كتب نبيل هيثم في صحيفة "الجمهورية": رائحة البارود السياسي المتفجّر على خط التأليف، وصلت إلى جنيف؛ قصف متبادل بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، التراشق محتدم على الخط الدرزي، وقصف برتقالي في كل الاتّجاهات، وتشهير بماضي الميليشيات، وماكينات خفيّة تفبرك من غرفها المغلقة روايات وتشكيلات حكومية ترفع أسماء وتُسقط أسماء، وتفتح بازار الحقائب وتبعثرها في هذا الاتّجاه أو ذاك، ودخان مفتعل يحجب مصير الحكومة. كل ذلك يسابق اللقاء المنتظر بين شريكي التأليف رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري.في هذا الجوّ المسدود، يصبح الحديث عن حصول اختراق على خط التأليف، نوعاً من الافتراء على الواقع الحكومي المعقّد، انتهت مهلة الأيام العشرة التي حدّدها الرئيس المكلف، وبالتأكيد سيذهب إلى تحديد مهلة إضافية مُدخلاً نفسه في رهان جديد على خطوة يخطوها إلى الأمام في وضع سياسي لا يبشّر بتمكنه من عبور حقل الألغام التي يزرعها المتصارعون على ابتلاع الحكومة قبل أن تولد.
قصف متبادل وماكينات خفية تفبرك تشكيلات.. وبري يناشد: إفتحوا باب الفرج!
في هذا الجوّ، تبقى الفرضيّة الأقرب إلى الواقع أن لا حكومة في المدى المنظور، فلا العقدة المستعصية بين التيار والقوات قابلة للحلّ أو حتى لبعض ليونة من الجانبين، ولا العقدة الدرزية تمكنت من الرسوّ على مخرج ، ولا عقدة تمثيل سنّة المعارضة وجدت الطريق إلى تجاوزها بطريقة حبّية. ما يعني أنّ الصورة على حالها دون أيّ تغيير منذ انطلاق عجلات التأليف في دورتها الأولى قبل أربعة أشهر. والأصعب من كل ذلك أنّ لعبة تقاذف كرة التعطيل مازالت في ذروة انتعاشها وحيويتها. ويعزّز استمرارها على هذا النحو المنطق القائل: لا تُتعبوا أنفسكم، فلا حكومة في لبنان قبل آخر السنة.
رئيس الجمهورية يرمي الكرة في ملعب الرئيس المكلف، وينتظر ما سيقدّمه اليه، والرئيس المكلف يقول إنه لم يترك زاوية إلّا وحاول أن يدوّرها، ولكن من دون نتيجة حتى الآن.
رئيس الجمهورية يعتبر أنّ لقاءَه المقبل مع الرئيس المكلف يجب أن يكون حاسماَ فلم يعد جائزاً تضييع المزيد من الوقت.
الرئيس المكلف يبدو وكأنه وصل إلى مفترق بين خيارين؛ إما أن يستسلم لواقع التعطيل ويتعايش معه ويملأ الفراغ باتّصالات ومشاورات لا تقدّم ولا تؤخّر، وإما أن يبقّ الحصة فعلاً، كما سبق ووعد، ويبادر الى وضع صيغة حكومية على قاعدة: "هذه حكومتي، هذا أفضل الموجود، والكرة في ملعبكم". بالتأكيد إنه بهذه الخطوة يُحدث صدمة على خط التأليف، ويحشر فيها الجميع، فهل يبادر إلى هذه الخطوة بوصفها آخر الدواء؟
قبل سفره إلى جنيف للمشاركة في المؤتمر البرلماني الدولي، رأى الرئيس نبيه بري بصيص أمل، وتناهى اليه كلامٌ إيجابي من مطبخ التأليف أوحى باقتراب لحظة إدخال الحكومة إلى غرفة الولادة. فدخل اليه الأمل في أن تبصر الحكومة النور لتأخذ على عاتقها مسؤولية إيلاء الوضع الاقتصادي ما يتطلّبه من عناية وعمليات جراحية تحدّ من اهترائه وتعيد اليه بعض النبض والحيوية، فانتظر علّه يتلقى ما يُفرح، وحتى الآن ما زال ينتظر، من دون أن يجازف بوجود إيجابية مبشرة بقرب الفرج الحكومي.
لدى سؤاله عن أخبار بيروت، يجيب سريعاً: "ولا شي".
كان بري في جوّ "أنّ الناس رح تحكي مع بعضها"، والأهم هنا هو التواصل بين رئيسي الجمهورية والحكومة. فهنا بيت القصيد. كان ينتظر أن يرده خبر من لبنان بأنّ الحريري سيزور عون، علّ هذه الزيارة تحمل البشرى بولادة الحكومة، لكنّ شيئاً من هذا لم يحصل. بل إنّ التواصل بين الرئيسين أفضى إلى موعد بينهما خلال هذا الاسبوع. وزادت الأمر غموضاً وضبابية اللغة الحربية التي فُتحت مابين التيار الوطني الحر والقوات، وما زالت في ذروة أحتدامها.
قيل لبري: ما الذي يمنع ولادة الحكومة حتى الآن؟
اجاب: الأمور واضحة لا تحتاج إلى تبصير.
ومعلوم هنا انه يرى العقدة الأساس والتي تهون بعدها سائر العقد، هي العقدة بين التيار والقوات. وسبق له أن حدّد سبيلاً وحيداً لحلّ هذه العقدة وغيرها من العقد وهو أن ينزل كل الأطراف كل عن شجرة شروطه وتصعيده إلى أرض التواضع والعقلانية والموضوعية التي توجب التحسّس بشعور المسؤولية حيال الوضع الاقتصادي المهترئ والذي يتهدّد لبنان في كل مفاصله.
قيل لبري: ماذا لو وردك خبر اتفاق الرئيسين على الحكومة؟
اجاب: قبل كل شيء المهمّ يتفقوا..
DİGƏR XƏBƏRLƏR
Hamısıالأخبار اليومية