الحريري يسير على حبل مشدود بتوازنات داخلية وخارجية تحليل

تدخلات خارجية ومشاكل داخلية تحول دون ظهور الحكومة اللبنانية المقبلة..

تحليلات 09:00 02.09.2018

مرت 3 أشهر على تكليف رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، بتشكيل حكومة لبنانية جديدة، إلا أن تدخلات خارجية ومشاكل داخلية تحول دون ظهور حكومته الثالثة.

في سياق تفاهمات بين أطراف عربية وإقليمية، كلف الرئيس اللبناني، ميشال عون، في 24 مايو/أيار الماضي، الحريري، رئيس الوزراء المنتهية ولايته، بتشكيل الحكومة، بعد انتخابات برلمانية أجريت في السادس من الشهر نفسه.

والجنرال عون هو حليف لـ"حزب الله" اللبناني، المدعوم من إيران، الذي يحاول فرض هيمنته ونفوذه متعدد الأبعاد في لبنان والمنطقة عامة، بينما تحاول السعودية التصدي لطهران، بدعم حلفاء مفترضين للرياض، مثل الحريري، لكنها تؤكد حرصها على أمن واستقرار لبنان واحترام سيادته وعدم التدخل فى شؤونه الداخلية، ومن بينها تشكيل الحكومة.

أفرزت نتائج الانتخابات أغلبية واضحة لـ"حزب الله" وحلفائه من الكتل السياسية الأخرى، خلافا لانتخابات 2009، التي فازت بأغلبية مقاعدها كتل سياسية، مثل "تيار المستقبل"، والتي تحظى بدعم عربي سعودي وغربي أمريكي وفرنسي.

وتنافس في انتخابات 6 مايو/أيار الماضي أكثر من 500 مرشح على مقاعد مجلس النواب، بنسبة إقبال من الناخبين بلغت 49.2 بالمائة، وفقا لبيانات رسمية.

وبات 67 مقعدا برلمانيا، حسب النتائج الرسمية، من حصة "حزب الله" والكتل الحليفة له؛ بما يعادل أكثر من نصف عدد مقاعد المجلس البالغة 128.

ومع إعلان النتائج، قال اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، في 11 يونيو/حزيران 2018، أن 74 من أعضاء مجلس النواب يؤيدون "محور المقاومة".

وتابع أنه بهذه النتيجة تحول "حزب الله" من حزب مقاومة إلى حكومة مقاومة في لبنان، في إشارة إلى التأثير الإيراني واسع المدى في البلد العربي.

ما قاله سليماني أثار النائب فادي سعد، عضو تكتل "الجمهورية القوية"، فقال إن هذا التصريح "يدل أكثر فأكثر على التدخل الإيراني بالشؤون اللبنانية".

ويضم تحالف القوى القريبة من إيران: "حزب الله"، بزعامة حسن نصر الله، و"حركة أمل"، بقيادة نبيه بري، رئيس مجلس النواب، إضافة إلى "التيار الوطني الحر"، الذي أسسه الجنرال عون قبل توليه منصب رئيس الجمهورية.

ولسنوات أعقبت اندلاع الحرب الأهلية في سوريا (عام 2011)، ظل لبنان تحت وطأة تنافس إقليمي بين السعودية، كممثل للمحور العربي، والمحور الإيراني في المنطقة وملفات الصراعات الساخنة في سوريا والعراق واليمن.

** شراكة "حزب الله"

تبدو ولادة حكومة الحريري عسيرة؛ جراء تداخل جملة عوامل داخلية وخارجية، ما أوجد عقبات لابد من تجاوزها لتشكيل حكومته الثالثة (ترأس الحكومة بين 2009 و2011، ومنذ 2016).

إذ أطلت الضغوط الخارجية، والعربية منها خاصة، على القوى اللبنانية المعنية بتشكيل الحكومة من بوابة اعتماد الدعم وتقديم المساعدات مستقبلا.

إذ لا بد أن يشكل رئيس الوزراء المكلف حكومة مستوفية لمعادلة التوازنات الداخلية المجتمعية وانعكاسها على التوازنات الإقليمية، التي تركز على التزام الأطراف اللبنانية بالابتعاد عن دائرة النفوذ الخارجي، الإيراني والسوري.

أدرجت الولايات المتحدة ودول خليجية "حزب الله" اللبناني وبعض قياداته على قائمة عقوبات، في ظل اتهامات بـ"دعم الإرهاب، وغسيل أموال واتجار بالمخدرات".

لكن رئيس الوزراء المكلف لا يمكنه الاستغناء عن شراكة "حزب الله" في الحكومة المقبلة، لضمان الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد.

وتشير تقارير إلى توجه إسرائيلي أمريكي عربي بدأ يتبلور بعد فرض العقوبات الأمريكية على إيران (في 7 أغسطس/آب الجاري).

ويهدف هذا التوجه إلى تحجيم دور الحزب كجزء من حملة واشنطن للتصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة.

** عوائق إقليمية

خلال الأسابيع الماضية، كثف الحريري من تحركاته داخليا وخارجيا، على أمل تجاوز العقبات الخارجية، التي تحول دون المضي قدما في إنجاز التشكيل الوزاري، بعد أن باتت العوامل والعقبات الداخلية على قدر من التأثير الثانوي مقارنة بالعوامل الخارجية.

في العلن ينفي الحريري وجود أي ضغوط أو عقبات إقليمية ودولية، بل صرح في 7 أغسطس/ آب الجاري، بوجود دعم دولي لتسريع تشكيل الحكومة.

وبعد 3 أيام، نفى أن يكون للتدخل الدولي أو الإقليمي أي دور في تأخير تشكيل الحكومة؛ لأن المشكلة داخلية تماما، ولأن كل حزب سياسي يصر على حصته في الحكومة.

غير أن مسؤولا بارزا في "حزب الله" اتهم "سفارات دول المنطقة" بتأخير تشكيل الحكومة، قائلا للوكالة اللبنانية الوطنية للأنباء إن سفارات "أجنبية تضغط على الأحزاب السياسية لرفع سقف مطالبها"؛ ما يعوق تشكيل الحكومة.

يعكس تفوق "حزب الله" والقوى الحليفة له في الانتخابات الأخيرة واقع تراجع الدور السعودي، الداعم لـ"تيار المستقبل"، بعد أن باتت الرياض تركز بشكل أكبر على التصدي للنفوذ الإيراني، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، في اليمن ومنطقة الخليج وسوريا إلى حد ما، بدلا من لبنان.

وتفيد وسائل إعلام لبنانية بأن "حزب الله" وسوريا يتمسكان باحترام تمثيل الكتل السياسية الحليفة لدمشق في أية تشكيلة وزارية قادمة، كما أن أطرافا عربية، مثل السعودية، تبعث رسائل غير مباشرة تربط بين دعم لبنان مستقبلا وشكل الحكومة المقبلة ومكوناتها الأساسية.

الحريري تحدث عن "أطراف" لبنانية دعت إلى إدراج تطبيع العلاقات مع النظام السوري في البرنامج الوزاري كشرط مسبق لتشكيل الحكومة.

وهو ما يعني عدم تشكيل الحكومة من وجهة نظر الحريري، الذي يرفض يشكل قاطع أي تطبيع للعلاقات مع سوريا في ظل نظام بشار الأسد؛ لأن "عودة العلاقات مع النظام السوري هو أمر لا نقاش فيه"، على حد قوله.

وتأزمت العلاقات السياسية بين لبنان وسوريا إثر اتهام الحريري النظام السوري باغتيال والده، رئيس الحكومة الأسبق، رفيق الحريري، في تفجير ببيروت، يوم 14 فبراير/ شباط 2005.

وبشكل تام، انقطعت العلاقات بين البلدين، عقب اندلاع الحرب في سوريا عام 2011؛ حيث توقف الاتصال بين الحكومتين، ما عدا وزراء "حزب الله" و"حركة أمل".

مقابل نفي الحريري، أعرب عضو المكتب السياسي لـ"تيار المستقبل"، مصطفى علوش في تصريحات صحفية، عن اعتقاده بأن "العوائق الإقليمية تعوق تشكيل الحكومة".

واتهم علوش في ذلك تحالف قوى "8 آذار"، الذي يضم "حزب الله" وشخصيات من "التيار الوطني الحر".

وهؤلاء يمثلون "الفريق الإيراني في لبنان"، كما يصفهم علوش، الذي لم ينف وجود عوامل داخلية أيضا تسببت في المأزق السياسي؛ بسبب محاولة كل حزب اقتناص أكبر عدد من الحقائب الوزارية لتعزيز دوره في الحكومة المقبلة.

** معضلة الحريري

تعقيدات وتحديات عديدة تواجه مساعي الحريري لإنجاز مهمة تشكيل حكومة وحدة وطنية تتوافق مع واقع فوز "حزب الله" والقوى الحليفة له بأغلبية مقاعد مجلس النواب.

في الوقت نفسه يتوجب عليه الخروج بحكومة تبدد مخاوف الدول الغربية ودول عربية من التأثير الطاغي المحتمل لـ"حزب الله" في سياسات الحكومة المقبلة.

يدرك الحريري أن تشكيل حكومة يهيمن عليها "حزب الله" والقوى الحليفة له سيعطل مساعدة الولايات المتحدة للجيش اللبناني.

كما أنها ستقلص إلى حد ما المساعدات الغربية والعربية للبنان، الذي سيضيف نحو مليون لاجئ سوري مسجل في الأمم المتحدة.

يضاف إلى ذلك احتمالات حرمان لبنان من منحة بـ11 مليار دولار تعهد بها "نادي باريس"، في أبريل/نيسان الماضي.

إذ ستتردد الدول المانحة في تقديم هذه المنحة ما لم يتم تشكيل حكومة تحترم التوازنات الداخلية، وتنسجم مع الرؤية الدولية والإقليمية لمستقبل لبنان ودور "حزب الله" فيه.

لا ترى واشنطن ما هو أسوأ من سيطرة "حزب الله" على الحكومة المقبلة وتوسيع النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا والمنطقة عامة.

إلى جانب صعوبة التنسيق لمساعدة اللاجئين السوريين في المخيمات اللبنانية، ومنع إعادتهم قسرا قبل الحصول على ضمانات من الأمم المتحدة بحمايتهم من احتمالات تعرضهم للاعتقال أو القتل على أيدي قوات النظام والأجهزة الأمنية التابعة له.

كما سيعني تشكيل حكومة يهيمن عليها "حزب الله" والقوى الحليفة له تقويضا للجهود الأمريكية في إعادة بناء مؤسسة الجيش اللبناني وتعزيز قدراته لتقديم مساهمة فاعلة أكبر بجانب الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب بالمنطقة.

بينما سيكون من مصلحة "حزب الله" أن تكف واشنطن عن مراقبتها للشأن اللبناني والتدخل لصالح "تيار المستقبل" والمتحالفين معه من "الحزب التقدمي الاشتراكي" وحزب "القوات اللبنانية"، الذين يشكلون ما يشبه التحالف الكتلوي في مواجهة تحالف "حزب الله" مع "حركة أمل" و"التيار الوطني الحر".

** حكومة مصغرة

ينص دستور عام 1943 واتفاق الطائف عام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية (1975-1990)، على أن تكون رئاسة الحكومة للسُنة، ورئاسة الجمهورية للموارنة، ورئاسة مجلس النواب للشيعة.

لكن لا توجد مهلة تلزم رئيس الوزراء المكلف في لبنان بإنجاز التشكيلة الحكومية في فترة محددة؛ إذ لا تتحدث أية مادة من مواد الدستور عن كيفية سحب التكليف من الرئيس المكلف.

لكن تقارير إعلامية لبنانية نقلت عن مصادر في قصر الرئاسة إن عون سيلجأ قريبا إلى "خيارات" (لم تكشف عن طبيعتها) لإيجاد حلول لأزمة تشكيل الحكومة، خلال سبتمبر/أيلول المقبل، استباقا لاستحقاقات ومؤتمرات سيشارك فيها لبنان.

ومع احتمالات فشل الحريري يمكن أن يتم تشكيل حكومة مصغرة من أقل من عشرين وزيرا من شخصيات مستقلة ذات كفاءة مشهود لها وتمتاز بقبول واسع على المستوى اللبناني.

 

ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

وزير الخارجية المصري يبحث الملفات الإقليمية والدولية مع نظيرته الجنوب أفريقية
14:00 20.04.2024
مباحثات تركية- مصرية تتناول جهود وقف النار في غزة
13:30 20.04.2024
دولة فلسطين نحو اعترافات إضافية غداة الحجب الأمريكي لعضويتها الأممية
13:00 20.04.2024
ثوران جديد لبركان روانغ في إندونيسيا. وخطر تسونامي لا يزال قائماً
12:30 20.04.2024
انفجارات أصفهان.. القصة الكاملة للهجوم الإسرائيلي على إيران
12:00 20.04.2024
انطلاق الانتخابات العامة في الهند... وحزب مودي الأوفر حظاً
11:30 20.04.2024
الأمم المتحدة تستنكر التحطيم المتعمد للأجهزة الطبية بمستشفيات غزة
11:00 20.04.2024
أسطول الحرية مستعد للإبحار من تركيا لغزة. وتحذير لإسرائيل من أي هجوم
10:30 20.04.2024
إسرائيل تسعى إلى منع صدور أمر اعتقال بحق نتنياهو
10:00 20.04.2024
ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و12 شهيدا
09:30 20.04.2024
ميرزايف : نشهد أحداثًا تاريخية
09:00 20.04.2024
أسرار استهداف إيران لأذربيجان
17:16 19.04.2024
في يومها الأخير جلسات الاستماع في الدعوي الارمينية ضد أذربيجان
16:00 19.04.2024
كواليس انسحاب قوات حفظ السلام الروسية من قراباغ
15:00 19.04.2024
زرادشت علي زاده : الولايات المتحدة لا تريد أن يتم فتح طريق زانجيزور في ظل هذه الظروف
14:00 19.04.2024
ما تأثير انسحاب قوات حفظ السلام من قراباغ؟
13:00 19.04.2024
اشتباكات بين الدفاع الجوي الإيراني وطائرات إسرائيلية بطهران
12:00 19.04.2024
جوتيريش العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية
11:45 19.04.2024
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبقى النمو في الشرق الأوسط مكبوحاً
11:30 19.04.2024
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة وورلد برس فوتو لعام 2024
11:15 19.04.2024
فيضانات نيجيريا تزيد من نقص محصول الكاكاو
11:00 19.04.2024
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
10:45 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
10:30 19.04.2024
اليونيسف طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة
10:15 19.04.2024
الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
10:00 19.04.2024
المياه تغمر نحو 18 ألف منزل في روسيا بسبب الفيضانات العارمة
09:45 19.04.2024
الحرس الثوري الإيراني يعلن تحديد مواقع المنشآت النووية الإسرائيلية ويحذر تل أبيب
09:30 19.04.2024
أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
01:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
جميع الأخبار