد من النساء كجنود حفظ سلام في مناطق الصراعات. ففي مالي مثلا، هناك حوالي 38 امرأة من بوركينا فاسو ضمن البعثة. ويتمركز هؤلاء أساسا في شمال مالي، ويعملون على توفير أمن قوافل الخدمات اللوجستية، والعمليات العسكرية من أجل أمن السكان المدنيين وحماية معسكرات الأمم المتحدة.
خلال عامين من ولادتها عام 2011، دخلت جنوب السودان في صراع أهلي، وتمكنت القوات الهندسية التابعة للأمم المتحدة بإعادة تأهيل مئات الأميال من الطرقات. كما تحسن وصول المساعدات الإنسانية وزاد عدد الدوريات التي يقوم بها أفراد حفظ السلام ما منح السكان المحليين الشعور بالأمان. (الصورة) الطريق بالقرب من بيبور في شرق البلاد، قام مهندسو كوريا الجنوبية بإصلاحه، ساعد الطريق بتنشيط الحركة التجارية وزيادة توافر السلع في الأسواق المحلية.
بعد سبعين عاما من نشر بعثة لحفظ السلام، لا يزال هناك 14 بعثة عاملة في جميع أنحاء العالم. ويبقى حفظ السلام عمل محفوف بالمخاطر. فمنذ عام 1948 لقي أكثر من 3700 فرد من قوات حفظ السلام مصرعهم أثناء تأديتهم مهامهم. هجمات الإرهابيين على قوات الأمم المتحدة في مالي، جعلها من بين أكثر البلدان خطرا للعمل فيها. وأقيم حفل تأبين لثلاثة من حفظة السلام، اثنين من تشاد والآخر من النيجر - قُتلوا خلال الهجمات التي وقعت يومي 5 و6 أبريل / نيسان في شمال البلاد.