2020… خطوط الصراع في عقد العرب الجديد

تحليلات 15:00 31.12.2019

في 2019 وبعد سنوات من الخمول، أعاد خروج المواطنين العرب إلى الشارع من جديد ظاهرة الانتفاضات الشعبية إلى الواجهة.
كانت النتائج الهزيلة التي حققتها انتفاضات 2011 قد دفعت تدريجاً باتجاه اندثار الحركات الاجتماعية والسياسية التي طالبت بالتغيير الديمقراطي ومساءلة الحكومات. وبحلول 2013، بدا أن الأكثريات في العالم العربي على استعداد للقبول بالصفقة السلطوية التي تعرضها عليها حكوماتها، أي الحصول على الغذاء والأمن مقابل الخضوع إلى حكّامٍ متفلّتين من المساءلة. ومنعاً لتكرار انتفاضات 2011، عمدت الحكومات العربية (ماعدا تونس) إلى إقرار قوانين جائرة تفرض قيوداً شديدة على حريات المواطنين، وأطلقت يد الأجهزة الأمنية على نطاق أوسع لإبقاء المجموعات المعارِضة والنشطاء المؤيّدين للديمقراطية تحت السيطرة. فضلاً عن ذلك، خصّصت الحكومات العربية المزيد والمزيد من الموارد الشحيحة لمناصري الأنظمة الذين يشغلون أعلى المناصب في البيروقراطيات الحكومية الفاسدة ولرجال الأعمال المحسوبين على تلك الأنظمة. كما استخدمت ترساناتها الإعلامية الضخمة لفرض عبادة الفرد المتمثّل بالحاكم ـ سواءً كان رئيس جمهورية أو ملكاً أو ولي عهد ـ وصُوِّر هؤلاء الحكّام وكأنهم المنقذون الوحيدون لدولهم.
غير أن 2019 شهد على نحوٍ غير متوقع مواجهة الحكومات العربية لتحدّيات شعبية تعترض تطلعاتها إلى فرض سلام أوتوقراطي. فقد خرج المواطنون إلى الشارع في بلدانٍ لم تكن جزءاً من انتفاضات 2011 وطالبوا بالتغيير السياسي. واندلعت الاحتجاجات في السودان والجزائر والعراق ولبنان بدفعٍ من المشقّات الاقتصادية والتقت شرائح واسعة من السكان في نظرتهم السلبية إلى التزام الحكومة بتحسين مستويات المعيشة ووضع حد للفساد.
يُشار إلى أن البلدان الأربعة المذكورة مدرَجة في قائمة الدول التي تعاني من فساد مستشرٍ حسب مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية. وقد أظهرت استطلاعات الرأي العام التي أجرتها شبكة الباروميتر العربي في جامعة برنستون، أن التنمية الاقتصادية ومكافحة الفساد وتحسين نوعية الخدمات العامة هي المسائل الأكثر إلحاحاً في نظر أكثرية كبيرة من الأشخاص في هذه البلدان. هذا ما عبّر عنه79 في المئة من السودانيين، و81 في المئة من الجزائريين، و56 في المئة من العراقيين، و73 في المئة من اللبنانيين. لقد فقدت المؤسسات الحكومية ثقة المواطنين بها.

إن التنمية الاقتصادية ومكافحة الفساد وتحسين نوعية الخدمات العامة هي المسائل الأكثر إلحاحاً في نظر أكثرية كبيرة من الأشخاص في هذه البلدان

لقد ركّزت مطالب التغيير السياسي في السودان والجزائر على إنهاء عهد الحكومات الخاضعة إلى سيطرة الجيش والتي انطبع حكمها بتدهور الأوضاع الاقتصادية، وتفشّي الفساد على نطاق واسع جداً، وتردّي الخدمات العامة، وانتهاكات حقوق الإنسان. ورفعَ المطالِبون بالتغيير في العراق ولبنان شعار نبذ السياسة المذهبية. لقد وضعت الاحتجاجات الحاشدة في العراق ولبنان، التي يتصدّر الطلاب والنشطاء الشباب صفوفها، إسقاط النخب الطائفية في رأس أولوياتها. تحكم هذه النخب العراق منذ 2003، وتُهيمن على السياسة اللبنانية منذ عقود، ما أدّى إلى إفراغ الأطر الديمقراطية التمثيلية في البلدَين من أي جوهر ليبرالي.
لقد تسبّبت السياسة الطائفية بتقويض سيادة القانون على نحوٍ منهجي، وأفسحت في المجال أمام تفشّي الفساد، وأتاحت صعود الميليشيات المسلحة التي تتحرك خارج الأطر القانونية لتهديد المواطنين وقمع المعارضين بصورة مستمرة. اكتشف المواطنون في السودان والجزائر والعراق ولبنان أن الحكّام غير الخاضعين إلى المساءلة والسياسيين الطائفيين هم السبب الرئيسي وراء المشقات الاقتصادية والفساد. وقبل كل شيء، رفعت الاحتجاجات في أنحاء العالم العربي الصوت تعبيراً عن الاستنكار الجماعي للصفقة التي تقوم عليها الأنظمة السلطوية. فالأكثرية لم تعد تقبل بمقايضة الكرامة والحرية وحقوق الإنسان بالغذاء والأمن.
ليس واضحاً بعد إذا كانت احتجاجات 2019 سوف تؤدّي إلى إسقاط السلام العربي الأتوقراطي. فالحكّام المتفلتون من المساءلة والسياسيون الطائفيون ليسوا على استعداد للتخلي عن السلطة من دون مواجهة، ولا للرضوخ لمطالب المحتجين. فلطالما بُنيت سيطرتهم على الأجهزة الأمنية الهمجية، والبيروقراطيات الحكومية الفاسدة، ورجال الأعمال المحسوبين عليهم، ووسائل الإعلام الخاضعة إلى سيطرة الدولة، والشبكات الطائفية والزبائنية.
ومما لا شك فيه أنهم لن يتوانوا عن اللجوء إلى العنف المطلق والقمع الذي لا حدود له من أجل الحفاظ على المساومة التي تقوم عليها أنظمتهم السلطوية. ليس مؤكداً ما إذا كانت الأكثريات ستُظهر قدرة أكبر على الصمود في 2019 وتتجنّب السقوط في فخ العنف الذي تجرّها إليه الحكومات، من خلال التمسّك بسلمية الاحتجاجات. ولكن على ضوء نجاح السودانيين في فرض اتفاق على الجيش لتقاسم السلطة ديمقراطياً، واستمرار التظاهرات في الجزائر والاحتجاجات الحاشدة غير العنفية في العراق ولبنان ثمة ما يدعو إلى الأمل في 2020.

 عمرو حمزاوي

كاتب من مصر

ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

اشتباكات بين الدفاع الجوي الإيراني وطائرات إسرائيلية بطهران
12:00 19.04.2024
جوتيريش العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية
11:45 19.04.2024
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبقى النمو في الشرق الأوسط مكبوحاً
11:30 19.04.2024
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة وورلد برس فوتو لعام 2024
11:15 19.04.2024
فيضانات نيجيريا تزيد من نقص محصول الكاكاو
11:00 19.04.2024
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
10:45 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
10:30 19.04.2024
اليونيسف طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة
10:15 19.04.2024
الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
10:00 19.04.2024
المياه تغمر نحو 18 ألف منزل في روسيا بسبب الفيضانات العارمة
09:45 19.04.2024
الحرس الثوري الإيراني يعلن تحديد مواقع المنشآت النووية الإسرائيلية ويحذر تل أبيب
09:30 19.04.2024
أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
01:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
مارتن ليجون : فرض العقوبات علي إيران ليس حلًا
15:00 17.04.2024
دميتري سولونيك : هذا لن يساهم في استقرار المنطقة
14:00 17.04.2024
خبير سياسي: أرمينيا تسعي إلي أن تكون السعودية وسيطًا في أزمتها مع أذربيجان
13:00 17.04.2024
راي كريم أوغلو : الادعاءات التي قدمتها أرمينيا في محكمة العدل ليست إلا "أكاذيب"
12:25 17.04.2024
مصر وتركيا لترسيخ العلاقات بعد إنهاء القطيعة
12:00 17.04.2024
جميع الأخبار