الخبير في الشئون الإيرانية والقضايا العسكرية والسياسية في الشرق الأوسط فاسيلي بابافا، حصرياً ليوميات أوراسيا
وقد استمر تاريخ المواجهة حول البرنامج النووي الإيراني لسنوات عديدة، ولم تكن "خطة العمل الشاملة المشتركة" المبرمة في يوليو 2015 أول اتفاق لحل القضية. وبطبيعة الحال، فإن نجاح هذه المعاهدة، مثل أي إجراء دولي آخر، لا يمكن أن يضمنه تماما أي جهة.
العقبات علي تنفيذ الاتفاق يمكن أن تكون كثيرة:
• الرفض الكامل من جانب أحد الأطراف للمشاركة في "خطة العمل الشاملة المشتركة" لأسباب لا تتعلق بتنفيذ خطة العمل. وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى انهيار الاتفاق؛
• الأزمة الناجمة عن التناقضات التي تنشأ حتما أثناء تنفيذ "خطة العمل الشاملة المشتركة". وإذا ثبت أن آليات تسوية المنازعات غير فعالة، فإن تصعيد الأزمة قد يؤدي إلى إنهاء الاتفاق.
وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من حقيقة أن خطة العمل هي متعددة الأطراف، واستقرارها يعتمد بشكل رئيسي على أداء الولايات المتحدة وإيران التزاماتهما. مع وصول إدارة دونالد ترامب إلى السلطة في البيت الأبيض، بدأ الموقف تجاه إيران في التدهور. والسبب في هذا النهج تجاه إيران لا تكمن في في موقف العطف او كراهية للرئيس ترامب في حق قادة إيران، والمشكلة أعمق من ذلك بكثير وينبغي بحث عن مصدرها في الماضي القريب، عندما أطاح الثوار نظام الشاه الاستبدادي الموالي للغرب، والذي كان منغذاً للمصالح الأمريكية في المنطقة (وأيضا، بالطبع لم ينسى بهلوي محض المصالح الإيرانية في المنطقة).
عقد مؤخرا الاجتماع الوزارى للوسطاء الستة (روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا العظمى والصين وفرنسا والمانيا) وايران فى نيويورك. جاء ذلك على خلفية تصريحات الرئيس الامريكى دونالد ترامب حول "ضررالاتفاقية التي عقدت بما بدعم من واشنطن أي"خطة العمل الشاملة المشتركة".
ويبدو أن القيادة الإيرانية، حتى في مثل هذه الحالة، تواصل سياستها المتمثلة في المرونة والاستعداد للتوصل إلى حل وسط، مما سمح بالتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي. ترد طهران على تهم البيت الأبيض بأن إيران تنتهك نظام المعاهدة بطريقة مماثلة. وفي هذا الصدد، فإن القادة العسكريين الإيرانيين متحمسون أكثر، في حين أن المحيط للرئيس ينشغل بتدابير دبلوماسية بحتة لمنع العودة إلى فترة ما قبل الاتفاقية.
ويكمن السبب في أن السياسة الشرق الأوسطية لإيران ومصالحها في المنطقة بشكل أساسي مخالفة للغرب، لأنه تقدم طهران دعم لحلفائها في اليمن والعراق وسوريا، في حين أن الدول الغربية تؤيد أساساً القوى الأخرى التي هي تتنافس مع المصالح الجيوسياسية لإيران. لا يجوز ترك الملكيات النفطية التي تمول اللوبي المالي والسياسي، وتقدم "الهدايا" بسخاء لممارسة الضغوط، من أجل تشويه سمعة إيران في الساحة الدولية وتشديد الهستيريا حول برنامجها النووي.
إن العقوبات الجديدة، مهما كانت صرامة، لن تؤثر على التغيرات في وضع سياسة إيران المستقلة على الساحة الدولية.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستعدة للدفاع عن نفسها، و لا مجال هنا للحديث عن العدوان المحتمل من قبل طهران على أي دول أخرى (حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة). ولا شك في أن طهران ستلتزم بالاتفاقات الدولية التي تم التوصل إليها بشأن الأسلحة النووية، إذا كان الغرب، بطبيعة الحال، ملتزما بهذه الاتفاقية.
وأدى تشديد نظام العقوبات ضد إيران إلى إجبار الحكومة على وضع تدابير ترمي إلى حفز مصادر التنمية المحلية. وعلى مر السنين من العقوبات والمقاطعة، تمكنت طهران من بناء اقتصادها بطريقة غير مرتبطة بالغرب ارتباطاً قوياً.