عطوان يجيب.. ما هي احتمالات نشوب حرب روسية تركية سورية مباشرة؟

تحليلات 20:30 05.02.2020

أمهل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحكومة السورية حتى نهاية شهر شباط (فبراير) الحالي لسحب قواتها من محيط نقاط المراقبة التي أقامتها أنقرة في شمال غرب سورية، فجاء الرد "ميدانيا" وسريعا باستمرار تقدم قوات الجيش العربي السوري في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وسيطرتها على 20 بلدة وقرية خلال 24 ساعة، ووصولها إلى أطراف مدينة سراقب الاستراتيجية التي تحاصرها من ثلاث جهات، حسب تقرير للمرصد السوري الموالي للمعارضة.

 

العالم مقالات وتحلیلات

يبدو أن الرئيس أردوغان ينسى، أن منطقة إدلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة) المصنفة على قوائم الإرهاب، هي أرض سورية، وليست أراضي تركية، وأن من حق الجيش العربي السوري استعادتها إلى سيادة الدولة، تماما مثلما هو حق الجيش التركي في التصدي لقوات المعارضة الكردية الانفصالية، ومنعها من تحقيق مخططاتها في زعزعة استقرار البلاد.

مصدر عسكري سوري أكد اليوم في بيان رسمي "أن وجود القوات التركية على الأرض السورية غير قانوني، ويشكل عملا عدوانيا صارخا، وأن القوات السورية المسلحة على أتم الاستعداد للرد الفوري على أي اعتداء لهذه القوات".

الرئيس أردوغان يقول إنه أبلغ الرئيس فلاديمير بوتين أن بلاده سترد بأكبر قدر ممكن من الحزم في حال تعرضت قواتها لهجوم جديد من قبل الجيش السوري"، أثناء اتصال هاتفي معه، ولكنه لم يقل كيف كان رد الرئيس الروسي على هذا التهديد، ومن المرجح أن يكون رافضا لمثل هذه التهديدات، فروسيا هي التي أعطت الضوء الأخضر للجيش العربي السوري لبدء الهجوم.

***

الرئيس بوتين صبر أكثر من 18 شهرا على نظيره التركي، الذي تعهد بتنفيذ اتفاق سوتشي الموقع في أيلول (سبتمبر) عام 2018، ومن أبرز نصوصه الفصل بين الجماعات الإرهابية الأخرى غير الإرهابية، وعودة مدينة إدلب إلى السيادة السورية، ولكن الرئيس أردوغان لم يلتزم بالاتفاق وينفذ تعهداته المذكورة آنفا، واستمر في المماطلة في محاولة لكسب الوقت.

الجانبان الروسي والسوري التزما بالاتفاق، بما في ذلك السماح بإقامة 12 نقطة مراقبة عسكرية تركية في إدلب وريفها، والأهم من ذلك أن الروس بددوا كل مخاوف الرئيس أردوغان على أمنه القومي عندما أبعدوا الجماعات الكردية المسلحة عن الحدود التركية الجنوبية، ولكن الجانب التركي لم يلتزم من جانبه بتعهداته، وشنت قوات تابعة لهيئة تحرير الشام هجمات بالطائرات المسيرة على قاعدة حميميم الجوية الروسية قرب اللاذقية، الأمر الذي أثار غضب القيادة الروسية.

مشكلة الرئيس أردوغان الحالية المتفاقمة هي مع روسيا، أكثر مما هي مع القيادة السورية، وزاد منها تعقيدا عندما رد على اتهامه لروسيا بعدم وقف الهجوم السوري على إدلب وريفها بالذهاب إلى أوكرانيا ولقاء رئيسها، وبيع صفقة طائرات مسيرة لقواتها المسلحة بحوالي 200 مليون ليرة تركية، وأيد عودة إقليم القرم التي ضمتها روسيا للسيادة الأوكرانية هاتفا بأعلى صوته بـ"المجد لأوكرانيا" وهو الهتاف الذي يجسد قمة العداء لروسيا، في نكاية واستفزاز صريح للحلفاء الروس، يعتقد الكثير من المراقبين أنه استفزاز متسرع وفي التوقيت الخطأ، سيصعد التوتر مع روسيا، ويعطي نتائج سلبية في نهاية المطاف.

من الواضح أن الرئيس أردوغان، بتصعيد الخلاف مع روسيا، يحاول اللعب على ورقة التناقضات بينها وبين الولايات المتحدة، وهذا ما يفسر مسارعة مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي إلى دعم الموقف التركي في إدلب، ولكن إدارة ترامب لن تكون حليفة للرئيس أردوغان، وتريد إضعافه لا نصرته، ودق إسفين الخلاف بينه وبين حليفه الروسي الجديد الذي زوده بمنظومات صواريخ "إس 400" وهرع لنجدته عندما انهار الاقتصاد التركي بفعل الحصار الأمريكي، وتزايد التفجيرات الإرهابية في المناطق السياحية التركية، لحرمان تركيا أمن دخل سياحي يصل إلى 35 مليار دولار سنويا.

الرئيس أردوغان يقول إن قواته المتواجدة في سورية، أو تلك التي يهدد بإرسالها لمنع سيطرة الجيش العربي السوري على مدينة إدلب تأتي في إطار اتفاق أضنة عام 1998 الذي يبيح لها التواجد على الأراضي السورية، ولكنه ينسى، ويبدو أنه كثير النسيان هذه الأيام، أنه انتهك هذه الاتفاقية عام 2011 عندما دعم قوات المعارضة المسلحة، وسهل مرور عشرات الآلاف من المقاتلين عبر الأراضي التركية، وتعهد في أكثر من خطاب وتصريح "بإسقاط النظام السوري"، شريكه في هذا الاتفاق.

الرئيس بوتين عرض على الرئيس أردوغان أكثر من مرة إحياء اتفاق أضنة الذي يحمي مصالح الجانبين التركي والسوري، وأمنهما القومي، وأول نصوصه عدم السماح للجماعات الإرهابية، أو دعمها لزعزعة استقرار البلدين، ولكن الرئيس أردوغان هو من رفض هذا العرض الروسي.

لا نعرف كيف سيتطور الخلاف الروسي التركي، ولكن ما نعرفه أن الرئيس بوتين الذي يقف خلف هذا الهجوم الذي يشنه الجيش العربي السوري ويدعمه لاستعادة إدلب وريفها، كما أن سلاح الجو الروسي الذي يوفر له الغطاء ويسيطر على الأجواء السورية بالكامل، مما يعني أنه سيتصدى لأي غارات جوية تركية لضرب القوات السورية المتقدمة.

نتائج تفاقم هذا الخلاف سيؤدي إلى انعكاسات خطيرة على مصالح تركيا، خاصة بعد تجاوز الرئيس أردوغان لكل الخطوط الحمر بزيارته لأوكرانيا، وإغضاب معظم دول حوض البحر المتوسط بإرسال أكثر من 4700 مقاتل بعضهم ينتمي إلى حركات وفصائل إسلامية متشددة للقتال في ليبيا، ونجح حوالي 1000 منهم في الهجرة إلى أوروبا، حسب تقارير وكالة "إسوشيتد برس" العالمية، فحجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا يقترب من 70 مليار دولار سنويا، وهناك خمسة ملايين سائح روسي يزورون المنتجعات التركية كل عام، علاوة على خط أنابيب غاز السيل التركي الروسي الذي جرى افتتاحه أخيرا ويسد 55 بالمئة من احتياجات تركيا من الغاز.

***

إحياء اتفاق أضنة هو المخرج الوحيد للجانبين السوري والتركي من هذه الأزمة، وتجنيب الرئيس أردوغان الكثير من المشاكل والأزمات، خاصة أن السوريين رحبوا بالعرض الروسي في هذا الإطار، ولكن إحياء هذا الاتفاق يتطلب لقاءات تركية سورية على كافة المستويات، والقمة خاصة، وهو ما يتهرب منه الرئيس التركي حتى الآن، وما هو مطلوب من الرئيس أردوغان تقديم مصالح تركيا الاستراتيجية على مشاعره الشخصية تجاه الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته، والإبقاء على علاقاته التحالفية مع روسيا، وأي خيار آخر يعني المزيد من الخسائر، وانتقال الحرب في سورية من حرب بالإنابة إلى حرب مباشرة لن تكون نتائجها في مصلحة تركيا، ناهيك عن مصلحة الحزب الحاكم وأردوغان شخصيا، أما سورية فليس لديها الكثير ما يمكن أن تخسره ولا يجب إغفال الدعم الروسي الإيراني لها، ووقوف مصر ودول خليجية الوشيك في خندقها.. والله أعلم.

* عبد الباري عطوان

 

 

 
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

زرادشت علي زاده : الولايات المتحدة لا تريد أن يتم فتح طريق زانجيزور في ظل هذه الظروف
14:00 19.04.2024
اشتباكات بين الدفاع الجوي الإيراني وطائرات إسرائيلية بطهران
12:00 19.04.2024
جوتيريش العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية
11:45 19.04.2024
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبقى النمو في الشرق الأوسط مكبوحاً
11:30 19.04.2024
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة وورلد برس فوتو لعام 2024
11:15 19.04.2024
فيضانات نيجيريا تزيد من نقص محصول الكاكاو
11:00 19.04.2024
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
10:45 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
10:30 19.04.2024
اليونيسف طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة
10:15 19.04.2024
الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
10:00 19.04.2024
المياه تغمر نحو 18 ألف منزل في روسيا بسبب الفيضانات العارمة
09:45 19.04.2024
الحرس الثوري الإيراني يعلن تحديد مواقع المنشآت النووية الإسرائيلية ويحذر تل أبيب
09:30 19.04.2024
أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
01:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
مارتن ليجون : فرض العقوبات علي إيران ليس حلًا
15:00 17.04.2024
دميتري سولونيك : هذا لن يساهم في استقرار المنطقة
14:00 17.04.2024
خبير سياسي: أرمينيا تسعي إلي أن تكون السعودية وسيطًا في أزمتها مع أذربيجان
13:00 17.04.2024
راي كريم أوغلو : الادعاءات التي قدمتها أرمينيا في محكمة العدل ليست إلا "أكاذيب"
12:25 17.04.2024
جميع الأخبار