صراعات الطاقة تشتعل فى آسيا الوسطى

مقالات 21:00 14.10.2021
خالد عكاشة
 
فى سبتمبر الماضى، جرت مناورات عسكرية تحت عنوان «الأشقاء الثلاثة» بمشاركة كل من «باكستان، وتركيا، وأذربيجان»، اعتبرتها إيران فى جانب رئيسى منها موجهة إلى مصالحها ومهددة مباشرة لها، ما دفع طهران إلى الرد سريعًا هذا الشهر من خلال مناورة للجيش الإيرانى على حدود جمهورية «نختشيفان» ذات الحكم الذاتى، والتابعة لأذربيجان فى الأول من أكتوبر. وإذا بعملية حشد مضاد من الجانب الأذرى والجورجى يتشكل فورًا من خلال تنظيم مناورة مشتركة مع تركيا على الحدود الإيرانية جرت فى الفترة من ٥ إلى ٨ أكتوبر الجارى، كما أجريت فى نفس الفترة مناورة ثلاثية بمشاركة «تركيا، أذربيجان، جورجيا» تحت اسم «ما لا نهاية ٢٠٢١» فى تبليسى عاصمة جورجيا.
 
هذا الزحام والتدافع العسكرى أصاب المنطقة ودوائر الارتباط بها، بحالة دهشة منطقية بالنظر إلى حجم القوات الذى تدفق بهذا التسارع، الذى بدا وكأنه كان على أهبة الاستعداد للكشف عن هذا الاصطفاف الجديد، الذى يثير التساؤلات والقلق فى آن واحد خاصة والمشهد الذى يتشكل مازال فى فصوله الأولى، لم تحسم خرائطه بعد. فخلال الأسابيع الماضية شهدت الحدود الأذربيجانية الإيرانية تصعيدًا غير مسبوق، على خلفية الخلافات بين طهران وباكو، رافقته حملة إعلامية من جهة وموجة من تراشق حرب التصريحات بين مسئولى الجانبين من جهة أخرى. منها عندما صرح وزير الخارجية الإيرانى «أمير حسين عبداللهيان» مؤخرًا، باتهام مباشر إلى أن أذربيجان لجأت إلى «جلب المرتزقة والإرهابيين» إلى منطقة «ناجورنو كاراباخ» خلال الحرب الأخيرة مع أرمينيا فى الخريف الماضى، لترد عليه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأذربيجانية بدعوته إلى الكف عن كيل الاتهامات وتصعيد حملة التضليل ضد باكو، مؤكدة أن الحملة المعادية لأذربيجان لن تكون فى مصلحة إيران، كاشفة عن أن هذه الاتهامات التى لا أساس لها من الصحة، سببها منع الدخول غير القانونى للشاحنات الإيرانية إلى أراضى أذربيجان، وأيضًا موقف إيران من تحرير الأراضى الأذربيجانية من الاحتلال، بحسب ما تصف به صراعها مع أرمينيا.
 
ولم تكتف أذربيجان بالتراشق الإعلامى، بل بدأت فى نشر معلومات وصفتها بالاستخباراتية المؤكدة التى لدى حلفائها أيضًا، فيما يخص نشر «الحرس الثورى» الإيرانى «٤ آلاف زورق سريع» فى بحر قزوين، فى تصعيد جديد يزيد من حدة التوتر بين الجانبين. 
 
الخطوة الإيرانية تزامنت مع بدء مناورة قيادة أركان البحرية الأذربيجانية فى بحر قزوين، التى تتشارك فيها السفن الحربية والقوات البحرية، وتركز مهام التدريب فيها على حماية وصيانة البنية التحتية للطاقة، فى الجزء الأذربيجانى من بحر قزوين. ولم تكذب إيران هذا الكشف المعلوماتى الأخير لأذربيجان، فبحسب مقاطع الفيديو والصور المنشورة على قنوات «تليجرام» التابعة للحرس الثورى، فقد تم نشر عدة آلاف من الزوارق السريعة فى بحر قزوين وجميعها مزودة بمدافع رشاشة من العيار الثقيل.
 
وترى أذربيجان أنه لا يمكن اعتبار القوارب السريعة التى ليس لديها أسلحة غير الرشاشات الثقيلة، قوة نظامية جدية لها مهام روتينية فى البحر، بل يمكن النظر إليها باعتبارها مكلفة بتنفيذ عمليات تخريبية مختلفة بما فى ذلك الهجمات على ناقلات النفط والغاز والحفارات وغيرها من المكونات الرئيسية لمشروعات الطاقة الكبرى.
 
الحلفاء لكل طرف بدأوا يدخلون على خطوط التصعيد المتشعبة، وبدأت أكثر من دولة ممارسة بعض إجراءات التضييق على حلفاء المحور المضاد، وربما البداية جاءت من تركيا التى سارعت بمنع دخول الشاحنات الإيرانية إلى أراضيها، عبر جميع المعابر الحدودية المعتمدة بين البلدين. وعللت أنقرة ذلك القرار بأنه جاء ردًا على حظر دخول الشاحنات التركية إلى إيران، لتتسارع الإجراءات خلال أسابيع وتصل إلى وقف حركة التبادل التجارى بين البلدين تمامًا بسبب التوترات على الحدود الإيرانية الأذربيجانية. بالرغم أنه وفق التقارير الرسمية المعلنة يبلغ حجم التجارة بين تركيا وإيران «٦ مليارات دولار» حتى العام ٢٠٢٠، وفى أبريل الماضى أعلنت إيران عن توقيع «٦ مذكرات تفاهم» مع تركيا لرفع مستوى التبادل التجارى بين البلدين، حتى يتطور ويصل إلى «٣٠ مليار دولار»، حيث تمتلك تركيا حدودًا برية بطول «٥٠٠ كلم» مع إيران.
 
وفى هذا تحمل تلك الإجراءات المتبادلة حجمًا لا يستهان به من الخسائر الاقتصادية على كلا الجانبين، فى وقت يشتكيان معًا من ضائقة اقتصادية جراء جائحة كورونا وما استتبعها من ارتباك، فضلًا عن حجم العقوبات والتضييق الذى يخيم عليهما معًا، مما يلقى بظلال قاتمة حول المدى سيذهب إليه هذا التصعيد غير المحسوب.
 
لذلك تعد هذه المناورات والانتقادات الأذربيجانية لإيران، كاشفة عن حجم توتر مكتوم ليس الأول بين البلدين الجارين والواضح أنه لن يكون الأخير، فى منطقة جنوب القوقاز التى تحكمها معادلات وتوازنات معقدة إقليمية ودولية، بالتأكيد هذه المرة ستتجاوز كونها نقطة تماس بين روسيا وتركيا وإيران، حيث حرصت الأخيرة خلال حرب «ناجورنو كارباخ» الأخيرة إلى أن تلعب دور «الوسيط المحايد» وعرضت ذلك فى أكثر من مناسبة، إضافة إلى نفيها المتكرر عبور أسلحة إلى أرمينيا عبر أراضيها فى محاولة للتخلص من الاتهامات التى لازمتها خلال سنوات طويلة من هذا النزاع التاريخى. ففى الوقت الذى حافظت فيه أذربيجان على علاقات ودية مع طهران، إلا أن إيران فى المقابل، لم تتمكن من جعل أذربيجان ضمن حلقة نفوذها الإقليمى على الرغم من خلفيتها الدينية المشتركة معها، كما تربط أذربيجان بإيران علاقات تاريخية وثقافية عميقة، حيث تعد القومية الأذرية فى إيران هى القومية الثانية بعد القومية الفارسية فى التركيبة الاجتماعية، لكن تأتى صراعات الطاقة لتقلب تلك المعادلات المستقرة التى اضطربت بصورة كبيرة، فور إعلان تركيا عن خط «أنابيب غاز» جديد لتزويد «ناخشيفان» بالطاقة، مما يعنى خسارة إيران لأهميتها الجيوسياسية بالنسبة لأذربيجان، كما أن هناك توقعًا آخر أن تتغير أوزان العلاقات الثنائية بينهما لصالح باكو بعد عودة جزء من حدود إيران مع أذربيجان لسيطرة باكو، ما سيسهل التواصل بين أذربيجان والأذريين الإيرانيين بعد انقطاع لعقود.
 
عنوان الطاقة وخطوط الإمداد فيما بين هذه الأطراف بعضها البعض، وثروات الطاقة أيضًا فى بحر قزوين الذى يتشاركون فيه، تبدو وكأنها تصيغ معادلات جديدة فى علاقات الأطراف وفى شكل الاصطفاف الذى استدعى موروثات تاريخية، فضلًا عن البعد الاقتصادى الذى بات مؤرقًا لهذه الدول جميعًا، وقد يكون سببًا رئيسيًا لاستعداء السلاح أو انفلاته أيهما أقرب فى تلك المنطقة شديدة التعقيد.
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
مارتن ليجون : فرض العقوبات علي إيران ليس حلًا
15:00 17.04.2024
دميتري سولونيك : هذا لن يساهم في استقرار المنطقة
14:00 17.04.2024
خبير سياسي: أرمينيا تسعي إلي أن تكون السعودية وسيطًا في أزمتها مع أذربيجان
13:00 17.04.2024
راي كريم أوغلو : الادعاءات التي قدمتها أرمينيا في محكمة العدل ليست إلا "أكاذيب"
12:25 17.04.2024
مصر وتركيا لترسيخ العلاقات بعد إنهاء القطيعة
12:00 17.04.2024
كيف تتعامل مصر مع تداعيات استمرار التوتر في البحر الأحمر؟
11:45 17.04.2024
سلطنة عمان: سيول تودي بحياة أكثر من 16 شخصا جلهم من التلاميذ
11:30 17.04.2024
رئيسي يتوعد برد واسع وموجع على أدنى عمل يستهدف مصالح طهران
11:15 17.04.2024
رئيس وزراء باكستان يستقبل وزير الخارجية السعودي
11:00 17.04.2024
تركيا تدير علاقاتها مع إيران وأمريكا بحذر
10:45 17.04.2024
فريق التوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة يجري دورات للتوعية بمخاطر الذخائر المنفجرة
10:36 17.04.2024
بوتين يبحث هاتفيا مع الرئيس الإيراني الأزمة في الشرق الأوسط
10:30 17.04.2024
العمانية للغاز توقع اتفاقية توريد مع جيرا اليابانية لمدة 10 أعوام
10:15 17.04.2024
السعودية وباكستان تبحثان تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي
10:00 17.04.2024
الأمم المتحدة تعثر على قنابل غير منفجرة تزن ألف رطل في مدارس بغزة
09:45 17.04.2024
الأمم المتحدة تدعو إسرائيل للتوقف عن المشاركة في عنف المستوطنين
09:30 17.04.2024
استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي
09:15 17.04.2024
أردوغان: نتنياهو هو المسؤول الوحيد عن أحدث توتر في الشرق الأوسط
09:00 17.04.2024
"ضد الهجوم الإيراني".. السعودية تعترف بمساعدة إسرائيل
22:12 16.04.2024
جميع الأخبار