أصبح النظام الإيراني، قلقًا للغاية جراء التقارب بين أذربيجان وتركيا، فإيران التي لطالما مارست التمييز ضد الإيرانيين من أصول تركية، بدأت الآن في ممارسة أدواراً تثير القلق من خلال منظمة حزب العمال الكردستاني (PKK)، المصنف في تركيا علي أنه منظمة ارهابية، فقد اندلعت اشتباكات عنيفة بين علي أسس قومية وعرقية بين الأتراك الأذربيجانيين والأكراد في مدينة سلدوز الواقعة على الحدود مع تركيا منذ فترة طويلة، وقد أدت هذه المواجهة الجماعية إلى استخدام السلاح بين الأطراف.
الأسوأ في تلك الأحداث هو أن السكان الأذربيجانيين يتم إجلائهم قسراً عن منازلهم من قبل الأكراد ويتعرضون للعنف، وبدلاً من أن تتخذ السلطات الإيرانية موقفاً حازماً ضد المعتدين، والدفاع عن الأذربيجانيين الذين انتهكت حقوقهم، قامت قوات الأمن الإيرانية في المنطقة باعتقال الأذربيجانيين الذين وقفوا للدفاع عن أنفسهم وأهليهم أمام الاعتداءات الكردية.
لطالما كانت سولدوز، المعروفة تاريخيًا بإقليم أورميا القديمة، موطناً لمأساة الأذربيجانيين، فقد سبق وأن ارتكب الدشناق الأرمن مذبحة فيها ضد الأتراك عام 1918، قتل فيها نحو 2000 من الأذربيجانيين الأتراك، وفي 20 أبريل 1979، ارتكب الأكراد مذبحة ضد الأتراك. ونتيجة لتلك الأعمال الوحشية، فقد عمل الأتراك الأذربيجانيون علي مواجهة تلك الأعمال بأنفسهم، حيث تصدوا للهجمات الأخيرة التي استمرت عشرة أيام، الأمر الذي أدي إلي منع حدوث مذبحة جديدة بحق الأذربيجانيين.
في رصده لما يجري من أحداث في تلك المنطقة، يقول صدر الدين سلطان، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، أن عملية ترحيل الأكراد من العراق مستمرة منذ أكثر من 30 عاماً، حيث يتم ترحيل بعضهم إلي محافظة خراسان، بينما يتم ترحيل البعض الآخر إلي غرب أذربيجان على الحدود مع تركيا، حيث تهدف إيران من وراء عمليات الترحيل تلك إلي تغيير التركيبة الديموغرافية والتركيبة العرقية بين أذربيجان الغربية وتركيا، حيث تعد تلك الأراضي الموطن الأصلي للأتراك الأذربيجانيين، ولذلك يعتبر توطين الأكراد في تلك المناطق خطوة واضحة نحو تمزيق العلاقات بين الأتراك في تركيا وأتراك أذربيجان الغربية، وفي نفس الوقت يعمد الذين يريدون السيطرة علي الإقليم من القوميات الدخيلة عليه إلي القيام بأعمال العنف لطرد السكان الأذربيجانيين من الإقليم.
ولأن الأكراد الذين يعيشون في كل من "كردستان" وأذربيجان الغربية ينشرون بين الحين والآخر صوراً لزعيم منظمة (PKK)، الإرهابية عبد الله أوجلان، ويرددون شعارات تلك المنظمة، إلي جانب اتخاذ إجراءات جادة في هذا الاتجاه، فإن أصابع الإتهام تشير إلي أحد فروع حزب العمال الكردستاني PJAK "حزب الحياة الحرة الكردستاني"، وذلك اضعاف سيطرة الحكومة الإيرانية على المنطقة من خلال إثارة الاضطرابات، وعلى الرغم من أنهم لم يحققوا ذلك بعد، إلا أنهم على الأقل يحاولون خلق توتر بطرد الأذربيجانيين الأتراك الذين يعيشون في تلك المناطق.
لنفترض أن إيران تدعم أعمال الشغب. ما الذي يمكن أن يقدمه هذا لإيران؟ بالطبع ،
تدرك الحكومة الإيرانية أن (PKK)، سيصبح أقوى مع تصاعد أعمال الشغب المسلحة داخل أراضيها، ونتيجة لذلك، سيتعرض دول الإقليم للتهديد، ولهذا السبب لا يمكن القول أن الحكومة الإيرانية تقف وراء تلك الأعمال بشكل مباشر، أو أنها تدعم تلك الأحداث، ولكن في نفس الوقت من الخطير للغاية أن تظل الحكومة الإيرانية مراقبة للأحداث، وعدم التدخل بشكل جدا لوقف تلك التجاوزات، حيث أن حالة عدم المبالاة بتلك الأحداث، من المرجح أن تتسبب للحكومة الإيرانية في مآسي دموية، إلي جانب العديد من المشاكل الاجتماعية، كما أن أذربيجان وتركيا لن تقفا مكتوفي الأيدي وغير مبالين بالمظالم التي يرتكبها حزب العمال الكردستاني ضد الأتراك في غرب أذربيجان، فمحاربة الإرهاب ليست شأناً داخلياً لدولة ما، ولكن الإرهاب مدان من قبل المجتمع الدولي، ومرتكبو هذه الفظائع ضد الأتراك الأذربيجانيين من منظمة (PKK)، وداعميهم لابد أن يتم ردعهم، ورفع المظالم حتي لا تتعرض المنطقة إلي مزيد من نزيف الدماء، والاضطرابات التي تعكر الأمن والاستقرار في المنطقة.