تتكشف خيوط الحملات الإعلامية ضد قطر يوما بعد آخر لتظهر مدى الجرائم المرتكبة من إعلام تختطفه نفوس مريضة وحاقدة وتقوده غرف مظلمة ومشبوهة. وعلى مدار قرابة شهرين يشن إعلام دول الحصار لا سيما الإماراتي والسعودي حملة شعواء ضد قطر تصل بحسب خبراء إلى حد ارتكاب جرائم يندى لها الجبين في انتهاك صارخ لكل القيم والمواثيق والأعراف المهنية والصحفية والإعلامية.
وعدد الخبراء 5 جرائم رئيسية هي الاختراق والاختلاق والفبركة والتشويه والإشاعات. وتمثلت أولى الجرائم في اختراق الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء القطرية "قنا" وهي جريمة قرصنة وإرهاب إلكتروني، تمت عبر خطة معدة مسبقة حيث كان عدد من الصحف والقنوات الفضائية الإماراتية والسعودية جاهزة لشن الحملة منذ اللحظات الأولى لاختراق الوكالة، ما يشير إلى حجم الجريمة والإصرار عليها رغم تأكيد أكثر من مصدر رسمي قطري وقوع حادثة الاختراق.
ويعتبر موقع وكالة الأنباء القطرية نافذة الدولة الرسمية وأول وسائل الإعلام القطرية التي يمكنها استقبال وبث الأخبار المحلية والدولية، وذلك من خلال ممارستها الإعلامية التي تتصف بأعلى درجات المصداقيّة والمهنية والدقة، حيث لها بالغ التأثير على الصعيدين الداخلي والخارجي للدولة، وإن أي اختراق لها هو نوع من الهجوم على سيادة الدولة والعدوان عليها.
ثاني الجرائم تمثلت في اختلاق تصريحات كاذبة ونسبها لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وهي تصريحات لم يدل بها سموه أصلا، وتزامن ذلك مع نسب تصريحات لسعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية لم يقلها لا من قريب ولا من بعيد.
ثم جاءت ثالث الجرائم عبر فبركة تصريحات لمسؤولين عرب وأجانب لم يدلوا بها أصلا، إضافة إلى تحريفها وإخراجها عن سياقها. ومن بين الأمثلة على ذلك اجتزاء تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قطر، وما قام به وزير الإعلام السعودي عواد العواد خلال زيارة إلى ألمانيا حين نسب تصريحات كاذبة إلى مسؤولين في البرلمان الألماني عن قطر.
وتمثلت رابع الجرائم في حملات التشويه عبر ربط قطر بالإرهاب من خلال سلسلة من الادعاءات الباطلة، فضلا عن الإساءة للرموز والتعريض بهم.
وجاءت خامس الجرائم من خلال الشائعات التي حرصت وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية على نشرها والاحتفاء بها، منذ بداية الأزمة وقطع العلاقات وإغلاق الحدود، حيث جرى نشر شائعات بشأن نقص المواد الأساسية وقلة حركة المسافرين في مطار الدوحة الدولي، مرورا بتداول الشائعات الهادفة للإضرار بالعملة الوطنية، وباستضافة دولة قطر لكأس العالم 2022، وصولا إلى تداول حليب الحمير وانتشار الحرس الثوري الإيراني في الدوحة.
أزمة مفتعلة لأهداف خاصة.. د. ماجد الأنصاري:
دول الحصار مستعدة للكذب والاختراق
وصف الدكتور ماجد الأنصاري أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر دول الحصار بأنها مستعدة للكذب والاختراق في سبيل ما تقوم به، معتبرا أن ما كشفته صحيفة واشنطن بوست عن تورط الإمارات في القرصنة دليل واضح على أن الأزمة الخليجية أزمة مفتعلة لأهداف خاصة بدول الحصار وضد قواعد المجتمع الدولي.
وأضاف أن دول الحصار ليست راغبة في الوصول إلى حل للأزمة، وليست لديها مطالب واضحة يمكن من خلالها أن يتفاوض الطرفان على الحل.
ورأى أن طريق الحل واضح، وهو الضغط على دول الحصار لإنهاء هذه الأزمة المفتعلة بشكل يحترم أولا السيادة الوطنية القطرية ولا يفرض الوصاية عليها، ويوفر حالة من إعادة دول الحصار إلى حضن المجتمع الدولي.
وقال إن الكرة الآن في ملعب دول الحصار بعد أن انكشفت اللعبة، وهذه الدول أمامها مرحلة صعبة لإعادة تسويق نفسها أمام المجتمع الدولي وحلفائها في المنطقة.
دعا إلى التركيز على تهمة الاختراق.. النعيمي:
يكذبون يعلمون أنهم كذابون
انتقد السيد رمزان النعيمي مدير دائرة الإبداع الفني بشبكة الجزيرة الإعلامية لجوء إعلام دول الحصار إلى اعتماد الكذب، مشيرا إلى العديد من التجاوزات الإعلامية التي يقوم بهذا الإعلام.
وأشار في تغريدة له أرفقها بنماذج من هذه التجاوزات إلى أنهم قالوا إن قطر دفعت مليارات لجماعات إرهابية خلال عملية تحرير المخطوفين القطريين في العراق، ولكنهم يكذبون ويعلمون أنهم كذابون.
ودعا النعيمي المغردين على موقع التواصل الاجتماعي إلى التركيز على موضوع اختراق وكالة الأنباء القطرية وما نشرته صحيفة واشنطن بوست بهذا الخصوص، قائلا: التهمة واضحة.. سيحاولون تشتيت الانتباه بأمور أخرى.
وأضاف: نستطيع تفكيك الادعاءات والأكاذيب ضد قطر بسهولة ولكن المشكلة أن هناك فئة من الناس لا تريد التفكير وما زالت تقول "المعازيب يشوفون شي ما نشوفه".
يعاقب عليها القانون الدولي.. الإعلامية خولة مرتضوي:
جريمة القرصنة نكث وخيانة للاتفاقيات
قالت الإعلامية خولة مرتضوي الباحثة الأكاديمية في مجال الإعلام الجديد إنّ التحريض على ارتكاب الجرائم الإلكترونيّة يعتبر جريمة نكراء يعاقب عليها القانون الدولي، فما بالك لو أنّ الجريمة يتم تنفيذها في بيت الشقيق والأخ والجار وبمباركة وإصرار وترصد، إن هذه الجريمة خرقت كافة ركائز الإطار القانوني الاسترشادي للتعاملات الحكومية الإلكترونية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي تنص ركائزها على: الاتصالات الإلكترونية، المعاملات الإلكترونية والتوقيعات الإلكترونية، حماية البيانات والخصوصية (الخصوصية الإلكترونية)، الجرائم الإلكترونية، حماية الملكية الفكرية، المحتوى الإلكتروني، نظام الدفع الإلكتروني، حماية المستهلك/المستفيد، الإنترنت وحوكمة تكنولوجيا المعلومات، إذن فنحن أمام جريمة دوليَّة يُعاقب عليها القانون الدولي كونها اختراقٌ للاتفاقيات الجماعية التي تربطُ بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومُنظَّمَة التعاون الإسلامي وغيرها من الجهات الدوليَّة ذات العلاقة، كما أنها جريمة نكث وخيانة خليجية للاتفاقيات الجماعية والثنائيَّة التي تربط بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والأمر حاليا مفوض إلى الجهات القضائية لتبت في الأمر سواء في القضاء القطري الذي تحرك منذ اللحظات الأولى للاختراق من خلال التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في دولة قطر بشأن هذه الجريمة التي ما زال التحقيق فيها جاريًا، كما أن الجريمة ستأخذ نصيبها المستحق من قبل الجهات الدولية المختصة بجرائم الإرهاب الإلكتروني.
اختراق الإمارات لموقع الوكالة أضر بمصالح الشعوب .. المحامي الزمان:
القرصنة جريمة إرهاب إلكتروني تهدد مصير العلاقات الدولية
قال المحامي يوسف الزمان بشأن ضلوع الإمارات في اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية، في 24 شهر مايو الماضي إنه كان السبب الرئيسي في اندلاع أزمة الخليج الحالية، التي أدت إلى قطع العلاقات فيما بين دول خليجية ومصر مع دولة قطر، وفرض الحصار بعد ذلك على قطر براً وبحراً وجواً.
وتسبب في جملة من الأضرار أهمها تلك التي أصابت الأفراد في حقوقهم في التنقل والسفر والدراسة والتنمية، بما يشكل ذلك الفعل عملاً خطيراً غير مسبوق، وأنه بالرغم من أنّ وكالة الأنباء القطرية نفت على الفور، ونبهت إلى اختراق موقعها إلا أنّ وسائل الإعلام في الدول الخليجية الثلاث لم تأبه لذلك، وتجاهلته تماماً، ومضت في إصدار قراراتها الجائرة والتعسفية بما يشي أنّ إحدى تلك الدول هي التي قامت بذلك العمل الخطير.
وأوضح أنّ المعلومات التي أتت نقلاً عن صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية، تحمل مسؤولية الاختراق للإمارات، وبهذا الخبر تكون الصورة قد وضحت أنّ من ارتكب الجريمة على علاقة بهذه الدولة، بما يشكل فعلاً خطيراً ومتعمداً في العلاقات .
ونوه المحامي الزمان أنه وفقاً للقانون الدولي والتشريعات المعمول بها فإنّ تلك الجريمة تعد من جرائم الإرهاب الإلكتروني ، التي تمس أمن الدولة لاسيما عندما يكون الاختراق مستهدفاً لمواقع سياسية أو إعلامية أو اقتصادية، بما يترتب عليه من أضرار ونتائج وخيمة على أمن الدولة ومكانتها والمساس باستقرارها الداخلي.