روسيا في الشرق الأوسط.. طبيعة الدور ومساحات القلق

مقالات 12:33 26.10.2021

خالد عكاشة

فى أكتوبر الجارى أصدر مركز «ويلسون» الأمريكى الشهير أحدث أوراقه البحثية، التى تتناول الوجود الروسى فى الشرق الأوسط بعنوان «روسيا فى الشرق الأوسط: تحديات الأمن القومى للولايات المتحدة وإسرائيل فى عهد بايدن». المركز الأمريكى من المؤسسات العريقة والشهيرة منذ 1968 عام تأسيسه، ليمثل منتدى السياسة غير الحزبى الرئيسى الذى يتولى معالجة القضايا العالمية التى تهم الولايات المتحدة ومراكز صنع القرار فيها. وقد حصل مركز ويلسون على المركز الأول عام 2019 فى الدراسات الإقليمية على مستوى العالم نظير ما يقدمه من نشاط بحثى مستقل أسهم فى صنع أفكار قابلة للتنفيذ لمجتمع السياسات الأمريكية.
 
من خلال عمل مشترك لأهم قسمين بالمركز وهما «برنامج الشرق الأوسط» و«معهد كينان»، اللذان ينصب عملهما على توفير تحليلات وأبحاث كمورد أساسى للمعرفة، تسبق عملية إعداد السياسات الخارجية للولايات المتحدة. أخرج ما اعتبره المركز «تحدياً استراتيجياً» ومصدر قلق ملح لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، مشيراً للدور الروسى فى الشرق الأوسط، خاصة فى ملفات سوريا وإيران ومجالى التكنولوجيا والأمن السيبرانى. واشترك مع الجانب الأمريكى أيضاً مركز (IDC) الإسرائيلى، التابع لمعهد السياسة والاستراتيجية (IPS)، ليعمل على هذ التقرير 15 خبيراً، البعض منهم شغل مناصب دبلوماسية وعسكرية واستخباراتية، بل وساهم فى صناعة الأحداث بالمنطقة مثل السفير «جيمس جيفرى» والجنرال «عاموس جلعاد» والكولونيل «أودى أفنتال» وآخرين، ممن يشغلون الآن مناصب قيادية بالمراكز البحثية المشار إليها. كى يقدموا بعضاً من الرؤى والتقييمات لطبيعة ومستقبل الوجود الروسى فى المنطقة عامة وفى سوريا بالأخص، والتحديات المترتبة على ذلك بعد أن تمكنت موسكو من ترسيخ هذا الوجود للحد الذى بات من الصعب تجاوزها.
 
أول ما جاء بهذه الورقة البحثية؛ هو الإقرار بأن الولايات المتحدة لم تعد القوة الوحيدة المهيمنة على الشرق الأوسط بلا منازع. حيث أرجعت ذلك إلى أن التقليص الطوعى للدور الأمريكى فى المنطقة سمح ببروز كل من روسيا وتركيا وإيران كقوى إقليمية نافذة ومؤثرة، كما أفسح هذا المتغير المجال أمام تحركات اقتصادية صينية طويلة الأمد. وفى الوقت الذى تؤكد فيه الدراسة تقديرها بأن المنطقة تمر بتحول عميق، تفصح على هامش ذلك عن أهداف الولايات المتحدة باستمرارها فى الحفاظ على مصالحها الأساسية، التى رغم جنوحها إلى التراجع للخلف إلا أن قضايا الاستقرار الإقليمى ومنع انتشار الأسلحة النووية وأمن الطاقة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب وضمانة أمن إسرائيل، تظل عناوين حاكمة للسياسة الأمريكية فى المنطقة، فى الوقت الذى تغيب فيه الخطط الواضحة لتحقيق مثل تلك الأهداف. لكن الثابت أن الوجود الروسى فى الشرق الأوسط بالنسبة للولايات المتحدة لم يصل بعد إلى مرحلة «الأمر الذى لا يطاق»، طالما حافظت موسكو على مستوياتها الحالية. فهو من وجهة نظر واشنطن لا يتعارض بالضرورة مع مصالحها الأساسية، لكنه يعقد بالضرورة تحقيق هذه المصالح على خلفية العقيدة الروسية، المدفوعة بهدف استراتيجى هو الحد من نفوذ الولايات المتحدة والإضرار بمكانتها.
 
الباحثون الإسرائيليون المشاركون الواضح أنه كان لهم رأى مغاير، وتقدير متقدم عن حجم التحدى الروسى فى المنطقة، ظهر بوضوح فى تقييمهم للوجود الروسى باعتباره تحدياً للأمن القومى الإسرائيلى ذا أولوية قصوى. وذكرت جملة من الأهداف الأساسية على تل أبيب أن تعمل على تجاوزها، منها المخاوف العملياتية النابعة من العائق المحتمل أمام حرية إسرائيل لتنفيذ عمليات فى سوريا، وتقترح الورقة فى ذلك أن تكون هناك علاقة من نوع ما مع روسيا للاستفادة من تعاونها مع إيران، ما يتيح لإسرائيل المجال لإضعاف القدرات العسكرية الإيرانية. وعلى ضوء ذلك هناك إشارة صريحة إلى إعادة الاعتبار إلى أهمية العلاقات الثنائية الأمريكية الإسرائيلية، حيث يجب الحفاظ على التنسيق الوثيق بينهما فيما يتعلق بأدوار روسيا والصين وتركيا فى الشرق الأوسط. وتشير فى هذا الإطار إلى وجوب عدم فصل الدور المتنامى لروسيا والصين على الصعيد العالمى، بما يجرى فى الشرق الأوسط، لا سيما المجالات السيبرانية والتكنولوجية.
 
بالنظر إلى روسيا، التى وصفت الورقة طبيعة دورها الآن فى المنطقة بمثابة عودة ثانية كجهة فاعلة دبلوماسياً وعسكرياً، بدأت تتبلور منذ العام 2015 عندما تدخلت فى الصراع المسلح السورى الذى كاد أن يودى بحياة النظام، حينها كانت روسيا تبحث عن منافذ وارتكازات إضافية لنفوذها العسكرى والاقتصادى فى الشرق الأوسط. بعد مرور 6 سنوات على هذا التاريخ، أصبحت روسيا الآن فاعلاً مهماً ليس فى سوريا وحدها، بل وفى ليبيا أيضاً، كما طورت علاقة شراكة مع إيران مثلت لكليهما مساحة أرحب للتحرك فى مساحات جديدة. كما تتقدم موسكو لتكون شريكاً للطموحات المصرية، فى الوقت الذى تفتح فيه قنوات تحاور مع دول السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، تماماً كما تنشط مع الفلسطينيين واليمنيين، ومؤخراً مع الحكومة الأفغانية وحركة «طالبان». ويفسر الباحثون آلية هذه التحركات الروسية النشطة، كون الأخيرة تلعب مع العديد من الأطراف ضد بعضها البعض داخل البلدان التى تعانى من صراع داخلى، وتسير على منهج استخدام تفاصيل هذه الصراعات كمحفزات لتعميق نفوذها الإقليمى، حيث ينظرون إلى أن الشرق الأوسط فى صورته الحالية يقدم لروسيا الكثير من الفرص، بسبب الصراعات الممتدة القابلة للاختراق والسيطرة. لكن ومع اختبار وتقييم كل هذا الزخم الروسى عبر السنوات الماضية، فإن موسكو ما زالت بعيدة عن أن تكون قادرة على إنشاء نظام إقليمى محكم من تصميمها الخاص.
 

 

فى النهاية يبقى لروسيا قدر من الطموح استطاعت أن تحقق جانباً مهماً منه، وهو الحصول على مقعد أمام الطاولة عند النظر فى المشاكل الإقليمية الرئيسية، فهى تدرك بأن خياراتها بعيدة المدى محدودة بالمقارنة بالصين، التى ظلت تمثل الغائب الحاضر فى هذا البحث الأمريكى الإسرائيلى عن استعادة شراكتهما من أجل ضمانة الحفاظ على المصالح، وتحقيق المكاسب، فى منطقة ستظل لعقود ساحة نموذجية للتنافس الدولى ما بين القوى الكبرى فى العالم.
الشيخ علي جمعة يحذر العالم من خطر يأجوج ومأجوج القادم من أرمينيا

أحدث الأخبار

تدشين اتحاد عمال مستقل في مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
18:30 28.03.2024
هل يتم التوقيع على اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
17:33 28.03.2024
إلمان مصطفى زاده: لا يمكن المساس بكرامة الأذربيجانيين
16:12 28.03.2024
علي ناغيف: فرنسا تحرض أرمينيا على حرب جديدة
16:02 28.03.2024
وساطة أفريقية لحل الصراع المسلح في الكونغو الديمقراطية
13:45 28.03.2024
المعارض ديوماي يفوز بانتخابات الرئاسة السنغالية
13:30 28.03.2024
قائد كتائب القسام يحث العرب والمسلمين على الزحف نحو فلسطين
13:15 28.03.2024
هل تبدأ الحرب العالمية الثالثة ؟
12:53 28.03.2024
حالة من الفوضي تعم مطار باريس
12:28 28.03.2024
مستقبلات إسرائيل على ضوء الحرب الراهنة
12:15 28.03.2024
وكالة الإغاثة التركية تقدم سفينتين لنقل المساعدات مباشرة إلى غزة
12:00 28.03.2024
ذكري تأسيس الأجهزة الأمنية في أذربيجان
11:53 28.03.2024
واشنطن لا تدعم مشروع خط أنابيب الغاز بين باكستان وإيران
11:45 28.03.2024
مؤسسة دولية تتوقع انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار بنهاية 2024
11:30 28.03.2024
مصر: مفاوضات سد النهضة استنزاف للوقت.. وإثيوبيا ستدفع الثمن
11:15 28.03.2024
محطة الضبعة النووية ستوفر لمصر 7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً
11:00 28.03.2024
رئيس الصين ينتقد الحواجز التكنولوجية خلال زيارة رئيس وزراء هولندا لبكين
10:45 28.03.2024
نشر معلومات جديدة عن الهجوم الإرهابي في روسيا
10:34 28.03.2024
رياح الجنوب تحمل الرمال الساخنة إلى جنوب شرق أوروبا
10:30 28.03.2024
آيرلندا تعتزم التدخل في قضية الإبادة المرفوعة ضد إسرائيل
10:15 28.03.2024
الفلبين تؤكد الإفراج عن طاقم ناقلة نفط محتجزة في إيران
10:00 28.03.2024
العراق يبرم اتفاقا لتوريد الغاز مع إيران لمدة 5 سنوات
09:45 28.03.2024
إسرائيل استهدفت 212 في غزة مدرسة بشكل مباشر
09:30 28.03.2024
أردوغان نبذل قصارى جهدنا لينعم إخواننا في غزة بالسلام
09:15 28.03.2024
ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 32 ألفا و490 شهيدا وأكثر من 74 ألف إصابة
09:00 28.03.2024
بيتر ثيس: أذربيجان أصبحت شريكًا مهمًا للناتو بعد الحرب الأوكرانية
18:30 27.03.2024
توفيق عباسوف: أرمينيا تسعي إلي دعم التوجهات المناهضة لأذربيجان في جورجيا
17:38 27.03.2024
الولايات المتحدة تفرض عقوبات علي الصين
16:09 27.03.2024
تواصل ردود الفعل على اتفاق جوجل وإسرائيل
16:03 27.03.2024
هجوم سيبراني صيني يضرب المملكة المتحدة ونيوزيلندا
15:06 27.03.2024
أوكرانيا وبولندا تكملان عقد المتأهلين إلى نهائيات يورو 2024
14:59 27.03.2024
من التالي بعد هجوم موسكو؟
14:07 27.03.2024
تحذير من رئيس صربيا بشأن خطر محتمل قد يعم البلاد
13:30 27.03.2024
ذكري وفاة أول رئيس جمهورية لأذربيجان
ذكري وفاة أول رئيس جمهورية لأذربيجان
13:23 27.03.2024
خبراء ينجحون في إذابة الثلج من على عدسة تليسكوب إقليدس
10:30 27.03.2024
الهجرة تتسبب بهلاك أو اختفاء أكثر من 63 ألف شخص في العقد الماضي
10:15 27.03.2024
هنية يلتقي عبد اللهيان في طهران... ويؤكد إسرائيل فشلت بتحقيق أهدافها
10:00 27.03.2024
الكاكاو يكسر حاجز الـ10 آلاف دولار للطن عالميا
09:45 27.03.2024
السعودية تستهدف دخول قائمة أكبر 10 دول في مجال السياحة
09:30 27.03.2024
الأزمة الطبية في مستشفيات قطاع غزة وصلت لمستوى لا يمكن تصوره
09:15 27.03.2024
جميع الأخبار