أعلنت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن أن بلادها ستشدد قوانين امتلاك السلاح، بعد مقتل 50 شخصاً خلال مجزرة نفذها مسلح يميني متطرف في مسجدين في مدينة كرايست تشيرش. في الوقت ذاته، طالب قيادي مسلم بمواجهة "تصاعد الكراهية".
وقالت أرديرن بعدما توصّل مجلس الوزراء الى قرارات مبدئية في شأن إصلاح قوانين امتلاك السلاح: "بعد 10 أيام من هذا العمل الإرهابي المروّع، سنكون أعلنا إصلاحات أعتقد بأنها ستجعل مجتمعنا أكثر أمناً".
وأشارت الى انها تؤيّد فرض حظر على الأسلحة الآلية، وحضّت مالكي أسلحة يفكرون في تسليمها، على فعل ذلك. واضافت: "الدرس الواضح الذي علّمه لنا التاريخ في العالم، هو أن نجعل مجتمعنا أكثر أمناً. حان وقت التصرّف. أعتقد بشدة بأن الغالبية الساحقة من مالكي الأسلحة في نيوزيلندا ستتفق مع الشعور العام بأن تغييراً يجب أن يحدث". وتابعت وإلى جانبها نائبها شريكها في التحالف وينستون بيترس: "اتخذنا قراراً بوصفنا حكومة، نحن متحدون".
بيترس الذي سبق أن عارض حزبه "نيوزيلندا أولاً" التعديلات، أكد أنه يدعم رئيسة الوزراء، قائلاً في اشارة الى موعد الهجوم: "بعد الساعة الواحدة ظهر الجمعة، تغيّر عالمنا الى الأبد وكذلك ستتغيّر قوانينا".
وأعلنت ارديرن فتح تحقيق في الهجوم، فيما تدور تساؤلات حول ما إذا كانت اجهزة الاستخبارات فشلت في رصد تحذيرات مبكرة. وذكرت الشرطة أن 250 محققاً ومتخصصاً من أنحاء البلاد يعملون على التحقيق.
وكانت رئيسة الوزراء أول الموقعين في كتاب لتقديم التعازي افتتحته (الاثنين) في العاصمة ويلينغتون. وكتبت فيه: "نيابة عن شعب نيوزيلندا بأكمله. نحزن معاً. نحن واحد. إنهم نحن".
وأعلن منظمو أضخم عرض للأسلحة في نيوزيلندا، قرب أوكلان، الغاء المعرض نتيجة "اخطار أمنية مرتفعة".
وقال ديفيد تيبل، مدير متجر "غان سيتي" للأسلحة في كرايست تشيرش، إن تارنت اشترى 4 أسلحة وذخائر من المتجر عبر الإنترنت في شكل قانوني، بين كانون الأول (ديسمبر) 2017 وآذار (مارس) 2018. واستدرك ان المتجر لم يزوده سلاحاً قوياً استُخدم في المجزرة.
لكنه ذكر انه يشعر بالمسؤولية عن عملية القتل، وتابع: "لم نرصد أي شيء استثنائي في شأن حامل الرخصة".
وعلى رغم تشديدها الضوابط في تسعينات القرن العشرين، بعد عملية قتل جماعية، تبقى قوانين نيوزيلندا المتعلّقة بالأسلحة متساهلة نسبياً، اذ تُمنح التصاريح تقريباً لكل شخص يطلب امتلاك أسلحة.
وهناك نحو 1.5 مليون قطعة سلاح في نيوزيلندا التي يقطنها 5 ملايين فرد. ويصدر ترخيص حمل السلاح للأفراد، لا للسلاح، ما يعني أنه ليست هناك رقابة على عدد الأسلحة التي يمكن لفرد امتلاكها. لكن الجرائم العنيفة نادرة في البلاد والشرطة غالباً لا تحمل أسلحة.
تارنت الذي مثل أمام محكمة (السبت) واتُهم بالقتل، عزل محاميه ريتشارد بيترز، الذي عيّنته المحكمة لتمثيل الجاني أثناء جلسة استماع أولية. وقال بيترز إن تارنت "أشار إلى أنه لا يريد محامياً. يريد أن يمثل نفسه في القضية".
وقلّل من مزاعم بأن تارنت قد لا يكون لائقاً عقلياً للمثول أمام المحكمة، قائلاً: "الطريقة التي قدّمها كانت عقلانية وتشي بشخص لا يعاني أي إعاقة عقلية. هكذا ظهر. بدا أنه يفهم ما الذي يحدث" حوله. وتابع: "كان بكامل قواه العقلية. يروق له ما هو بصدده كما يبدو، وسبب وجوده هناك".
وأكد مصطفى فاروق، رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في نيوزيلندا، ثقته بالنظام القضائي، قائلاً: "بوصفنا مجتمعاً نودّ أن يمرّ ذلك الشخص بالعملية القانونية ومنحه كل حقوقه. نؤمن بالنظام القضائي هنا وواثقون بأنه سيُنفذ بالطريقة الصحيحة".
واضاف: "ندرك أننا نعيش في بلد يرحّب بنا ويحبنا. إنه أحد أجمل البلاد في العالم وأكثرها سلمية". واعتبر أن الرسالة الموجّهة للذين ينشرون الكراهية هي أنهم "فشلوا في شكل يُرثى له"، وزاد: "لأن ما فعلوه، إن كانوا فعلوا شيئاً، هو أنهم زادوا من الحب ومن المشاعر التي نكنّها لبلدنا، ورأينا أيضاً فيضاً هائلاً من الحب، نسمّيه أروها في نيوزيلندا". ويشير بذلك إلى كلمة باللغة الماورية تعني الحب.
واستدرك: "يجب عدم السماح باستمرار تصاعد الكراهية، خصوصاً من اشخاص يطلقون على أنفسهم صفة التيار اليميني، سواء كانوا جماعات صغيرة أو ساسة طائشين".
وأدى سكان أصليون مراسم ماورية خاصة عند المسجد، ثم زار عشرات من الطلاب موقع الهجوم، وأدى بعضهم رقصة هاكا الماورية التقليدية. وفي أوكلاند تجمّع طلاب كلية أوريوا ليشكّلوا قلباً ورسالة "كيا كاها" التي تعني "إبقوا أقوياء" باللغة الماورية.
وشارك عشرات الآلاف في وقفات لتكريم الضحايا، في أنحاء نيوزلندا، وجمع موقع الكتروني لدعم الضحايا تبرعات بأكثر من 5.5 مليون دولار نيوزيلندي (3.8 مليون دولار أميركي).
لكن شعوراً بالإحباط يتفاقم لدى أسر القتلى، نتيجة عدم تسلّم جثثهم لدفنها، إذ لا يمكن الإفراج عن الجثث قبل الانتهاء من تشريحها.
وقالت ريحانة علي، منسقة شؤون المرأة في اتحاد الجمعيات الإسلامية النيوزيلندية: "هؤلاء الأشخاص ماتوا وهم يصلّون، وهم في طريقهم إلى الصلاة في يومنا المقدس، يوم الجمعة، وهم في محيط أماكننا المقدسة. وماتوا في سبيل الإيمان، لذلك فإن الإيمان هو جزء من عملية التعافي لأحبائهم".
الى ذلك، أعلنت الشرطة الأسترالية أن جهاز مكافحة الإرهاب فتّش منزلين مرتبطين بتارنت، لـ "الحصول رسمياً على مواد من شأنها أن تساعد الشرطة النيوزيلندية في تحقيقها". واضافت أن عائلة الجاني "تواصل مساعدة الشرطة".
واعلن مسؤولون إسرائيليون أن تارنت زار الدولة العبرية 9 ايام في تشرين الاول (اكتوبر) 2016، بعدما دخلها بتأشيرة دخول سياحية مدتها 3 أشهر.
وذكر وزير الداخلية الأسترالي بيتر دوتون أن تارنت أمضى 45 يوماً فقط في بلاده، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، كما لم يكن مدرجاً على لوائح الإرهاب.
وشملت رحلات الجاني باكستان وكوريا الشمالية واليونان وكرواتيا وبلغاريا وصربيا ومونتينيغرو والبوسنة والهرسك ورومانيا وهنغاريا.
وأعلن فريق "كانتربيري كروسيدرز"، بطل نيوزيلندا في الرغبي، أنه يدرس تغيير اسمه الذي يعني "صليبيو كانتربيري"، بعد انتقادات.
وحملت الأسلحة التي استخدمها تارنت كتابات، بينها أسماء شخصيات من الحملات الصليبية في العصور الوسطى.
ومثل مراهق أمام محكمة (الاثنين)، لاتهامه بنشر تسجيل بثّه الجاني مباشرة لجريمته على موقع "فايسبوك".
الى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الاسترالي سكوت موريسون انه سيخصّص 55 مليون دولار استرالي (39 مليون دولار اميركي) من أجل حماية مؤسسات، مع أولوية تشديد الامن حول "المدارس الدينية وأماكن العبادة والتجمعات الدينية".