وقعت كل من روسيا وأذربيجان إعلان تحالف متعدد الأوجه، خلال زيارة الرئيس إلهام علييف إلي موسكو في 22 فبراير 2022، حيث من المقرر أن تعمل هذه الوثيقة التي تحتوي علي 43 بنداً، على تعزيز علاقات التعاون بين البلدين، باعتبارها ذات أهمية سياسية واقتصادية واستراتيجية كبيرة لأذربيجان. خاصة زأن الإتفاقية تتضمن جميع الجوانب الاستراتيجية، والتي من أهمها أن هذا الإعلان يتضمن أيضا بنوداً تتعلق بقضية قراباغ.
في البداية، دعونا ننظر إلى البنود المشكوك فيها من الإعلان بشأن قراباغ، ففي الفقرة الأولى، يتحدث الطرفان عن الاحترام المتبادل لاستقلال كل منهما وسيادة الدولة وسلامة أراضيهما وحرمة حدودهما، فضلاً عن عدم التدخل في شئونهما الداخلية.
إن تأكيد روسيا على حرمة سيادة أذربيجان وسلامة أراضيها، وهذا من شأنه أن يمنح القيادة في أذربيجان اعتبار أن الحرب ضد النظام الإنفصالي في الإقليم، والذي لا يزال قائماً في خانكيندي هي مشكلة داخلية، وهذا ما يؤكد علي أهمية هذا البند بالنسبة لأذربيجان.
أما بالنسبة للبند العاشر، والذي ينص علي أن الطرفين سيتعاونان في إقامة سلام دائم بين دول المنطقة، فبالإضافة إلى ذلك، واستنادا إلى هذين البندين، تلتزم باكو بسحب القوات الأرمينية من قراباغ، حسب الفقرة الرابعة، وعودة الأذربيجانيين إلى المناطق المأهولة بالأرمن، وفق ما جاء في الفقرة السابعة، وفتح مجالات الاتصالات، وترسيم الحدود. وبالتالي، يمكنها الحصول على دعم من روسيا لتوقيع اتفاقية سلام.
أخيراً، في المادة 18، والتي تنص علي أن الأطراف تعمل علي توحيد قواها في مكافحة تهديد الإرهاب الدولي والتطرف والإنفصال في العمليات العسكرية المشتركة للجيش الأذربيجاني وقوات حفظ السلام الروسية.
وجاء في الاعلان ان روسيا تحترم سيادة أذربيجان وعليها حسب منطق هذه الفقرة قبول ما يسمى بالنظام في قراباغ كتهديد للانفصالية. وباختصار، يمكن لباكو استخدام هذه الاتفاقية للإطاحة بالنظام الانفصالي الإرهابي.
هل الوثيقة الموقعة من قبل روسيا مجرد كلمة على الورق؟! أم أنها تعني حقًا ترك جنوب القوقاز وحده مع سيادته، الأمر الذي كان خطوة صعبة لروسيا لتوليها خلال العقود الثلاثة الماضية؟
لمعرفة المزيد حول طبيعة بنود الإعلان وتنفيذها، اطلعت "يوميات أوراسيا" على آراء الخبير السياسي سمير همباتوف، رئيس مركز العلاقات الدولية والدراسات الدبلوماسية، والذي قال:
"في البداية ، أود أن أتحدث عن فوائد هذا الإعلان لكل من أذربيجان وروسيا. هناك توصيف مفصل للغاية للبنود، وهناك بنود تحتاج إلى تأكيد خاص. وفيما يتعلق بالفقرة الأولى، فهي تشير إلى الإستقلال والسيادة وسلامة الأراضي وحرمة حدود الدولة للجانبين. بالطبع يمكن أن يكون لهذا البند أهمية كبيرة بالنسبة لأذربيجان. ومع ذلك، فإن القضية الرئيسية هي نهج روسيا تجاه بنود هذا الإعلان."
مع ملاحظة أن اتفاقية بودابست المماثلة بشأن التوقيع على ضمانات أمنية في عام 1994 بين روسيا وأوكرانيا في جمهورية المجر. ولكن بعد 20 عاماً، وفي عام 2014، انتهكت روسيا المعاهدة من خلال تقويض سلامة أراضي أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم. وعلاوة على ذلك، بدأت روسيا في متابعة سياستها التوسعية هناك، ومساعدة الجماعات الانفصالية في أوكرانيا. هذا هو الجانب الأول من موقف روسيا من شروط الاتفاقية. والثاني هو مقاربة روسيا للتكامل الإقليمي في أذربيجان، بينما لا تزال هناك قوى انفصالية إرهابية في خانكيندي. وعلى الرغم من توقيع الإتفاق بين الطرفين، فإن حقيقة أن روسيا ما زالت تتجاهل الأدلة على أن هذه القوات لا تزال في خانكندي ولا تتخذ أي خطوات عملية في هذا الصدد تشكل تهديدا واضحا لوحدة أراضي أذربيجان.
وبشأن المادة 18 من الإعلان، قال سمير همباتوف، في البداية ، لابد من الإشارة إلى الجوانب الإشكالية للتعاون العسكري الروسي الأذربيجاني، فالمشاكل التي يعاني منها الجيش الأذربيجاني اليوم تتمثل في المقام الأول في وجود العسكريين والجماعات المرتبطة بروسيا الذين يدرسون هناك.
أعتقد، وبشكل عام أن إجراء مناورات عسكرية مشتركة بين روسيا والجيش الأذربيجاني لا يمكن أن يكون مفيداً للجانب الأذربيجاني. لأن الجانب الأذربيجاني حالياً يجري تدريبات عسكرية مع الجيش التركي، وفعالية إجرائها بشكل مشترك. مع أن روسيا تبدو غامضة إلى حد ما، ولذلك فمن الضروري الانتباه إلى الفروق الدقيقة في أن جنودنا الذين يدرسون في روسيا اليوم يتمتعون بمزيد من الامتيازات في جيشنا ولا يأخذون موقف أذربيجان على محمل الجد. لهذا السبب، يجب النظر إلي الفقرتين 13 و 18 بجدية وحذر، أما فيما يتعلق بالتقيد الصارم ببنود الإعلان، فإن نهج روسيا في البنود سيلعب دوراً مهماً فيما بعد.
بقلم: ايلنور أنوار اوغلو
الترجمة إلي العربية: رانا تاغييفا
