ليست النتائج الجافة لاجتماع وزيري خارجية أذربيجان وأرمينيا في واشنطن مجرد شيء سخيف، بل في الواقع، لم يتمكن الطرفان من الحيلولة دون مثل هذه النتيجة المزعجة، لأنه قبل الاجتماع لم يحتمل أي تحول جذري.
تنتظر باكو ويريفان مرة أخرى المقترحات الجديدة التي يقدمها وسطاء مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ومن الصعب الاعتقاد أنهم قادرون على إثارة أي مفاجأة أو خلق المؤشرات المسبقة للاحتمالات المتفائلة. لا يشجع أسلوبهم الخاص الآخرين، لأنهم غير قادرين على جلب الحيوية للعملية. إنهم يطولون الوقت فقط لصالح مهمتهم الفاشلة. وهذا مفيد لهم، ولا جدال في ذلك.
لكن هذا الموقف لا يعد أي شيء مفيد لأذربيجان. إن ممارسة التحركات الفارغة، حيث تشارك باكو وكذلك يريفان غصباً، عنهما كجزء الديكور الدبلوماسي، قد تجاوزت حدوداً معقولة. جمدت العملية ليس فقط في نقطة واحدة، ولكن تتراجع إلى الوراء ببطء.
أكد وزير الخارجية الأذربايجاني إيلمار محمدياروف الذي كان يتحدث عن الاحتمال الكئيب لعقد اجتماع جديد مع زميله الأرمني، أنه سيكون من الأفضل أن يعقد اللقاء الجديد قريباً.
يشير الدبلوماسي إلى أنه هناك حاجة إلى تحديد الموقف حتى يبين المعتدي عن جوهر موقفه أخيراً.
ما هي فرص إضاءة النور في نهاية النفق بعد سنوات من المحاولات؟
بعد الاجتماع الأخير في واشنطن والذي استمر أكثر من 3 ساعات، تم التأكيد على أن المقترحات التي طرحها الوسطاء لم تحمل أي جديد. هذا أمر منطقي، لأن أفكار الوسطاء لم تكن جديدة، إذا كان هناك اي جديد قد تتبين المغامرة، ولم يبين إيلمار محمدياروف استياءه من عدم جدوى المناقشات التي تدوم 15 عاماً.
بطبيعة الحال يعرف الرؤساء المشاركون الكثير عن الجانب الظليل للمشكلة أكثر مما يقولون عنها. وبالمثل، فإن المشاركين في دائرة الاتصال في شخص وزيري خارجية الطرفين المتصارعة يتجنبون الكشف عن الكثير من التفاصيل الحادة. وهذا أمر مفهوم، لأنه يساعد على منع الانفجارات المبكرة في الشعور، ويمنع الخوف على نطاق واسع. وأكثرمن مرة أدت التسريبات المبكرة إلى تفاقم الأوضاع على الخطوط الأمامية وفي المجتمعات.
لا يزال موقف أذربيجان اليوم يبقى مهماً ولا يتزعزع والذي يتلخص في الانسحاب الفوري للجيش الأرمني من الأراضي الأذربيجانية المحتلة. ستكون المفاوضات الموضوعية قادرة على التبلور في تقدم واقعي. إن أي محاولات لإخفاء شروط باكو التي لا غنى عنها لن تؤدي إلا إلى إطالة عملية المفاوضات دون جدوى عندما تكون جارية ولكنها لن تؤدي إلى شيء.
لدى يريفان أيضاً متطلبات حول أهمية وضع الأرمن في قاره باغ ، فضلاً عن خلق الأمن في المنطقة. ولكن كيف يمكن المطالبة بالأمن عن طريق إبقاء المعتدين في منطقة الصراع؟ سخيف.
لكن هناك شيء مهم آخر. بموافقة ضمنية من الروساء المشاركين، يتم تقديم المشكلة الأمنية في المنطقة من قبل يريفان بالارتباط مع اقتراح "نشر قوات حفظ السلام الدولية في قاره باغ ". هل أذربيجان بحاجة إليها؟ هذه هي النقطة الأساسية للعبة في الظلام التي تلعبها يريفان منذ البداية.
ربما يعتقد شخص بسذاجة في قدرة قوات حفظة السلام على تسوية الوضع بسرعة وتوجيه تسوية قضية قاره باغ في اتجاه إيجابي. لكن هذا النوع من التفاؤل ليس له ما يبرره، لأنه في المقام الأول سيعزز مواقف يريفان التي تحاول الآن تجميد الوضع الراهن وإزالة أجندة إعادة الأراضي المحتلة إلى مالكها الشرعي.
لم يجرؤ الوسطاء في واشنطن على إثارة قضية حفظة السلام علماً بما قد يؤدي إليه ذلك. يبدو أنهم لم يرفعوها من جدول الأعمال وسيروجونها باعتبارها مبادرة جديدة جذابة.
ومع ذلك، فإن نشر قوات حفظ السلام، كما تبرهن التجربة العالمية، يؤدي إلى تجميد الوضع وبعد ذلك يزيد الوضع تعقيداً. فيما يتعلق قاره باغ، تم ترويج هذه القضية بنشاط من قبل الرؤساء المشاركين في التسعينيات، برضاء يريفان. عارضته باكو بشكل قاطع مشيرة إلى قدرة طرفي النزاع على السيطرة على الوضع على طول خط التماس.
على أساس النهج الذي تعتمده يريفان بشكل متواصل على خطوط المواجهة بانتهاكها لاتفاق إطلاق النار، يمكن للمرء أن يرى رغبة مخلصة من الأرمن لدفع القوات الخارجية لإرضاء نزواتهم.
لن توافق باكو أبداً على وصول الحاملين الجدد لخوذات زرقاء إلى قاره باغ، لأن هذا سيؤدي إلى القضاء على الإنجازات المتواضعة لسنوات عديدة من المفاوضات الدبلوماسية، ومن ثم إقامة جدار من العزلة بين مناطق قاره باغ وتحويل الخط الزمني لفك الارتباط إلى نوع من حدود الدولة.
مثلما من المستحيل وجود دولتين أرمينيتين في القوقاز، لن يرى أحد خطين فاصلين داخل الأراضي الأذربيجانية. لن تبقى قاره باغ منقسمة، كما يريد الأرمن. ستعتني باكو بالأرض الجريحة تحيى من جديد.
إعداد المحلل توفيق عباسوف
الترجمة: د. ذاكر قاسموف