بومبيو “الصّقر” يستجدي حوارا بلا شروط مع إيران.. والأخيرة “لا شكرا”

تحليلات 12:26 04.06.2019
لم يُفاجئنا هذا التّراجع المُهين من قبَل مايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكي، الذي عبّر عنه في مؤتمر صحافي مع نظيره السويسري امس الاجد ، وتمثّل في استعداد حُكومته للحِوار دون شُروط مُسبقة مع إيران، كما لم يُفاجئنا في الوقت نفسه الرّد الإيراني السّريع على هذا التّراجع الذي ينطوي على قدرٍ كبيرٍ من الكِبرياء، وتضمّن المُطالبة بتغيير السّلوك الأمريكيّ كشرطٍ أساسيٍّ للذّهاب إلى مائدة المُفاوضات، فما الذي يجرِي بالضّبط، وما هي الأسباب التي دفعت بإدارة كانت تُهدّد بالأمس بحامِلات الطائرات، والقاذِفات العملاقة، إلى تغيير موقفها من النّقيض إلى النّقيض؟. 
بومبيو الذي تنازل عن شُروط حُكومته الـ12 التي وضعها كشرط لأيّ حوار مع إيران قبل أُسبوعين فقط، بات يُدرك أن إيران لم تُرعبها التّهديدات بالحَرب، وأنّ شعبها بات مُوحّدًا خلف قيادته، ومُستعد لكُل الاحتمالات سواء الحرب الاقتصاديّة أو الحرب العسكريّة، ولهذا بدأ النّزول عن الشّجرة وبأسرع ممّا تصوّره الكثيرون، بما في ذلك الخصم الإيراني.
 
الرّد القوي، والمُزلزل، على الرئيس ترامب وتهديداته بالحرب لم يأتِ من القيادة الإيرانيّة، وإنّما من قبل حُلفائها في المِنطقة، عملياتيًّا من خِلال تفجير أربع ناقلات نفط في ميناء الفُجيرة، وتخريب مضخات نفط غرب الرياض من خلال سبع طائرات مُسيّرة مُلغّمة، وشفهيًّا من خلال السيّد حسن نصر الله، أمين عام “حزب الله” في خِطابه القويّ التاريخيّ الذي ألقاه بمُناسبة يوم القدس العالمي وهدّد فيه بأنّ الحرب إذا ما اشتعلت فتيلها لن تكون محصورةً داخل الحُدود الإيرانيّة وستحرِق إسرائيل والمملكة العربيّة السعوديّة، وكُل المصالح الأمريكيّة في المِنطقة.
 
نعم.. على الولايات المتحدة أن تُغيّر سُلوكها ليس تُجاه إيران، وإنّما كُل الدول العربيّة والإسلاميّة أيضًا، لأنّ العنصريّة وسياسة الغطرسة والتّرهيب، والتّلويح باستخدام القوّة، باتت كلها تُعطي نتائج عكسيّة تمامًا، وما تراجع بومبيو الفاضح عن شُروطه للتّفاوض إلا الاعتراف العلنيّ بفشَلِها.
 
***
 
إيران، مِثل كوريا الشماليّة، لن تذهب إلى أيّ مُفاوضات مع إدارة الرئيس ترامب إلا بعد الرّفع الكامل للعُقوبات الاقتصاديّة، والعودة إلى مرحلة ما قبل انسحاب الرئيس ترامب من الاتّفاق النووي، وشريطة أن لا تشمل هذه المُفاوضات صواريخها الباليستيّة، وحقّها المشروع في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلميّة.
 
الرئيس الإيراني حسن روحاني كان بليغًا عندما قال إنّ أيّ مُفاوضات مع أمريكا يجِب أن تتم في إطار “الاحترام”، ولا يُمكن أن تتم نتيجة إملاءات، ولكن مُشكلة السيّد روحاني وكُل الشّرفاء في المِنطقة، أن ترامب ورهطه لم يتعوّدوا على من يُخاطبهم بمِثل هذه اللّغة، ولأنّ قاموسهم لا يضُم كلمات مثل الاحترام للطّرف الآخر، بل الخُنوع للإملاءات، والاستِسلام دون شُروط، وتلبية المطالب الأمريكيّة الابتزازيّة دون أيّ تردّد.
 
السياسة الأمريكيّة تنهار في مِنطقة الشرق الأوسط، وحُلفاء الرئيس ترامب يتساقطون، فها هو بنيامين نِتنياهو العمود المركزي لهذه السّياسة بفشل في تشكيل حُكومة، ويُواجه السّجن بتُهم الفساد، وها هي صفقة القرن التي هندسها صِهره جاريد كوشنر تتبخّر بطريقةٍ مُخجلةٍ وتلفُظ أنفاسها الأخيرة، وها هو الناتو العربي السنّي الذي جرى التُعويل عليه كثيرًا لكيّ يكون رأس حربة في أيّ مُواجهةٍ مع إيران يلفُظ أنفاسه، ولا يجِد مُعزّين، ولا من يتقبّلون العزاء.
 
الوزير بومبيو بات يستجدي المُفاوضات مع إيران، لأنّ انتظار رئيسه بالقُرب من هاتفه في البيت الأبيض على أمل أن يُهاتفه الإيرانيّون طال أكثر من اللّازم، فقد اندثر ذلك الزّمن الذي كانت تستطيع فيه الإدارة الأمريكيّة إملاء شُروطها على من يملِكون الكرامة الوطنيّة وعزّة النّفس الشخصيّة، ويهرولون إلى واشنطن طالبين الصّفح والغُفران.
 
لا نُجادل مُطلقًا بأنّ أمريكا دولة عُظمى، وأنّ إسرائيل تملك 300 رأس نووي، وحُلفاء البلدين في مِنطقة الخليج ( الفارسي ) يملكون المال، بل والكثير منه، ولكن ماذا ستفعل كل هذه الصّواريخ والتريليونات، إذا انهالت الصّواريخ مِثل المطر على الدولة العبريّة من كُل الاتّجاهات، وضربت الزوارق الانتحاريّة السّريعة محطّات المياه والتّحلية والكهرباء وآبار النفط والغاز، ناهيك عن المُدن الكُبرى الخليجيّة و”الإسرائيليّة” المُزدهرة؟
 
نُطمئن الوزير بومبيو بأنّ إيران لن تتصرّف كبلدٍ “عادي”، وتتخلّى عن ترسانتها الصاروخيّة، وتوقِف الدّعم المالي والعسكريّ عن حُلفائها في سورية واليمن وفِلسطين ولبنان والعِراق، لأنّ “العاديّة” في المفهوم الأمريكيّ تعني التخلّي عن كُل أسباب القوّة، وانتظار التّدمير على غِرار ما حدث في ليبيا والعِراق واليمن، ولا نعتقد أنّ الإيرانيين الذين أداروا الأزَمَة مع أمريكا بكفاءةٍ عاليةٍ على مدى 40 عامًا من الحِصار على هذه الدّرجة من الغباء مِثل بعض العرب للأسَف.
 
لا نثِق مُطلقًا بالولايات المتحدة، ولا نَطمئِن أبدًا لتصريحاتها العلنيّة، ومع ذلك نحن على ثقةٍ بأنّها تعيش ورطة كبرى في منطقة الشرق الأوسط اسمها إيران، ومحور المُقاومة، هذا المِحور الذي طوّر استراتيجيّة ردع عسكريّة أدواتها ذاتيّة، وغير مُستوردة، والأهم من كُل ذلك امتلاكه للقُدرة على اتّخاذ القرار بالدّفاع عن النّفس وعدم الاستسلام للتّهديدات، وأيًّا كان مصدرها.
 
***
 
لا نستبعد أن تذهب إيران للحِوار استجابةً للوسطاء الذين باتوا يطرقون أبوابها بطلبٍ أمريكا، وبات من الصّعب علينا ذِكرهم لكثرة أعدادهم، ولكنّه حوار لن يتم إلا بعد رفع الحِصار، ولن يكون حِوارًا سهلًا على الإطلاق، فالمُفاوض الإيراني ليس مِثل نظيره العربيّ، ملول وقصير النّفس، ويرضخ بسُهولةٍ للضّغوط، وعلينا أن نتذكّر أنّ مُفاوضات الاتّفاق النووي بشقّيها، العلنيّ والسريّ، استمرّت خمس سنوات، وانسحاب ترامب منها، واعتبارها الأسوأ في التّاريخ على حد وصفه، يُؤكّد أنّ الإيرانيين خرجوا منها الأكثر رِبْحًا وإنجازًا، فماذا يمنع أن تكون نهاية أيّ مُفاوضات جديدة مُشابهة، بل مُتطابقة؟
 
باختصارٍ شديدٍ نقول إنّ تنازل بومبيو “الصّقر” عن شُروطه الـ12 هو اعتراف أوّلي بالمَأزق، وأوّل خطوة على طريق التّراجع والاستسلام بحثًا عن “مخرج كريم” يُنقذ ما تبقّى من ماء وجهه ورئيسه تجنّبًا لأيّ حربٍ يُمكن أن تُسجّل نهاية الامبراطوريّة الأمريكيّة، مِثلما كانت حرب أفغانستان نهاية الامبراطوريّة السوفيتيّة، وحرب السويس نُقطة النّهاية للامبراطوريتين البريطانيّة والفرنسيّة والاستِعمار القديم عُمومًا.. والأيّام بيننا.
 
راي اليوم : عبد الباري عطوان
الشيخ علي جمعة يحذر العالم من خطر يأجوج ومأجوج القادم من أرمينيا

أحدث الأخبار

رسالة للناتو أم بداية معركة جديدة.. ماذا يعني إعلان روسيا الحرب بأوكرانيا بدلاً من العملية الخاصة؟
17:15 29.03.2024
مهمة الإتحاد الاوروبي في جنوب القوقاز من وجهة نظر أرمينية
16:42 29.03.2024
كيف ستؤثر زيارة وفد الإتحاد الأوروبي علي عملية السلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
15:58 29.03.2024
ميرزايف: زيارة وفد الإتحاد الأوروبي للمنطقة يهدف إلي الهيمنة عليها
15:00 29.03.2024
الولايات المتحدة الأمريكية تنشئ تحالفًا جديدًا... - تحليلات
14:00 29.03.2024
لماذا تقوم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتسليح أرمينيا؟
13:00 29.03.2024
هولوكوست بدون يهود
12:00 29.03.2024
من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبنان؟
11:45 29.03.2024
أناتولي أنتونوف : العلاقات مع الولايات المتحدة لن تتحسن
11:40 29.03.2024
مصر تسجل أقل معدل نمو زيادة سكانية خلال نصف قرن
11:30 29.03.2024
ما لم يقال عن زيارة وفد الاتحاد الأوروبي إلى جنوب القوقاز
11:25 29.03.2024
حكمت حاجييف: أذربيجان هي حلقة الوصل بين آسيا الوسطى وأوروبا
11:20 29.03.2024
محكمة العدل الدولية تمهل إسرائيل شهرا لإرسال تقريرها حول مجازر غزة
11:15 29.03.2024
روسيا تمنع التجديد لمراقبي العقوبات على كوريا الشمالية
11:00 29.03.2024
أرمينيا توقف بث برنامج سولوفيوف
10:57 29.03.2024
انتخاب السعودية لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة
10:45 29.03.2024
أرمينيا : سيتم إعادة هذه القري إلي أذربيجان
10:44 29.03.2024
العدل الدولية تأمر إسرائيل بإجراءات لإيصال المساعدات إلى غزة
10:30 29.03.2024
السجن 25 عاماً لملك العملات المشفرة بتهمة سرقة 8 مليارات دولار
10:15 29.03.2024
الأمين العام لأوبك حاجة العالم للنفط ستستمر لسنوات وعقود
10:00 29.03.2024
إعصار في مدغشقر يودي بـ11 شخصاً
09:45 29.03.2024
إسرائيل تتخذ خطوات فعلية لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم التحذيرات الدولية
09:30 29.03.2024
إثيوبيا تتوقع الانتهاء من مشروع سد النهضة العام المقبل
09:15 29.03.2024
إبراهيم تراوري يمدد حربه على الإرهاب في بوركينا فاسو
09:00 29.03.2024
تدشين اتحاد عمال مستقل في مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
18:30 28.03.2024
هل يتم التوقيع على اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
17:33 28.03.2024
إلمان مصطفى زاده: لا يمكن المساس بكرامة الأذربيجانيين
16:12 28.03.2024
علي ناغيف: فرنسا تحرض أرمينيا على حرب جديدة
16:02 28.03.2024
وساطة أفريقية لحل الصراع المسلح في الكونغو الديمقراطية
13:45 28.03.2024
المعارض ديوماي يفوز بانتخابات الرئاسة السنغالية
13:30 28.03.2024
قائد كتائب القسام يحث العرب والمسلمين على الزحف نحو فلسطين
13:15 28.03.2024
هل تبدأ الحرب العالمية الثالثة ؟
12:53 28.03.2024
حالة من الفوضي تعم مطار باريس
12:28 28.03.2024
مستقبلات إسرائيل على ضوء الحرب الراهنة
12:15 28.03.2024
وكالة الإغاثة التركية تقدم سفينتين لنقل المساعدات مباشرة إلى غزة
12:00 28.03.2024
ذكري تأسيس الأجهزة الأمنية في أذربيجان
11:53 28.03.2024
واشنطن لا تدعم مشروع خط أنابيب الغاز بين باكستان وإيران
11:45 28.03.2024
مؤسسة دولية تتوقع انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار بنهاية 2024
11:30 28.03.2024
مصر: مفاوضات سد النهضة استنزاف للوقت.. وإثيوبيا ستدفع الثمن
11:15 28.03.2024
محطة الضبعة النووية ستوفر لمصر 7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً
11:00 28.03.2024
جميع الأخبار