المقابة الصحفية الحصرية مع الأمين العام لمكتب السلام الدولي كولين أرتشير
التسامح واحترام القانون والقضاء على الأسلحة! وهذه العوامل الثلاثة بالذات يمكن أن تقر السلام في العالم. في رأي الأمين العام لمكتب السلام الدولي كولين أرتشير أنه إذا التزمت بهذه هذه الكلمات الساحرة الثلاث يمكن يعمّ الاستقرار العالم بأسره، سيقلّ عدد النزاعات والصراعات بصورة حادة . وهذا، كما هو في كل مرة، في يد الإنسان...
كشف الأمين العام لمكتب السلام الدولي كولين أرتشير في تصريحاته الحصرية ل“Eurasia Diary” عن موقفه حول السلام والإنسانية والحروب ودور الصحافة وغيرها من القضايا الهامة إلى جانب حل قضية قاراباغ الجبلية أيضاً.
“Eurasia Diary”: ما رأيك، بكونك مدير المنظمة التي تعمل بشعارات العالم بلا حروب، في مستقبل العالم المحمل اليوم بحروب والنزاعات المجمدة والمتواصلة؟
كواينن أتشير: لا شيء، لم تعربد النزاعات والحروب في جميع أنحاء العالم. لم تعكس الصحافة الحقيقة دائماً. وهناك عدد كبير من الأماكن الخالية عن الحروب والصراعات. أشير إلى أن الحرب لم تؤثر على جميع جوانب حياة الناس في اللبدان التي تعاني من المواجهات الفعالة. ولم يكن منظر الصراعات والعنف والحروب مطلقاً كما تقدمها لنا الصحافة. وعموماً تواجد الحروب ليس مطلقاً وواقع مطلق وحيد هو السلام.
عند نشوب أي صراع داخل البلد نخاطب دائماً المحاكم. لماذا لم نطبق نفس التجربة في الصراعات على الصعيد الدولي؟ وبدل التسلح علينا مخاطبة المحاكم الدولية. وهذا هو موقف أساسي لمكتب السلام الدولي- القانون الدولي ضد التسلح.
“Eurasia Diary”: ألا ترعبك، بكونك الداعي للسلام، الإحصاءات الصادرة حول مناطق النزاعات والصراعات المختلفة؟
كولين رتشير: صحيح، للأسف هناك بعض النزاعات متواصلة حالياً. من الجدير بالذكر أنه خلال 12 شهراً أخيراً هناك 4 معاقل كبيرة للحرب الفعالة أودت بحياة أكثر من 10 ألاف شخص. والحروب في سوريا والعراق ونيجيريا هي أسوأ نماذج للصراع. مع ذلك هناك مناطق الصراعات مثل باكستان والمكسيك واليمن والسودان الجنوبية وأوكرانيا وأنها أكثر قضايا تحتل صدارة الاهتمامات. ولكن في نفس الوقت ومع مواصلة هذه الصراعات، لم تشمل نيران الحرب العالم كله.
في العالم 196 دولة من الواضخ أنه ولم تدر الحروب في كلها. وتقع المسئولية في هذه الظروف المستقرة على الدول نفسها وعلى الأمم المتحدة والحركات السلمية ومكتب السلام الدولي.
“Eurasia Diary”: الهدف الأساسي لمكتب السلام الدولي هو نزع السلاح أو بالأحرى القول "كلا للسلاح"، وذلك في مصلحة التقدم. كيف يمكن تفسر سباق التسلح المتزايد بسرعة كبيرة في الدولة النامية والدول غير النامية؟
كولين أرتشير: يجب نتصور الاقتصاد العالمي في الارتباط بالمجتمع العالمي. أنا أرفض مفهوم مجموعة الدول النامية والدول غير النامية على هذا الأساس. ولم تصلح هذه المصطلحات للاستفادة منها بعد. لأن نمواقتصاد دولة ما يتحقق جراء فعاليات عدة عوامل معاً. وتحدث الصراعات في منطقة ما من البلاد. يعني، لم تشتعل شعلة الحرب في باكستان كلها وفي المناطق الشمالية الغربية من البلاد فقط يسود الوضع المتطور.
صحيح، أن الصراعات تحدث بأغلبيتها في الدول الفقيرة. ومن الواضح أن الفقر أحد عوامل مؤدية إلى الصراع ولكن ليس بوحيد. والسبب الآخر هو طول مدة الصراعات. هناك بعض النزاعات التي من المستحيل إيجاد الحل لها بسبب انعدام النظام الإداري القادر على حل النزاع أو عجزه ولذلك تتواصل الصراعات لمدة طويلة. لكن هناك الدول الفقيرة العديدة تخلو عن الحروب مثل غابون وبنين وأروغواي، وإذا أخذنا باعتبار هذه الدول فنرى أن الفقر لا يعني تواجد الحرب.
والهدف الأساسي لمكتب السلام الدولي هو نزع السلاح لضمان التنمية المتواصلة. ونسعى لحل هاتين المسألتين. والمسألة الأساسية هي الجانب الاقتصادي للحرب والنفقات العسكرية. وتعتمد الحملات التي نقيم بها ومنها أيام الحركة العالمية التي بدأناها في عام 2011 على هذه الإديولوجية بالذات.
يفيد التقرير السنوي الصادر عن أحد مراكز الدراسات في ستوكهولم أنه خلال سنة واحدة تم صرف 1 تريليون 700 ملياردولار في العالم كله لأغراض التسلح. وهذا الرقم مرتفع جداً حتى بمقارنة عهد الحرب الباردة. وأحد أسباب زيادة النفقات العسكرية هي انتشار حملة التسلح في الدول بعد تعرضها للأعمال الإرهابية في إطار استراتيجية "محاربة الإرهاب". والجدير بالذكر أنه نشاهد في هذه الدول ملامح متزايدة للنظام التسلطي.
يعمل مكتب السلام الدولي للدفاع عن حقوق الإنسان وحماية البيئة وضمان مشاركة النساء في الحياة الاجتماعية أكثر فعالاً والقضاء على البطالة بين الشباب. وكل هذه المطالب ضرورية جداً وللأسف، تصرف الوسائط التي يمكن توجيهها لهذه المشاكل للأغراض العسكرية. طبعاً لا يقترح مكتب السلام الدولي توجيه جميع الوسائط إلى تلبية طلبات اجتماعية واقتصادية ، ولكنه من الواجب تخصيص القسم الهام من الميزانية لهذه الأغراض.
“Eurasia Diary”: هناك عدد كبير من الحاصلين على جائزة نوبيل للسلام لم يبد أغلبيتهم عن آرائهم حول السلام وإذاً ما معنى منح الجائزة المذكورة؟ ما رأيك في إمكانية التغلب على هذا الخمول؟
كولين أرتشير: لا اشارك كثيراً فكرة خمول الحاصلين على جائزة نوبيل بعد نيلها. مثلاً، في إيران السيدة شيرين عبادي، الحاصلة على جائزة نوبيل لخدماتها في الدفاع عن حقوق الإنسان تواصل أنشطتها في هذا المجال. والسيد جودي أوليام الذي نال جائزة نوبيل في مجال مكافحة الألغام يشرف على المشاريع المضادة للأجهزة الطائرة دون الطيار. وحتى أحد آخر الحاصلين على جائزة نوبيل السيد جيمي كارتير شارك بصورة فعالة في المفاوضات المرتبطة بقنبلة هيدروجيونية لكوريا الشمالية وبذل كل ما في وسعه لتفادى اندلاع الحرب الجديدة.
هناك البعض يعملون في مجال حماية البيئة. يمكن أن يطرح السؤال: ما العلاقة المباشرة بين قضايا البيئة والصراعات والسلام؟ في الحقيقة قضايا المناخ والبيئة المحيطة أنها قضايا ذات صلة مباشرة بالصراعات والسلام. يمكن أن تكون قضايا مثل الهجرة واللاجئين والنقص في التغذية سبباً للنزاعات. ويعاني الناس بصعوبة فهم جوهر جائزة نوبيل الأصلي بسبب عدم معرفتهم بعلاقة بينها
“Eurasia Diary”: يتواصل الوضع الراهم في تسوية النزاع في قاراباغ الجبلية منذ 25 سنة. تواصل القوات المسلحة الأرمينية احتلال أراضي أذربيجان منتهكة بهذا القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة وخاصة شروط ميثاق جنيف. ماذا تقول عن النزاع في قاراباغ؟ كيف تقدر اشتداد التوتر على طول خط التماس بين القوات الأذربيجانية والأرمينية في شهر أبريل الماضي؟
كولين أرتشير: يمكن أن يتبين حل قضية قاراباغ كانه لا حدود له. وشاهدنا اشتداد الصراع في أوائل شهر أبريل. يمكن إيجاد الحل لقضية قاراباغ مثل إيرلندا الشمالية. يعني شاهدنا نجاح الدبلوماسية في النزاع في إيرلندا الشمالية. والمشكلة في أنه في أغلبية الأوقات يهرب الدبلوماسيون من الحوار المفتوح. لأن السياسي الذي يجري المفاوضات ويقدم التنازلات بصورة مفتوحة يواجه ردود الفعل السلبي داخل البلاد. يلعب المجتمع المدني دوراً كبيراً في حل النزاع بطرق دبلوماسية. يعني، على المجتمع المدني أن يحاول بالعمل في هذا المجال. يجب ألا يتفادي عن مقابلة الطرف الآخر. ويتمكن المجتمع المدني من أن يقوم بما يعجز فيه السياسيون ويجري الحوار مع الطرف الآخر. وفي هذه الحالة بالذات يتمكن السياسيون من أن يتوصلوا إلى إقرار السلام والأمن في التعاون مع المجتمع المدني.
أجرت المقابلة الصحفية فاطمة علي أكبروفا – حصري لEurasia Diary
كولين أرتشير- الأمين العام لمكتب السلام الدولي منذ 1990. أسس المكتب في عام 1891 وكرس فعالياته لتحقيق السلام وحفاظه. وحصل المكتب على جائزة نوبيل للسلام في عام 1910 ويتعاون حالياً مع أكثر من 300 منظمة عضو فيه. شملت فعاليات المكتب محاولات لتخفيض النفقات العسكرية وصرف هذه الأموال للتغذية والتعليم والصحة والقضاء على البطالة وحماية البيئة.