ينبغ أن ينظر إلى الاجتماع الأخير لوزير الخارجية للاتحاد الروسي سيرجي لافروف ووزيرأوروبا والشؤون الخارجية للجمهورية الفرنسية جان- إيف لو دريان (Jean-Yves Le Drian) في سياق تاريخي وكذلك في سياق سلسلة من الأحداث العالمية في الآونة الأخيرة.
وقد تجلى الجانب التاريخي بوضوح خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى باريس ولقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي تتزامن مع الذكرى ال300 لزيارة بطرس الأول لفرنسا. وفي الواقع، فإنه لتقاليد التعاون الدبلوماسي والعسكري الروسي والفرنسي تاريخ طويل. وربطت البلدين أحيانا العلاقات الخاصة التي أثرت إلى حد كبير في تكون الأجندة الأوروبية. هكذا، كان في عهد روسيا قبل الثورة، كما كان في عهد الاتحاد السوفياتي، وتبذل مثل هذه المحاولات في الآونة الأخيرة.
فلاديمير بوتين وإيمانويل ماكرون في فرساي
وضعت التطورات العالمية الراهنة بوضوح الأسس الجديدة المكونة من عدة عناصر، قد تشكل نوعا جديدا من التعاون بين روسيا وفرنسا.
أولا، الوضع في سوريا. يلعب الجانب الروسي الآن دوراً ريادياً في حل النزاع المستمر هنا منذ عقود. مع ذلك كانت سوريا تاريخيا مرتبطة بفرنسا في الشؤون الدولية. استمر الانتداب الفرنسي في سوريا حتى عام 1943، وفي عام 1961 فقط أصبح البلاد قادراً على تحقيق السيادة الكاملة كدولة مستقلة. ولكن استمر تأثير باريس على دمشق أكثر من عقد واحد. في مثل هذه الظروف، فمن الطبيعي أن تمثل باريس بالضبط أوروبا في الحوار بين الاتحاد الأوروبي وروسيا بشأن القضية السورية.
ثانيا، الكفاح ضد الإرهاب الدولي. وفي هذا الصدد، تضرر كلا البلدين من أعمال الجماعات الإسلامية المتطرفة، وأنه يجمع بين الطرفين في الحوار بشأن هذه القضية.
ثالثاً، تشارك روسيا وفرنسا في "صيغة نورماندي" لتسوية الأزمة في شرق أوكرانيا، كلا البلدين عضوان في اتفاقية مينسك. تشكل المسؤولية المشتركة للحفاظ على المفاوضات الحالية وتحقيق الاتفاقات التي تم التوصل إليها أيضا أساسا لحوار بناء حول هذه القضية المشار إليها.
صيعة نورماندي
رابعاً: العلاقات الحالية بين أوروبا والولايات المتحدة وكذلك روسيا والولايات المتحدة. وفي الحالتين الأولى والثانية نرى حقن الخلفية السلبية، وزيادة التوتر وعدم الثقة المتبادلة، وعدم التفاهم بين الطرفين. مؤخراً جرت زيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب في أوروبا التي أثارت خيبة الأمل لدى الكثير من السياسيين الأوروبيين، وفي حين سير المحادثات الروسية الفرنسية فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة ضد روسيا. يوفر ضعف التعاون عبر الأطلسي والحوار أرضية لبناء علاقات بديلة. قد يكون مجرد حوار بين روسيا و دول الاتحاد الأوروبي أحد هذه الاتجاهات.
أصبحت هذه المواقف أربعة المشار إليها أحجار الزاوية الأربعة لأسس جديدة للحوار الروسي- الفرنسي.
وهكذا، وضعت محادثات سرجي لافروف مع جان-إيف لوريان أساساً لانتقال الاتصالات بين البلدين إلى مستوى مناقشة صيغة من المواضيع الراهنة المحددة التي يمكن أن يجري الحوار والنقاش والتقارب فيها. قد يصبح هذا النهج البناء أساسا لاستعادة الثقة والعلاقات المتبادلة بين الدول على نطاق واسع في المستقبل.
ديمتري سولونيكوف، المحلل السياسي الروسي ، مدير معهد التنمية الدولة الحديثة، حصرياً ليوميات أورأسيا
الترجمة من الروسية: د.ذاكر قاسموف