العالم العربي واستمرار مطالب التغيير

كان الربيع العربي الذي شكل علامة فارقة في تاريخ الشرق الأوسط قادرًا - ولو مؤقتا- على تقليل مستوى الظلم في البلدان العربية.

تحليلات 14:00 01.01.2020

محيي الدين أتامان ، الأكاديمي في كلية العلوم الاجتماعية جامعة أنقرة، ومدير أبحاث السياسة الخارجية بمركز "سيتا" للأبحاث، قال: 
** الدول الغربية لم تتردد في تحويل اشلربيع العربي إلى "شتاء عربي"، لتجد المنطقة نفسها في خضم جرائم قتل وحروب أهلية وانقلابات عسكرية واضطراب سياسي وانهيار اقتصادي
** كانت جميع دول المنطقة تقريبا قلقة بشأن الربيع العربي، باستثناء تركيا وقطر، اللتين تعاطفتا مع فكرة تغيير الأنظمة واتخذا نهجا إنسانيا في مناطق الأزمات
**  بذلت الدول المؤيدة لوضع المنطقة العربية الراهن، قصارى جهدها لتحويل الربيع العربي إلى شتاء عربي
** حاول تحالف إسرائيل والسعودية والإمارات، الذي تم تشكيله حديثا، منع الأنظمة العربية من الانهيار لكنه لم ينجح في ذلك
** اتخذت إيران موقفا طائفيا بعد أن وصلت الثورة إلى سوريا، فقد دخلت الصورة كممثل مؤيد للشيعة في كل دولة ولم تتردد في استخدام كل الوسائل الممكنة لضمان استمرار نظام الأسد
 **كانت إيران مسؤولة جزئيا عن الحرب الأهلية في سوريا؛ بإرسالها للوحدات العسكرية، وعلى غرار هذا شاركت إيران بشكل مباشر في الحرب الأهلية في اليمن ودعمت تمرد الحوثيين


كان الربيع العربي الذي شكل علامة فارقة في تاريخ الشرق الأوسط قادرًا - ولو مؤقتا- على تقليل مستوى الظلم في البلدان العربية.

وتسببت ثورات وانتفاضات الشعوب في تحسن كبير في الوعي السياسي لدى المجتمعات العربية؛ وعليه يتعين على الأنظمة الأخذ بالاعتبار ردود فعل شعوبهم قبل الاستجابة لأي تطورات معينة.

أظهرت الاحتجاجات مؤخرا، أن شعوب المنطقة العربية عازمة على إنهاء ما تركته في فترة 2011-2013، وذلك على الرغم من التغييرات واسعة المدى منذ بداية العقد، إذ لا زالت بعض المشكلات التي أشعلت الثورات العربية قائمة.

ويمثل مصطلح "الربيع العربي" الفترة التي شهدت مظاهرات مختلفة، تطالب بتغييرات ملموسة من أجل الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية والتنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى الاحتجاجات ضد الفقر والبطالة والفساد السياسي، والتي ما زالت مستمرة في العالم العربي منذ نهاية عام 2010.

ويمكن تعريف "الربيع العربي" أيضا بأنه كفاح الشعوب من أجل الحرية ضد الديكتاتوريين وأنظمتهم الاستبدادية، ومن جهة أخرى، قد يُنظر إليه على أنه فترة انتقال سياسي وعدم استقرار وفوضى وكآبة في العالم العربي، إذا تم التركيز على نتائجه.

يُشار إلى أن المصطلح تم استخدامه، بتشجيع غربي أيضا، للإشارة إلى التطورات السريعة في الشرق الأوسط، وقد استخدم المصطلح الجميع تقريبا في المنطقة العربية.

وبالنظر إلى سياسات الغرب العالمية والتطورات في المنطقة، فمن الممكن القول إن الوضع في المنطقة قد ازداد سوءا، فمصطلح "الربيع العربي"، الذي استحدثه الغرب، أصبح بديلا لأدوات الدول الغربية للسيطرة على العالم العربي، بدلا من أن يخدم مشروعا مقترحا لتصدير الديمقراطية للمنطقة.

ولم تتردد الدول الغربية في تحويل الحراك إلى "شتاء عربي" عندما لم تتحقق النتائج المرجوّة، فبعد عامين من الارتباك، تحول "الربيع العربي" لفصل الشتاء العربي؛ لتجد المنطقة نفسها في خضم جرائم قتل لا حصر لها وحروب أهلية وانقلابات العسكرية واضطراب سياسي وانهيار اقتصادي.

وقد بدأت عملية التحول الديمقراطي في العالم العربي عندما حاول محمد البوعزيزي، وهو مهندس تونسي شاب كان يعمل بائعا متجولا بسبب البطالة، الانتحار بإشعال النار في جسده، في 17 ديسمبر 2010، وعقب وفاته في 4 يناير 2011، بدأت المظاهرات الجماهيرية، وسقط نظام زين العابدين بن علي، الذي استمر 23 عاما، بعد عشرة أيام في 14 يناير 2011.

وأثارت هذه التطورات في تونس انتفاضات في بلدان عربية أخرى، إذ بدأت موجة كبيرة من الاحتجاجات في مصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين، وأصبحت الثورة التونسية حافزا لإسقاط الأنظمة في سوريا واليمن، وتغيير النظام في مصر وليبيا، كما شهدت بلدان مثل السعودية والجزائر والأردن والعراق ولبنان والمغرب وعمان وموريتانيا، مظاهرات صغيرة النطاق وحركات تمرد و نزاعات مسلحة.

واستمرت الاحتجاجات في بلاد مختلفة بعد الموجة الأولى في 2011-2012، ونتج عن هذا الحراك تغييرات في الأنظمة في العراق ولبنان والجزائر والسودان، مؤخرا، وهو ما يصفه محللون بالموجة الثانية للربيع العربي، وإن كانت الاحتجاجات الجماهيرية في مصر ضد الحكومة قد فشلت في الإطاحة بها، فإنها بالتأكيد أضعفت النظام الاستبدادي للرئيس عبد الفتاح السيسي.

** مطالب الشعب

كان أكثر المطالب راديكالية، رغم كونه الأكثر تكرارا في الأيام الأولى من الاحتجاجات، هو سقوط الحكومات الحالية، و بصرف النظر عن التغييرات التي طرأت على الحكومات، يمكن تقسيم المطالب إلى ثلاث فئات: اقتصادية وسياسية واجتماعية.

كان المطلب الأول والأهم هو تحقيق الحرية الاقتصادية والقضاء على الفقر والبطالة، إذ أن الظروف المعيشية المتردية في العالم العربي هي جوهر القضية.

على سبيل المثال، بوعزيزي، وهو دارس للهندسة، لم يستطع العثور على وظيفة، واضطر للعمل كبائع متجول، وهو ما لم تسمح له الحكومة به أيضا، إذ تعرض للمضايقة والإهانة علنا من قبل الشرطة، وهو ما كان القشة الأخيرة بالنسبة له قبل ان ينتحر.

يشار إلى أن دول الشرق الأوسط تعد من الدول التي بها أعلى مستويات عدم المساواة في الدخل، فبينما تعد دول مثل الإمارات والسعودية من ضمن أعلى الدول من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فإن دولا مثل السودان وموريتانيا واليمن تعد من أفقرها، وقد حاولت الدول الغنية التعامل مع الانتفاضات باستخدام ثرواتها، لكن الدول الفقيرة لم تستطع منع سقوط الأنظمة بسبب نقص مواردها. 

أما بالنسبة للمجموعة الثانية من المطالب، وهي الحقوق السياسية، فإن الحق في المشاركة يتصدر هذه الحقوق، إذ تشعر المجتمعات العربية الآن بالشرف لتمكنها من استخدام حقها في تقرير مصيرها، كما تطالب حكوماتها بأخذ رأيها في الاعتبار عند اتخاذ القرارات.

و تتمثل المجموعة الثالثة من المطالب في الحقوق الاجتماعية/الثقافية، ففي العديد من الدول العربية مثل تونس، تولت السلطة الأنظمة الأجنبية وكان الناس قلقين بشأن مستقبل ثقافاتهم، فبدأوا في مقاومة أنظمتهم، وكان هذا أيضا هو السبب أن الدول الأكثر تأثرا بموجة الاحتجاجات - تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا - كانت "أنظمة جمهوريّة حديثة" بينما لم تتضرر الأنظمة الملكية التقليدية منها بنفس القدر.

** كيف ترى دول المنطقة "الربيع العربي"؟

كانت جميع دول المنطقة تقريبا قلقة بشأن الربيع العربي، باستثناء تركيا وقطر، اللتين تعاطفتا مع فكرة تغيير الأنظمة وبنت علاقات مع الفاعلين الجدد، بينما بذلت الدول المؤيدة للوضع الراهن، قصارى جهدها لتحويل الربيع العربي إلى شتاء عربي.

من جهة أخرى، اتخذت تركيا وقطر، اللتين أبدتا أولوية للتغيير التدريجي والاستقرار السياسي، نهجا إنسانيا في مناطق الأزمات، إذ تستضيف تركيا حاليا ما يقرب من 4 ملايين شخص فروا من الفوضى في بلادهم.

حاول تحالف إسرائيل والسعودية والإمارات، الذي تم تشكيله حديثا، منع الأنظمة العربية من الانهيار لكنه لم ينجح في ذلك، وقد جعلت هذه الدول الثلاث نظام الإخوان المسلمين المصري يسقط أولا، ثم أعلنت جماعة الإخوان المسلمين، وجميع الفاعلين ذوي الصلة الوثيقة بها، كمنظمات إرهابية.

وبإعادة النظر في موقفها المؤيد للوضع الراهن، بدأت هذه الدول أيضا اتباع سياسات التدخل واعتماد موقف مؤيد للتغيير، واستهدفت التأثير على التطورات الجديدة في المنطقة لصالح الأنظمة الاستبدادية والملكية.

في هذه الأثناء، اتخذت إيران موقفا طائفيا بعد أن وصلت الثورة إلى سوريا، فقد دخلت الصورة كممثل مؤيد للشيعة في كل دولة ولم تتردد في استخدام كل الوسائل الممكنة لضمان استمرار نظام بشار الأسد، وكانت إيران مسؤولة جزئيا عن الحرب الأهلية في سوريا؛ بإرسالها للوحدات العسكرية، وعلى غرار هذا شاركت إيران بشكل مباشر في الحرب الأهلية في اليمن ودعمت تمرد الحوثيين.

** ردود فعل الجهات الفاعلة الدولية

خلال العامين الأولين من الربيع العربي، ساهمت جهات فاعلة دولية، مباشرة وغير مباشرة، في نجاح المظاهرات الجماهيرية، لكن الدول الغربية بدأت تشعر بقلق متزايد مع وصول القوى السياسية مثل الإخوان إلى السلطة.

لهذا دعمت نظام السيسي الذي أيدت انقلابه في 2013، إلى أقصى حد في المنصات الدولية، وبسبب تدخلات هذه الجهات جُرت ليبيا للاضطراب السياسي والفوضى، إذ تدعم فرنسا وروسيا والولايات المتحدة الجنرال خليفة حفتر، الممثل غير الشرعي الذي يسيطر على شرق ليبيا، بدلا من حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا من الأمم المتحدة.

 
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
مارتن ليجون : فرض العقوبات علي إيران ليس حلًا
15:00 17.04.2024
دميتري سولونيك : هذا لن يساهم في استقرار المنطقة
14:00 17.04.2024
خبير سياسي: أرمينيا تسعي إلي أن تكون السعودية وسيطًا في أزمتها مع أذربيجان
13:00 17.04.2024
راي كريم أوغلو : الادعاءات التي قدمتها أرمينيا في محكمة العدل ليست إلا "أكاذيب"
12:25 17.04.2024
مصر وتركيا لترسيخ العلاقات بعد إنهاء القطيعة
12:00 17.04.2024
كيف تتعامل مصر مع تداعيات استمرار التوتر في البحر الأحمر؟
11:45 17.04.2024
سلطنة عمان: سيول تودي بحياة أكثر من 16 شخصا جلهم من التلاميذ
11:30 17.04.2024
رئيسي يتوعد برد واسع وموجع على أدنى عمل يستهدف مصالح طهران
11:15 17.04.2024
رئيس وزراء باكستان يستقبل وزير الخارجية السعودي
11:00 17.04.2024
تركيا تدير علاقاتها مع إيران وأمريكا بحذر
10:45 17.04.2024
فريق التوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة يجري دورات للتوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة
10:36 17.04.2024
بوتين يبحث هاتفيا مع الرئيس الإيراني الأزمة في الشرق الأوسط
10:30 17.04.2024
العمانية للغاز توقع اتفاقية توريد مع جيرا اليابانية لمدة 10 أعوام
10:15 17.04.2024
السعودية وباكستان تبحثان تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي
10:00 17.04.2024
الأمم المتحدة تعثر على قنابل غير منفجرة تزن ألف رطل في مدارس بغزة
09:45 17.04.2024
الأمم المتحدة تدعو إسرائيل للتوقف عن المشاركة في عنف المستوطنين
09:30 17.04.2024
استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي
09:15 17.04.2024
أردوغان: نتنياهو هو المسؤول الوحيد عن أحدث توتر في الشرق الأوسط
09:00 17.04.2024
"ضد الهجوم الإيراني".. السعودية تعترف بمساعدة إسرائيل
22:12 16.04.2024
جميع الأخبار