هل سيفقد الحراك الشعبي السوداني سلميته بعد مقتل عناصره بنيران المجلس العسكري؟

تحليلات 18:35 15.05.2019
الحقيقة الدامغة التي يحاول الكثير من المتابعين للشأن السوداني تغافلها، جهلاً أو عمداً، أن هناك صراعاً محتدماً بين فريقين خارجيين على السودان ويتدخلان بقوة في الحراك الشعبي الذي انطلق منذ أربعة أشهر، الأول يضم كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والثاني تتزعمه كل من تركيا ودولة قطر.
العالم - مقالات وتحلیلات
 
بينما يريد المعسكر الأول السعودي الإماراتي التهدئة بعد أن جاءت نتيجة الانقلاب لمصلحته بوصول الفريق عبد الفتاح البرهان وأنصاره إلى السلطة، المعروف بتأييده للتحالف العربي في حربه اليمنية، يعمل الطرف الثاني على استمرار الحراك الشعبي وتصعيده مدعوماً بأنصار جبهة الإنقاذ التي كان يتزعمها الرئيس عمر البشير، وحكمت البلاد لأكثر من ثلاثين عاماً.
 
مقتل أربعة محتجين وضابط مساء أمس، وتلويح الفريق البرهان، رئيس المجلس العسكري بالقبضة الحديدية، والتهديد بأنه لن يسمح بالفوضى، يعكس هذا الصراع الخارجي وأذرعه الداخلية بشكل واضح، ويهدد بمرحلة من الفوضى ربما تكون العنوان الرئيسي للمشهد السوداني فيما هو قادم من أيام.
 
الفريق البرهان أعلن منذ اليوم الأول وقوفه في الخندق السعودي الإماراتي المدعوم مصرياً وأميركياً، وشدد في بيانه الأول على بقاء أكثر من خمسة آلاف جندي سوداني في اليمن، وأرسل قواته إلى جزيرة سواكن في البحر الأحمر لإنهاء أي وجود عسكري أو مدني فيها، وإلغاء كل الاتفاقات التي وقعها الرئيس البشير مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان أثناء زيارته الأخيرة للخرطوم، وهذا ما يفسر المنحة المالية السريعة التي وصلت إلى السودان ومجلسه العسكري من هذا المحور.
 
يصعب علينا أن نجزم بالنتيجة التي سينتهي إليها هذا الصراع وانعكاساته الشعبية، خاصة داخل الحراك، ولكن مقتل أربعة محتجين وضابط، وبعد يومين من توصل المجلس العسكري الحاكم إلى اتفاق على هيكل السلطة، وسلطات الهيئات السيادية والتنفيذية والتشريعية، أثناء المرحلة الانتقالية، يعكس حالة من الانقسام ربما تتطور إلى ما هو أسوأ في المستقبل المنظور.
 
بعض المحتجين، خاصة أنصار جماعة قوى إعلان الحرية والتغيير المعارضة، يتهم أشخاصاً مناهضين للثورة على صلة بالنظام السابق بأنهم يحرضون على العنف ويريدون إجهاض الاتفاق، ويلتقون مع المجلس العسكري على الأرضية نفسها، بينما ينفي المحتجون الذين واصلوا اعتصاماتهم أمس هذه التهم، ويردون بالقول بأن المجلس العسكري يريد "سرقة" الثورة والاستيلاء على السلطة، ورفض تسليمها إلى حكومة مدنية، وإبقاء الوضع في السودان على حاله، مع تغيير فقط في وجوه القيادات العسكرية.
 
لجوء المجلس العسكري إلى إطلاق النار على المحتجين بالصورة التي شاهدناها، ربما يكون خطيئة كبرى ستؤدي إلى خروج الاحتجاجات عن طابعها السلمي، وإغراق البلاد في صدامات دموية، مما يزعزع استقرارها وأمنها، ويفاقم من انقساماتها وأزمتها الاقتصادية الطاحنة.
 
المجلس العسكري الحاكم في السودان حقق إنجازاً كبيراً عندما انحاز إلى الحراك الشعبي وأطاح بالرئيس عمر البشير وحكمه الفاسد، الذي أغرق البلاد في أزمات طاحنة على مدى ثلاثين عاماً من حكمه، وانتقل من فشل إلى آخر، ولكنه أي المجلس العسكري، ارتكب الكثير من الأخطاء عندما تلكأ في تسليم السلطة لحكومة مدنية تضم كفاءات سودانية عالية المستوى.
 
نختار كلماتنا بعناية فائقة لأننا نحب السودان، ونتمنى الخير والاستقرار لشعبه، ووضع حد لمعاناته الطويلة، ولا ننكر وقوفنا منذ اليوم الأول في خندق الحراك الشعبي السلمي، ولكننا نخشى من المستقبل، وتتعمق هذه الخشية عندما نرى مؤشرات على احتمال لجوء المجلس العسكري إلى استخدام القوة ضد المحتجين مما قد يؤدي إلى إدخال البلاد ليس في نفق مظلم وإنما دموي أيضاً، وهذا ما لا نتمناه ومعنا الغالبية الساحقة من الشعب السوداني، والعرب والمسلمين.
 
المجلس العسكري يجب أن يتحلى بالحكمة وضبط النفس، والبعد عن التهور بأشكاله كافة، وطمأنة الشعب بنواياه في ترك السلطة لمصلحة نظام حكم ديمقراطي مدني، والتحلي بالحياد ليس داخل السودان، وإنما في المحيط العربي أيضاً، لأن الانحياز إلى محور ضد الآخر في مرحلة الاستقطاب السياسي الحالي التي تسود المنطقة ربما يؤدي إلى نتائج كارثية.
 
السودان يقف حالياً أمام ثلاثة نماذج: الأول المصري، والثاني الليبي، والثالث الجزائري، ونأمل أن يكون الفوز للأخير، لأنه الأسلم والأكثر ملائمة، ونجاحه في إغلاق كل الأبواب أمام التدخلات الخارجية حتى الآن على الأقل، والبعد كلياً عن أي صدام بين الجيش والشعب رغم الاستفزازت الكثيرة.. والله أعلم.
 
* "رأي اليوم"
قناة "يورونيوز" التلفزيونية تبث تقريرًا عن  مخاطر الألغام  في أذربيجان

أحدث الأخبار

"ضد الهجوم الإيراني".. السعودية تعترف بمساعدة إسرائيل
22:12 16.04.2024
مطار دبي الثاني عالمياً بقائمة أكثر المطارات ازدحاماً في 2023
18:00 16.04.2024
توفيق عباسوف : هكذا تتعامل القوي العالمية مع قضايا المنطقة
16:00 16.04.2024
خبير إسرائيلي : إذا اندلعت حرب فإن إيران ستكون الخاسر الأكبر
14:21 16.04.2024
استمرار جلسات الاستماع في القضية التي رفعت ضد أذربيجان في محكمة العدل
13:34 16.04.2024
مركز ترتر الإقليمي للتدريب المهني يعقد دورة تدريبية لفريق إزالة الألغام النسائي
12:41 16.04.2024
لماذا شنت إيران أول هجوم مباشر لها على إسرائيل؟
12:15 16.04.2024
فاسيليس ماراجوس : يجب أن تكون الحدود السوفيتية حدود رسمية
11:58 16.04.2024
مسؤولي الاتحاد الأوروبي يجتمعون مع شارل ميشيل
11:34 16.04.2024
البنك المركزي الصيني يضخ ملياري يوان في النظام المصرفي
11:30 16.04.2024
إيران وروسيا توقعان اتفاقية اقتصادية جديدة
11:18 16.04.2024
زيلينسكي يطالب الغرب بمزيد من الدعم في مواجهة روسيا
11:15 16.04.2024
عام على الحرب في السودان.. كارثة إنسانية في طي النسيان
11:00 16.04.2024
جنوب أفريقيا تطعن على قيود الاتحاد الأوروبي على صادراتها من الحمضيات
10:30 16.04.2024
أمير قطر وأردوغان يبحثان هاتفيا آخر تطورات الأوضاع في غزة
10:17 16.04.2024
أمريكا طلبت وساطة تركيا قبل الهجوم الإيراني على إسرائيل
10:00 16.04.2024
السعودية وأوزبكستان توقّعان اتفاقية للإعفاء المتبادل من التأشيرة
09:45 16.04.2024
التوترات الجيوسياسية تضغط على سلاسل الإمداد العالمية
09:30 16.04.2024
احتجاجات في عاصمة جورجيا ضد قانون خاص بتمويل المنظمات غير الحكومية
09:15 16.04.2024
ممثلي اللجنة السياسية والأمنية للاتحاد الأوروبي يزورون أغدام
20:00 15.04.2024
احتلال قرباغ أحد أدلة الأيديولوجية العنصرية لأرمينيا”
17:43 15.04.2024
النور محمدوف : يجب رفض الاستئناف الذي قدمته أرمينيا إلى المحكمة الدولية
17:28 15.04.2024
دلفي برونك: الاتحاد الأوروبي هو أكبر حليف لأذربيجان في مجال الحماية من الألغام
16:56 15.04.2024
تورال إسماعيلوف : الاتفاق الأذربيجاني الأردني لا يضر إيران في شيء
16:21 15.04.2024
توكاييف : نرحب برغبة ارمينيا بإبرام اتفاقية سلام مع أذربيجان
13:30 15.04.2024
رئيس كازخستان يصل أرمينيا في زيارة رسمية
13:15 15.04.2024
دول آسيا الوسطى ومجلس التعاون الخليجي: تضافر الإمكانات
13:00 15.04.2024
لماذا تتركز الأعمال الإرهابية الأرمينية في ناخيتشيوان وزانجازور؟
12:45 15.04.2024
الدور الأمريكي لمنع اندلاع حرب إقليمية واسعة بين إيران وإسرائيل
12:30 15.04.2024
وزير الخارجية البريطاني يجري اتصالا هاتفيا مع نظيره الإيراني
12:15 15.04.2024
مصر تستأنف رحلاتها الجوية من وإلى الأردن والعراق ولبنان بعد هجوم إيران على إسرائيل
12:00 15.04.2024
شكرى ينقل رسائل هامة لنظيريه الإيراني والإسرائيلي بضرورة التهدئة
11:45 15.04.2024
حزب الله اللبناني يبارك الهجوم الإيراني على إسرائيل
11:30 15.04.2024
بيراموف يشارك في اجتماع الحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى
11:17 15.04.2024
بولندا تحد من إنتاج مزارع الرياح والطاقة الشمسية وسط زيادة المعروض
11:15 15.04.2024
العاهل الأردني يحذّر في اتصال مع بايدن من توسيع دائرة الصراع
11:00 15.04.2024
تداعيات الحرب الوشيكة بين إيران وإسرائيل علي أذربيجان
10:57 15.04.2024
مفاوضات بريطانية مع أربع دول بشأن المهاجرين
10:53 15.04.2024
الصين تدعو كافة الأطراف للتحلي بالهدوء وضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد
10:45 15.04.2024
التحولات التركية.. الشعب فى صلب دينامية التغيير
10:30 15.04.2024
جميع الأخبار