الإمارات والصومال.. هل يصل التوتر حد القطيعة؟

احتقان وفتور يخيم على العلاقات بين البلدين على خلفية تمسك مقديشو بالحياد في الأزمة الخليجية

تحليلات 10:00 22.04.2018

يوما بعد آخر تأخذ الأزمة السياسية بين الصومال والإمارات أبعادا جديدة، بعد سنوات من تناغم سياسي، بلغ حد التعاون والشراكة في مجالات عديدة.

الاحتقان والفتور، المخيم على العلاقات السياسية بين البلدين، ناتج، وفق محللين، عن قرارات سياسية ودبلوماسية إماراتية، ردا على موقف مقديشو الحيادي من الأزمة الخليجية.

وقطعت كل من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، منذ 5 يونيو/ حزيران 2017، علاقاتها مع قطر، ثم فرضت عليها "إجراءات عقابية"، بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الرباعي بالسعي إلى فرض الوصاية على قرارها الوطني.

والصومال كغيره من دول إفريقية، يدفع، بحسب المحللين، ثمن موقفه الحيادي، بعد أن أخفقت ضغوط دبلوماسية مورست عليه من الدول المقاطعة لقطر للعدول عن موقفه، خاصة أن مواقف مقديشو السياسية كانت غالبا ما تتوافق مع سياسة العواصم الخليجية، ولا سيما الرياض.

** ضغوط إماراتية

النائب الصومالي، عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، محمد عمر طلحة، صرح للأناضول بأن "فصول الأزمة تعود إلى اندلاع الأزمة الخليجية؛ حيث ألقت بظلالها على العلاقات بين دول الخليج وبعض دول القرن الإفريقي (شرقي القارة) بما فيها الصومال، بحكم موقف تلك الدول من الأزمة".

وأضاف النائب الصومالي أن "لجوء الإمارات إلى زعماء الأقليم الفيدرالية في الصومال بحثا عن حشد مواقف سياسية مؤيدة لدول الحصار كان عبارة عن ورقة ضغط إماراتية استهدفت تغيير موقف الحكومة المركزية المحايد، وإشعال أزمة بين الحكومة والأقاليم".

ومضى قائلا إن "دول الحصار توظف كل أوراقها السياسية والمالية والاقتصادية لتركيع الدول المحايدة والمعارضة للأزمة الخليجية، والنظام الفيدرالي في الصومال كان نقطة الضعف للحكومة المركزية، للضغط عليها لتغيير موقفها".

واعتبر أن "الإمارات بددت رصيدها في الصومال، بسبب تدخلاتها ومواقفها السياسية المعادية للحكومة المركزية، ورغم الموقف الصومالي الثابت ما تزال الإمارات تخلط الأوراق السياسية في الصومال بكل السبل المتاحة لها".

وأعلنت أقاليم فيدرالية في الصومال تأييدها للدول المقاطعة لقطر، بدعوى أن هذه المقاطعة حق سيادي لتلك الدول، إلا أن البرلمان الصومالي أعلن أن الحكومة المركزية هي الجهة المعنية باتخاذ القرارت وفقا للدستور.

ومنذ انهيار الحكومة المركزية عام 1991، شابت مواقف الصومال الخارجية تبعية سياسية لدول الخليج، خاصة السعودية، فمثلا قطعت مقديشو علاقتها مع إيران، عام 2016، تضامنا مع الرياض، عندما اعتدى محتجون إيرانيون على سفارة السعودية وقنصليتها، ردا على إعدام رجل دين شيعي.

** قبل الأزمة الخليجية

مثلت اتفاقية ميناء بربرة نقطة تحول للوضع من أزمة تباين مواقف بين مقديشو وأبوظبي إلى أزمة تمس السيادة، بعد أن أقدمت الإمارات على إبرام اتفاقية ثلاثية مع كل من إقليم "أرض الصومال" وإثيوبيا، ما أثار حفيظة الحكومة المركزية، واعتبرتها "اتفاقية باطلة".

الاتفاقية جاءت كرد على فسخ جيبوتي عقدا مع شركة موانىء دبي العالمية؛ ما دفع الإمارات إلى الإسراع في إبرام اتفاقية، دون اعتبار للجهات المعنية بهذا الشأن، ما أعطى الأزمة زخما تصاعديا بلغ حد التراشق الإعلامي بين مسؤولين في البلدين العربيين.

وفق سعيد علي، المحلل السياسي في مركز سهن للدراسات (صومالي غير حكومي)، فإن "التوتر السياسي بين الصومال والإمارات موجودة من قبل الأزمة الخليجية، حيث كانت أبوظبي تتدخل في الشوؤن الداخلية للصومال، عبر علاقاتها المشبوهة مع الأقاليم الفيدرالية وشخصيات سياسية نافذة، في محاولة لإضعاف الحكومة المركزية، بسبب انزعاج الإمارات من الدور التركي المتصاعد في الصومال، وارتباط بعض قادة البلاد بجماعة الإخوان المسلمين".

واعتبر سعيد، في حديث للأناضول، أن "الأزمة الخليجية أججت تلك التوترات، إضافة إلى الاتفاقية الثلاثية التي مثلت استفزازا متعمدا للصومال.. ما جرد الاتفاقية من ثوبها القانوني هو أنه تم توقيعها مع أرض الصومال، بينما كان رئيس الحكومة المركزية، حسن علي خيري، في أبوظبي، في تجاهل رسمي إماراتي لدور الحكومة في القضايا المصيرية والاقتصادية للبلاد".

وتابع سعيد: "رغم أن الاتفاقية يلفها غموض قانوني، إلا أن منح إثيوبيا حصة 19% من ميناء بربرة، وفق الاتفاقية، صعد من الأزمة؛ نظرا لحساسية الوضع بين الصومال وجارته الإثيوبية، التي تحتل إقليم الصومال الغربي".

ولم تقتصر المشاريع الإماراتية في إقليم "أرض الصومال" على ميناء بربرة؛ فلدى الدولة الخليجية قاعدة عسكرية تستخدمها في الحرب اليمنية، ضمن التحالف العربي، وهي تندرج أيضا ضمن نفوذها بمنطقة القرن الإفريقي.

وردا على الاتفاقية اعتبرت وزارة الموانىء والنقل البحري الصومالية أن الاتفاقية باطلة، ووصفها خيري، فور قدومه من الإمارات، بـ"غير القانونية"، ومنع البرلمان شركة "موانىء دبي العالمية" من العمل في الصومال.

** ملايين الدولارات

الأزمة بين البلدين، حسب أويس عدو، وهو أكاديمي ومحلل سياسي صومالي، "بلغت ذروتها منذ فترة، ولست أبالغ إن قلت إنها ستأخذ البلدين إلى قطيعة سياسية وإنهاء العلاقات بينهما، في ضوء المواقف والمواقف المضادة".

وأردف أويس، في حديث للأناضول، أن "ضبط السلطات (قبل أيام) 9.6 ملايين دولار كانت تنقلها طائرة إماراتية في مطار مقديشو الدولي، بحضور السفير الإماراتي، كان مؤشرا آخر على تصعيد التوتر السياسي".

وشدد على أن "التدخل الإماراتي السافر في الصومال لا لبس فيه؛ إذ سجل التقرير السنوي للجنة العقوبات (التابعة للأمم المتحدة) انتهاك الإمارات أكثر من مرة لحظر السلاح المفروض على الصومال وإريتريا، عبر بناء قواعد عسكرية وتزويد الأقاليم الفيدرالية الصومالية بالسلاح".

وتعليقا على وقف الحكومة دورة تدريب عسكرية إمارتية في الصومال، قال أويس إنه "كان إنهاء لمبررات أبوظبي حول تخصيص أموال مشبوهة للجيش الصومالي، الذي لا تتعدى رواتبه عشرات الآلاف من الدولارات".

بالمقابل، نددت الإمارات بسيطرة الحكومة الصومالية على الأموال، التي كانت تنقلها الطائرة، معتبرة ذلك انتهاكا لاتفاقية مبرمة بين البلدين، عام 2014، بينما تقول مصادر حكومية إن الاتفاقية انتهت، ولم يتم تجديدها.

** شكاوى متبادلة

بعد أزمة اتفاقية ميناء بربرة، قدمت الصومال شكوى رسمية ضد الإمارات في مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية، متهمة إياها بممارسة تدخلات صارخة، وتوقيع اتفاقية باطلة تمس سيادة الصومال.

واستدعت الخارجية الصومالية السفير الإماراتي في مقديشو، محمد أحمد عثمان الحمادي، للاستفسار عن شرعية الاتفاقية الثلاثية وسبب تزامنها مع زيارة رئيس الحكومة للدولة الخليجية، إلا أن السفير "لم يقدم إجابات مقنعة"، حسب مصادر ووثائق رسمية اطلعت عليها الأناضول.

على الجانب الآخر، سلمت الإمارات ورقة احتجاج إلى القنصلية الصومالية في أبوظبي حول "احتجاز طائرة إماراتية والاستيلاء على أمول مخصصة للجيش الصومالي"، مطالبة الحكومة بتقديم اعتذار الرسمي.

وحسب مصادر في الخارجية الصومالية، فإن الإمارات قدمت في الجامعة العربية شكوى رسمية ضد الصومال بشأن احتجاز الطائرة، دون الإشارة إلى الأموال.

** منطقة إستراتيجية

رغم التوتر الحاد بين البلدين، يرى مراقبون أن الأمور لا تتجه نحو قطع العلاقات الدبلوماسية، نظرا لأهمية موقع الصومال، في ظل الصراع الإقليمي الراهن على تلك المنطقة الإستراتيجية.

وخلال السنوات الخمس الأخيرة أنفقت الإمارات مليارت الدولارات لتحقيق نفوذ عسكري واقتصادي يمكنها من إيجاد موطئ قدم في المنطقة، ومن ثم لن تقدم، وفق المراقبين، على إنهاء وجودها في الصومال.

مخاوف دول الخليج، لاسيما السعودية، من عودة النفوذ والعلاقات الإيرانية في المنطقة، خاصة الصومال، التي تمتلك امتدادا بحريا مع اليمن المشتعل، قد تدفع الإمارات إلى ضبط النفس في المرحلة الراهنة.

ومنذ 26 مارس/ آذار 2015، ينفذ تحالف عسكري عربي، بقيادة السعودية ومشاركة الإمارات ودول أخرى، عمليات عسكرية في اليمن، دعما للقوات الحكومية في مواجهة مسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، المتهمين بتلقي دعم إيراني.

كما أن الحضور التركي الإنساني والإغاثي المتزايد في المنطقة، على كافة الأصعدة، الذي ترى فيه الإمارات منافسا قويا لها، ربما يدفعها إلى إجراء دراسة معمقة للمواقف التي قد تتخذها حيال التوتر الراهن.

وتقدم تركيا مساعدات تدريبية واسعة لقوات الأمن والجيش بالصومال، فضلا عن مساعدات إنسانية وصحية عديدة لشعب هذا البلد.

لكن على الجانب الآخر، يرى مراقبون أن التوترات السياسية المتصاعدة، بجانب التصريحات المتشعلة، ربما تنبئ بوجود مؤشرات قوية على حدوث قطيعة مؤقتة، عبر تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي.

ووفق خبراء، فإن الصومال قد يصبح الجانب الأكثر تضررا، في حال قطع العلاقات، حيث سيفقد شريكه التجاري وأكبر سوق في الخليج للتجارة الصومالية.

وسياسيا، سيدفع الصومال ثمنا باهظا لقطع علاقته مع الإمارات، إذ ستكثف الأخيرة تعاملها مع الأقاليم الصومالية، ما يضعف الحكومة المركزية، التي تمتلك بالفعل علاقات متوترة مع أقاليم، منها إقليم "جنوب غرب الصومال"، المرتبط بعلاقات مع الإمارات، وكذلك إقليم "بونت لاند"، وهو ما من شأنه إطالة أمد الانقسام السياسي في الصومال.

أما أمنيا، فيُعتقد أن الإمارات، وعبر التدريب العسكري للقوات الحكومية في مقديشو، تمتلك في الصومال خلايا ومليشيات موالية لها، قد تُستخدم لتخريب وزعزعة أمن العاصمة.

أما الجانب الإماراتي، فقد يخسر نهائيا كل نفوذه في الصومال، بما فيها القواعد العسكرية بإقليم "أرض الصومال"، بجانب ميناء بربرة، إذ قد تلجأ مقديشو إلى تحكيم دولي بخصوص المشاريع الاقتصادية والعسكرية في الصومال، وهو ما قد يُضر بالإمارات في الصراع على النفوذ بمنطقة القرن الإفريقي.

 
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

اشتباكات بين الدفاع الجوي الإيراني وطائرات إسرائيلية بطهران
12:00 19.04.2024
جوتيريش العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية
11:45 19.04.2024
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبقى النمو في الشرق الأوسط مكبوحاً
11:30 19.04.2024
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة وورلد برس فوتو لعام 2024
11:15 19.04.2024
فيضانات نيجيريا تزيد من نقص محصول الكاكاو
11:00 19.04.2024
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
10:45 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
10:30 19.04.2024
اليونيسف طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة
10:15 19.04.2024
الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
10:00 19.04.2024
المياه تغمر نحو 18 ألف منزل في روسيا بسبب الفيضانات العارمة
09:45 19.04.2024
الحرس الثوري الإيراني يعلن تحديد مواقع المنشآت النووية الإسرائيلية ويحذر تل أبيب
09:30 19.04.2024
أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
01:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
مارتن ليجون : فرض العقوبات علي إيران ليس حلًا
15:00 17.04.2024
دميتري سولونيك : هذا لن يساهم في استقرار المنطقة
14:00 17.04.2024
خبير سياسي: أرمينيا تسعي إلي أن تكون السعودية وسيطًا في أزمتها مع أذربيجان
13:00 17.04.2024
راي كريم أوغلو : الادعاءات التي قدمتها أرمينيا في محكمة العدل ليست إلا "أكاذيب"
12:25 17.04.2024
مصر وتركيا لترسيخ العلاقات بعد إنهاء القطيعة
12:00 17.04.2024
جميع الأخبار