العلاقة بين شيعة السعودية وحكامهم: خيبات متوالية وآمال مجهضة

تحليلات 09:30 17.08.2017

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان في تقريرها السنوي لعام 2012 إن أبناء الطائفتين الشيعية والإسماعيلية يعانون تمييزا يصل في بعض الأحيان إلى حد الاضطهاد، وقد يتعرض من يفصح عن معتقداته الشيعية بشكل سري أو علني إلى الاحتجاز أو الاعتقال، وخاصة في الحرم المكي والمدينة، حسب قول المنظمة الدولية.

وتضيف هيومن رايتس ووتش في تقريرها أن التمييز الرسمي ضد الشيعة يتضمن "الممارسة الدينية، والتربية، والمنظومة العدلية"، فيما يعمد المسؤولون الحكوميون إلى "إقصاء الشيعة عن بعض الوظائف العامة والرفض العلني لمذهبهم".

وهنا يطرح نفسه سؤال علاقة الشيعة مع الحكم في السعودية؟

ضم الأحساء والقطيف

احتل آل سعود الهفوف (حاضرة الأحساء) في 12 أبريل/ نيسان 1913 بسهولة بعد مقاومة ضعيفة أبدتها الحامية التركية. وقد لعب موقف المجتهد الشيعي الأكبر في الأحساء الشيخ موسى بو خمسين وعدد من الوجهاء بعدم المقاومة دورا حاسما في إحراز النصر السريع لعبد العزيز آل سعود الذي عقد اتفاقا مع زعماء الشيعة ينص على "ضمان حرية الأهالي الدينية" وضمان "إعادة الأمن ونشر العدل" مقابل الولاء والانضمام إلى الكيان والحكم الجديد.

وعقب احتلال الهفوف أرسل عبد العزيز آل سعود مفرزة صغيرة (عشرة أشخاص) بزعامة ابن سويلم إلى القطيف للتفاوض على دخولها سلما.

7معلومات عن بلدة العوامية السعودية

وقد انقسمت المرجعية الدينية والزعامة السياسية في القطيف بين المقاومة والدعوة إلى التسليم حقنا للدماء، وحسمت المسألة نتيجة موقف الشيخ علي أبو عبد الكريم الخنيزي الذي رفض المقاومة حقنا للدماء، وهكذا فتح الأمير عبد الرحمن بن سويلم مبعوث ابن سعود القطيف سلما في 15 مايو/ أيار 1913.

وأصبحت واحتا الأحساء والقطيف اللتان تتسمان بالاتساع الجغرافي والثروات الكبيرة (قبل اكتشاف النفط) تشكلان قاعدة الدولة الجديدة التي كانت في طور التأسيس.

واضطرت الحاميتان التركيتان في الأحساء والقطيف إلى المغادرة عن طريق البحر، وقد عمل ابن سعود على التصالح والتعايش وكسب ود أهل المنطقة عن طريق اتفاقيات بعدم المساس بمعتقداتهم وتوفير الحماية والأمن لهم، بل إنه أقدم في فترة لاحقة على تعيين الشيخ علي الخنيزي قاضيا أكبر في المنطقة يتقاضى أمامه جميع السكان الشيعة والسنة على حد سواء، علما بأن ذلك يخالف ويتعارض مع النهج والمذهب الوهابي المتشدد.

السعودية

السلطات السعودية أعدمت الشيخ نمر النمر

ويعود أصل الشيعة في السعودية إلى وجودهم في شرق الجزيرة العربية في أواخر القرن الثالث الهجري، حيث سيطرت على المنطقة القرامطة، المنتسبون للفرقة الإسماعيلية، وكانت المنطقة تعرف قديما بالبحرين، وهي منطقة تغطي اليوم مملكة البحرين والقطيف والأحساء، وهي التي يتركز فيها الوجود الشيعي اليوم.

وتقدر نسبة الشيعة في المملكة العربية السعودية اليوم بحوالي 15بالمئة من العدد الإجمالي للسكان (الذي بلغ في عام 2015 نحو 31 مليون نسمة، يشكل المواطنون منهم أكثر من 20 مليونا)، ويتركزون في مناطق أخرى في المدينة، وفي الجنوب، في عسير وجيزان ونجران، وفي الغرب، في جدة ينبع. وتتنوع انتماءاتهم المذهبية ما بين الإمامية (الجعفرية)، وهو مذهب الغالبية، والإسماعيلية، والزيدية.

البترول

فى مايو/آيار 1933 وبعد ظهور البترول فى السعودية صدر المرسوم الملكي بمنح شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (أمريكية) امتياز التنقيب عن النفط في المنطقة الشرقية، وهو ما مثل بداية التحولات الجذرية في الخارطة السياسية حيث بدأ النفوذ الاقتصادي والسياسي للولايات المتحدة في الهيمنة على مقدرات الأوضاع في المنطقة، وكان من نتائجه الهامة على الصعيد الداخلي حدوث تغيرات اقتصادية واجتماعية هامة في المنطقة الشرقية، حيث جذبت صناعة البترول الوليدة أعدادا متزايدة من السكان المحليين ومن المناطق المختلفة في المملكة، وكان من نتائجه بدايات تشكيل اجتماعي طبقي حديث مرتبط بأهم مصادر الطاقة (البترول) في العالم.

وقد دشن ذلك بدايات لتشكيلات عمالية سياسية حديثة لا تستند إلى الولاءات والانتماءات التقليدية القبائلية القديمة، بل تتوجه نحو العلاقات الاجتماعية الحديثة القائمة على المصالح المشتركة بغض النظر عن الخلفيات الجهوية والقبلية والطائفية وقد جرى أول إضراب عمالي في المنطقة الشرقية عام 1944 حيث قدم العمال مطالب عمالية نقابية وجرى تشكيل أول لجنة عمالية في عام 1952 سعت إلى الاعتراف بها كممثل للعاملين في شركة ستاندر أوبل.

وفي أكتوبر/تشرين أول عام 1953 بدأ العمال الإضراب عن العمل الذي شارك فيه 20 ألف عامل سعودي وعربي واضطرت الحكومة لإطلاق سراح أعضاء اللجنة العمالية ووعدت شركة النفط بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور.

وفي مايو/آيار 1956 اندلعت مظاهرات عمالية ضد قاعدة الظهران للقوات الأمركية، وساهم الشيعة بفعالية إلى جانب العمال السعوديين الآخرين وكانوا ضمن قيادات وفعاليات العمل والنضال النقابي السياسي حينئذ، وعقب اجتماع حاشد عقد في منتصف يونيو/حزيران 1956 في أحد مزارع القطيف حيث ألقيت الخطب والقصائد الشعبية الحماسية جرت اعتقالات واسعة في صفوف المشاركين من العمال والمثقفين وكانوا من الشيعة والسنة على حد سواء، ثم توالت التحركات العمالية المطلبية والتي بلغت ذروتها في 23 سبتمبر/ أيلول 1956 أثناء زيارة جمال عبد الناصر للسعودية.

وفي عام 1963 جرت اعتقالات واسعة وأذيع بيان رسمي عن اكتشاف تنظيم شيوعي يستهدف إشاعة المبادئ الهدامة والعمل على تعريض أمن الدولة للخطر، وتم إصدار أحكام قاسية بحقهم تراوحت بين 10 و15 سنة، ومثل الشيعة أغلبية عدد المحكومين منهم وقد انخرط الشيعة بفعالية منذ البداية في التنظيمات والحركات السياسية السرية التي شهدتها المملكة والتي كانت معروفة وموجودة على الصعيد العربي مثل القوميين والبعثيين والشيوعيين والناصريين.

وفي عام 1969 جرى اعتقال المئات من مختلف مناطق المملكة (شكل الشيعة حوالي نصفهم) بحجة اكتشاف مؤامرة لقلب نظام الحكم. وفي الواقع تبين أن كل المعتقلين من العسكريين والضباط لم يكن بينهم أحد من الشيعة.

وفي عام 1979 قامت الثورة الإيرانية التي أثارت مخاوف لدى الدولة السعودية، فكانت أحداث نوفمبر/تشرين ثاني عام 1979 حين وقعت صدامات عنيفة بين مواطنين شيعة وقوات الأمن أسفرت عن مقتل العشرات، واعتقال مئات، وملاحقة السياسيين الشيعة.

النهج الإصلاحي

وفي الثمانينات تمثل النشاط الشيعي في محاولات التصالح والمشاركة في الانتخابات والعمل في المجتمع المدني، والحوار مع الإصلاحيين، دون مصادمات مع السلطة الحاكمة، كما حاولوا مرارا تقديم مطالب واضحة للحفاظ على الوحدة الوطنية، ولإثبات أنهم شركاء في الوطن، وأكدوا رغبتهم في بناء مجتمع مدني يشارك في الحكم بغير احتكار أو استبداد.

وفي عام 1993 وعقب لقاء الملك الراحل فهد بن عبد العزيز بأربعة من قيادات الشيعة في المملكة تم إبرام صفقة مقابل وقف المعارضة الشيعية نشاطها في الخارج، والسماح بعودة المئات من المنفى، وإطلاق المعتقلين السياسيين الشيعة. وفي عام 2003، قام الشيعة برفع عريضة بعنوان "شركاء في الوطن" تدعو إلى ضرورة تحقيق المواطنة الكاملة، والاعتراف بحقوق الشيعة، والمساواة مع أبناء الوطن الواحد، وإنهاء التحريض الطائفي وأشكال العنف والكراهية ضدهم.

السعودية

ولد الشيخ نمر النمر في بلدة العوامية

وفي عام 2005، وبعد تولي الملك عبد الله السلطة، تبنى مبادرات تعمل على تهدئة الانقسامات الطائفية، وظهرت حالة من الانفتاح على الشيعة، فأنشأ جلسات الحوار الوطني التي اتخذت مبادرة الاعتراف بالتنوع الطائفي في المملكة، وشارك الشيعة في الانتخابات البلدية. لكن هذه المبادرات جاءت مخيبة للآمال إذ لم تتجاوز كونها شكليات، وهو ما أرجعه البعض لوجود أطراف في الأسرة الحاكمة، وفي المؤسسة الدينية ترفض هذا الانفتاح وتضع العقبات أمامه.

وتحولت حالة الإحباط واليأس من الإصلاح تدريجيا إلى حالة من الغضب، ففي عام 2009 شهدت المدينة أعمال شغب حيث اندلعت اشتباكات بين حجاج شيعة وأفراد من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة للنظام، بعدها دخلت قوات الأمن إلى الأحياء الشيعية في المدينة، وقامت بضرب السكان واعتقالهم.

وبعد ذلك كان الموقف الرسمي الذي أكد أن المملكة العربية السعودية تتبع مذهب أهل السنة، وعلى الشيعة في المنطقة الشرقية أن يحترموا ذلك، وهو ما أثار غضب الشيعة هناك، وانطلقت التظاهرات في القطيف والعوامية والصفوة. وأعلن حمزة الحسن، أحد منظري منظمة الثورة الإسلامية، تشكيل "حركة خلاص في الجزيرة العربية"، ومع استمرار الاشتباكات زادت شعبية رجل الدين آية الله نمر باقر النمر، وهو معروف بآرائه الرافضة للنهج التشاركي للإصلاحيين، وانتهى الأمر باعتقال النمر وعدد من أنصاره، وفرض حظر التجول في العوامية.

و أدت تلك الممارسات من قبل السلطات إلى زيادة الغضب الطائفي، وبدأ الاقتناع بالحل الإصلاحي يتلاشى خاصة في أوساط الشباب، ومع هبوب رياح التغيير في مصر وتونس، كان للسعودية نصيب منها، وكان الشيعة هم أصحاب هذه الاحتجاجات.

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

المحكمة العليا الإسرائيلية ترفض تأجيل التحقيق بشأن 7 أكتوبر
13:00 14.05.2024
القوات الأمريكية تعترض مسيرتين وصاروخاً في البحر الأحمر
12:46 14.05.2024
هولندا.. احتجاجات طلابية تطالب الجامعات بوقف التعاون مع إسرائيل
12:30 14.05.2024
ميركل تعتزم نشر ذكرياتها السياسية في نوفمبر
12:15 14.05.2024
إستونيا تدعم استخدام الأصول الروسية لمساعدة أوكرانيا
12:00 14.05.2024
بيراموف يستقبل مع رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا
11:54 14.05.2024
تشاد تطلب دعم موريتانيا لرئاسة الوكالة الأفريقية لأمن الملاحة الجوية
11:45 14.05.2024
الدبيبة وتكالة يؤكدان ضرورة تنفيذ انتخابات متزامنة بليبيا
11:30 14.05.2024
علييف يستقبل رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا
11:25 14.05.2024
زعيم كوريا الشمالية يدعو إلى زيادة القدرات الدفاعية لبلاده
11:15 14.05.2024
بلينكن يزور أوكرانيا
11:04 14.05.2024
حسن نصر الله لا حل أمام إسرائيل لوقف جبهة لبنان إلا بإنهاء حرب غزة
11:00 14.05.2024
الصين تدعو إلى دعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة
10:45 14.05.2024
مجلس الشورى القطري يشارك في منتدى سيدات آسيا بأوزبكستان
10:30 14.05.2024
برلمان جورجيا يدعم قانونا روسيا مثيرا للجدل رغم المظاهرات الاحتجاجية
10:15 14.05.2024
روحاني يحذّر من تقويض الجمهورية في إيران
10:00 14.05.2024
تركيا واليونان تتفقان على الحوار الإيجابي حول الخلافات العالقة
09:45 14.05.2024
أردوغان تركيا تعالج أكثر من ألف عضو من حركة حماس
09:30 14.05.2024
الصحة السعودية تدعو الحجاج لأخذ اللقاحات الوقائية من الأمراض المعدية
09:15 14.05.2024
استقبال حافل للسلطان هيثم لدى وصوله الكويت
09:00 14.05.2024
هل يفي باشنيان بوعده باحلال السلام مع أذربيجان بحلول نوفمبر المقبل؟
17:34 13.05.2024
غالانت يُطلع بلينكن على مستجدات عملية رفح
17:00 13.05.2024
نتانياهو: إسرائيل في صراع وجودي ضد "وحوش حماس"
16:00 13.05.2024
ميرزايف يحصل علي شهادة فخرية من حزب أذربيجان الجديدة
15:30 13.05.2024
لم يعد أمام باشينيان حلول سوي إبرام اتفاق سلام مع أذربيجان واستعادة العلاقات مع تركيا
14:52 13.05.2024
سفير أمريكا لدى إسرائيل ينفي حدوث تغير في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب
14:00 13.05.2024
برلماني أوكراني : روسيا تعيش أوضاع "مضطربة"
13:30 13.05.2024
ماذا نعرف عن أندري بيلوسوف؟
13:15 13.05.2024
مستشار خامنئي: طهران منفتحة على إجراء محادثات مع واشنطن
13:00 13.05.2024
شابس: شويغو مسؤول عن 355 ألف ضحية في صفوف الجيش الروسي
شابس: شويغو مسؤول عن 355 ألف ضحية في صفوف الجيش الروسي
12:45 13.05.2024
رجل يطلق النار من برج سكني في هامبورغ
12:30 13.05.2024
ليتوانيا: إقالة شويغو "رسالة" للشعب الروسي
12:15 13.05.2024
9 قتلى جرّاء هجوم صاروخي أوكراني على بيلغورود
12:00 13.05.2024
أردوغان تركيا الأكثر تقديما للمساعدات إلى غزة
11:45 13.05.2024
مقدونيا الشمالية.. الرئيسة تمتنع عن لفظ اسم بلدها خلال أداء اليمين الدستورية
11:30 13.05.2024
طهران تترقب وصول فريق من الذرية الدولية لبحث التعاون بينهما
11:15 13.05.2024
قس أرمني: أريد العودة إلى قاراباغ
11:12 13.05.2024
بريطانيا: جاهزون للحرب
بريطانيا: جاهزون للحرب
11:05 13.05.2024
سلطان عُمان يبدأ الاثنين «زيارة دولة» إلى الكويت
11:00 13.05.2024
رئيس وزراء جورجيا يتعهد بتمرير قانون العميل الأجنبي خلال أيام
10:45 13.05.2024
جميع الأخبار