في منتصف أغسطس، سيلتقي رؤساء أذربيجان وإيران وروسيا في سوتشي. يلتقي فلاديمير بوتين وإلهام علييف وحسن روحاني في هذه الصيغة من اجتماعات القمة للمرة الثالثة. تم عقد الاجتماع الأول في صيف عام 2016 في باكو والثاني - في خريف عام 2017 في طهران. الآن جاء دور روسيا.
تدل الطبيعة المنتظمة لاجتماعات قادة الدول الثلاث على الأهمية القصوى لمناقشة القضايا ذات الاهتمامات العامة للأطراف فيما يتعلق بالأمن السياسي والاقتصادي وتحقيق التنسيق المحدد للعمل في الظروف الدولية المتوترة. بالتأكيد ستكون هذه القمة مناسبة لإظهار إيران للعالم بأسره أن البلد ليس بمعزل في أي حال، كما يود الأمريكيون، ويشارك بنشاط في العمليات الدولية.
تؤكد روسيا التي تدعم صيغة التعاون الثلاثي مع إيران وأذربيجان على دورها الرئيسي في المنطقة. وتواصل أذربيجان سياستها المتمثلة في تعزيز علاقات حسن الجوار في المجالين السياسي والاقتصادي مع لاعبين إقليميين كبيرين.
في الوقت نفسه، كما تشير نشرة "الإصدارات والتعليقات" الجورجية عشية القمة إلى أن الدول المشاركة في هذه القمة لديها مصالح متعارضة ومتضاربة في بعض الأحيان بشأن عدد من القضايا التي من غير المرجح أن تسمح لهذا "الترويكا" أن يصبح منظمة أو وحدة إقليمية مستدامة.
وجاء في النشرة: "على سبيل المثال، يتسبب تعاون طهران الاقتصادي النشط مع يريفان الاستياء الجدي في باكو ويتعارض مع التزامات إيران في منظمة التعاون الإسلامي والتي تعترف بأرمينيا كدولة معتدية في نزاع قارت باغ. تعترض طهران، بدورها، شراكة أذربيجان مع الغرب في مجالات الطاقة والأمن، وكذلك تعزيز التعاون العسكري التقني بين باكو وإسرائيل. وهناك الكثير من المشاكل الحادة بين أذربيجان وروسيا.
تعتقد باكو أن الكرملين يمكن أن يؤثر حقاً على أرمينيا ويشجعها على تحرير المناطق القريبة من قاره باغ الجبلية على الأقل. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر أذربيجان أن بيع موسكو الأسلحة لباكو بأسعار السوق يعد أمراً غير عادل بمقارنة الإمدادات العسكرية لأرمينيا بشروط القروض الميسرة. إن إقامة التحالف العسكري بين روسيا وأرمينيا يحول دون جهود أذربيجان لتحقيق التفوق العسكريئ، وبالتالي يمنع إمكانية ممارسة الضغط على يريفان لسحب قواتها من الأراضي المحتلة.
ومع ذلك، تتطلب السياسة الواقعية من أذربيجان تقييم قدراتها في علاقتها مع جيران أقوياء. يعتبر التنسيق ثلاثي الأطراف تلك الساحة بالذات والتي تمكن من تخفيف هذه التناقضات والبحث عن الاهتمامات المتزامنة والاستفادة القصوى منها لتحقيق الأهداف. "
كما تفيد نشرة AZE.az أنه على أذربيجان أن تقدر بشكل عملي جميع إيجابيات وسلبيات للعلاقات مع روسيا وإيران وتسعى لتعزيز موقعها الجيواستراتيجي للحصول على فوائد اقتصادية. تمكنت باكو من إثارة اهتمامات الجيران في استخدام ممر النقل بين الشمال والجنوب والذي يعد أقصر الطرق لنقل البضائع من حوض المحيط الهندي إلى شمال أوروبا. من خلال هذا الممر، يمكن لإيران وروسيا تطوير التعاون التجاري والاقتصادي فيما بينهما واستخدام إمكانات الترانزيت الخاصة بهما.
على الأرجح، يمكن القول إن قادة الدول الثلاث سيتطرقون في اجتماع سوتشي لقضايا التعاون في مجال الطاقة من لإعطاء دفعة للتنفيذ العملي للمشاريع التي تم تخطيطها.
لا شك فيه، أن الأطراف لن تتجاهل تعويز التعاون المشترك في قضايا بحر قزوين وما حولها. في العام الماضي، تم اعتماد اتفاقية إطارية بشأن الوضع القانوني لبحر قزوين، ولكن من الضروري تحديد الأسس القانونية للنشاط الاقتصادي لكل من بلدان حوض بحر قزوين وتنظيم الشحن واستخدام الموارد الطبيعية.
كما صرح المحلل السياسي الروسي ألكسندر خلوبوتوف لموقع haqqin.az أنه من المؤكد أن القمة المقبلة مهمة من حيث هيئة المشاركين، ومن الواضح أن أذربيجان ستكون ذات أهمية أساسية في اجتماع رؤساء دول المنطقة.
في رأي المحلل الروسي أنه "على الرغم من أن هدف القمة الرئيسي هو إنشاء ممر النقل، لا شك في الواقع أنه ستتم مناقشة القضايا العسكرية والسياسية لضمان الاستقرار في المنطقة. على الأرجح، سيتم وضع بعض الإجراءات لمواجهة العدوان الأمريكي ضد إيران ".
يشير ألكسندر خلوبوتوف إلى مشاركة فعالة لأذربيجان في الحوار بين روسيا وتركيا. وهذا ما يدل على دورها الأساسي. يجب الافتراض أن المشاركين في القمة لن يتجاهلوا مسألة العقوبات الأمريكية على إيران.
يلخص ألكسندر خلوبوتوف بقول أن طهران تأمل في دعم روسيا لموقفها في الساحة الدولية. ترتبط توقعاتها من باكو بعدم منح الأراضي الأذربيجانية للقيام بأعمال عدائية ضد إيران. تمكنت باكو حتى الآن من الحفاظ على الحياد في المواجهة بين إيران والغرب. ولكن الإدارة الأمريكية الحالية تزيد من تفاقم الوضع حول الجمهورية الإسلامية وتتبع سياسة "من ليس معنا هو ضدنا". ومع ذلك، في حالة إيران، من الواضح أن باكو ستحاول الحفاظ على الحياد قدر الإمكان. ما لم تواجه أذربيجان نفسها احتمال فرض عقوبات غربية عليها... ليس أمام طهران خيار سوى الترحيب بموقف باكو المحايد.
في رأي المحلل الإيراني غلام رضا مجيدي، أنه يمكننا أن نفترض بثقة كبيرة أن ستستخدم الأطراف المشاركة قمة سوتشي لإظهار إرادة التعاون المتعدد الأطراف والاستعداد لحل المشكلات الإقليمية من خلال حوار بناء. من المحتمل أن تحاول طهران الحصول على دعم جيرانها وسط ضغوط أمريكية.
يعتقد المحلل الإيراني أن "البيانات المتعلقة بالاحترام المتبادل للسلامة الإقليمية للدول ستكون مهمة لأذربيجان. ستوافق روسيا على موقف المشاركين في أن مشاكل بحر قزوين والمنطقة بأسرها يجب أن تحلها دول بحر قزوين نفسها وأن تدخل القوى الخارجية أمر غير مقبول ".
على أي حال، لا شك في أن التواصل بين قادة الدول الثلاث سيؤثر إيجابياً على تنمية العلاقات على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف وسيؤدي إلى حلول معينة لعدد من أكثر المشاكل الدولية حدة.
الترجمة من الروسية: د. ذاكر قاسموف