الأزمة السياسية داخل أرمينيا لم تبلغ ذروتها بعد

تحليلات 09:00 04.05.2018

أوليغ كوزنتسوف، العالم السياسي والمؤرخ الروسي، حصرياً لـEurasia Diary

لم يحصل نيكول باشينيان، زعيم احتجاجات الشوارع في يريفان والمنافس الوحيد لمنصب رئيس وزراء أرمينيا، في 1 مايو على موافقة البرلمان لترشيحه.

من حيث المبدأ، كان هذا التطور متوقعاً، لأن الهيئة النيابية  للسلطة العليا للدولة في هذا البلد كونت في شكل أنها تكون أداة طيعة في أيدي الرئيس الاستبدادي سيرج سركيسيان الذي اضطر إلى التنحي عن منصب رئيس الوزراء بسبب الاحتجاجات الشعبية الكبيرة التي هددت أن تتصاعد إلى أعمال شغب في الشوارع وحتى تمرد مسلح. لذلك، استقال رئيس الوزراء السابق، تحت ضغط المسيرات الشعبية. كما استقال رئيس الوزراء بالنيابة بجبن. لم يستطع زعيم المعارضة تولي منصب الشخص الأول في البلاد. وعلى الرغم من الأزمة السياسية المتواصلة بشكل واضح غنيت أرمينيا عن رئيس الدولة  خلال فترة أكثر من أسبوع في هدوء تام. لا يمكن نسمي هذا الوضع الغريب بطبيعي.

يعتمد تواصل التطورات السياسية الداخلية في أرمينيا على قدرة النواب من الحزب الجمهوري الذي لا يزال حزباً حاكماً في أرمينيا على التضامن واتخاذ الموقف الموحد في مسألة انتخاب رئيس الوزراء. وهذا، بدوره، يتوقف بصورة مباشرة على ما إذا كان نيكول باشينيان قادراً على دفع هذه الأعداد الكبيرة للظهور في الشوارع أو الاحتجاجات الجماهيرية الحاشدة التي مع مرور الوقت  بالامتثال الكامل لقوانين الفيزياء قد تتحول إلى التذبذبات المضحلة. وتعتمد النخب التي ما زالت متمسكة بالسلطة ورعاتها من موسكو على هذا السيناريو.

لكن أرمينيا ليست بروسيا.  في هذا البلد عشرات الآلاف من الناس على استعداد تام للتظاهر مقابل الحصول على 20 دولار يومياً، وهذا ما لا يحصلون عليه في  مكان عملهم الأساسي. بهذه الشروط أنهم على استعداد للنزول الى الشوارع والساحات ليست مدة أسبوع أو اثنين، بل أشهر، كما كان في أوكرانيا في عام 2013. نيكول باشينيان نفسه  محارب سياسي قديم ومن غير المرجح أن يتوقف عند نصف خطوة من قمة السلطة في أرمينيا. كما من غير المرجح أن طرفي الصراع  قادران على تنازلات بعضهما للبعض من أجل التوصل إلى المصالحة في أرمينيا. واستعد كل منهما من البداية للتمسك بالسلطة الانفرادية وكان الحزب الجمهوري يختار العمل في إطار القيادة المركزية للحزب شأنه شأن الشيوعيين. ولكن المعارضة فضلت الاعتماد على القاعدة الواسعة من الجماهير والقوى السياسية. ولكن في داخلهما، كان، كما يقال، " كل يغني على ليلاه"!

 وبعبارة أخرى، اليوم تتميز السلطات والمعارضة في أرمينيا  في الظاهر (الذي بالتأكيد غير مهم) والتوجه الجيوسياسي (وهو أمر حاسم): الأولى هي الموالية لروسيا، والثانية هي الموالية للولايات المتحدة. وهكذا أرمينيا اليوم، تحولت عقب سوريا إلى ساحة أخرى للمواجهة الجيواستراتيجية الروسية الاميركية.  على كل من الطرفين بذل كل جهد ممكن لضمان  تولي   الجماعات من المؤسسات السياسية الأرمينية السلطة في البلاد. لذلك، لم تصل الأزمة السياسية في أرمينيا إلى ذروتها بعد.

إن الإجراءات المتتالية التي يتخذها باشينيان وأنصاره (بشرط الاستعداد للتواصل إلى النهاية في هذه المعركة من أجل السلطة) مفهومة تماما ويمكن التنبؤ بها. خرجوا إلى شوارع وميادين يريفان للاحتجاج ضد سركسيان الذي كان رئيساً للحزب الجمهوري لأرمينيا. ثم، ضد كارابيتيان   الذي كان مرشحاً مدعوماً من الحزب الجمهوري بصفته رئيس الوزراء بالوكالة للبلاد. الآن ليس لديهم أي حجة أخرى إلا ببدء حملة المسيرات الاحتجاجية مباشرة ضد الحزب. يسطيع باشينيان والخبراء السياسيون وراءه أن يسيئون سمعته  بتوجيه الاتهام بخيانة الوطن لصالح روسيا، أو في دعم الإرهاب الدولي. يمكن العثور على البراهين ضده بسهولة أو فبركتها باستخدام بيانات حقيقية.

 من الناحية التقنية، لا يمكن إطاحة بالحزب الجمهوري من السلطة، برعاية مظهر الشرعية في هذه العملية، إلا في شكل انتخابات برلمانية مبكرة جديدة. وفقا لنتائج هذه الانتخابات، قد تتبادل السلطات والمعارضة دورهما. على الرغم من أنه قد يكون هناك شكل آحر لتطور الأحداث هو أن الحزب الجمهوري ينهار، كما حدث بالفعل أكثر من مرة مع انهيار أركان الأنظمة الاستبدادية.

إن رفض الجمعية الوطنية الأرمنية تعيين باشينيان رئيساً للوزراء ليس سوى فترة راحة مؤقتة في تطور الأزمة السياسية الأرمنية الداخلية. بطبيعة الحال، هناك فرصة أن تنخفض ​​التظاهرات في يريفان. يعتبر 8 و9 مايو، يوما العطلات الرسمية في أرمينيا،  من المحتمل ألا تدخل السلطات والمعارضة إلى مواجهات مفتوحة مع استخدام العنف لا عشية ولا خلال هذه الأعياد.

ولكن الشيء الوحيد الذي لا يزال غير قابل للتغير اليوم هو أن نيكول باشينيان هو مرشح وحيد حاليا لمنصب رئيس وزراء أرمينيا. وبوجود الأغلبية في البرلمان لم يتمكن الحزب الجمهوري الأرمني بشكل موضوعي من الترشيح من بين صفوفه بديلاً مساوياً لمنصب رئيس الحزب. هذا هو مصير كل الأحزاب السياسية التي أنشئت لدعم الزعيم التسلطي للدولة. ولا يتحمل مثل هذا الزعيم في محيطه  شخصاً مثيلاً له، والكاريزما والاعتراف الاجتماعي. سيضطر الجمهوريون الأرمن في الأسبوع القادم إلى محموم البحث عن بديل مناسب لسركسيان، ولكن من الصعب جداً إيجاد بديل ما في البلاد. وبما أنه من المستبعد جداً أن يكون هناك الزعيم الحقيقي الذي سيكون مستعداً لقيادة السفينة المنسفة بتربيد، وتكاد أن تغرق.

اليوم في أرمينيا يسود بين السلطات والمعارضة ما يسمى ب"السحب الصيني" . عندما يجب على االلاعبين أن يواصلا اللعبة بنفس الأحجار والبيادق التي يمتلكاها، وإذا استخدمنا مصطلحات الشطرنج، فإن اللعبة لا تزال بعيدة عن نهاية. هذا هو السبب في أننا سنشهد المزيد من الأحداث في أرمينيا والتي ستتردد صداها خارج هذا البلد.

    الترجمة من الروسية: د. ذاكر قاسموف


 

 

ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
مارتن ليجون : فرض العقوبات علي إيران ليس حلًا
15:00 17.04.2024
دميتري سولونيك : هذا لن يساهم في استقرار المنطقة
14:00 17.04.2024
خبير سياسي: أرمينيا تسعي إلي أن تكون السعودية وسيطًا في أزمتها مع أذربيجان
13:00 17.04.2024
راي كريم أوغلو : الادعاءات التي قدمتها أرمينيا في محكمة العدل ليست إلا "أكاذيب"
12:25 17.04.2024
مصر وتركيا لترسيخ العلاقات بعد إنهاء القطيعة
12:00 17.04.2024
كيف تتعامل مصر مع تداعيات استمرار التوتر في البحر الأحمر؟
11:45 17.04.2024
سلطنة عمان: سيول تودي بحياة أكثر من 16 شخصا جلهم من التلاميذ
11:30 17.04.2024
رئيسي يتوعد برد واسع وموجع على أدنى عمل يستهدف مصالح طهران
11:15 17.04.2024
رئيس وزراء باكستان يستقبل وزير الخارجية السعودي
11:00 17.04.2024
تركيا تدير علاقاتها مع إيران وأمريكا بحذر
10:45 17.04.2024
فريق التوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة يجري دورات للتوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة
10:36 17.04.2024
بوتين يبحث هاتفيا مع الرئيس الإيراني الأزمة في الشرق الأوسط
10:30 17.04.2024
العمانية للغاز توقع اتفاقية توريد مع جيرا اليابانية لمدة 10 أعوام
10:15 17.04.2024
السعودية وباكستان تبحثان تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي
10:00 17.04.2024
الأمم المتحدة تعثر على قنابل غير منفجرة تزن ألف رطل في مدارس بغزة
09:45 17.04.2024
الأمم المتحدة تدعو إسرائيل للتوقف عن المشاركة في عنف المستوطنين
09:30 17.04.2024
استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي
09:15 17.04.2024
أردوغان: نتنياهو هو المسؤول الوحيد عن أحدث توتر في الشرق الأوسط
09:00 17.04.2024
"ضد الهجوم الإيراني".. السعودية تعترف بمساعدة إسرائيل
22:12 16.04.2024
مطار دبي الثاني عالمياً بقائمة أكثر المطارات ازدحاماً في 2023
18:00 16.04.2024
توفيق عباسوف : هكذا تتعامل القوي العالمية مع قضايا المنطقة
16:00 16.04.2024
خبير إسرائيلي : إذا اندلعت حرب فإن إيران ستكون الخاسر الأكبر
14:21 16.04.2024
استمرار جلسات الاستماع في القضية التي رفعت ضد أذربيجان في محكمة العدل
13:34 16.04.2024
مركز ترتر الإقليمي للتدريب المهني يعقد دورة تدريبية لفريق إزالة الألغام النسائي
12:41 16.04.2024
جميع الأخبار