ناتاليا إريمينا، الخبيرة السياسية الروسية والدكتوراه في العلوم السياسية ودكتوراه الفلسفة في التاريخ والأستاذة المشاركة في كلية العلاقات الدولية في جامعة سانت بطرسبرغ الحكومية، حصرياً ليوميات أوراسيا
واجهت رابطة الدول المستقلة التي أنشئت كمنصة للحفاظ على الحوار وتعميقه في الساحة السوفياتية السابقة، منذ البداية أشكالاً متنوعة من المشاكل، ابتداءاً من التعامل في الإطار القانوني بين الدول الأعضاء، حيث يطول الوقت المطلوب للتصديق على بعض الاتفاقيات، وإنتهاءاً في الخلافات السياسية بين الأعضاء. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الموقف تجاه رابطة الدول المستقلة من وجهة نظر عمليات الاندماج والتفكك يختلف حسب الدول الأعضاء فيها. على سبيل المثال، كما كانت أوكرانيا تنشرالأفكار التفكيكية في الساحة السوفياتية السابقة ولا تزال تواصل ذلك حتى يومنا هذا. لم يحضر ممثلو أوكرانيا في الاجتماع في سوتشي، إطلاقاً. ولكن ليس سراً أن غياب الاهتمام المتبادل والمواقف المشترطة على الرغم من وجود عدد كبير من المشاركين يضعف المنظمة.
مع ذلك يثيرالاهتمام مشاركة رئيس مولدوفا دودون، في هذه القمة وذلك على الرغم من أنها كانت تتخذ نفس الموقف في الماضي القريب سعيا إلى إرساء أسس متينة للتعاون مع روسيا والبلدان الأخرى. وفي الوقت نفسه، لا تزال رابطة الدول المستقلة جذابة لتلك البلدان التي تبحث، بطريقة أو بأخرى، عن سبل التقارب. ولذلك، ليس من المستغرب أن تتحقق الأنشطة التنظيمية للمؤسسات الدولية الأخرى في إطار اجتماع واحد مشترك بين الدول. وهذه المرة، أثناء اجتماعات قمة رابطة الدول المستقلة التي عقدها قادة الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الأسيوي، مما جعل عمل قمة رابطة الدول المستقلة أكثر مهماً.
وفي اجتماع قمة رابطة الدول المستقلة المعنقد في سوتشي، نوقشت مرة أخرى قضايا التقارب السياسي والقانوني والاقتصادي للبلدان، وتم التركيز على إبرام الاتفاقات بين الدول الأعضاء التي كانت على استعداد للمشاركة على أساس الشراكة في المشاريع. وبالإضافة إلى ذلك، نوقشت المشاكل في ميدان تكثيف التعاون التجاري والاقتصادي. وبصورة منفصلة، تم إلقاء النظر في مشكلة زيادة كفاءة مؤسسات رابطة الدول المستقلة.
وتمكن رئيس روسيا من التحدث مع زعماء بلدان رابطة الدول المستقلة الذين حضروا القمة ومن تحديد طيبعة التعامل في إطار الاجتماعات الثنائية. ومن المهم أنه قبل الاجتماع في سوتشي وفي إطار الاجتماعات الجارية هناك كانت مسألة الاتفاقات العديدة قيد الاهتمام الكبير. في المقام الأول كانت هذه الاتفاقات تشمل المجالات التجارية والاقتصادية. وبالإضافة إلى ذلك، حتى الآن يمكننا أن نشير إلى تحسن مؤشرات التجارة المتبادلة. على سبيل المثال، التعامل الروسي التركماني والروسي الأوزبكي. وفي القمة أيضا، عقد زعماء بلدان رابطة الدول المستقلة محادثات بينهم في إطار الاجتماعات الثنائية، مما يدل على أهمية رابطة الدول المستقلة، أساساً كمنبر للاتصالات. وعلى سبيل المثال، تؤكد ذلك المحادثات البيلاروسية الأذربيجانية بشأن التعاون الثنائي.
بيد أنه في الاجتماعات المنعقدة في إطار رابطة الدول المستقلة، أوفي المفاوضات التي جرت في إطار الاتحاد الاقتصادي الأورأسيوي، تبينت أن المهمة الرئيسية هي التعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب. وكما أصبحت مسألة الاقتصاد الرقمي موضوعاً جديداً وهاماً.
ومن الواضح أن بطبيعة الحال، في إطار رابطة الدول المستقلة، لا يمكننا أن نتوقع انطلاقة سريعة في مجال التفاعل القانوني فيما يتعلق بالمشاكل المعلنة. ومع ذلك، من المهم جدا أن يحدث هذا، على أية حال، وإن كان بطيئاً. وفي الوقت نفسه، يتم تعزيز صيغة الاتحاد الاقتصادي لأوراسيوي تلقائيا، حيث تستطيع البلدان الأعضاء أن تتفق بسرعة على التعاون في المناطق المحددة. وتؤيد هذه البلدان فكرة تعزيز التعاون في شكل رابطة الدول المستقلة. وفي هذا الصدد، لا تزال رابطة الدول المستقلة، تواجه انتقادات عديدة، ولكنها مهمة في توفير مجال للتفاعل بين بلدان الساحة السوفيتية السابقة. وفي لذلك فإن العديد من البلدان مهتمة حقا بها. ومع ذلك، فإن الآراء المختلفة للمشاركين في الرابطة لن تسمح بتكثيف عمل مؤسسات رابطة الدول المستقلة. ومن الواضح أيضا أن الاجتماع في إطار رابطة الدول المستقلة مهم لمعرفة موقف الدول الأعضاء فيما يتعلق بالرؤية الاستراتيجية على الصعيد الدولي ودور الساحة السوفياتية السابقة في بنية الأمن الدولي، وهو أمر مهم دائما عند اختيار الشركاء والحلفاء.