الرئيس رجب طيب أردوغان وضع شرطاً أمام رئيس الوزراء الأرمني باشينيان لعودة العلاقات بين الدولتين.. "اذهب واتفق مع الرئيس إلهام علييف ثم تعال إلينا".
أرمينيا الآن تستجدي تركيا وأذربيجان بسبب وضعها الاقتصادي المتردي والغليان الشعبي داخل أرمينيا للعديد من الأسباب السياسية والعسكرية والاقتصادية.
أرمينيا، الآن تحاول تأخير تنفيذ "الاتفاق الثلاثي الموقع بين أذربيجان وأرمينيا وروسيا" منذ تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي بعد 44 يوم من حرب التحرير لمنطقة قراباغ الأذربيجانية التي كانت محتلة من قبل أرمينيا، وتدرك بالفعل أنها عالقة.
الحقيقة في الأونة الاخيرة أن رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان أعرب عن رغبته في لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر "وسطاء دوليين" من اجل تحسين العلاقة بين الدولتين على كافة الاصعدة، وذلك إدراكاً منه أن الانكماش والتدهور الاقتصادي في بلاده يزداد عمقاً يوماً بعد يوم، لذلك بدأ باشينيان في "استجداء" تركيا وأذربيجان للقضاء على الانفجار الاجتماعي المتوقع في أرمينيا والاتجاهات السلبية التي يمكن أن تسببها.
وقال رجب طيب أردوغان في مؤتمر صحفي قبل زيارته لنيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن نيكول باشينيان لديه النية في الاجتماع معه عبر وساطة من رئيس الوزراء الجورجي، وبدوره، أخبر الزعيم التركي اردوغان رئيس الوزراء الأرمني باشينيان عن سبل حل المشكلة بين الدولتين. وشدد أردوغان على أن أرمينيا يجب أن تتخذ خطوات إيجابية لتحقيق هذه الغاية. وقال أردوغان إن الصعوبات في تحسين العلاقات حسن الجوار بين أذربيجان أرمينيا يمكن حلها بفتح ممر زنجازور الإستراتجي المتفق عليه في نص البيان الثلاثي بين أذربيجان وأرمينيا وروسيا بعد حرب قراباغ الأخيرة، طبعا يعتقد الخبراء الدوليين أن رغبة باشينيان في الاجتماع مع الرئيس التركي تنبع من الوضع اليائس في أرمينيا على كافة الأصعدة.
إذا رجعنا إلى الخلف نجد، أن إغلاق الحدود بين البلدين أرمينيا وتركيا كانت مرتبطة بنزاع قراباغ الجبلية الذي استمر احتلاله قرابة 30 عاماً من قبل أرمينيا. ولكن بعد تحرير الأراضي المحتلة في حرب الانتصار الـ 44 يوماً، كانت هناك مقترحات فترة ما بعد الحرب من قبل الرئيس التركي، تضمنت مقترحات أردوغان بشأن التنمية المستقبلية للمنطقة من خلال "المنصة السداسية" حيث إن إنشاء مثل هذه المنصة في جنوب القوقاز بمشاركة تركيا وأذربيجان وإيران وروسيا وجورجيا وأرمينيا يمكن أن يكون مرحلة جديدة في حل المشاكل الاقتصادية والسياسية بين بلدان هذه المنطقة طبعاً كانت هذه بادرة وخطوة إنسانية من جانب أذربيجان وتركيا للنهوض بأرمينيا نحو الاستقرار الداخلي والخارجي. حيث إن اقتصاد أرمينيا في حالة تدهور مستمر والبلد غير قادر على حل مشاكله السياسية والاقتصادية والاجتماعية العادية منها.
في وقت سابق قال الرئيس أردوغان أثناء زيارته للعاصمة الأذربيجانية باكو “إذا انضمت أرمينيا في العملية السلمية مع جيرانها واتخذت خطوات إيجابية يمكن فتح صفحة جديدة في علاقات تركيا بأرمينيا أيضا، ما دامت هناك فرص جديدة تسنح، فلا شك أن مكاسب أرمينيا في هذا الإطار ستزداد بشكل كبير أيضاً عندها سنفتح حدودنا المغلقة أمامها، همنا الوحيد هو مشاركة جميع الأطراف في السلام الإقليمي.
ومع ذلك، بعد 10 نوفمبر/ تشرين الثاني، مع بوادر حسن النية من قبل أذربيجان وتركيا لم تتخذ أرمينيا من جهتها أي خطوات لفتح قنوات الإتصالات وترسيم الحدود إلا بعد أن وجد رئيس وزراء أرمينيا أن لا حل في المنطقة من دون الجلوس على طاولة المفاوضات مع جيرانها لذلك الآن يريد رئيس الوزراء باشينيان الخروج من الأزمة وحل المشاكل الاقتصادية والجلوس مع جيرانه لحل كل الخلافات إن كان جادا في ذلك، لأنه إذا لم تحل المشاكل السياسية والاقتصادية و الاجتماعية فان الإحتجاجات ستكون حتمية وكارثية في البلاد للمرحلة القادمة.
طبعاً إذا أرادت أرمينيا فتح حدودها مع الجاره التركيه، فعليها أن تفي بالتزاماتها الدولية. لهذا، أولاً وقبل كل شيء، يجب فتح ممر زنجازور الاستراتيجي Zangazur وكذلك الممرات وطرق الاتصالات الأخرى، ويجب أن تؤخذ في عين الاعتبار مصالح أذربيجان وتركيا في المقدمة خلال أي اجتماع قادم بين البلدين الجارين.
أي أن الاجتماع لا ينبغي أن يكون مجرد التقاط الصور لتترسخ في الذاكرة وإنما من أجل دراسة ووضع خطط لإنهاء الوضع المتوتر بين بلدان المنطقة لأجل تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
في رأيي، يجب أن تكون الخطوة الأولى في إقامة العلاقات بين تركيا وأذربيجان من جهة وأرمينيا من جهة أخرى هي فتح ممر زنجازور الاستراتيجي من أجل عبور القوافل التجارية وكذلك فتح خط السكك الحديدية الواصلة من تركيا الى باكو عبر ناخيتشيوان الأذربيجانية. طبعاً مبادرة فتح الحدود الأرمينية التركية تعود بالفائدة أيضا على أذربيجان على كافة الأصعدة أيضا.
لذلك بادئ ذي بدء، يجب فتح ممر زنجازور إذا أراد باشينيان اللقاء والتفاوض مع الرئيس التركي أردوغان، فعليه اتخاذ هذه الخطوة سلفاً قبل اللقاء مثل التخلي عن مزاعم "الإبادة الجماعية" الكاذبة في أيديولوجيتهم وترسيم الحدود بين البلدين وغيرها.. بعد ذلك يمكن اقتراح لقاء ومناقشة قضايا مثل إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وفتح الحدود فيما بينهم.
طبعا ومن المقرر أن يقدم باشينيان تقريراً حكومياً إلى البرلمان في نهاية هذا العام، وهو في حالة اجتماعية وسياسية واقتصادية سيئة جداً في الداخل والخارج، من الضروري اتخاذ خطوات لفتح الاتصالات الإقليمية ودولية.
فتح الممرات والحدود بين البلدين تركيا وأرمينيا سيجعل أرمينيا تعتمد اقتصادياً على تركيا على المدى الطويل.
في النهاية من وجهة نظري، أن أرمينيا ملزمة باتخاذ خطوات منطقية في ترسيم الحدود مع أذربيجان وفتح الممرات بين أرمينيا وأذربيجان من جهة ومع تركيا من جهة أخرى، عندها يمكن تطبيع العلاقات الجيدة مع تركيا.
الأن أرمينيا ليس لديها مخرج آخر. من المحتمل أن يكون هناك تقدم في هذا الاتجاه بحلول نهاية العام، شرط الرئيس أردوغان لرئيس وزراء أرمينيا باشينيان: "اذهب واتفق مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ثم تعال إلينا".
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
طبيب- باحث في الشأن التركي وأوراسيا