«رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة».. تلك الجملة التي قد تغير في حياة الكثيرين أصحاب الطموح والإبداع، المبتكر الإماراتي مشعل المرزوقي، يعد نموذجاً ناصعاً يعكس معنى هذه الجملة، خاصة أنه أصبح ملهماً لكثير من الشباب المواطنين لنهج خطواته نفسها، لعلهم يحظون يوماً ما بتكريم متميز من الإمارات.
كما حصل نتيجة لابتكاراته وإنجازاته المتعددة في مجال «هندسة الميكاترونكس»، فالمرزوقي استطاع أن ينجز 10 ابتكارات مهمة في مجالات متعددة أبرزها طائرات بلا طيار وتطبيقات لمساعدة الأطباء وكتاب يعكس تجربته.
بدايات ملهمة
وكانت البدايات مع أحلام الطفولة، حيث أحبّ الهندسة لديه منذ الصغر، فكان يميل لاستخدام أدواتها ويرتدي زي المهندسين، وتعزز الطموح بتوفر الموهبة عنده، التي نمّاها بالدراسة المتخصصة في مجال الهندسة وعلومها.
حيث حصل على بكالوريوس هندسة ميكاترونكس من كليات التقنية العليا بدبي، وماجستير الإدارة في القيادة التنظيمية من جامعة حمدان بن محمد الذكية، وماجستير العلوم في الإبداع والتغيير، فيما عزز ذلك بابتكار اختراعات وتطبيقات وجدت لنفسها مكاناً متميزاً ضمن ابتكارات الشباب الإماراتيين الآخرين.
المرزوقي خلال مدة قصيرة نسبياً، استطاع أن ينجز 10 ابتكارات مهمة في أكثر من مجال، ومن ضمنها طائرة من دون طيار تستخدم في القطاع الطبي، وتنقل الأدوية للمرضى، فضلاً عن نقل أكياس الدم للمصابين بإصابات بسيطة وغيرها من الاستخدامات الأخرى الإسعافية.
إضافة إلى ذلك يوجد ابتكار آخر لطائرة من دون طيار خاصة بمواجهة مشكلات طوارئ الطرق، وتوجد في محطات البترول على الطرق الخارجية للمساعدة في التدخل السريع لأي شخص حدث له ظرف طارئ، كما ابتكر كذلك نظام محاكاة يستخدم في تدريب الموظفين على أنظمة المترو والتعامل مع أي ظرف طارئ يحدث أثناء عملهم.
تطبيقات نوعية
ولأن المبدعين لا يتوقفون في إنجازاتهم عند حدٍ، يشير المرزوقي إلى أنه يعمل حالياً على ابتكار تطبيق يخدم الأطباء المعنيين بالصحة النفسية، من خلال الاستفادة من المعلومات الخاصة بالمرضى التي يسجلونها، وتحليلها بحيث تتم مساعدة الطبيب على الوصول لأفضل التدخلات الطبية للحالات التي ترد إليه.
كما يوجد أيضا طائرة من دون طيار متخصصة بالمسح الجغرافي ويتم العمل عليها بالتعاون مع طلبة جامعيين لاكتشاف الأماكن التي توجد بها مياه جوفية، واكتشاف المعادن.
ومن مميزات هذه الابتكار تقليل الكلفة بنسبة 70 % عن مثيلاتها في المجال نفسه، فضلاً عن تقليل الوقت المهدر من 6 شهور لأسبوع واحد فقط، ما يعكس أهمية هذا الابتكار مستقبلياً، خاصة أن هناك دعماً مقدماً من جائزة أبوظبي لرواد التكنولوجيا بهدف تحويل المشروع إلى منتج تجاري في الأسواق، كما أنها ساعدته للحصول على براءة اختراع.
ويؤكد تعاونه مع طلبة كلية التقنية في تطوير بعض الابتكارات والأفكار التي يعمل عليها، وذلك لإفادتهم من خبراته، وتعويدهم على الولوج لهذا العالم المثير بقوة لإنجاز الأفضل دائماً،.
مشيراً لاشتراكهم في مشروعات مثل الطائرة من دون طيار الطبية، والذين طوروا بجهودهم أموراً فنية مهمة، والمشروع الآخر لطائرة المساعدة على الطريق، مثنياً كثيراً على مثل هذه الشراكات والتجارب الملهمة له وللآخرين من الطلبة.
تميّز واضح
وعن سبب تميّزه يوضح مشعل أن رضا الوالدين ودعم مختلف المؤسسات والقيادة الحكومية، فضلاً عن شغفه الدائم وسعيه نحو التغيير الإيجابي لنفسه ولمجتمعه، كلها أشياء وفرت له تميزاً كبيراً وساعدته على الانطلاق نحو آفاق أرحب من النجاحات المستمرة في أكثر من اتجاه ومجال.
مبيناً في الوقت ذاته أن فوزه ببعض الجوائز جعل استمرار نجاحه أمراً لا مفر منه، حيث إن العلوم تحتاج الانطلاق من آخر نقطة تم الوصول إليها لنقاط وأفكار جديدة، وهذا هو ما ميّز العلوم والبحث، الذي لا يقف عند حدٍ معين.
المرزوقي كذلك لم يوقف إبداعاته عند حدٍ الابتكارات التقنية، بل اتجه إلى تجسيد معلوماته وأفكاره وتحويلها إلى كتاب متخصص عنونه بـ«الميكاترونيكس بوجهة نظر إماراتي»، حيث أراد له أن يحوي عصارة إبداعاته وأفكاره، وإفادة المجتمع بها، خاصة أن هناك كثيرين لا يعرفون هذا العلم وأهميته، إذ إن الميكاترونكس هو مصطلح جديد.
فيما تتألف كلمة «الميكاترونكس» من جزأين، هما: ميكا ويدل على صلة هذا العلم الوثيقة بالهندسة الميكانيكية، وترونكس الذي يدل على ارتباط هذا العلم بالهندسة الإلكترونية.
لافتاً إلى أن الكتاب المؤلف من 10 أبواب عكس فيه تخيله لصورة العالم المتوقعة في العام 2050 مثل بشر يستوطنون المريخ، الذين يزورهم أشخاص يأتون إليهم مستخدمين قطاراً فضائياً يصل الأرض بالكوكب الأحمر، يعمل بالطاقة الشمسية ويسير بسرعة 3000 كلم في الثانية، و«روبوتات» تُبحر في الجسم لتشخص الأمراض وترسل نتائجها إلى الأطباء.
جوائز مهمة
أما عن الجوائز التي ميّزت مشواره، فأشار لبعضها، مثل المركز الثاني في مسابقة مهارات الإمارات «فئة الميكاترونكس» على مستوى كليات وجامعات الدولة، وعلى المركز الثالث في جائزة الإمارات للطائرات من دون طيار.
كما حصل على لقب أول خبير ومحكم دولي إماراتي في هندسة الميكاترونكس من قبل «مهارات الإمارات» التابعة لمركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني في مسابقات مهارات العالم.
ويلفت مشعل إلى أن الإبداع والابتكار أصبحا جزءاً رئيساً في حياتنا اليومية، لا ينفصل عنها من حيث استخدامات مفرداته في كل مصالحنا في أي جهة، وأن ترتيبه تقدم كثيراً في اهتمامات وحياة المجتمعات حتى أصبح في الصدارة، بعد أن كان يحتل ترتيباً متراجعاً نوعاً ما.
مبيناً أن الجميع مدعوون لتغيير واقعهم نحو أمر إيجابي وتغيير واقعهم واحتياجاتهم بما يتاح لهم من ابتكار أي شيء مفيد، حتى لو ابتكر طريقة ما للاستفادة من وقته مثلاً.
وعن طموحه يبيّن المرزوقي أنه لا سقف له، فهو مستمر ومتواصل، ويبدأ كل يوم من حيث انتهى في اليوم الماضي عليه، فيما يعتقد أن الأهم من ذلك هو ترك تأثير إيجابي في مجتمعه، يمكن من خلاله تغيير واقع الحياة للأفضل.
مناسبة مثالية
أكد مشعل المرزوقي أن شهر الابتكار أصبح المناسبة المثالية التي أرادتها قيادة الدولة، حتى يجتمع فيها المطورون والمبتكرون خاصة الجامعيين، وذلك لتعزيز هذا النهج وتكريسه في نفوس الجميع، ولذلك من المهم أن يكون فرصة لإطلاق هذه الابتكارات لآفاق من الاستخدام والاستفادة منها بعد تطويرها، ونقلها من فكرة لتكون حقيقة.
.jpg)
