قراءة في إحتمالات الحرب المقبلة.. الساحة والتوقيت

تحليلات 17:30 26.02.2020

باتت الإستراتيجية العامة للولايات المتحدة الأميركية تستبعد الإنخراط في عمليات عسكرية كبرى أو حروب مع خصومها الدوليين، بل تركز بشكل لافت على العقوبات الإقتصادية والمالية، يُساعدها في ذلك موقعها الجغرافي البعيد نسبياً عن أي إستهداف عسكري وربما أمني، ما يمنحها ترفاً في إستخدام عامل الوقت لإستنزاف أحادي لأعدائها.

التجلي الأوضح لهذه السياسة هو في تعاطي واشنطن مع طهران، الأمر الذي لولا عملية الإغتيال لقائد فيلق القدس قاسم سليماني،لكان  أنهى إحتمالات الحرب الأميركية – الإيرانية، لكن السياسية الأميركية هذه مع طهران لم تكن يوماً كافية بالنسبة إلى حليفة واشنطن الأولى تل أبيب.


بالتزامن مع زيادة العقوبات الأميركية عليها، بدأت طهران عملية بناء ومراكمة قوّة في دول الطوق لإسرائيل، من لبنان إلى سوريا وحتى العراق، الأمر الذي اعتبر بمثابة ردّ مضاد على الضغوطات الأميركية غير التقليدية، لكن السياسة الإيرانية دفعت بإسرائيل الملتزمة مبدئياً بسياسة "الإنهاك اللاعنفي" الأميركية تجاه إيران، إبتكرت إستراتيجية سمّتها "المعركة بين الحروب" التي تشمل عمليات إستهداف عسكرية وأمنية لمنشآت وقوافل سلاح في دول الطوق لعرقلة مراكمة القوة المفترضة، وتشمل أيضاً عمليات إغتيال للأدمغة العسكرية (إغتيال القيادي في "حزب الله" حسان اللقيس، والأسير المحرر سمير القنطار ومجموعة القنيطر، والقيادي في حماس محمد الزواري، والقيادي في الجهاد الإسلامي جهاد ابو العطا)، الأمر الذي يضمن عدم تطور المنظومة العسكرية لأعدائها من دون الذهاب إلى حرب شاملة ترفضها واشنطن.

فشل "المعركة بين الحروب"

ما يدور في إسرائيل مؤخراً يوحي بأن ما حققته سياسة "المعركة بين الحروب" غير كافٍ، وأن هذه السياسة إستطاعت ضرب نسبة بسيطة من القدرات المُراكمة في سوريا، ونسبة أقل في العراق (نظراً إلى ضيق هامش المناورة العسكرية الإسرائيلية فيه)، إضافة إلى أنها فشلت فشلاً ذريعاً بتكريس قواعد إشتباك جديدة في لبنان بالرغم من إنغماس "حزب الله" في الحرب السورية، وعليه فإن الجبهة في لبنان تنجح في مراكمة قوة عسكرية، ما أهّلها، وفق التصنيف الإسرائيلي،بأن تتحول إلى تهديد وجودي عام 2020.

في نهاية آب الماضي، حاولت إسرائيل تفجير إحدى الأهداف "كاسرة التوازن" في الضاحية الجنوبية مستخدمة طائرة إستطلاع في عملية أريد لها أن تكون أمنية لا عسكرية لتجنّب أي ردّ، ولتأمين في الوقت نفسه مدخلاً لبدء إستهداف منشآت حيوية تابعة للحزب، غير أن فشل العملية وإنتقال الحزب إلى مرحلة إسقاط طائرات الإستطلاع المشتبه بقيامها بعمل أمني، حدّ من أساليب ضرب المقدرات العسكرية في لبنان وجعلها حصراً عسكرية، أي أنها يتوجب أن تحصل عبر عمل عسكري مباشر مع الأخذ في الإعتبار ما قد يستتبعه من ردود فعل.

الفشل في منع إيران بناء منظومات خطيرة في دول الجوار، أعاد فكرة الحرب إلى عقل المؤسسة الإسرائيلية، وبشكل خاص الحرب على "حزب الله" في لبنان، بإعتبار أن إسرائيل غير قادرة على تحمل تطور البنية العسكرية للحزب في لبنان أكثر، إذ "إنه يردم هوّة التفوق العسكري الإسرائيلي" بشكل سريع.

الحرب أو اللاحرب

حتى الآن يوجد وجهة نظر وازنة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تعتبر أن لا شيء تغيّر في معادلات القوة، وتالياً فإن حسم المعركة مع "حزب الله" لم يصبح مضمونا، ما يعني أن الحرب الآن لزوم ما لا يلزم، ويجب الإستمرار في إستراتيجية "المعركة بين الحروب".

يصر هؤلاء على إنجاح نظريتهم بالعناد من خلال سعيهم إلى تكثيف واضح لمبادرتها العسكرية بهدف تحقيق نجاح يجنب اسرائيل الاضطرار للمبادرة الى حرب واسعة، وهذا زاد وسيزيد حجم ونوع الضربات العسكرية في سوريا، ولعل محاولة إغتيال أحد كبار قادة الجهاد الإسلامي في دمشق قبل يومين خير دليل على سلوك هذه السياسة مسارها إلى التنفيذ.

هذه الإستراتيجية ستستثني عام 2020 الساحة العراقية، خصوصاً في ظل ما حكي عن إتفاق إسرائيلي – أميركي عن تقسيم الساحات، إذ تتولى تل أبيب ضرب إيران في سوريا فيما تتولى واشنطن ضربها في العراق، كما أن عملية إغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني وتحول الساحة في العراق إلى ساحة صراع عسكري مفتوحة، جعل الإسرائيليين بيتعدون عنها بشكل علني.

على جانب آخر يقف من يسوّقون لضرورة الحسم في لبنان، إذ أن عزله عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة، برأيي هؤلاء، لم يعد يحتمل، ويجب إستغلال الوضع الاقتصادي والمعيشي والفوضى الحاصلة فيه وانشغال "حزب الله" بهذه الإشكاليات، وإن ما يحصل في بيروت فرصة لن تتكرر، خصوصاً أن البيئات الحاضنة للحزب باتت مهشمة لأسباب كثيرة، ويمكن تالياً توجيه ضربات قوية تستهدف منشآت حساسة تابعة له، الأمر الذي يُحرج الحزب ويضعه بين إحتمالين، إما إبتلاع الضربة بردّ بارد وغير مؤثر مما يكرس قواعد إشتباك جديدة تعطي الروح مجدداً في إستراتيجية "المعركة بين الحروب"، أو يذهب إلى ردّ جدي وتتدحرج الأمور إلى معركة طويلة أو حرب تكون كلفتها أقل من كلفة حصولها بعد عام أو عامين، ما يسلب الحزب ورقة "الصبر الإستراتيجي" التي يستعملها لإتمام الإعداد للحرب الشاملة.

لكن عاملاً إضافياً قد يلعب دوراً في تحديد تل ابيب لخيارها في الحرب أو للاحرب، هو السياسة الأميركية ضدّ إيران. أي أن إستمرار واشنطن في عملية إستهداف المصالح الإيرانية بشكل مباشر كما حصل في إغتيال سليماني وذهاب الأمور بعيداً في عملية الإستنزاف هذه، قد يعطي الجانب الإسرائيلي جرعة دعم قوية، ويساهم في عملية إلهاء واضحة لكل التنظيمات الإيرانية في المنطقة ما قد يُعادل، بالحسابات الإسرائيلية، الحرب العسكرية، ويعطي هامشاً أوسع من الوقت بإنتظار الإنهيار الإقتصادي الكامل في طهران.

لكن في المقابل، هناك مؤشرات خطيرة بدأت واشنطن ترسلها في غير إتجاه، قد يكون أولها التسوية التي ستعقد مع طالبان في أفغانستان، والتي ستعني إنسحاباً أميركياً كاملاً من هذا البلد الحدودي مع إيران، وكذلك هناك سعي واضح لدى واشنطن للإستبدال وجودها في العراق وسوريا بقوات من حلف الناتو، ما يوحي بأن ترامب سيعمل بعد إعادة إنتخابه على تنفيذ وعوده الإنتخابية السابقة بالإنسحاب من بعض دول المنطقة والإكتفاء بالضغط الإقتصادي على إيران من دون الذهاب إلى الإشتباك العسكري معها أو مع حلفائها. هذا المسار يعني أن تل أبيب قد تكون وحيدة في مواجهة القوة الإيرانية المتراكمة في بلدان المنطقة، ما يدفعها إلى بدء حرب واسعة ضدّ "حزب الله" تستطيع من خلالها الإستفادة من الوجود العسكري الأميركي (قبل الإنتخابات الرئاسية المقبلة) لتحقيق القدر الممكن من المكتسبات.
 

 

ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

أسرار استهداف إيران لأذربيجان
17:16 19.04.2024
في يومها الأخير جلسات الاستماع في الدعوي الارمينية ضد أذربيجان
16:00 19.04.2024
كواليس انسحاب قوات حفظ السلام الروسية من قراباغ
15:00 19.04.2024
زرادشت علي زاده : الولايات المتحدة لا تريد أن يتم فتح طريق زانجيزور في ظل هذه الظروف
14:00 19.04.2024
ما تأثير انسحاب قوات حفظ السلام من قراباغ؟
13:00 19.04.2024
اشتباكات بين الدفاع الجوي الإيراني وطائرات إسرائيلية بطهران
12:00 19.04.2024
جوتيريش العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية
11:45 19.04.2024
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبقى النمو في الشرق الأوسط مكبوحاً
11:30 19.04.2024
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة وورلد برس فوتو لعام 2024
11:15 19.04.2024
فيضانات نيجيريا تزيد من نقص محصول الكاكاو
11:00 19.04.2024
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
10:45 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
10:30 19.04.2024
اليونيسف طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة
10:15 19.04.2024
الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
10:00 19.04.2024
المياه تغمر نحو 18 ألف منزل في روسيا بسبب الفيضانات العارمة
09:45 19.04.2024
الحرس الثوري الإيراني يعلن تحديد مواقع المنشآت النووية الإسرائيلية ويحذر تل أبيب
09:30 19.04.2024
أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
01:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
جميع الأخبار