بعد هدوء نسبي استؤنفت التوترات في إدلب، كما زادت روسيا، القوة الكبرى في المنطقة ، من وتيرة نشاطها العسكري، حيث قصفت الطائرات الحربية الروسية، المنطقة ونفذت نحو 15 غارة في سماء إدلب، والتي خلفت وراءها العديد من الجرحى بين السكان المدنيين، بما في ذلك الأطفال.
تقع إدلب على بعد 25 كيلومتر من الحدود التركية، وهذه المنطقة قريبة جداً من منطقة أنطاكية التركية، وقد أدى تكثيف الضربات الجوية الروسية في إدلب إلى تفاقم التوترات في المنطقة، حيث يسعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلي جعل إدلب في دائرة الضوء في محاولات لتقييد حركة تركيا في المنطقة، خاصة بعد اجتماعه مع نظيره السوري بشار الأسد في الكرملين.
وعلي الرغم من أن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلي روسيا، واجتماعه في الكرملين مع الرئيس بوتين لم يُعلن إلا من خلال بيان صادر عن الكرملين ودمشق يوم الثلاثاء، إلا أن البيان أشاد باللقاء، وانتقد في نفس الوقت وجود القوات الأجنبية في إشارة صريحة إلي تركيا دون أن يسمها. ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التدخل المزعوم لأية قوات على الحدود السورية دون موافقة كل من الأمم المتحدة والحكومة السورية بانه يتعارض مع القانون الدولي.
روسيا غير قادرة في الوقت الراهن علي تحمل تبعات النشاط التركي في قراباغ، وقد عملت علي توسيع أنشطتها الآن ضد تركيا في سوريا للضغط عليها في قراباغ، حيث لا تزال التوترات عالية في إدلب، وتزال تركيا وروسيا تقفان علي أرضية مشتركة، لكن هل يمكن أن يتغير الفضاء؟ هل يمكن أن يكون لهذا التوتر في إدلب أصداء له في قراباغ؟ المعلق السياسي متين محمدلي يجيب عن كل هذه التساؤلات في هذا الحوار:
كيف سيؤثر التوتر في إدلب على العلاقات بين روسيا وتركيا؟
في الماضي، تم تحديد مناطق خفض التصعيد في سوريا بين تركيا وروسيا، وفي وقت لاحق، انضمت إيران إلى هذه العملية، وتعد إدلب واحدة من تلك المناطق، لكن حتى الآن، قام نظام الأسد بتنفيذ عمليات عسكرية مختلفة في تلك المناطق انتهاكاً للاتفاق، وشنت القوات الجوية الروسية يوم أمس الأربعاء هجوماً عسكرياً، حيث تزعم كل من روسيا ونظام الأسد أن العمليات العسكرية تهدف إلى عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة، ومع ذلك، فإن الهدف هو وضع إدلب تدريجياً تحت السيطرة الكاملة لنظام الأسد، رغم كل هذا، لا أعتقد أن هذا التوتر سيستمر حتى نقطة الإنهيار في العلاقات الروسية التركية.
أثناء قصف مقاتلات روسية إدلب سقط أحد الصواريخ على بعد 100 متر من مبنى قرب الحدود التركية. كيف سترد تركيا على الضربة الجوية الروسية التي تهدد الحدود التركية؟
بالفعل سقطت إحدى القذائف التي أطلقتها القوات الروسية يوم أمس بالقرب من إحدى المنشآت المدنية التركية في المنطقة، وقد نفذت كل من روسيا ونظام الأسد حتى الآن عمليات عسكرية في المنطقة أسفرت عن مقتل عدد كبير من المدنيين وإلحاق أضرار جسيمة بالمنشآت المدنية، ومع ذلك، فقد تعاملت تركيا مع كل هذه هذه الهجمات بالشكل المناسب خلال السنوات الأخيرة قدر الإمكان، وأعتقد أنه في هذه المرة أيضاً، من المتوقع أن ترد تركيا بطريقة ما على الضربة الجوية العسكرية الروسية يوم أمس.
قال بوتين، خلال لقائه مع الأسد في موسكو، إن أي تدخل مسلح في سوريا دون إذن من الأمم المتحدة وقيادة البلاد يتعارض مع القانون الدولي. هل يمكن اعتبار هذا الكلام رسالة تحذير من بوتين الذي لم يذكر اسم تركيا بشكل صريح؟
لم تقبل روسيا تدخل تركيا في العملية خلال الحرب الأهلية في سوريا، وكانت دائما تقول أنها تتعارض مع قواعد القانون الدولي، وبالمثل، فإن روسيا لا تتسامح مع وجود الجيش التركي في سوريا.
في الوقت الحالي، المكان الذي توجد فيه وجهات نظر متضاربة بين روسيا وتركيا هو إدلب. هل يمكن أن يظهر هذا التوتر في قراباغ قريباً؟
في الواقع، هناك تلاقي بين تركيا وروسيا في كثير من المناطق، مثل سوريا وليبيا والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، وغيرها، وهناك تضارب في المصالح بين تركيا وروسيا في هذه المناطق، ومن خلال من وجهة النظر هذه، فإن توتر الوضع في إدلب مرة أخرى، ومن المحتمل بالتأكيد أن يتكرر هذا التوتر في قراباغ كعملية متسلسلة، ولكن لا أعتقد أنه حتى لو كان هناك توتر، فإنه سيؤدي إلى حرب كبرى في قراباغ.
أستطيع أن أقول إن بدء حرب كبرى في سوريا وقراباغ ليس في مصلحة أي من الجانبين التركي والروسي، فعلى الرغم من تضارب المصالح الخطير بين البلدين في السنوات الأخيرة، إلا أن كلا البلدين قد حددا أشكالاً معينة من التعاون، مع مراعاة الوضع الجيوسياسي العالمي والإقليمي الحالي، ولهذا السبب، تحاول كل من روسيا وتركيا حل بعض النزاعات بالإتفاق فيما بينهم، وبالنظر إلى هذه الأسباب، لا أعتقد أنه ستكون هناك حرب كبرى في العملية الحالية، لأن مثل هذه الحرب واسعة النطاق غير متوقعة إلا على المدى المتوسط والطويل.
يجب الاستناد إلي Ednews (يوميات أوراسيا) في حالة استخدام المادة الإخبارية من الموقع