في إقليم تيغراي مهد الصراع المسلح الذي خرج من رحمه الائتلاف الحاكم في إثيوبيا قبل 27 عاماً، يتزايد الشعور بالغضب إزاء حملة يشنها رئيس الوزراء ألإثيوبي الجديد أبيي أحمد على قيادات الإقليم التي كانت تتمتع في وقت من الأوقات بنفوذ كبير.
وعلى رغم أن المنتمين لعرق تيغراي الذي يسكن تلالاً وعرة لا يمثلون سوى أقلية صغيرة في بلد يتجاوز عدد سكانه 100 مليون نسمة فقد هيمن على هياكل السلطة منذ 1991 عندما أسقطت «الجبهة الديموقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية» حكم نظام عسكري ماركسي.
والآن يتعرض كثيرون من قيادات عرق تيغراي للاعتقال أو التهميش في إطار محاولات أحمد وضع حد لما كان يحدث في الماضي من انتهاكات. وقال أحد مستشاري أحمد إن رئيس الوزراء عزل 160 من كبار قادة الجيش بسبب تصرفات قال إنها تصل إلى مستوى من «إرهاب الدولة».
وفي ميكيلي عاصمة إقليم تيغراي وفي القرى القريبة منها يترسخ في نفوس الناس شعور الحصار، إذ يقولون إنهم يشعرون بأنهم يتعرضون للهجوم. وربما تمثل مشاعر الإحباط خطراً على رئيس الوزراء (42 سنة) الذي يدعو شعبه الى دعم «الإصلاحات لا الثورة».
وفي مقاهي الشوارع في ميكيلي والحقول الواقعة خارج المدينة يقول أفراد من عرق تيغراي إنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي بينما تستخف شخصيات وطنية بإقليمهم وتاريخهم.
وقال جيتاتشو ريدا وهو من كبار الساسة في تيغراي وعضو «الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية» وشغل منصب وزير الإعلام في الحكومة السابقة: «ثمة جهود لمحاصرة شعب تيغراي. لكننا لا نعتقد بأن هذا سيفلح لأن لنا باعاً طويلة لا في الدفاع عن أنفسنا فحسب وإنما في مواجهة أي تحد».
واتهم جيتاتشو أحمد الذي ينتمي الى عرق الأورومو، أكبر الجماعات العرقية في البلاد، باتباع عدالة انتقائية.
وقال إن شعب تيغراي ثار غضبه عندما اعتقلت السلطات 60 مسؤولاً، كثير منهم من المنطقة، للاشتباه بارتكابهم انتهاكات لحقوق الانسان والفساد. وكان من هؤلاء أعضاء تنفيذيون كبار في مجموعة ميتيك الصناعية الكبرى التي يديرها الجيش.
وأضاف أن «أحمد يتحكم في الخطاب الدولي لكنه لا يسيطر بالضرورة على البلاد».
وتناول أحمد الاتهام في بيان الأربعاء الماضي فقال: «مثلما لا نتهم الغابة بما فعلته شجرة واحدة، نحن لا نلقي بالاتهامات أو نشير بأصابعنا إلى أي قبيلة فيما ارتكبه أفراد من جرائم».
وقال أحمد في خطاب ألقاه الشهر الماضي إن الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي استمرت ثلاث سنوات وساعدت في دفعه إلى مقاعد السلطة في نيسان (أبريل) تبرهن أن الإثيوبيين لن يسمحوا بعد الآن «بالتخلف والظلم». وأضاف: «انطلاقاً من هذا المفهوم، أخذنا على عاتقنا باستمرار تنفيذ إصلاحات مختلفة في الأشهر السابقة لتغيير ثقافتنا ونظامنا ومؤسساتنا السياسية».
ويحظى هذا الخطاب بالقبول لدى كثيرين من الاثيوبيين الذين ساءتهم هيمنة شعب تيغراي على مؤسسات مثل الشرطة الاتحادية التي كانت تلجأ للعنف في قمع الاحتجاجات.
واتهمت جماعات عرقية أخرى أكبر تيغراي بفرض نظام اتحادي قائم على الهوية العرقية وعلى شعار «فرق تسد».
وفي العاصمة أديس أبابا ومدن أخرى تنتشر صور أحمد على ملصقات وقمصان ولافتات. لكن لا شيء من ذلك في إقليم تيغراي الذي تتزايد فيه مشاعر الاستياء منه.