هدم حلم مصر كمركز إقليمي للطاقة

تم إبرام اتفاق لمدة 10 سنوات لاستيراد الغاز من الكيان الصهيوني، بقيمة 15 مليار دولار، وتم الترويج للصفقة، على أنها ستكون للتصدير، ولكن 2020 بدأت برياح كاشفة لخيبة أمل السيسي

تحليلات 21:00 07.01.2020

قرارات مصيرية تخص دولة بحجم مصر، تم اختزالها في شخص السيسي، دون دراسات كافية، أو استصحاب تقارير وأبحاث المؤسسات المصرية المتخصصة، وثمة أمثلة كثيرة منذ انقلاب يوليو 2013، أدت إلى إهدار الموارد، وتحولت إلى عبء على مصر دولة وشعبًا.

ومن أبرز تلك الأمثلة توسعة قناة السويس، وتوقيع اتفاقية سد النهضة مع السودان واثيوبيا، واتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية مع قبرص. وفي محاولة لتجميل وجه السيسي في اتفاقه باستيراد الغاز الطبيعي من الكيان الصهيوني مطلع عام 2018، روج إعلام السيسي بأن مصر سوف تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة، من خلال استيراد غاز الكيان الصهيوني وقبرص واليونان، ثم إعادة تصديره إلى أوروبا.

وبالفعل تم إبرام اتفاق لمدة 10 سنوات لاستيراد الغاز من الكيان الصهيوني، بقيمة 15 مليار دولار، وتم الترويج للصفقة، على أنها ستكون للتصدير، ولكن 2020 بدأت برياح كاشفة لخيبة أمل السيسي وسوء تخطيطه، بإزاحته من اتفاق أُبرم بين قبرص واليونان والكيان الصهيوني، لإنشاء خط أنابيب لتصدير الغاز الطبيعي للبلدان الثلاثة إلى أوروبا أسفل مياه البحر المتوسط، بعديًا عن الجغرافيا المصرية.

خسائر متعددة

بلا شك أن الغاز الطبيعي من أهم الأوراق الاستراتيجية في ظل الحضارة الحالية، لما له من أبعاد اقتصادية وبيئية، وامتلاكه أو التحكم في مسارات تجارته، ورقة رابحة، تضيف بعدًا استراتيجيًا لمن يساهمون فيه. وخروج مصر من اتفاق (الكيان الصهيوني، وقبرص، واليونان) فرغ دور مصر من امتلاك أو التجارة في سلعة استراتيجية مهمة لأوروبا.

حتى لو سمح لمصر فيما بعد بالدخول في شراكة مع هذا التحالف المعني بتوصيل الغاز الطبيعي لأوروبا، فلن تكون هذه الشراكة أكثر من مساهمة مالية، والحصول على ما تسمح به حصة الشراكة من عوائد وأرباح، ولكن الغاز وأنبوب تصديره لأوروبا خارج نطاق الجغرافيا المصرية، وبعديًا عن أي سيطرة أو ريادة لمصر في هذا المشروع.

وكون مصر خارج هذا التحالف، خسارة استراتيجية، ولكن خسارتها لن تتوقف عن هذا الحد، ولكن اتفاقها مع الكيان الصهيوني باستيراد الغاز لفترة 10 سنوات، وبقيمة 15 مليار دولار، سوف يتحول إلى عبء على السوق المصري، ويظهر هذا بوضوح من خلال بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن النفط والغاز بمصر.

فالنشرة المعلوماتية للجهاز عن شهر ديسمبر 2019، تبين أن هناك فائضًا من إنتاج النفط والغاز خلال الفترة من أكتوبر 2018 – أكتوبر 2019، ويرجع ذلك لأمرين الأول الاتفاقيات غير المحسوب من قبل إدارة السيسي مع الشركات الأجنبية بشراء حصتها من الإنتاج في مصر، والثاني إلى حالة الركود في الاقتصاد المصري، والتي أدت إلى تراجع الاستهلاك من النفط والغاز خلال الفترة المذكورة.

ومن هنا سيكون على مصر أن تتحمل عبء استيراد الغاز من الكيان الصهيوني للسوق المحلي، وهو ما عبر عنه بصراحة ووضوح، بعض الشخصيات الإسرائيلية، من أن الغاز المصدر لمصر للسوق المحلي. فماذا ستصنع مصر في الغاز المستورد؟

تبدد الحلم

هل سيتم تخزينه لديها لحين حدوث حالة رواج؟ أم سيتم تصديره بنفس التكلفة أو ممارسة دور دولة مبارك، بالدخول في دوامة خسائر تجارة الطاقة؟ أم ستلجأ إلى مفاوضات جديدة مع الكيان الصهيوني حول اتفاق استيراد الغاز، لتأجيل بدء ضخ الغاز لمصر؟ أم ستدفع شرطًا جزائيًا وتلغي الصفقة؟

أما سيناريو التخزين، فهو مكلف جدًا من الناحية الاقتصادية، بسبب أنه لا يلوح في الأفق خروج مصر من ركودها الاقتصادي في الأجلين القصير والمتوسط، فمناخ الاستثمار في مصر، يمر بمرحلة شديدة السلبية، بسبب سيطرة شركات الجيش على الكثير من المقدرات الاقتصادية المدنية، واختزال دور القطاع الخاص في العمل من خلال مقاولي الباطن في المشروعات التي يسيطر عليها الجيش.

وكذلك حالة التوتر السياسي والأمني بالمنطقة ككل، وحالة الحشد الإعلامي غير الرشيد بمصر تجاه الازمة في ليبيا، وكأن مصر ليس أمامها سوى الدخول في حرب مع تركيا، بسبب التواجد التركي في ليبيا، وهي أجواء كفيلة بهروب رؤوس الأموال، وتأجيل قرارات الاستثمار، سواء المحلي أو الأجنبي.

وبالتالي فحلم مصر بأن تكون مركز إقليمي للطاقة تبدد في ظل قرارات غير مدروسة، وإدارة مصر من خلال تصرفات قائد الانقلاب العسكري، وتهميش المؤسسات صاحبة الخبرة. والآن مصر تدفع ثمن تصرفات هوجاء، بسبب السعي الحثيث لقائد الانقلاب لتثبيت أركان نظامه عبر تعظيم مصالح الكيان الصهيوني.

ادعاء في غير محله

وحقيقة الأمر أن حلم مصر بأن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة في الشرق الأوسط، كان ادعاء في غير محله، حيث إن حقيقة الأمر أن مصر هي من أصبحت سوقًا رابحًا للشركات الأجنبية العاملة في مجال النفط والغاز، حيث استولت شركات ايني الإيطالية والشركة البريطانية للغاز على معظم حقول الغاز الطبيعي بشروط مجحفة ضد مصر، وحققت هذه الشركات مكاسب كبيرة، نظير حصول مصر على مكاسب محدودة.

عن الكاتب

عبد الحافظ الصاوي
خبير اقتصادي مصري، تخرج في قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر 1987، وحصل على دبلوم العلوم الاقتصادية من معهد الدراسات العربية 1999 ، وصدر له ثلاثة كتب في القضايا الاقتصادية.
 
 
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

أسرار استهداف إيران لأذربيجان
17:16 19.04.2024
في يومها الأخير جلسات الاستماع في الدعوي الارمينية ضد أذربيجان
16:00 19.04.2024
كواليس انسحاب قوات حفظ السلام الروسية من قراباغ
15:00 19.04.2024
زرادشت علي زاده : الولايات المتحدة لا تريد أن يتم فتح طريق زانجيزور في ظل هذه الظروف
14:00 19.04.2024
ما تأثير انسحاب قوات حفظ السلام من قراباغ؟
13:00 19.04.2024
اشتباكات بين الدفاع الجوي الإيراني وطائرات إسرائيلية بطهران
12:00 19.04.2024
جوتيريش العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية
11:45 19.04.2024
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبقى النمو في الشرق الأوسط مكبوحاً
11:30 19.04.2024
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة وورلد برس فوتو لعام 2024
11:15 19.04.2024
فيضانات نيجيريا تزيد من نقص محصول الكاكاو
11:00 19.04.2024
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
10:45 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
10:30 19.04.2024
اليونيسف طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة
10:15 19.04.2024
الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
10:00 19.04.2024
المياه تغمر نحو 18 ألف منزل في روسيا بسبب الفيضانات العارمة
09:45 19.04.2024
الحرس الثوري الإيراني يعلن تحديد مواقع المنشآت النووية الإسرائيلية ويحذر تل أبيب
09:30 19.04.2024
أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
01:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
جميع الأخبار